أصداء

صدام حسين والإسلام فوبيا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

قبل أن ندخل إلى لب المسألة، لابد لنا أن نؤكد أن اهتمامنا بهذه المسألة، لا يعني بأي حال من الأحوال،عدم المواجهة النقدية مع تيارات الإسلام السياسي أينما كانت، لكن هذه المواجهة النقدية لا تعفينا أبدا من التعرض للتيارات 'الحداثية' وأدواتها النقدية، وأساليب تعاملها مع ظاهرة الإسلام السياسي، وبالتالي كيفية تعاملها مع كافة قضايانا في المنطقة. في حروبه التي مارسها الرئيس الراحل صدام حسين، حاول كغيره من قادة العالم عندما يدخلون مواجهة ما، أن يستنفروا كل الحواس والمشاعر والغرائز أحيانا من أجل خدمة أهدافهم السياسيــــة، وبهذا تبادل الأمر مع القيادة الإيرانية أثناء حربهما، فاستخدم الطرفان شعارات دينية وقومية، وكذلك التحالف الدولي الذي حرر الكويت واسقط صدام لاحقا، حاول استنفار بعض المشاعر الدينية والتاريخية لدى الرأي العام في الغرب.

والتاريخ كذلك يعطينا أمثلة كثيرة، منها استخدام ستالين - الجورجي الأصل- للمشاعر القومية الروسية من أجل الانتصار في الحرب العالمية الثانية، وكذلك كان مقابله يفعل هتلر بألمانيا ومشاعر العرق الآري كونه عرقا نقيا، وكما استخدم الرئيس الراحل حافظ الأسد شعارات إسلامية وقومية وبقيت حتى اللحظة، لمواجهة المد الديمقراطي والحقوقي الذي حدث في العالم بعد انهيار السوفييت، وقرر هو عدم الاستجابة له، فبت تجد مكاتب لكل التنظيمات الإسلامية العربية في دمشق، وعلت نبرة الحديث عن الخصوصيات الثقافية والقومية التي تشكل متراسا يمنع الديمقراطية من أن تجد لها تربة في سورية. هذا الأمر يطرح علينا سؤالا هل أصبح ستالين وهو الشيوعي والجورجي قوميا روسيا؟ وهل أصبح صدام حسين إسلاميا؟ وهل تحول الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى قومي إسلامي؟ أم أن الموضوع لا يتعدى استخدام سياسيين غير إسلاميين لورقة الإسلام السياسي وورقة النزعات القومجية المعادية للآخر؟ ما كان يمكن لهذا الاستخدام للورقة الدينية والطائفية إلا أن تستنفر كل ما في النصوص الدينية من عداء للآخر، سواء كانت هذه النصوص تعيد أمجاد الحروب الصليبية أو تعيد أمجاد القادسية، لأن النقطة الوحيدة التي تمكن الساسة هؤلاء من استخدام الورقة الدينية والطائفية هي استنفار النص الديني المتمركز حول ذاته، وحول انه أصلح الأديان وان معتنقيه أخير الناس، وقتلاه شهداء...

وكذلك الأمر ينطبق على الاستخدام الشوفيني للقومية ومشاعرها من خلال تهييج اللغة التي من شأنها وضع المتاريس بين القوميات المتناحرة لأسباب سياسية، كالحرب العراقية الإيرانية، وكيف استنفر الطرفان المشاعر القومية المعادية للآخر. والآن نعود لصدام حسين الذي أعدم ولازالت عائلته أو من تبقى من عائلته، لا يلاحظ المرء عليها كما كانت في عهده أية رموز إسلامية، بل كان الرجل لا يخفي عداءه لكل الإسلام السياسي العراقي التنظيمي بشقيه الشيعي والسني. وكذلك الأمر بالنسبة للرئيس الراحل حافظ الأسد أو بالنسبة للسيد الرئيس بشار الأسد. الإسلام السياسي واستنفار مشاعر الأديان والطوائف على بعضها وعلى الخارج ليست سوى ورقة سياسية لأهداف سياسية تخص أهداف النظام السياسي لا أكثر ولا أقل. كانت غالبية المعارضة العراقية ومثقفيها من شماله حتى جنوبه، تتحدث أن سبب مشاكل العراق هو نظام صدام حسين البعثي.

