فضاء الرأي

وماذا عن طفولة أهل الفتوى؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كانت السعودية أحدث الدول التي نظّمت شأن الفتوى فلا تصدر إلا عن أهلها. وقد سبقتها بعض الدول الاخرى قديما وحديثا. وجميعها حاولت جاهدة وصادقة قصر الفتوى على من هم أهل لها. لكن بقيت المشكلة في تحديد مسألة الأهلية، فمن يكون من هو أهل لها: هل هو المتبحر بعلوم الدين؟ ام هو القادر على الاستنباط؟ ام الذكي القادر على ايجاد ما يوفق بين تطور الحياة ونصوص الدين؟
المتبحرون بعلوم الدين قد لا يتوافرون على الذكاء بالضرورة أو لا يعلمون الكثير من علوم الدنيا، والذكي العالم بأمور الدنيا قد لا يكون متبحرا بعلوم الدين، والقادر على الاستنباط قد لا يتوفر على ذكاء يصيب به الاستنباط هدفه.
هكذا يمكن ان نجد عناصر كثيرة تحدد صاحب الأهلية لكن دون ان نعرف حقيقة أيها الأهم. ولن اخوض أكثر في مسألة الأهلية مكتفيا بالوقوف على نقطة واحدة لم تستوف حقها من البحث والاهتمام، إنها مسألة الخلفية الاجتماعية والأسرية لأهل الفتوى، فماذا عنها؟
رغم ما كتبه بعض المفكرين والباحثين عن معايير الأهلية في الفتوى، وما تطرقت له بعض الكتب، إلا أني لم أقع على من يولي اهتماما ملحوظا للخلفية الاجتماعية والاسرية لمن يراد له ان يتسلم زمام الفتوى.
لقد انصب التركيز على شرط أساسي هو التبحر في علوم الدين، مع شيء من علوم الدنيا، وقدر من الذكاء والبديهة كثيرا او قليلا احيانا. لكن هل يلغي ذلك أهمية المنبت الذي نشأ فيه صاحب الفتوى؟
كلنا يعلم ان الطفولة تنعكس مباشرة على حياة الانسان وتعامله مع الآخرين وسلوكه وفكره وتصرفه مدى حياته. وإن قرأنا في فتاوى بعض المصرح لهم بالافتاء في بعض الدول الاسلامية سنكتشف في العمق البعيد خلفية لا تهيئ أحدهم ليكون عالم دين او رجل فتوى، بل ولا تمنحه حضورا دينيا اكثر من أن يكون امام مسجد.
فمن يفتي بأن الأرض مسطحة ويكفّر من يقول بكرويتها، فهذا يعكس طفولة لم تؤمن بالعلم ولا تناقش فيه. وعندما يفتي أحدهم بأن "لحوم العلماء مسمومة" فهو يعكس طفولة تعسة مقموعة. وعندما يفتي أحدهم برضاعة الكبير فذلك يعكس طفولة محرومة.
هناك امثلة كثيرة يمكن التدليل بها، ويمكن لكل منا ان يبحث في تاريخ طفولة اصحاب الفتاوى الغريبة والشاذة والخارجة عن العقل ليدرك مدى انعكاس طفولتهم على رؤيتهم للأشياء.
لن تجد صاحب طفولة تعسة وقاسية وهو سعيد برؤية اناس سعداء. ولن ترى صاحب طفولة سوية وهو ظالم أو قاس في فتواه. لن يفتى رجل نشأ طفولة حنونة معتدلة برضاعة الكبير. ولن تجد رجلا نشأ في بيت يؤمن بكرامة الانسان وهو يفتي بقتل كل من صادق نصرانيا. وهذا ما يدفعني الى القول بأن يكون من بين شروط أهلية اصحاب الفتوى انتمائهم الى خلفية اجتماعية واسرية سليمة المنبت والنشأة، فلا تنبلي الأمة بمفتين امتلأت طفولتهم بعقد ومآس يدفع ثمنها المجتمع بأكمله.


Nakshabandih@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صدقت
محمد -

كلام في الصميم بارك الله فيك

بوركت
عبدالله -

اصبت و بورك فيك

هاتوا أمثلة !
MOUSA -

لك كل الأحترام على هذه المقالة.لكن يجب أيراد أمثلة داعمة,تبين طفولة الشخص مع فتواه الغريبة.من ناحيتي,لا تحظرني أمثلة عن طفولة المفتين , و قد يكون من الصعب تحري هكذا أمثلة عن رجال دين.أما السياسيين و هو أمر بعيد عن هذه المقالة , ولكن تشترك مع مقالة الكاتب المحترم في تأثير الطفولة,مثالها زعيم العراق السابق صدام حسين عاش طفولة مضطربة بعيدا عن على أقل تقدير عن والده و حسب ما يروى أنه كان مضطهدا و مهملا.و قد ينبري بعض المعلقين ليستطرد في هذا المنحى و يفيد القراءبدون المساس بالأخلاقيات.للجميع تمنياتي و دمتم.

أكثر من طفولة
خوليو -

مشكلة الفتاوي ليست بالمفتي بل بالنبع الذي يشرب منه ذلك المفتي، وطالما النبع ازدواجي ويقبل أكثر من تأويل تأتي الفتوى على مقاس ذلك النبع، رضاعة الكبير لها أساس في مولى سالم، وعدم عمل المرأة أساسها أنها عوراء، وعدم الانصهار الاجتماعي أساسه تفضيل المؤمن(على الطريقة الاسلامية) على غيره،وفتاوي عدم قيادة المرأة للمجتمع لأنها دائماً موصى بها ويلزمها محرم يصونها ، لا أدري لماذا مثقفونا لايقولون الحقائق فيهربون منها ويتجنبونها، وهذا عائد ربما للتخويف من عذاب القبر والحرق في النار في طفولتهم.

