السياسة والأخلاق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كم يخدعنا سياسيو العصر بالتكاذب. فالاحداث الاقليمية بقدر تمايز أماكنها ومواقيتها بقدر ما تتشابك تفاصيلها، وفي قمة مأساة واقعنا الجيوسياسي "الشرق اوسطي " الذي لم نختر يومًا الولادة فيه او العيش على مساحته الجغرافية، نجد أنفسنا مضطرون لتجرّع الشّدة في موقفٍ يصبح معه الحليم حيرانًا.
وفي غيبوبة آلام العنف الممتد من السودان الى افغانستان ومن ايران الى لبنان وما بينهما من"ممالك" لم تهدأ يومًا يبقى سؤال محوري من قلب الإنسانية ينبعث: متى من أتون الصراع ننعتق وقد سئمنا "نظريات" وتجرعنا ما يكفينا من "النكبات" ؟! وماذا عسانا فاعلون في ظل"أنظمة " لم تُعمِل الديموقراطية يوما ولم ترع في الانسان حقًّا، وفي ظل "سياسات دول اقليمية " لها حساباتها ومصالحها؟
نعم سئمنا كل شيئ: سئمنا تكرار المكرر.. مللنا مقالات ونظريات ووصفات "فكرية " لأزماتنا، لقد شبعنا خطابات الادانة والشجب للمواقف "الاميركية " و"الاسرائيلية " كما شبعنا مقالات تعرض علينا ليل نهار "اطماع ايران في الخليج".... فالانسان العادي لم يَعد مهتما لا بمستوطنات اسرائيل وعنفها ودمويتها، ولا بجبروت الولايات المتحدة و بلطجتها، ولا بإيران وحسابات نوويِّها ! فيما شرور جميع المحاور السياسية تطحن الانسان طحنًا ولم تقم للأخلاق وزنًا.
نعم ليس بوسعنا عزل العمل السياسي عن حياتنا بحالٍ من الأحول وعن اوجه معاشنا الاخرى، فالعقل البشري ليس مقسما الى دكانين منفصلة احداها اجتماعية واخرى اقتصادية،فكلها تتفاعل فيما بينها ولا يمكن ان نفصل الاخلاق عن الشأن العام بما فيها السياسات الخارجية، وان كانت معظم السياسات الدولية والمحلية الحالية عارية عن كل اخلاق، مما ينذر بانهيار الحضارة الانسانية برمتها.
ان مبدأ المنفعة والاستهلاك و الجبروت أدى الى اختلال عظيم في توازن سيرورة الحضارة البشرية كما غيّر في منظومتنا البيئية، وما الكوارث الطبيعية الا مؤشر عن محاولة الأرض لاستعادة توازنها البيئي من جديد. وربما كثرة الحروب مؤشر على ان الحضارة الانسانية آيلة للأفول، فربما "انسان العصر" لم يعد جديرا بنقل المروث البشري بعدما تجرّد من انسانيته لأجل انانيته.
الأوان قد فات حقًا، ونقف بصمت نتأمل واقعٍ بئيس ونتمنى ان يتحلى قادة الدول بالحكمة والأخلاق ويقدموها على حساب اي مصلحة كانت بما فيها المصالح الاقتصادية والامنية والسياسية والعسكرية....وغيرها من الذرائع التي يتخذها السياسين شعارات ك"الوطنية " و"الأمن القومي"، وندعوهم للحظة تأمل يمارسون فيها تمام انسانيتهم ويتبصرون فيها حال "أخلاقهم ".
وان كنت قد اشرت في اكثر من موضع الى ضرورة فصل "الدين" عن عمل الدولة، فإنما عنيت به تحييد "اسقاطات" رجال "الدين" ممن منحوا انفسهم صلاحيات منح صكوك الغفران وفرض المفاهيم والتفاسير "الجهادية " وادخلو البشرية في خرم تقسيماتهم العقدية، تمامًا كما ادخلنا رجال "السياسة " في ضيق تقسيماتهم الجيوسياسية تحت مسميات متعددة بحجة تقسيم جغرافي او ذريعة "وطنية"...
تحاشيت في الآونة الأخيرة كتابة المقالات السياسية المباشرة، وهذا حال كثيرين ممن يتلافون الصراعات المؤدلجة الفجة ويأنفون السجالات السياسية وتنظيراتها، فلعل فاعلية الفن والادب تترك في النفس سحرا لا تتركه مقالات المواقف السياسية واصطفافاتها الطائفية.
http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com/
التعليقات
مقال موضوعي
سمير كوجر -ليس في السياسة وحدها تغيب الأخلاق. وحين نأخذ المجتمع العربي كمؤسسات وأفراد خارج السلطة وداخلها فإنه مجتمع أخلاقي بكل المواصفات ولكنه بنفس الوقت بدون أخلاق.
سلمت يمناك مروة
شيماء -هذه الحكمة الغائبة لا يفطن لها أي منهم.. وإن فطن أحدهم يتم إقصاؤه!! أنظري إلى إجتماعاتهم ومؤتمراتهم جميعهم إنهم يلبسون البدل الفخمة ويجلسون على أرقى المقاعد وفي أفضل الأماكن ونقرأ عن نتائج وتوصيات هذه الحشود المتتالية في أجهزة الإعلام وتكون المحصلة عكس خير البشر وأمانيهم وخاصة فيما يتعلق بالبيئة والسلام .. السياسة بشكلها الحالي ليست إلا شر للبشرية!!
سلمت يمناك مروة
شيماء -هذه الحكمة الغائبة لا يفطن لها أي منهم.. وإن فطن أحدهم يتم إقصاؤه!! أنظري إلى إجتماعاتهم ومؤتمراتهم جميعهم إنهم يلبسون البدل الفخمة ويجلسون على أرقى المقاعد وفي أفضل الأماكن ونقرأ عن نتائج وتوصيات هذه الحشود المتتالية في أجهزة الإعلام وتكون المحصلة عكس خير البشر وأمانيهم وخاصة فيما يتعلق بالبيئة والسلام .. السياسة بشكلها الحالي ليست إلا شر للبشرية!!