جاء الأمريكان وسقط النظام وجاءت المعارضة العراقية بكل رموزها، المعروفة وغير المعروفة، وأصبحت تحتل المشهد السياسي العراقي، الذي سرعان ما تحول إلى مشهد تتوزع فيه هذه القوى وكالات إقليمية ودولية، أصبحت كل قوة من هذه القوى العراقية وكيلا لدولة إقليمية أو غير إقليمية، فتجد وكلاء لإيران من جنوب العراق وحتى كردستانه، ووكلاء لسورية أيضا وتركيا والسعودية ولأمريكا وهذه ليست آخر المطاف. كتبت منذ الانتخابات العراقية أن النظام في دمشق وبدعم سعودي يريد إقامة نظام طائف عراقي، على غرار لبنان والطائف اللبناني، وهذا ما يحدث الآن وليست دعوة خادم الحرمين الشريفين للقوى العراقية إلى المملكة لتشكيل الحكومة العراقية هناك خارج هذا السياق، وبتآلف سوري إيراني تتغير اللوحة الآن، السعودية ربما ضد إيران في كثير من الملفات ولكنها قريبة منها في الملف العراقي، وأمريكا ليست خارج اللوحة بالطبع، وهذا سيكون موضوع مقالة خاصة. هذا هو اختصار مرير ومأساوي للوضع العراقي الآن. الحـــــرية في العراق الآن هــــي الوحــــيدة التي يمكن أن تكون رهــــانا حقيــــقيا ولكنها تحتاج الى قوى عراقــــية تمثلها، ولا تحتاج إلى وكلاء لمصالح إقليمية أو دولية.

نحن ندرك أن كل هذه القوى سياسيا يمكن أن تقلب ظهر المجن لحلفائها، ولكن بات الأمر الآن صعبا عليها بعد انسحاب الجيش الأمريكي. ما يهمنا من هذا الأمر هو لوحة المثقفين العراقيين المحسوبين على 'العلمانية' أصبح الآن الإسلام عدوهم الأول، في الواقع ليس الإسلام بل المسلمون، والتحقوا بقضية الإسلام فوبيا، لهذا تجد تركيزهم الآن على الإسلام، وتجدهم في المقابل يدافعون عن تيارات سياسية موالية لإيران أو لأي طرف آخر. تجد لغة مشحونة بعداء قل نظيره، وكأن مشاكل العراق لم تعد صدام حسين كما كانوا يقولون بل اكتشفوا أن الإسلام هو السبب أقصد المسلمين. غالبيتهم يتحدثون في مجالسهم الخاصة أنه لولا النظام السوري والسعودي والإيراني وبعضهم يحمل أمريكا - حسب موقع كل مثقف- لما كان هنالك إرهاب في العراق، وعندما تقرأ لهم، تجد أن الارهاب لأن في العراق مسلمين، ويجب التخلص منهم وهجوما على الإسلام بطريقة تجعلهم وكأنهم جزء من اللوحة اليمينية في دول الغرب التي جعلت من الإسلام فوبيا شعارا انتخابيا.

