فضاء الرأي

عراق التيهِ وخيبةِ الآمال..

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

هل هذا هو العراق الذي كان الوطنيون الواعون يحلمون به بعد نظام صدام؟؟! لا نعتقد.
كان الأمل والحلم هما في أن يسود العدل والحرية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان؛ ونحن اليوم في زمن مصادرة الحريات الفردية، والعدوان على الحرية الدينية، وانتهاك كرامة المرأة، وازدراء الثقافة والفنون، واستشراء الفساد، وقبل كل شيء، في غياب روح المواطنة.
إن الإجراءات التعسفية لمجلس محافظة بغداد ضد نادي الأدباء، [ والتي نزل رعاع الصدر الهائجون للشارع لتأييدها ولترويع المثقفين والنساء المطالبات بفك القيود عنهن]، ليست الأولى من نوعها، ولعلها ليست الأبشع، فقد سبقتها، ولا تزال ترافقها، إجراءات طالبانية في البصرة وواسط والنجف ومعظم مدن الوسط والجنوب- إجراءات ضد الأقليات الدينية والمرأة والفنون والمواسم الشعرية وحتى السيرك. وفي مجال التعليم، تحولت المدرسة لشبه ملحق بالحسينية، قاصدين مساعي تحويل المناهج مذهبيا، وفرض الحجاب حتى على تلميذات الابتدائية. وهذه الوزارة ستكون أكثر تعرضا للنهج الطالباني المطعم بالخمينة لو استوزرها وزير صدري بعد وزيرها الحالي الذي هو من زعماء حزب الدعوة. ويقال إن التعليم العالمي سوف يناط بالشخصية الثانية في الدعوة، السيد علي الأديب، المعروفة روابطه الأكثر وثيقة مع طهران، والذي يشاع أن له هناك مصالح تجارية معينة هناك.
هذا النهج المتطرف، الذي هو مزيج من الخمينية والطالبانية، يعبر عن حقيقة أهداف الأحزاب الدينية التي تحكم العراق، وينزع القناع تدريجيا عن كل التبجحات عن " دولة القانون" والديمقراطية. وما تجربة خميني ببعيدة عنا حين كان يتظاهر بالديمقراطية وهو في باريس ليعود بعد نجاح الثورة فيفرض نظام الفقيه الشمولي، وليسحق خطوة فخطوة جميع القوى الأخرى التي ساهمت في الثورة، وحتى بعض المقربين منه من أمثال بني صدر. وقد وصفنا، في مناسبة أخرى، هذا النهج المهيمن اليوم في العراق باسم الديمقراطية البرلمانية، وصفناه ب "ديمقراطية تعدد الأقنعة"، أي استخدام التحايل والمكر والتقية لإخفاء النوايا والأهداف الحقيقية، ومن ثم الشروع بتنفيذها كلما كان ذلك ممكنا، وعلى صعيد محافظة بعد أخرى. وكل ذلك كان يجري، ولا يزال يجري، دون أن تنبري الأحزاب والقوى الوطنية العلمانية وغير الطائفية، عربية وكردستانية، والبرلمانيون غير الطائفيين، إلى الشجب الصريح لتلك التدابير الظلامية، وتأييد احتجاجات وتحركات الأدباء والنساء. فهل هذا هو المأمول؟!
عراق خيبة الآمال وضياع الأحلام هو الذي تسرق فيه نتائج الانتخابات بمختلف الأساليب والحيل؛ هو الذي تهدر فيه مليارات الدولارات وتنهب؛ هو من تسرق دول الجوار مياهه؛ هو من تهمل الحكومة الزراعة والصناعة فيه لحساب الاستيراد من إيران وتركيا وسوريا بعد أن صارت المنتجات العراقية عاجزة عن المنافسة.
عراق اليوم هو العراق المستباح إيرانيا، والمروَّع قاعديا، وكأنما تحول إلى الرجل المريض الذي تتدخل في شؤونه، وعدا إيران، دول الجوار، وعلى الأخص سوريا.
وعراق اليوم يتعرض لمخاطر التقسيم بعنوان الفيدراليات، كما نرى من مساعي محافظة البصرة لتأسيس إقليم خاص بها، وربما كقاعدة، مستقبلا، لتحقيق مشروع محافظات الوسط والجنوب على أساس طائفي محض، وكذلك هناك الترويج لإقليم في الغرب ليكون للسنة، وذلك انسياقا وراء الطرح الخاطئ للقضية العراقية: أي شيعة وكرد وسنة، وليس كقضية عراق ديمقراطي اتحادي، له مركز قوي ومحافظات لها درجة مناسبة من اللامركزية، بجوار إقليم كردستان، الذي له وحده مقومات الإقليم من جغرافيا وتاريخ وتقاليد ولغة وأثنية. ولذا نعتقد أن ما ورد في خطاب السيد رئيس إقليم كردستان عن مساندة قيام أقاليم أخرى في العراق موقف غير موفق أبدا، لأن مقومات تشكيل أقاليم أخرى غير قائمة إلا إذا اعتبرنا المذهب هو الأساس، وهذا مخالف لمبدأ الفيدراليات. وقد سبق ووجهنا في 17 نوفمبر 2006 مذكرة للسيد رئيس الجمهورية بهذا الصدد [ * ]- علما بأننا لا نناقش هنا ما ورد عن حق تقرير المصير لشعب كردستان، ولكن نقول التالي فقط:
إن حق تقرير المصير هو حق طبيعي للشعب الكردي في العراق وللأمة الكردية المجزأة، وهو لا يعني الانفصال بالضرورة، فقد يكون تطبيقه كحكم ذاتي أو فيدرالية، وكذلك كدولة مستقلة. وقد أكد الحزب الديمقراطي الكردستاني أن الخطاب لا يقصد به الانفصال، وأن كردستان العراق تبقى في العراق، غير أن طريقة طرح الموضوع في الخطاب - [ الحديث عن مرحلة بعد مرحلة]- هو الذي أثار بعض التساؤلات والالتباس.
نعم، ليس هذا العراق الذي حلم به الطيبون من الأحياء وشهداؤنا الأماجد. ومادام الولاء للعراق قد تهمش، فكل ما بني على هذا التهميش كان مخيبا للآمال وتفريطا بالأحلام.

