أصداء

في الغرب إسلام بلا مسلمين

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إمتلأت كتب بعض الفقهاء بأحاديثهم عن الغرب الكافر حتى قال أحدهم (لو ذهبت إلى الغرب الكافر فلن تجد ذرة من الإنسانية فيه) فى وقت لم يزر فيه دولة غربية آنذاك، ولعل من أهم الأسباب هى الفتوى بنجاسة الكافر ثم تجاوز الحكم إلى نجاسة بعض المسلمين كالكثير من الفرق الإسلامية وكذلك من ينكر ضرورة من ضرورات الدين وحكم بعضهم بكفر الغلاة والمجسمة والخوارج والنواصب والبهائية. وقد استند الفقيه على النجاسة فى أدلته معتمدا على آية قرآنية واحدة فقط هى قوله تعالى (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) سورة التوبة/الآية 28، وجملة أحاديث منسوبة فى كتب الأخبار. لكن الفقيه اضطره المرض أن يسافر إلى لندن لعلاج قلبه وهى أول مرة فى حياته لمغادرة بلده إلى الغرب (الكافر باصطلاحه). فتح الفقيه عينيه فى المستشفى الإنكليزى فوجد النظافة والنظام ثم الإنسانية فى الأخلاق والإحترام والخدمة والرعاية حتى الممرضة الشابة الجميلة (الكافرة باصطلاحه) كانت تخدمه خدمة رائعة كخدمة البنت المخلصة لأبيها ومتابعة الطبيب البريطانى ما لا يقدمه أطباؤنا المسلمين رغم معرفته المريض مسلما فقيها. وهكذا بدأ يراجع نفسه للفرق فيما كان يحمله كرؤية عن الغرب ويسمعه من الخارج، وما يراه فى الواقع بعينه ويلمسه ويعيشه من الداخل فعلا، وعندها بدأ مراجعة أدلته فى النجاسة، فوجد أن الآية الآنفة فيها دلالات سبعة تصرفها عن النجاسة المصطلحة أخيرا، أولا أداة الحصر فتبدأ الآية بكلمة (إنما) التى تفيد الحصر والقصر ثانيا حديثها عن المشركين، والفرق بين المشركين والكفار وثالثا أن النجس فى الآية بالفتح لا الكسر والفرق بين النجس المعنوى والمادى ونجاسة العين أو غيرها والحقيقى والإعتبارى فضلا عن أنواع النجس، رابعا الآية تتحدث عن عدم الإقتراب (لايقربوا) ولاأحد من الفقهاء يحرم الإقتراب من المساجد بل قد يحرمون دخول المسجد فيما يشمله حكم المسجد من الطهارة وفرق واسع بين الإقتراب والدخول مما يوحى إلى النجاسة المعنوية لسكرهم بما تسببه الخمرة والسكارى، خامسا الآية تقول (بعد عامهم هذا) مما تعنى السماح هذا العام وهو التاسع من الهجرة أواخر حياة النبى حيث منع طواف البيت عريانا كما نزلت براءة فيما بعد الفتح، سادسا الآية تتحدث عن المسجد الحرام وله خصوصياته وفيه الكعبة المشرفة، سابعا السياق وأسباب النزول والظروف الموضوعية لنزولها وتتمة الآية نفسها (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله) وغيرها. وأما الأحاديث فهنالك مجال كبير وولاسع لمناقشة سندها ودلالاتها وظروفها، هذا كله إضافة إلى وجود آيات عديدة تقابلها مثل قوله تعالى (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) سورة المائدة/ الآية5 ثم إضافتها جواز زواجهم (والمحصنات من الذين أوتو الكتاب) مع ما يستلزمه الزواج، وأما الأحاديث فلم يستعمل لفظ النجس إلا فى حديثين ضعيفين من مجموعة تقرب من ستمائة حديث فى الموضوع ما يكشف عن تطور استعمال اللفظ حتى تحول أخيرا إلى مصطلح لم يعتمده العرف عصر الرسالة والتبادر إليه فقد تطور لفظ النجس والكافر كثيرا، يقول محمد باقر الصدر (فلم تكن النجاسة قد خصصت للتعبير عن القذارة الشرعية آنذاك ولم يستقر الإصطلاح الشرعى بها، إذا رجعنا إلى عصر الرواة نجد أن قضية نجاسة الكافر لم تكن مركوزة رغم ابتلاء المسلمين بالتعايش مع أصناف منهم فى المدينة وغيرها خصوصا بعد صلح الحديبية ووجود العلائق الرحمية وغيرها فلو كانت نجاستهم مقررة فى عصر الرسالة لانعكس ذلك وانتشر وأصبح من الواضحات ولسمعت من النبى نفسه توضيحات كثيرة لكثرة الإبتلاء)

