أصداء

الوثائق السرية الأميركية ليست سرية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حملات الصخب و الجيج الإعلامي الواسعة التي أعقبت نشر التقرير الخاص لموقع ( ويكليكس ) حول الوثائق العسكرية الأميركية التابعة للبنتاغون والمتعلقة بحرب العراق منذ إحتلاله عام 2003 وحتى اليوم هي في حقيقتها مجرد عملية واسعة لتصفية الحسابات بين القوى السياسية العراقية المتشابكة في أكثر من موقع و المتصارعة حتى الثمالة، فجميع المعلومات الواردة في الوثائق العسكرية الأمريكية المتسربة لم تضف للمشهد العسكري و ألمني و السياسي القاتم في العراق أي جديد؟ كما أن مجمل المعلومات المنشورة وخلاصتها المعصورة هي معلومات قديمة وبايتة و مستهلكة شكلا ومضمونا، فإستهداف المدنيين الأبرياء في ظل توسيع و تسهيل مساحات قواعد الإشتباك الأميركية قد أضحت سنة أميركية متبعة وعادة سيئة للعسكريين الأمريكيين و لقوات و عناصر الحماية ألأمنية من المرتزقة الذين يتبعون تكتيكات و أساليب ( ألعاب البلاي ستيشن ) على الأجساد البشرية، وخصوصا تلك اللعبة الإلكترونية التي يلعبها أولادي رغم تبرمي وضيقي منها وهي لعبة ( سانت أندرياس ) وحيث يكون القتل الشامل و إصطدام السيارات و الرمي بالرصاص الحي على الفاضي و المليان هي كل عناصر تلك اللعبة الإلكترونية ( الإرهابية ) و التي يشعر الفتية فيها بنشوة ومتعة حسية عالية وهم يطيرون الأدمغة و يسحقون الأجساد و يمارسون القتل الوحشي من خلال العالم الإفتراضي !!..

و ما يحصل في العراق منذ سنوات هو تطبيق ميداني لثقافة تسويق القتل و تسهيل الموت وإستسهال سحق الأعضاء البشرية، فالمدنيين هم أهداف رخيصة لا أحد يطالب بحقهم و لا بحمايتهم وضحايا الإرهاب الأسود لأهل السيارات المفخخة الذين يختارون أهدافهم الجبانة في الأسواق التجارية وفي التجمعات الدينية والأماكن المكتظة هم أكثر بكثير من كل الأرقام الرسمية المعلنة، كما أن ضحايا التطهير الطائفي و العرقي الناشطة في العراق تظل ملفاتهم مطوية وغير معروفة لوسائل الإعلام، أما عمليات الإغتيال الطائفي أو السياسي الممنهج بوسائل وأدوات الأجهزة السرية فيظل لغز الألغاز في العراق فكواتم الصوت قد كتمت حتى الأرقام الحقيقية للضحايا لحكومة عراقية هزيلة لا تعبأ بشيء غير إهتمامها بترسيخ وجودها الكياني ولو على بقع صغيرة و متناثرة من الأرض العراقية، وبرلمان منتخب لاقيمة حقيقية له لأنه لا يقوم بأي دور حقيقي سوى شفط الرواتب و المخصصات و الإمتيازات، فكل شيء في العراق الخارج من رحم الإحتلال هزيل ومعتل وفاقد لمصداقيته، أما التغلغل الإيراني فهو ليس عملية إختلاس إيرانية خارجة عن نطاق الرقابة بل أنني أجزم و أؤكد بأن التدخل الإيراني المكتسح للعراق هو رغبة أمريكية حقيقية ومعلنة خصوصا و أن نفوذ النظام الإيراني وعناصره الأمنية متمركز في المنطقة الأمريكية الخضراء التي يدار منها العراق المحتل و احزاب السلطة العراقية التي يتعامل معها الجهد العسكري و السياسي الأمريكي هي في البداية والنهاية أحزاب إيرانية الولاء و التخادم و التأسيس والإخراج و الإنتاج؟ وليس من المعقول ولا المقبول ولا المنطقي أن يكون الأمريكيون بكل هذه السذاجة وهم يرون عناصر المخابرات الإيرانية يحيكون اللعبتين السياسية والأمنية في العراق ويكتفون بمجرد المشاهدة؟ ترى من حمى الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وهو يزور حلفائه في المنطقة البغدادية الخضراء؟ أليس المارينز هم من فعل ذلك؟ هل يعقل عاقل أو يتصور ساذج بأن الأميركيين غير قادرين على لجم النفوذ الإيراني إن شاؤوا؟ وتأديب عملاء إيران و إرجاعهم لحجمهم الحقيقي؟ أم أن كل ما يحصل هو تواطؤ أمريكي واضح المعالم ولأهداف مستقبلية لا يدرك معناها ومبناها وأهدافها إلا الراسخون في علوم الجاسوسية و المخابرات وإدارة العمليات القذرة؟ هل من الممكن لأي عنصر قذر من عناصر فيلق القدس أن يتحرك في العراق بدون عيون الرقابة الأمريكية والبريطانية وحتى الإسرائيلية نعم الإسرائيلية التي إستطاعت إكتساح الساحة العراقية من كردستان وحتى البصرة!