أعتقد
hanan -

أعتقد أن بعض هؤلاء الذين يخرجوان علينا بأشياء غريبة فى الدين لديهم رغبة فى الشهرة ولفت النظر أليهم وليس فقط أن يكونوا مروا بطفولة تعسهاهناك خلل فى بعض الاشخاص ورغبة فقط فى الوجود بدون علم أو أستنبط أو ذكاء.أحسنت هانى.شكرا أيلاف

؟؟؟؟؟؟؟
الغالبي -

كلام احلى من السكر ولكن كيف نعرف نحن البسطاء شيء عن تاريخ وطفوله هولاء المفتين كي نحمي انفسنا من شرورهم هذه مهمه تقع على عاتق الاعلام الحر والاعلامين اللذين ينقلون الحقيقه ولايخافون في الله لومة لائم

فتاوى حيرتني
الدفاعي -

اشكرك استاذ على هذا البحث الذي يدلل على ان الطفولة الشاذة تنعكس على اصحابها في اطلاق الفتاوى الغريبة والشاذة...! لذا ارجو منك تفسيراًحالة الطفولة لمن يفتونبفتاوى لم اجد لها سنداً كجواز اتيان المرأة من دبرها...و تفخيذ الرضيعة ..الخ فهل اجد عندك التفسير العلمي لحالتهم في عهد طفولتم,,,مع التقدير

اصبت وابشرك..
احمد كمال -

كلام مصيب وممتاز ..وابشرك بانه متداول وبقوة في صفوف الكثير من اهل العلم والدين ولكن يواجه قمعا شديدا معتاداً ..وسينتهي اذا ماتكاتف الجميع بصدف وحب للدين واهله كما هي مقالاتكم الواعية هذه ..سينتهي الى نتيجة ايجابية في المحصلة..وتلك الايام نداولها بين الناس..ولايستثنى من هذه الاية حتى المفتين بكافة طبقاتهم ومذاهبهم وتوجهاتهم العلمية او بيئتهم ومناشئهم وسلوكهم .

رد
ابو عبدالعزيز -

وذلك ينطبق على الكتاب

الحل بسيط
ايناس -

نعم كلام صحيح وهو لا ينطبق على المفتون فحسب بل هو ينطبق على كل من يتعاطى بشؤن الناس فكل ما يمر بالانسان في مراحل حياته من الطفولة وحتى لحظة عمره الانية كلها تترك رواسبها على نفسيته وتنعكس بالتالي على جميع تصرفاته وافكاره طريقة تعاطيه مع الناس وعلى سلوكه العام ... ولكي نتعرف على طفولة اي انسان وما تركته من رواسب في نفسة ولكي نتعرف على طريقة تفكيره وسلوكه في هذه الحياة ببساطة شديدة علينا ان نخضع كل من يتعاطى مع الناس وبالشان العام الى تحليل نفسي .. اي علينا عرض هؤلاء الاشخاص على اختصاصيون و محللون نفسيون بهدف التعرف على عقدهم ومساعدتهم في حلها ولا ارى اي مشكلة أو عيبا في ذلك فالانسان لم يختر أهله ولا ظروف تربيته والمجتمع الذي ينشأ فيه وكلنا نتأثر بما يمر علينا في حياتنا المهم أن لا نسقط ما بنا من عقد على من حولنا ممن نتعاطى معهم ..أرى ان الحل يكمن في وضع شرط للتعين في اي وظيفة عامة أن يعرض الموظف على محلل نفسي لتحليل عقده ومساعدته على التخلص منها وكما يطلب من الموظف تقرير طبي يضمن خلوه من الامراض العضوية يجب أن يحصل على تقرير يفيد خلوه من الامراض والعقد النفسية ... وللعلم هناك كثيرون من الناس هم فعلا بحاجة لاخصائين وبعضهم بحاجة لاطباء نفسيون ايضا للتخلص من عقدهم النفسية ومنهم من هم للاسف قادة وحكام...

معقدين
لاديني -

كنت متدين وكنت أدافع عن الزواج بنية الطلاق وهو غدر بالمرأة (أقنعوني بأن النية لا علاقة لها بالعقد ) وكان هناك شاب بدوي يحفظ القران كله ويرفضها رفضا قاطعا مع علمه القليل في الدين ولكنه يمشي على الفطرة السليمة التى تستقبح هذه الفتاوي واليوم أشعر بالمهانة لأنني فقدت أنسانيتي في لحظة من حياتي أحسد البدوي على فطرته السليمة..

بس الفتوى ؟
حزام .. -

بس هي الفتوى ومصادرها اللي مزعجتكم ؟ وبالذات ما يتعلق منها بعفة المرأة .. هذي اذا بقي لها عفة بالمملكة .. والنفاق والفساد والفقر ووو ..؟ هذي ما تثير عندكم نوع من الوطنية ؟ وهل تعلم ان هناك فتوى او شبه فتوى .. لا تجيز الكتابة في وسائل الاعلام بالمملكة حتى الالكترونية .. الا للمنافقين ؟ اهذه لا تحتاج الى فتوى قانونية ؟