أصداء

ما بايس تما الا إما

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

*** صيف 2006... وطأت قدماي الولايات المتحدة الاميركية. وبعد أيام قليلة من وصولي، خرجت مع أختي وأصدقائها الى إحدى الحانات المشهورة في المدينة التي نسكن فيها. كانت هناك زحمة إذ كانت تجري في إحدى غرف الحانة " مسابقة في رقصة المؤخرة" او في الانكليزي Booty dance. ويا للصدمة لدى رؤيتي الفتيات يرقصن!... رقصهن كان غريبا بالنسبة إلي، رغم أني كنت واصلة من بيروت حيث الحانات والبارات تشهد الحفلات الصاخبة ليليًا. لكن طريقة رقص أولئك الفتيات كانت مختلفة، رديئة... شكلت بالنسبة إلي صدمة.

أشهر قليلة مضت... فتخطيت تلك الصدمة. المشهد الذي شكل لي صدمة بات بالنسبة إلي مألوفا، وصارت مشاهد وأخبار من ذلك النوع عادية، كأن يخبرنا صديقنا الاميركي أنه أمضى نهاية أسبوع من العمر مع فتاتين - ايرانية ولبنانية - في أحد الفنادق. علما ان الأولى كانت مخطوبة، والثانية لا أحد يعلم حقيقة وضعها العاطفي.

وبعد مدة، فهمت لماذا معظم الشباب المغترب، المقيم في الولايات المتحدة، كان يأتي الى بيروت بحثا عن عروس، "ما بايس تما الا إما" كما يقال عندنا في العامية. وأتذكر يوم وصل خالي من اميركا، وكان يبحث عن عروس. كانت جدتي تكلم جارتها وتسألها عن قريبتها، فتقول لها بفخر وعز:" ابني قطّاف ورد وشمّام هوا، وبدو عروس ما بايس تما غير اما".

*** صيف 2010... اربع سنوات مضت على تغيبي عن بلدي. زارتنا، صديقتنا اللبنانية وجلست عندنا لنحو شهر. الاخبار عن بيروت كانت تصلنا يوميا، اذ كانت صديقتنا الزائرة على اتصال دائم مع صديقاتها عبر خدمة بلاك بيري. فكانت هناك تطورات يومية، يجب الاستشارة حولها، ومتابعتها وسماع أدق تفاصيلها. تطورات ليست عن الوضع السياسي في لبنان وتطورات المحكمة الدولية ومصير الحكومة، بل عن العلاقات الغرامية، والفضائح الشخصية والجنسية! فيومًا تخبرها احدى صديقاتها انها تركت حبيبها، ويوما تخبرها (الصديقة نفسها) أنها التقت صديق حبيبها السابق وقبلته، ويوما آخر تخبرها (الصديقة نفسها طبعا) أنها رأت بالصدفة صديقها السابق فدب الحنان بينهما... فقبّلته وأمضت الليلة معه. كل يوم خبر جديد من هذا القبيل من تلك الصديقة أو من غيرها... كنت أسمع وأضحك على التطورات السريعة.

الضحك استمر حتى غادرتنا صديقتنا العزيزة، وانقطعت عنا اخبار صديقاتها وعشاقهن. لكن لم يمض اسبوع حتى وصلت جارتنا من لبنان، حاملة معها أخبارا من العيار الثقيل. فجارتنا س. المقيمة في الولايات المتحدة، زارت لبنان لنحو شهرين رأت وسمعت خلالهما ما قد يخيّب أمل الشباب المغترب الساكن في الولايات المتحدة والذي يحلم بفتاة "بلدية". فنسمع منها خبرا عن عريسين تزوجا وأقاما حفلا لا يستوعبه الخيال، لكن قصة الالف ليلة وليلة انتهت بعد عشرة ايام، إذ فجاة سمع اصدقاء العريسين خبر انفصالهما.