إضافة للسيرة النبوية (ما دعى إلى طعام فرده بل جلس وأكل معهم) وزوجاته من النصرانية واليهودية وغيرهما وروايات تتحدث عن مناط وحكمة خارجية فى شرب الخمر وأكل الخنزير مثل (فسأله هل يشربون الخمر أو يأكلون الخنزير فى نفس الإناء) وأيضا (لاتأكله ولاتقل أنه حرام بل تتركه تتنزه، إن فى آنيتهم الخمر ولحم الخنزير) وقصة زكريا بن إبراهيم فضلا عن صانعى الطعام منهم مثلا (جاريتك نصرانية وأنت تعلم أنها نصرانية وتصنع لك الطعام فتأكل منه يوميا) قال (لا بأس بذلك)... وخلت السيرة مما يقوله بعضهم اليوم (هذا كافر وهذا نجس...) وما سمى بالحواجز مع الكفار والجاهلية، إضافة إلى رأى فقهاء فى جواز الزواج منهم وتغسيل الكتابى للمسلم فى بعض الحالات وهما لاينسجمان مع النجاسة الذاتية، وأمور كثيرة أخرى.

فأصدر الفقيه فتواه بطهارة أهل الكتاب وألف فى ذلك كتابا (طهارة أهل الكتاب) لكنه واجه حملة شعواء لأنه تجاوز العرف والمشهور فى هذه المسألة علما أن الكثير من الفقهاء آنذاك كان يؤمنون بطهارتهم وقد لايصرحون بذلك كما شرحه محمد جواد مغنية (عاصرت ثلاثة مراجع كبار، الأول فى النجف وهو الشيخ محمد رضا آل ياسين والثانى فى لبنان وهو السيد محسن الأمين والثالث فى قم وهو السيد صدر الدين الصدر وجميعا يقولون بطهارة أهل الكتاب ويسرون بذلك لمن يثقون به ولم يعلنوا ذلك خوفا من المهوشين، وأنا على يقين بأن الكثير من الفقهاء كانوا يرون الطهارة ولكنهم يخشون أهل الجهل، والله أحق أن يخشوه). علما أن الفقه القديم لم يطرح نجاسة الكافر بهذا العنوان بل قد تطرح جزئيا بشكل طهارة سؤر الكافر وجواز الوضوء به كابن أبى عقيل والمفيد، والصدوق فى فقيهه (ولايجوز الوضوء بسؤر اليهودى والنصرانى وولد الزنا والمشرك وأشد منه سؤر الناصبى) حيث كان الفقه القديم يسير حسب الروايات بعكس الأصوليين المتأخرين عنهم وأن النهى قد يحمل على التنزيه لا الحرمة وهم يعددون النجاسات ويذكرون ما لايلتزم أحد بنجاستها كالثعلب والأرنب والوزغ والفأرة وغيرها.

ثم تأمل الفقيه ونظر فيما وجده من أنظمة رائعة عند الغرب فى فصل السلطات وقوة القضاء وحياديته والنظام والنظافة والقوانين والتداول السلمى للسلطة وحقوق الإنسان وأنظمة المساعدات والخدمات الإجتماعية والصحية والتعليمية... ما لاتوجد فى بلداننا الإسلامية فقال الفقيه كلمته المشهورة عند ذاك (وجدت فى الغرب إسلاما بلا مسلمين وفى بلداننا مسلمين بلا إسلام)، ثم كررت هذه الكلمة لاحقا على لسان العديد من المصلحين كمحمد عبده وجمال الدين الأفغانى عندما كانا فى فرنسا وهما يكتبان (العروة الوثقى) فى مشروعيهما الإصلاحى.