[ *- ملحق: ورد في تلك المذكرة ما يلي:
" 3- رغم إيماننا بأن الديمقراطية الفيدرالية هي أرقى أنواع الحكم الديمقراطي، ولكن في ظروف العراق الحالية فإن تقسيم القسم العربي إلى فيدراليات، لا يشكل حلا سليما لمشاكله الحالية، بل سيكون بحد ذاته مشكلة كبرى تؤدي إلى تفتيت العراق إلى كانتونات يسهل بلعها من قبل دول الجوار الطامعة بها، ولأن دعاة الفيدرالية في الوسط والجنوب يريدونها على أسس طائفية. فلو تحقق حلمهم في تحقيق الفيدرالية الطائفية، فهذا يعني أنهم سيكرسون الطائفية ومعها الصرعات الدموية بين الطوائف إلى الأبد. وهذه كارثة يجب منعها بأي ثمن. لذلك نرى أن تأييد القيادة الكردية لأقاليم في الوسط والجنوب خطر كبير على كل العراق، وهو ليس من صالح الشعب العراق، وضد مصلحة الشعب الكردي.
" 4- نؤكد أن رفضكم للفيدرالية الطائفية في الوسط والجنوب سوف لن يؤثر على الفيدرالية الكردستانية، لأن الأخيرة لها ظروفها القومية والتاريخية الخاصة، ومقررة ومعترف بها من جميع الجهات وحتى من المحافل الدولية، ولا يمكن التراجع عنها".
نضيف اليوم أن هذا التحليل ينطبق أيضا على فكرة إقليم خاص لغرب العراق باعتبار أكثرية سكانه من السنة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مأزق الأسلام السياسى
عادل البغدادى -

لم تستطع الأحزاب الدينية سنية أم شيعيةفي العراق وغير العراق أن تقدم برامج سياسية ترضى طموحات شعوبها.لقد حاول الأخوان المسلمون منذ خمسينات القرن الماضى أن يتبوأواالمشهد السياسى في العالم العربى.لكنهم فشلوا,وجاء الخمينى متسترا بشعارات الدفاع عن المستضعفين وها نحن نرى الى أى درك انحدرت اليه مفاهيم الخمينى.ودعاة الأسلام السياسى فى العراق لن يكون حظهم أحسن من سابقيهم فشعاراتهم قد تهرأت وساعتهم اتيةلاريب.

بغدادايران
montaser -

مايجري اليوم في بغداد وبقية المدن العراقية يذكّر كثيراً بالأشهر الأولى التي تلت انتصار الثورة الإسلامية في ايران نهاية سبعينات القرن الماضي. فالحراك الواسع الذي بدأته قوى سياسية عراقية ترفع راية الإسلام لفرض بعض المفاهيم والممارسات وإقتلاع أخرى، يشبه ذلك الذي رأيناه عشية انتصار الثورة الإسلامية في ايران. كما أن محاولات فرض الشعار والممارسة الدينية لايختلف عن ذلك الذي تمّ قبل أكثر من ثلاثين مايجري اليوم في بغداد وبقية المدن العراقية يذكّر كثيراً بالأشهر الأولى التي تلت انتصار الثورة الإسلامية في ايران نهاية سبعينات القرن الماضي. فالحراك الواسع الذي بدأته قوى سياسية عراقية ترفع راية الإسلام لفرض بعض المفاهيم والممارسات وإقتلاع أخرى، يشبه ذلك الذي رأيناه عشية انتصار الثورة الإسلامية في ايران. كما أن محاولات فرض الشعار والممارسة الدينية لايختلف عن ذلك الذي تمّ قبل أكثر من ثلاثين