أما السجون السرية ومعامل التعذيب الطائفية فهي فضيحة متنقلة وبجلاجل أيضا سبق لوقائعها المرة أن نشرت وعرضت على العالمين ولكنها إختفت فجأة نتيجة لتوالي الأحداث الدراماتيكية والدموية في العراق... هل تتذكرون ( سجن الجادرية ) أيام وزارة الرفيق باقر صولاغ المجلسي لوزارة الداخلية هل تمت محاسبة الوزير؟ وهل عوقب إداريا وأبعد عن مسالك السلطة ودروبها أم أنه قد تحول لرقم صعب ولبوابة خامسة لبغداد كما كتب أحد المرتزقة بحقه! وكوفيء بتعيينه على رأس أكبر وزارة سيادية وهي وزارة المالية.

هل أن الأميركيين على تلك الدرجة من السذاجة بحيث لا يعرفون مع من يتعاملون؟ كل مايحصل أمر مخطط ومبرمج ومقصود ونحن نعيش في العالم الغربي ونعرف جميعا بأنه لاشيء متروك للصدفة أو للظروف أو للسذاجة بل أن كل شيء مخطط لماهو أبعد من عقدين على أقل تقدير، ومايحصل في العراق من تعامل أمريكي علني مع قوى سياسية وطائفية مرتبطة بالمشروع الإيراني رغم تناقضه مع الطروحات الأمريكية الرسمية هو جزء من عملية تحايل دولية كبرى لتمزيق شعوب المنطقة وإغراقها في لجة الفوضى الطائفية غير الخلاقة والتي ستكسح شعوب المنطقة بدلا من تحديثها و إدخالها لعوالم الديمقراطية كما تدعي السياسة الإعلامية الأمريكية التي فضحت زيفها الممارسات الميدانية القائمة في العراق و أفغانستان، كل ما نشر من وثائق أمريكية قيل أنها سرية لا تعبر وقائعها أبدا عن سرية مفرطة بل أنها ثوابت وحقائق معروفة لأبسط الناس في المنطقة، أما عمليات النهب المنظم للثروة البترولية العراقية التي تناهبها الطائفيون والمرتزقة فلاحديث عنها أبدا رغم أن وزير النفط العراقي ( الشهرستاني ) كانت إبتسامته تصل لأذنيه وهو يعلن عن حجم الإحتياطيات النفطية العراقية الهائل والذي لم تنعكس مستوياته على أوضاع العراقيين العامة بل على المتخلفين من المسؤولين الذين إنتفخت أوداجهم بعد طول تشرد وحرمان، نشر الوثائق السرية الأمريكية لا يعني شيئا سوى أن الأمريكان قد أصدروا حكم الإعدام البطيء بحق العراق و شعبه بعد أن تخلوا عن كل شعاراتهم التحريرية الرنانة وجعلوا من العراق أسطبلا لخيول جند الولي الفقيه... الأسرار ليست أسرار أبدا.. بل أن الخيبات الأمريكية هي التي إنتصبت من بين أطنان الوثائق المنشورة.. وتلك هي المسخرة..!

dawoodalbasri@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لكي نصدق
رشيد -

مقال موفق في توصيف الواقع الحالي العراقي تحت الاحتلالين الإيراني والأمريكي. لكي يكون الكاتب منسجما مع نفسه، يتعين عليه تناول الأسباب التي أدت إلى وصول العراق إلى هذه الحالة الفريدة ضمن دول العالم. لقد خدعت الطبقة السياسية التي كانت تزعم أنها معارضة سابقة، خضعت العراقيين حين دعتهم إلى الترحيب بغزو العراق واحتلاله وتدمير دولته مما حولها إلى غنيمة للإيرانيين. داود البصري كان واحدا ممن هللوا لاحتلال وطنهم وباركوه. المطلوب منه اليوم الاعتراف بسوء تقديره والتحلي بالشجاعة لطلب الاعتذار من القراء العراقيين عن كل المقالات التي نشرها سابقا والتي كان يروج فيها للاحتلال والغزو، في ضوء ما حل بالعراق من كوارث تشيب لها الولدان.. المسؤولية في ما يقع للعراقيين حاليا لا تتحملها فقط الطبقة السياسية الحاكمة في بغداد ومعها أمريكا وإيران.. يتحملها ايضا رهط من الكتاب العراقيين باركوا تدمير بلدهم واحتلاله وأسموا الأمر زور وبهتانا تحريرا. اعتذار هؤلاء، ومن ضمنهم داود البصري، مطلب ملح لكي نصدق تباكيهم عن العراق الحالي.

اتفق مع المعلق الاول
ابن البصرة -

اتفق مع الاخ المعلق رقم 1 لقد كان البصري احد المطبلين لاحتلال العراق فكانت هذه النتيجة .... كانوا يقولون انها عملية جراحية وسيتشافى العراق غير ان تلك العملية كانت قد فرخت لنا لصوصا وسراق وفاقدي ضمائر ... ربما ان السيد البصري او ما يسمى نفسه احيانا بانه كاتب كويتي لم تتح له فرصة التسلق في العراق فصب جام غضبة على اصدقاءه القدامى الذين حرموه من الكعكة ....في رقاب هؤلاء الناس ومنهم المطبلين والمزمرين والمهللين من امثال البصري كل الدماء التي استبيحت بغير ذنب وكل الاموال التي سرقت بلا اعتبار ... وان يد الله فوق الجميع وسيرون كيف هي حوبة الشعب العراقي كبيرة عبد الله