وقد أجبر الواقع شيئا شيئا أن يكون الرأى السائد اليوم هو طهارة أهل الكتاب ولكن تبقى نجاسة الكافر هى الشائعة رغم أن البعض يعتقد بطهارة الناس جميعا والنجاسة عرضية معنوية بسبب ظروف خارجية كالخمرة وظروف النص لذلك يقال بطهارته عندما يتحول إلى الإسلام فهل تغيرت مكوناته الذاتية النجسة عينا كالنجاسات إلى طهارة أم هى مسألة معنوية كما يقول البعض ومن أين جاءته النجاسة وهل هى مادية أم معنوية، علما أن أصلنا كلنا واحد فنحن من آدم وهو من تراب فمن أين جاءت النجاسة؟!

ومما تجدر إضافته أنه رغم بعض السلبيات فى الغرب فهو ليس مثاليا لكن هنالك جوانب من الإنسانية والقيم واحترام الإنسان وحقوقه ونخالف فقيهنا فى قوله (لن تجد ذرة من الإنسانية) ولايقارن ذلك أبدا بدول تدعى الإسلام وتسمى دولتها أسلامية كإيران التى تحكم بقبضة حديدية من استبداد ولى الفقيه وهى من أكثر الدول دكتاتورية وظلما وبعدا عن حقوق الإنسان وتقتل الأبرياء دون محاكمات بمجرد اعتراضهم على الظلم لحجة محاربة الالله ورسوله فجعلت ملايين الإيرانيين بين فقير متسكع لثلاثة أعمال لاتكفيه ومهاجر إلى الغرب هاربا من بطش النظام وظلمه باحثا عن الحرية ولقمة العيش وأكثر أمة تخرج من دين الإسلام فى العالم كله هى من الإيرانيين علما أن العنصرية المتعارفة فى إيران هى فى الواقع جريمة يحاسب عليها القانون الغربى، لذلك وغيره كثير لجأ الى الغرب الملايين من العرب والمسلمين وحتى الإسلاميين المتشددين حيث وجدوا الحرية وحتى الدينية ليؤسسوا مساجدهم ومؤسساتهم وحرياتهم فيما لاتمنحه دولهم الإسلامية ولكن هل تعلم المسلمون من إيجابيات الغرب والإسلاميون خصوصا احترام الآخر والإنسان حتى البسيط جدا منهم ولماذا هرب بعضهم مما سماه إيران الإسلامية فى ليلة ظلماء وبزى النساء ولجؤوا إلى دول (الكفر) رغم تحريمهم لها بعنوان (التعرب بعد الهجرة) ولازال يدافع عن إيران ويقبض منها وهو يتنعم بالغرب وميزاته ويقبض مساعداته الإجتماعية والصحية وغيرها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
great article
فاديا -

أحببتُ هذا المقال. أستغرب عدم وجود ردود مع أنه حساس ومفيد ونحتاج إلى كتابات من هذا النوع لنهضة الدول العربية وانفتاح العقول الإسلامية. شكراً للكاتب وأرجو أن يعدنا بالمزيد..

النجاسه من القلب
ميرا -

معنى الطهاره في المسيحيه هو طهارة القلب ونقاء النفس والضمير اولا , فطهارة الجسم امر بديهي ومفروغ منه لكن الطهاره الحقيقيه للانسان هي في فيما يخرج من الانسان وليس فيمايدخله او يأكله او يشربه , لان ما يخرج من الانسان هو اللذي ينجس الانسان وليس العكس .ويقول السيد المسيح :(‏لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ”).(‏وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ فَمِنَ الْقَلْب يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ،لأَنْ مِنَ الْقَلْب تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ: قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ هذه هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ.) فالمهم هو طهارة الافعال اللتي لا تتحقق الا بطهارة الافكار اولا. اكرر معنى ما قاله السيد المسيح ان النجاسه تصدر عن القلب ومن داخل الانسان ولا تأتي من خارجه .