ولأن غالبيتهم تعيش في أوروبا وأمريكا واستراليا وكندا، فقد اصبحوا يعرفون الدخول الى المشهد الانتخابي الأوروبي. القوى اليسارية والنقابات المهنية في أوروبا ليس لديها مثل هذه العقدة وإن كانت تخاف الإرهاب وتدعو إلى مواجهته، ولكنها تعرف أن سبب المشاكل الأوروبية الأصلي هو سياسات اليمين التقليدي الأوروبي. ووصل الأمر عند بعضهم للتغني بالديمقراطية الإسرائيلية وشتم الفلسطينيين مع أنهم يمكن لهم أن يسألوا أنفسهم سؤالا عراقيا بسيطا: لماذا لا يوجد إرهاب في كردستان العراق؟ وهل الارهاب بالتالي ظاهرة دينية تخص الإسلام والمسلمين أم هو ظاهرة سياسية ولأهداف سياسية تختار مناطقها؟ ومن هذه العينات تجد من هو علماني متشدد يريد القضاء على الإسلام ولكن الشيعي، وبالمقابل تجد منهم من هو علماني أكثر تشددا ويريد القضاء على الإسلام السني. وتساندهم في ذلك منابر إعلامية خليجية وإيرانية وغيرها، بينما المثقفون العراقيون الذين يريدون فعلا عراقا ديمقراطيا حقيقيا ودولة عراقية ذات سيادة عراقية، أصبحوا الآن خارج اللوحة. لأن المشهد تحول من صدام حسين إلى إسلام فوبيا في هذه المنابر. ويلحق بهم مثقفون من كل البلدان العربية، وسورية خاصة لأنها جارة ومستفيدة من استمرار الوضع العراقي لكي تعقد برعاية سعودية إيرانية أمريكية طائفا عراقيا في دمشق. ويدخل العراق النفق اللبناني، هذا إن لم يكن قد دخل فعلا.. تنمية الحرية والدولة والقانون هي الأولوية بالنسبة للعراق الآن، وليس حمل راية الإسلام فوبيا، بلغة يعتقد كثير منهم أنها نقدية، بينما هي تحمل بعدا استئصاليا يذكرنا بلغة من استخدموها من الرؤساء الذين ذكرتهم وغيرهم من الملوك، واستخدموها لأساب سياسية وبشكل معكوس. المواطن العراقي لن يغير دينه ولن يغير طائفته، بل يمكن أن يقبل بأن تصون حقوقه دولة عراقية ديمقراطية ذات سيادة عراقية، لا تقبل القسمة إلا على العــــراق ذاته وللعراق كله. وبهذه المناسبة الحزينة وهـــي الاعتداء على كنيسة سيدة النجاة الكاثوليكية في بغداد من قبل متشـــددين وارهابيين لم نعرف هويتهم بعد، ومن هــــي الجهـــة التي دفعتهم لهذا الاعتداء أو أشارت عليــــهم، وذهب ضحية هذا الحادث الاجرامي العشرات، على مشايخ الاسلام السياسي وتنظيماته إدانة هذا العمل. الارهاب خطر ولا يمكننا القضاء عليه إلا بالتعامل معه كظاهرة سياسية وليست دينية. تنظيم القاعدة وغيره من هذه التنظيمات يزدهر في دول يحتاج فيها المستوى السياسي كي تزدهر لديه، واليمن نموذج لذلك. من جهة أخرى لا يمكن فصل الارهاب عن اللعبة الاستخباراتية العربية وغير العربية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سوريا العربية
زياد -

ان الجمهوربية العربية السورية ستبقى معقل العروبة والاسلام وكل من لا يرق له عروبة سوريا فليترك سوريا بلا رجعة والله معو ويادار ما دخلك شر.

Please
Khalid -

Mr. El Mefleeh please tell me what do you want to end.Had read your article many times...many questions,many names and many ideas.Kindly conclude you opinion.Just want to learn why all people were talking and around the global against islam?

سوريا العربية
زياد -

ان الجمهوربية العربية السورية ستبقى معقل العروبة والاسلام وكل من لا يرق له عروبة سوريا فليترك سوريا بلا رجعة والله معو ويادار ما دخلك شر.

