مؤتمرات الدراسات العربية في أمريكا: مضاعفات أيجابية أم سلبية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سارعت لحضور المؤتمر السنوي لدراسات الشرق الأوسط ME SA الذي أنعقد في مدينة سان دياغو الأمريكية للفترة من 18 - 21 تشرين الثاني نوفمبر.
يلتقي في هذه التضاهرة الاكاديمية العديد من محترفي تدريس العلوم السياسية والأقتصاد واللغات الأجنبية والتاريخ والدين في الجامعات والمعاهد الأمريكية.
يستطيع القارئ التطلع على برنامجه والبحوث المُقدمة في الأنترنت.
ومع فوائد وأيجابيات هذه المؤتمرات والدراسات المقدمة والتعرف والتعريف بالعالم العربي والأسلامي بالطرق المتحضرة لربط الجسور الثقافية والتجارية والأقتصادية والعلمية والتكنولوجية، فأن الملاحظ أندفاع الكثير من المنظرين والباحثين وأساتذة الجامعات من ذوي الأصول العربية في تعميق عدم الفهم الغربي وتوسيع قاعدة التجزئة الأقليمية وتسطير سلبيات حكومات ومؤسسات الدول العربية وتحقيرها في مؤتمرات أكاديمية وكأن حكومة توني بلير وحكومة جورج بوش (على سبيل المثال السياسي ) لم تزرع أِلا بذور الخير والسلام والتحضر في عالمنا العربي المضطرب..
شعرتُ بأن المؤتمر الأخير كان حملة أِعلامية موجهة ضد أنظمة وحكومات وأحزاب من المحيط الى الخليج أكثر مما هو مطلوب في هذه البحوث التي تتعلق باللغة والسياسة والدين والتاريخ، بأن تكون نقدية بحثية مستقلة وموضوعية وليست وظيفية أرضائية لمؤسسة أوجامعة غربية.
هذا التحقير الأكاديمي يدخل في أحيان عديدة مع ما يتماشى مع تفكير الأساتذة الأمريكيين المشرفين والمشرفات على أوراق البحوث المُقدمة من الطلبة العرب والمسلمين والطلبة الأمريكيين الذين يدرسون في الولايات المتحدة للحصول على شهادات عليا (الماجستير والدكتوراه ).
هذا التحقير من المحيط إلى الخليج يتجاهل المشاعر والحقيقة العلمية المستقلة ويغذي الأفكار الصهيونية( دون توجيه منهم) ويوسع من قاعدة تفريق الشعوب والمؤسسات و يبتعد عن الخصوصية والقيم الأجتماعية والأخلاقية الاصيلة التي يجب أن تكون كخط أحمر لاينبغي للمشاركين والمشاركات من الجامعات العربية الأمريكية في تونس والمغرب والقاهرة وبيروت، كجيل يحمل ثقافة، التفريط بها أو أن ينساقوا في أستجابة وأستسلام كامل لنظريات خيالية تسعى (لأمركة) الأجيال العربية في الحقول التربوية والألتصاق الذاتي بحب الوطن.
من ناحية أخرى فأن البحوث المقدمة عن تطور الحركة الكردية وعراق التسعينات وبحوث عن حزب الله والسياسة المعاصرة كانت قد أفتقرت الى الموضوعية و حقيقة البحث الميداني وحقائق تاريخية وأنسانية مدونة لضحايا ومجازرأرتكبت بمشاركة غربية وثقل أسرائلي ووجود عسكري أمريكي. وتسللت بعض الاوراق المقدمة بسلبية الى البحث الوصفي النقدي برموز مصفوفة كالذي تتناوله الصحف الأمريكية والأِعلام الأمريكي بجدارة، يتم فيها تجزئة الحقيقة حسب مايتطلب الغرض والاهتمام بشكليات الموضوع وطريقة الألقاء دون الأهتمام بمادة وجوهر البحث أو حتى المرور على أدمغتنا التي تشغف المعرفة.