تجديد الفقه
د. أنس باقر -

المقال علمى متقن رصين فى تجديد الفقه ناقش أدلة بشكل عقلى دقيق يناقش ظواهر نعيشها كالرؤية إلى الغرب من الخارج والرؤية الحقيقية من خلال الواقع وتأثير الفقهاء بين الجمود والإنفتاح مما يجعل الفقه غير مقدس فرجاله غير مقدسين وهم يخضعون للأهواء والنزوات والعرف الذى لاينقل الحقيقة فقد راجع أدلة النجاسة وأثبت بطلانها وأنا درست عشرين سنة الفقه فرأيته خبيرا بدقة وإحكام فهو بذكاء قد نقد الفقهاء ثم طرح مسألة جريئة لايقول بها إلا النادر وهو طهارة الإنسان جميعا إذ طرح أصلنا من آدم وكيف تحول النجس إلى طاهر عندما يدخل الدين الإسلامى فتساءل من أين جاءتنا النجاسة ثم طرح تناقضات الإسلاميين فى لجوئهم إلى الغرب وقد هربوا من إيران ولازالوا يدافعون عنها فى الإعلام

نهج متهافت
خوليو -

لوم التفسيرات وتبرئة النص نهج اعتمده بعض الاصلاحيين الذين فشلوا فشلاً ذريعاً في إصلاحهم، لم يسعفهم النص كثيراً وأجهز عليهم التطبيق العملي للنصوص في السنوات الأولى لللإسلام، فمن هو المشرك أو الكافر الذي سمح له بزيارة الكعبة في ذلك الوقت؟ هذه الآية كغيرها من الآيات التمييزية التي ترفع المسلم وتحط من قيمة الآخر ، وهذا أسلوب استخدمه صاحب الدعوة نفسه فمثلاً غير اسم أبو الحكم لأبي جهل وكان يغير اسماء من يعتنقون دينه من عبد اللات لعبد الله وهكذا، هذه الاية التي تصف المشرك بالنجاسة، هي مثل غيرها من الآيات التي تصف الآخر بالكافر (للحط من قيمته) أو المشرك ليظهره على أنه أبغض عند الله ، أو المعارض لدينه يصفه بالفاسق .... محاولة تجميل الذي لايمكن تجميله تظهر بسرعة ولايقبلها العقل السليم، وسؤال إن كان الشيخ محمد عبدوا قد اكتشف الدلائل التي تدل على عدم القصد بالنجاسة كما يفهمها الناس بعد 1300 سنة من قراءتها فما هي فائدة هذا الكتاب الغير مفهوم؟ وهل يحتاج شخص ما فقيهاً كان أم غير فقيه للذهاب لبلاد الحضارة ليعرف معنى آية مكتوبة في كتابه؟ افصلوا الدين عند الدولة وأريحوا أنفسكم و أريحوا غيركم.

لا يوجد إسلام هناك
مصرى وبس -

إنما المشركون نجس... هذه ليست فتوى ياأستاذ. أيضا أتسائل هل تجد أهل الغرب يجاهدون لنشر الإسلام أو يفتحون بلدان الكفر ويجبون الجزية حتى تقول أن هناك إسلام؟

النقاب هو الحل
مسلمة منقبة -

الاسلام الحقيقي تجده في الصومال والسودان وغزة وقندهار وشكرا.

أكبر مذبحة
وادي -

مخالف لشروط النشر

Nonsense!
Johny Mirro -

I read this article and I do not find anything of value. .

To: مسلمة منقبة
Mira Abdo -

You are absolutely right. Truly practiced Islam is in Somalia, Pakistan, Afghanistan. There you find hatred, illiteracy, diseases, poverty, child abuse, sexual abuse, women abuse.

من هو
مسلم سابقا -

المسلمين من مورتانيا الى أفغانستان يعيشون في صحراء أو شبه صحراء ومعدل أستهلاك الشخص للماء عندهم هو الأقل نسبة في العالم حيث تصل الى 1 : 50 مقارنة بالأوربيين والأمريكان ولذلك يحق أن نسأل من هم الأنظف ؟ أكيد مش أنتم . ...دينكم لكم ولهم دين .

value
zeki nasir -

It is true and valuable article of facts that radical cannot aree with. why millions of them leave their countries to have assylem in europe

Incorrect
Khalid -

Its only propaganda to show that this religion is full of love and affactionate but its totally the opposite.For that all muslims were leaving their countries and islam.

Mr.superviser
not fair -

where is my comment about the love style involved in churches?you publisher is so unfair you let christians excersize their hate towards muslim readers but you do not let muslims expose the real hate of some two faced christians,to khalid the known manakholian read about the unended scandles occurred in you churches and stop throwing stones at others house while your house is fragil and weak!!