فضاء الرأي

وداعا أيها الإله؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

"الفلسفة أعمق من الأدب، لأنها تدرك ان الأدب أعمق منها"

"حامد عبدالصمد" أديب مصري مقيم في ألمانيا، له رواية بعنوان "وداعا أيتها السماء" أحدثت ضجة كبيرة، حين سأله موقع (اليوم السابع) عن مغزي العنوان قال: " السماء هنا هى صورة الإله التى أرفضها: الإله (الغضوب) وهذا ما أرفضه لأن تلك الصورة أنتجت لنا آلهة صغيرة بالمواصفات نفسها بداية من الحاكم ومرورا بالشرطى والمدرس انتهاء بالأب والداعية والمفتي. أرى أن هذا التصور هو أحد أسباب تأخرنا، لأننا إذا لم نضع علامات استفهام حول هذا الإله، فلن نسأل أنفسنا ولن نتخلص من الآلهة الصغيرة التى لا تُسأل عما تفعل ".

اجابة عبدالصمد المبدعة تكشف عن طبيعة العلاقة بين الإيمان والثقافة، فهي في جوهرها علاقة (دائرية - تفاعلية)، أو قل أن الإيمان والثقافة (حلقة واحدة) يستحيل كسرها أو معرفة أين تبدأ الثقافة وأين ينتهي الإيمان؟. فما أؤمن به وأردده من " كلمات " أعيشه كتجارب، لأن لغتنا هي التي تحدّد مواقفنا وسلوكنا مع الآخرين، وأثبتت الدراسات العصبيّة-النفسيّة أن الثقافة، تستطيع أن تغيّر الخريطة السلكية للنواقل العصبية داخل الدماغ، وبمرور الزمن تنغرز تلك التغييرات لاحقا في الجينات الوراثية للإنسان، وربما لهذا السبب قال "رالف لينتون" شيخ الانثروبولوجيين : " ان ظهور جين وراثي جديد أسهل كثيرا من تبدل أو تغيير قيمة ثقافية موروثة ".

صورة الإله التي في أذهاننا هي التي تحسنا علي " محبة أعدائنا " أو تحرضنا علي " قتالهم "، وتحدد لنا من هو القريب أوالغريب، وتدفعنا علي الانفتاح والتواصل مع الآخرين أو الانغلاق والانفصال عنهم. فإذا كانت الأديان تسعي جاهدة لترفع الإنسان إلي مستوي الإله، علي اعتبار أن " المحب الصادق - حسب إبن عربي - من انتقل إلي صفة المحبوب، لا من أنزل المحبوب إلي صفته "، فإن البشرية اليوم تئن وتتألم "ربما " بسبب غياب صورة هذا الإله المحب الغفور الرحيم.

رواية عبدالصمد تلامس العصب العاري للنقاش المستعر حول " التعددية الثقافية المهددة في الغرب "، والتي أكدتها تصريحات " أنجيلا ميركل " الأخيرة : حول فشل منهج التعدّدية الثقافيّة في ألمانيا. أما في إيطاليا فقد كتب " أنجيلو بانيبيانكو " في مقاله بجريدة "كورييري ديللا سيرا" : " أن مسألة المهاجرين (المسلمين والعرب) باتت الآن مسألة سياسيّة من الحجم الكبير... إنها المسألة الجديدة التي سوف تنقسم حولها لأجل طويل الديمقراطيّات الأوروبيّة والتي ستضاف إلى الخلافات المألوفة حول المواضيع الاقتصاديّة ".

الفيلسوف الكندي " تشارلز تيلور " حاول أن يعيد الجدل الصاخب حول دمج الأقليات المسلمة في الغرب إلي مساره الطبيعي، بعد أن تفرع إلي مسارات خطرة تؤجج الكراهية والعنف، فضلا عن تدمير فكرة الديمقراطية نفسها. رأي في كتابه الجديد (نحو عصر علماني) : " إن الأديان توفر قاعدة قوية وعميقة للتضامن، وتهميش الأديان خطأ فادح، تماماً كما قد يشكل تهميش الفلسفات غير الدينية خطأً كبيرا. إن المجتمعات الديمقراطية، في تنوعها الهائل، تستمد القوة من محركات عديدة مختلفة تشترك جميعها في الالتزام بأخلاقيات مشتركة. ولا تملك هذه المجتمعات إيقاف أي من هذه المحركات ثم تأمل في الحفاظ على المجتمع السياسي.".
وفي مقاله المعنون " التضامن في عصر التعددية " في موقع (سيندكت بروجكت)، يقول : " إن شعور أي مجتمع بالتضامن لا يمكن أن يدوم إلا إذا عملت كافة قواه الروحية على إعادة صياغة شعورها بالإخلاص لقضية التضامن: أي إذا نظر إليه المسيحيون باعتباره مركزاً لمسيحيتهم، وإذا نظر إليه المسلمون بوصفه محوراً لإسلامهم، وإذا نظرت إليه مختلف الفلسفات العلمانية باعتباره مركزاً لها. "

لكن ما أغفله الفيلسوف " تيلور " وتنبه إليه الأديب " عبدالصمد " هو أن صورة " الإله " عند أتباع الأديان، خاصة التوحيدية أو الإبراهيمية، ليست واحدة بل هي علي النقيض في معظم ملامحها وتفاصيلها، رغم كل النوايا الطيبة والمخلصة لأنصار التقارب والحوار بين الأديان، وعند هذه النقطة بالتحديد سنواجه جملة من التحديات غير المسبوقة، تتطلب قدرا من الشجاعة والجرأة والشفافية في مطلع العقد الثاني من الألفية الثالثة.