كما نسمع ايضا خبرا عن عريسين ذهبا في شهر عسل، بعد عرس ملوكي، وقبيل عودتهما الى لبنان، تفاجأ العريس بفاتورة الاتصالات من غرفة الفندق. فطلب تفاصيل عن المكالمات ليتبيّن له ان رقما واحدا تكرر لاكثر من 30 مرة خلال أسبوع. فسأل زوجته، وأجابت انه رقم " الماما" لكن العريس سجل الرقم ولدى وصوله الى لبنان تحرى عن الرقم واكتشف ان رقم "الماما" لم يكن سوى رقم عشيق زوجته.

لكن الخبر الذي شكل صدمة بالنسبة إلى جارتنا العزيزة، ونقلته لنا، كان عن تعرفها، من خلال صديقتها، خلال حفلة عشاء على ثنائي بدا وكأنه يعيش قصة حب لا مثيل لها. فكان الجميع ينتظر العشاء، وجارتنا كل اعتقادها ان روميو وجولييت متزوجان، لكن سرعان ما علمت انهما عاشقان كانا ينتظران زوج جولييت؟!؟! كيف؟ فبعيد جلوس المدعوين وصل رجل، وقبيل اقترابه من الطاولة قال روميو لحبيبته" انظري الى هذا الحيوان" فردت جولييت" عيب حبيبي لا تتكلم هكذا عن زوجي".

الصدمة الأولى التي عشتها في 2006 تخطيتها، فالولايات المتحدة هي رمز للتحرر والحياة الصاخبة. أليس كذلك؟ لكن صدمة أخبار 2010 لا تزال حية. قصص الخيانات الزوجية والطلاق تتردد وتحصل منذ بداية البشرية، لكن ماذا حصل في لبنان خلال أربع سنوات فقط؟ اين القيم والأخلاق؟ قصص من تلك النوع كانت تتردد في بلادنا قبل أن أغادره، لكن ليس بهذه الكمية... ليس بهذه البساطة والوقاحة... ما الذي جرى؟ هل صحيح انقلبت المقاييس وبات البحث اليوم عن فتاة " ما في غير امها ما باست تمّا؟".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الانترنيت
كيللي kelly -

مقال جميل ولي صديق يتعرف على زوجة المستقبل من خلال الانترنيت قابل أكثر من 40وضاجع 30 قبل ان يستقر على وحدة معينة اصغر منه بعشرين عام.

حلو كتير
ساندرا لندن -

مقال خفيف الدم ويجلب زكريات حلوة كتير وشكرا يا ايليان.

لدينا ما هو أسوأ
محمد الحربي-الرياض -

مخالف لشروط النشر

Thumbs up
Samar -

مقال طريف. اطمئنك. لبنان لم يتغير، بل على العكس، لطالما كان فيه الخبر السيء والخبر الأسوأ وأتحدث تحديدا عن الأخبار التي تتداولها الجارة مع مثيلاتها صباحا. الذي تغير واقعًا هو ابتعادك عن لبنان... أنت خارج الحدث، وكي لا يفوتك الخبر المهم، أهلا بـ ب ب مسنجر. واهلا بالجارة الزائرة التي لن تحمل معها اخبارا عادية - انما ستحتفظ بكل تلك الأخبار - من العيار الثقيل - لتسردها على من تحب وتعزّ.وما هي الأخبار ان لم تتضمن عامل الاثارة. وما هو اللبناني ان لم يكن مبالغًا بحزنه وحبه وكرهه وغضبه. زوري البلد وشكلي انطباعك الشخصي عنه. تحياتي

رقم 3 على مهلك
اعلامي عربي -

يبدو ان بعضهم يأخذ المقالات على محمل الجد ويريد ان يحارب او يدخل في متاهات لا صلة لها بخفة دم المقال ولا روح المقال. انا كاتب واعلامي رصين ولكن من حين لآخر يعجبني مقالات من هذا النوع لأنها بعيدة عن الجدل والجدلية السياسية او الدينية.

لدينا ما هو أسوأ
محمد الحربي-الرياض -

....البحث عن الشريك هو بحث عن الشبيه.فلا داعي للسعي خلف من لا يشبهنا.

شو هاض
شنيور مسعود -

اختي لليان لسه في ناس بتفكر زيك مو معئول شو ما باسا من تما الا اما ما ضل من هالبضاعه هاي