سوريا العربية!!
فريد -

والله تعليقك يجعلك اضحوكة, اين الجولان؟ وهل نسيت تلك الصورة للجندي الصهيوني وهويتكا على لوحة مكتوبة عليها 50 كلم دمشق؟ ثم هل كان موقفكم (قوميا وعروبيا) من حرب الخليج الاولى حين ساندتم إيران ضد شقيقتكم العراق؟ و معقل العروبة!! هل نيست عروبتها ابان عاصفة الصحراء وقتالكم مع التخالف ضد اشقائكم العراقييين (مرة اخرى وسلملي على معقل العروبة)؟ وهل نسيتم عروبتكم في إحتلال وتدمير لبنان؟ وماذا عن غزة وصمودها وعروبتكم المزعومة؟ وماذا عن تدخلكم لزعزعة إستقرار الاردن, السعودية ومصر؟ وماذا عن مجزرة حماه؟ ومعتقل حمص؟ وماذا عن عبدالحليم خدام؟ والله انتم معقل الفساد والخبث والهزيمة, ولستم باي حال معقلا للعروبة وان لم يرق لكم ذلك فإخبطوا رؤوسكم الخاوية في الحيط. قال معقل العروبة قال.

لبنان
حاتم -

اءسرائيل وسوريا هم سبب خراب لبنان عاداتالعلويين مثل عادات الصهاينة اننى لااجد فرق بين الأثنين لأن سوريا خايفة من اسرائيل تحل حقدها على لبنان بالحقيقة سوريا هى المعتدية على اسرائيل وليس بالعكس

سوريا العربية!!
فريد -

والله تعليقك يجعلك اضحوكة, اين الجولان؟ وهل نسيت تلك الصورة للجندي الصهيوني وهويتكا على لوحة مكتوبة عليها 50 كلم دمشق؟ ثم هل كان موقفكم (قوميا وعروبيا) من حرب الخليج الاولى حين ساندتم إيران ضد شقيقتكم العراق؟ و معقل العروبة!! هل نيست عروبتها ابان عاصفة الصحراء وقتالكم مع التخالف ضد اشقائكم العراقييين (مرة اخرى وسلملي على معقل العروبة)؟ وهل نسيتم عروبتكم في إحتلال وتدمير لبنان؟ وماذا عن غزة وصمودها وعروبتكم المزعومة؟ وماذا عن تدخلكم لزعزعة إستقرار الاردن, السعودية ومصر؟ وماذا عن مجزرة حماه؟ ومعتقل حمص؟ وماذا عن عبدالحليم خدام؟ والله انتم معقل الفساد والخبث والهزيمة, ولستم باي حال معقلا للعروبة وان لم يرق لكم ذلك فإخبطوا رؤوسكم الخاوية في الحيط. قال معقل العروبة قال.

ثقافة البعث .
جمو روباري . -

لم يعد يخفى على أي مثقف بأن وجود حزب البعث بإيديولوجيته وسياسته في المنطقة خدمت وبشكل واسع على استمرارية التوتر في المناطق الكردية بين القومية العربية والأقليات الأخرى والقومية الكردية، وهي الأن تخلق صراع فكري فظيع، غير واضحة معالمها ونتائجها بين القوى السياسية والثقافية من الكرد والأخوة الليبراليين من القوميات الأخرى في الداخل والخارج.

ثقافة البعث .
جمو روباري . -

لم يعد يخفى على أي مثقف بأن وجود حزب البعث بإيديولوجيته وسياسته في المنطقة خدمت وبشكل واسع على استمرارية التوتر في المناطق الكردية بين القومية العربية والأقليات الأخرى والقومية الكردية، وهي الأن تخلق صراع فكري فظيع، غير واضحة معالمها ونتائجها بين القوى السياسية والثقافية من الكرد والأخوة الليبراليين من القوميات الأخرى في الداخل والخارج.

بره !!
عربي -

يجب على الاكراد الذين يعيشون على ارض سوريا ان يرحلوا من سوريا الى مناطق سكناهم الاصلية في اواسط اسيا او الى السويد حيث سهولة السرقة والابتزاز

بره !!
عربي -

يجب على الاكراد الذين يعيشون على ارض سوريا ان يرحلوا من سوريا الى مناطق سكناهم الاصلية في اواسط اسيا او الى السويد حيث سهولة السرقة والابتزاز