Dressamabdalla@yahoo.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رد
د.سعد القطبي -

انا اعتقد ان عدد المذاهب ألأسلامية يتجاوز الملايين ولاابالغ ان قلت أن كل واحد منا يفهم ألأسلام بطريقته ومن المستحيل أت تجد أثنين يفهمان الدين ألأسلامي بكل تفاصيله بنفس الطريقةأي أن عدد المذاهب هو بعدد المسلمين والمشكلة لدى الغربيين ولدى كل الليبراليين أنهم يؤمنون بضرورة احترام كل المعتقدات وتركها تمارس طقوسها بكل حرية وهذا خطيء كبير في أعتقادي وهو الذي مكن بن لادن وغبره من تنفيذ جرائمهم وحتى ايلاف ترتكب خطيء كبير عندما تضع شرط عدم مهاجمة ألأديان كشرط لنشرها التعليقات بل يجب محاربة اي فكر ضال فالذي دفع ألأنتحاريين لقتل العراقيين هو فكر ظال بكل معنى الكلمة.

ساكن
من سكان العالم -

رفعت فرنسا الحرج عن كثير و قالت وداعا أيها الإله فى الغاء النقاب من الحياه العامه

يا أهلاً بالمعارك
معاوية -

ذكرتني الفقرة الأخيرة بالنكتة التي تقول بأن حلاقاً علق لوحة كتب عليها أحسن حلاق في هذا البلد ، وجاء حلاق آخر بعده فكتب أحسن حلاق في العالم وجاء الثالث فكتب أحسن حلاق في هذه الحارة. جاءت الديانة اليهودية لتقول أن اليهود هم شعب الله المختار، ومنحت المسيحية المسيحيين لقب أبناء الله ، وجاء الاسلام بالقول أنهم خير أمة أخرجت للناس، مع أن الديانات الثلاث خرجت من نفس الرحم .

خطأ كبير
سعيد -

الخلط بين الاله الرحمن الرحيم اللطيف وبين الممارسات الشخصية والعادات والتقاليد خطأ كبير فممارسات الغضب جاءت بسبب الاوضاع السياسية والاجتماعية والحربية والثقافية والاقتصادية وبعض العقائد والافكار الوثنية

على طريق الانقراض
عابر ايلاف -

تتجه اوروبا الى جذورها الوثنية المسيحية فهي بعد عصرالأنوار. تعود الى عهود الظلام ان أروبا المسيحية تعيد انتاج الفاشية ووالعنصرية و ترحل مشاكلها وترميها على المهاجرين ! الموعودين بافران الغاز !! ولكن هل سينقذ ذلك اوروبا المسيحية من. الانقراض ؟!

نصيحه وفائده
من الخليج -

يجب قراءة -رؤيا النبي حزقيال-: 1-ماذا شاهد2- تفسيره3- اعتقد انه من الله -لكن بسبب عدمفهمه ونقص المعرفه وهي قبل 2500سنه في العراق-والقيقه انه طبق طائر وبه كائنات فضائيه-اعتقد خاطيء ويحتمل ان الرسالات والاديان ماهي الا اتصال بالغرباء ومن هنا ظهرت اديانات-واعتقد ان البراق في المعراجمل هو الا طبق طائر مصغر ذو تقنيه خياليهصعدت النبي والا كيف حيوان يطير الى ابعاد واعماق بمليارات السنسن الضوئيه-اللبيب في الاشارة يفهم.

عبيد ومطايا
راعي غنم اردني -

تبقى عبادة الله .....موروث وهو ما يجعل الشعب مطايا للحاكم ورجال الدين

فاتتنا كل المحطات
محمد البدري -

يقال في المثل فاته القطار رغم انه هو الذي لم يلحق بالميعاد. لكن ان تفوت المحطة الراكب فهذا بالضبط ما جعلنا نحنفظ بكل الاله لنكون ضحايا ما نحمله منها في عقولنا. فاتتنا القطارات والمحطات ولم يبق لنا الا فضلات المعرفة. الفادح في الامر انه شئ واحد مرعب ومخيف، رغم تعدد اسمائه وصوره وكتبه ورسله، مارس علينا كل شرور البشر واعتمدها من اجل بقائنا خارج المعرفة فاصبحنا في مزبلة التاريخ. اليس الحل هو في مغادرة هذا القطار .

ضبط تعليقات الملاحدة
نادر اسطيف -

نأمل من محرر ايلاف ضبط تعليقات هذه النوعية الرديئة من الملاحدة المصريين كالتعليق رقم 8 ونقول له ان الهكم الالحادي العلماني اباد من البشر اكثر من مما فعلت الاديان السماوية مجتمعة في حربين عالميتين والتطهير العرقي لشعوب روسيا ولمخالفي اصنام الكرملن لماذا تلوث فضاء ايلاف اللبرالي بتعليقاتك ...

الى عابر إيلاف
الشيخ علي -

....ألهذا السبب يهاجر الملايين من المسلمين بلدانهم الإسلامية و يطلبون الأمان في الغرب المسيحي؟ و العاقل يفهم...

الكون يخلق نفسه
يوسف يوسف -

السبب الرئيسي الذي يجعل الانسان يعتقد بوجود الاله هو عدم اقتناعه حتى اليوم بأن الكون وكل ما فيه يخلق نفسه بنفسه فالانسان والحيوان والنبات وكل الموجودات تخلق نفسها بنفسها ولا تحتاج الى خالق ومتى ما اقتنع الانسان بذلك حينئذ سيقول الانسان (وداعا للاله). لغير المقتنعين حتى الآن اسألكم هل رأيتم انسانا او حيوانا اوثمرة تخلق امام اعينكم بصورة كاملة، الم تخلق نفسها بنفسها من عناصر اساسها ذرات الاوكسيجين والنيتروجين والهيدروجين والكربون؟؟؟؟.