أن من حق الباحث والأستاذ الجامعي أن يبني احكامه السسيولوجية السياسية بحوافز افتراضية منهجية أكاديمية بحته وقد تصل بعض هذه الأفتراضات بالتحليل والجرد الأحصائي الى نتائج وبيانات قد تعتبر معقولة،خاصةً أذا أتخذت الأحداث على الأرض خطاً يسند النظريات الأفتراضية وفق المنهجية الأمريكية وطرقها المتشعبة في وضع أعتبارات الأختيارات الأستنتاجات بضجة أعلامية رغم أخطائها وتوالي أعترافات المُسبِبين لهذه الأخطاء ( بوش وبلير على سبيل المثال).
ويخصني كعراقي علماني التفكير أن أذكر بأن علينا كمربين متعلمين ومثقفين أن نتصرف بحساسية ونحترم تقاليدنا وتراثنا وقيمنا الأجتماعية وأحترام قدسية الكلمة والفكرة البحثية قبل أطلاقها وتعميمها في أساءة مقصودة وقلة معرفة وشتم لروادنا وأجدادنا ومجتمعاتنا ونتجاهل كلياً تاريخنا و(نغرف كما يعجبنا) من أفكار الغرب ألأمريكي ما لايصلح لمجتمعاتنا وأجيال شبابنا. ولعل المقارنة البحثية ومتابعة مايجري من عيوب وعلل سياسية وأقتصادية في المجتمع الأمريكي في حقول السياسة والدين والتاريخ خير دليل على مايجري من تشويه للحياة الأمريكية وفساد الأدارات الحكومية وأشباع العقل الأمريكي المادي بعنصرية، لتفرض وتُناقش على أنها الفلسفة السياسية للدولة في مؤسسات ثقافية أكاديمية أمريكية يسودها فوضى الخلاف الليبرالي والمحافظ بين أساتذة الجامعات وأوساط الأعلام الأسرائيلي المسيطر على عقلية المتنفذين في المؤسسة الأدارية السياسية الأمريكية.
الوازع ألأخلاقي قد يبرر (للأخرين) شتم قيمنا ومعتقداتنا ويزيد من ظاهرة التعصب والجور والأستعداء ضد العرب والمسلمين، ومشاركتنا في تعميم التبرير (دون مبرر) يقدم خدمة وتواطؤ مع الارهاب الاسلامي دون علم منا. ووازعنا الأخلاقي أن نقف بوجهه، بحفظ الهوية العربية والكردية من الألتباس التركي أو الفارسي وتقليل التحقير لشعوبنا وثقافاتنا وأِلا سنكون مشاركين في تشويه مجتمعاتنا بطرق أتبعها البعض من الوصوليين العرب والمسلمين المتأمركين الذين تستحوذ على أفكارهم أفكار غربية يقتبسونها دون تمييز ويرددوها بشكل أو أخر وكأنهم (مَلكيون أكثر من المَلك ) كما يقال.
الأخوان المسلمون، حزب الله، تجربة الأحزاب الكردية والتركية في العراق، تركيا وسوريا ونقاشات تتم دون مراعاة للظروف التاريخية ومخلفات الأستعمار الحديث والهيمنة الغربية الأستعمارية القديمة والجغرافية السياسية وأعتبارات المساحة السكانية للقوميات والوسط والبيئة الأجتماعية، تضيف الى تضييق تقدمنا الفكري وتزيد من مساحة التطرف السياسي والفكري ضد شعوبنا العربية والاسلامية.
أن تعميم التحقير والأصرارعليه من قبل بعض الباحثين العرب بملاحقتهم مؤسسات عربية وأسلامية مقصرة ويسودها الفساد يمثل في رأيي نسبة ضئيلة من البحوث الموضوعية. فالنسبة الأكبر ينبغي أن تُخصص لجرائم الدول المتحضرة بحق الشعوب وساهمت في تعميم الفساد والأستبداد والأستغلال وتدعي نفاقاً الدفاع عن الحقوق والحريات المدنية وصيانة الديمقراطية والحضارة الأنسانية وتقديمها للمناقشة الحرة في المؤتمرات القادمة بالحجة والمصدر.
باحث سياسي وأُستاذ جامعي