no to al she3a
mahmod -

وبذا انضمت بغداد إلى منظومة الخليج الفارسي، وتساوى العرب والعجم، من حيث فرض حظر على تناول وبيع والاتجار بالخمور، وهذه واحدة أخرى من مظاهر ودلالات سقوط العراق الجريح بيد القوى الظلامية التي أعادته، وبكل أسف قروناً إلى الوراء، وهذا هو الخوف والرعب الحقيقي حين يؤول الأمر لتلك القوى، من حيث تبيان طريقة تفكيرها، وطبيعة توجهاتها الضحلة والبسيطة، والتي لا تتجاوز رسالتها الحضارية، مشروع منع الخمور والاختلاط، وفرض النقاب والحجاب، وكفى الله المؤمنين شر التمدن والحضارة والتفوق والإبداع. إذن ها هي ما تسمى بمدينة عربية تدخل نفق الظلام، علماً أن هذا الخمر كان متداولاً في أوج ما يسمى بالزحف البدوي، حين كانت بغداد حاضرة الدولة العباسية، ومركز ما يسمى بالخلافة، ولنا في أشعار أبي النواس، وجلسات الأنس، وحكايا بغداد العباسية، ما يعنينا عن أن الخمرة لم تكن محرمة، أو تواجه محظوراً كما يفعل أصحابنا في بغداد اليوم. لم تعد بغداد تمتلك الكثير مما يمكن أن تتباهى به أمام دول الجوار، وهي تفقد سماتها الحضارية، والتنويرية، والمدنية الواحدة بعد الأخرى، وذلك منذ أن سطا ;المعممون على مقاليد الحكم فيها، وحولوها إلى مدينة ظلامية أخرى، كالقصيم، وبريدة، والطائف، ويا فرحة ;بني وهاب; بهذا الإنجاز. نعم لقد كانت بغداد موضع حسد من كثير ممن يسمون بالعرب، وذلك لطبيعة الدور والمستوى الحضاري والمدني والرقي الاجتماعي الذي وصلت له ذات يوم، لكن مع هؤلاء المعممين فقد أصبحت موضع شفقة ورحمة، وتساوت إلى حد كبير مع مدن الملح والظلام الصحراوية التي ليس لها من رسالة حضارية تقدمها للبشرية إلا منع الخمور والاعتداء على الناس ومنع الاختلاط وفرض مظاهر الدروشة والطقوس البالية التي ليس فيها أي مظهر أو دلالة أو مضمون حضاري يمكن التعويل عليه.

العراق والتخلف
حازم -

بالمختصر المفيد يا عراقيون ويا مطلعون عار المحتل الامريكي ومن احضره على مدرعاته يقول خلفوا شعبكم وعودوا به الى مجاهل الدين والخرافات يسهل لكم البقاء في قيادته وتنفذون التزاماتكم تجاهنا نحن الذين اذقناكم طعم السلطة والتسلط اللذيذ الى ان تفتتوا بلدكم الذى كان شوكة في عيوننا وادمعها كثيرا عند خروجنا بعد تاميم النفط

احذروا الاكراد
Elbasha Ahmed -

الاكراد فى الباطن يريدون الانفصال ولكن لايتم اعلانه ظاهريا خوفا من الباشا الكبير تركيا ولهذا هم يشجعون لاقامة اقاليم فى الوسط والجنوب ليسهل عليهم هضمها فى المستقبل واعلان دولتهم بحجة ان العراق اصلا مقسم وهذه سياسه .....لم يفطن لها العراقيين وهى الاصطياد فى الماء العكر.

خمينيه علئ طالبانيه
الباتيفي -

خمينيه ممزوجه مع الطالبانيه مع بعض افكار القاعده ومخلوطه مع بهارات مقتدا الصدر وعنصريه .....والقائمه العراقيه العراجاء مع اساليب ......... المعروفه في اقليم كوردستان ماذا تعتقد سوف يكون العراق كندا او سويسرا والله مصيبه لم يعد العراق مكان للعيش فيه دوله الفساد الاتحاديه او فدراليات النهب او كانتونات الارهاب والتصفيه اواقاليم الخرفات والتقاليد الباليه والمخجله اعتقد ان دول الجوار السيئه لنا هي احق بحكمنا من هولاء المتخبطين حكام المنطقه السوداء في بغداد الفاتحه علئ روح العراق يا مساكين العراق

الحمد لله
عراقي -

لا ارى في هذا المقال الا افكار سلبية .....انصح الكاتب ان يغير من افكاره السوداء ويبداء بالمساهمة بقلمه ببناء العراق افضل من الاعتداء على كل رموزالعراق التي على الاقل تحاول في هذا المسعى

مسكين
محمد العراقي -

اخي اول مرة شوف دربك انته وشوف وين وصلت حتى تكتب للعراق وتريد ان ترشده الى سواء الطريق ....

صورة
عراقي -

هل الصوره تابعه الى الكاتب الحاج او رجل اخر؟ لان الكاتب عزيز الحاج صغير السن وشعره اسود اما الصوره فلردل عجوز جدا

قلم
عراقي حقيقي -

خالف شروط النشر