نمر الورق الذي أعادته واشنطن للحياة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
" نمر من ورق " و " وسواس القهر "..
هكذا وصفت الصحف الإسرائيلية حالة الدولة منتصف نهار يوم السابع من اكتوبر عام 1973 بعد أن كُشف في أوائل شهر أكتوبر الماضي لأول مرة عن محضر الاجتماع الذي عقدته رئيسة الوزراء جولدا مائير لتقييم الأوضاع القتالية علي الجبهتين المصرية والسورية بحضور تسعة من كبار الشخصيات العسكرية والأمنية والسياسية بعد اندلاع حرب السادس من أكتوبر قبل ذلك بنحو أربع وعشرين ساعة..
لكي نتعرف علي أبعاد الصورة المأساوية التي كشف عنها محضر الاجتماع هذا والتي قيل أنها جعلت مائير تفكر في الانتحار كمداً، سنلقي الضوء علي وقائع ما جري علي مستوى مجلس الوزراء يوم 5 أكتوبر..
وصف وزير داخلية إسرائيل السابق يوسف بورج جلسات الحكومة التي انعقدت الواحدة بعد الأخرى بدءاً من الخامس من أكتوبر 73 بأنها " أرجوحة نفسية ".. ولأنها في رأيه تمخضت عن تفاؤل لا أساس له من ناحية وتطرف غير قابل للتنفيذ من ناحية أخري سماها كما يقول خبراء علم النفس " وسواس القهر "..
تقول صحيفة يديعوت ( 8 اكتوبر ) أن الوزراء اجتمعوا في أجواء شديدة الصعوبة ولكنها بعيدة عن مناخ الحرب.. قال لهم موشي ديان وزير الدفاع أن كل من مصر وسورية ستعلنان الحرب ضد إسرائيل غدا مع حلول الظلام أو بعده بقليل.. وعرض عليهم في ثقة كبيرة خطط الطرفين الحربية " لأن خطط العدو معروفة لنا منذ الآن "..
- ستنشب الحرب في الجبهة الجنوبية في الليل، وأكد لهم " الرئيس السادات يقصد من ورائها عبور القناة وتقديم خط صواريخه داخل سيناء "..
- أما سوريا فستعلنها بعد ذلك، لأن هدف الرئيس الأسد هو احتلال هضبة الجولان..
- قد تقصف بعض أسلحتهم مدن إسرائيلية أو تل أبيب " ولكننا مستعدين "..
علق بعض الوزراء بأن هذا الكلام لم يكن مطروحاً منذ بضعة أيام.. واقترح بعضهم المبادرة بالهجوم المضاد طالما " أننا نعرف موعد هجومهم ".. طمأنهم موشي ديان وأعلن أن طائرات سلاح الجوي ستجري استطلاعاتها " غدا قبل الظهر بالقرب من خط قناة السويس ".. عاد النقاش مرة ثانية حول " العمل علي تدمير المطارات والصواريخ المصرية والسورية بدلا من انتظار نيرانها ".. ردت عليهم جولدا مائير بأنها تؤيد ذلك ولكنها لن توافق عليه " لأنها تعهدت لأمريكا بان إسرائيل لن تطلق طلقة الحرب الأولي "..
وافق المجتمعون في نهاية الاجتماع علي " إذا أطلقت مصر الطلقة الأولي فستوجه النيران أيضاً إلي السوريين، أما إذا كان السوريون هم البادءون فسيكون الرد قاصراً عليهم "..
في اليوم التالي..
قبل الساعة الثانية بعدة دقائق، فكرت جولدا مائيرا في الدعوة لعقد اجتماع وزاري مصغر لمناقشة آخر التوقعات " قبل ساعتين من وقت الهجوم المرتقب ".. لكنها فوجئت بمن يطلعها أن الحرب بدأت فعلا !! وللتدليل علي هلعها قالت بالعبرية " نار داس بعلاط مير " هو ده اللي كان ناقص "..
مثل موشي ديان أمام لجنة الشئون الخارجية والأمن بالكنيست التي عقدت بعد ساعة من إعلان تعرض البلاد لخطر الحرب.. وقال لهم أن القيادة العسكرية لم تفاجئ بهذه الحرب واعترف أن توقيتها هو الذي لم يكن في الحسبان.. وفي محاولة منه لطمأنتهم قال " إنهم - أي العرب - ينفذون خطة حرب معروفة لنا ونعرف كيف نتعامل معها "..
ولخص لهم ذلك بالقول..
-أمل أن ينقل المصريين اكبر عدد من قواتهم إلي سيناء لأننا سنحولها إلي مقبرة لهم.. أنني آمل بل أريد أن ينتهي الأمر بمذبحة كبيرة لهم..
-وسيخسر السوريون المعركة لأن الجيش الإسرائيلي سينتقل سريعا إلي مرحلة الهجوم، وعندها سيدفع السوريون ثمناً باهظاً..
في صباح اليوم التالي السابع من أكتوبر، أعلن رئيس الأركان أمام جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في العاشرة صباحا " نحن في معضلة "..
قبل أن نتعرض لمحضر تقييم الأوضاع الذي عقدته جولدا مائير مساء نفس اليوم والذي اعد من ثلاث نسخ ختم بخاتم " سري للغاية " ولم يفرج عن محتوياته إلا منذ أيام.. نود أن نشير إلي واقعة علي درجة كبيرة من الأهمية، وبالرغم من ذلك تعامل معها رجال المخابرات الحربية الإسرائيلية بنوع من التراخي الذي كلفها كثيرا..
تقول صحيفة يديعوت أيضا أن وحدة تجميع المعلومات التابعة لجهاز أمان 848 حصلت علي معلومة بعث بها سفير العراق في موسكو لوزارة خارجيته في بغداد تقول " أن إجلاء الرعايا السوفيت من مصر وسوريا يؤكد عزمهما علي دخول الحرب ".. وبعد مداولات مطولة بسبب أجازة عيد الغفران، صدرت وثيقة تحذيرية تحمل العلامة الحمراء التي تعني ضرورة إبلاغ جميع الوحدات خلال ساعة واحدة بالتحذير.. لكن التنفيذ تأخر لست ساعات..
تقول الصحيفة أن رئيس الأركان ديفيد العيزر علم بهذه الوثيقة بعد اندلاع الحرب، وقال أمام لجنة " أجرينات " التي شكلت للتحقيق في نتائجها انه بقي في كتبه مساء الخامس من أكتوبر حتى الساعة التاسعة وبالرغم من ذلك لم يبلغه أحد بأمر الوثيقة..
عودة
إلي محضر الاجتماع الذي دعت إليه جولدا مائير مساء السادس من أكتوبر بمشاركة مجلس الحرب ورئيس الأركان وبعض كبار ضباط الجيش، لم ينشر بالكامل " لاعتبارات أمنية وأخري شخصية " كما تقول صحيفة يديعون بتاريخ 6 أكتوبر الماضي.. لكن ما نشر منه فيه الكفاية لأن ما جاء علي لسان بعض الذين شاركوا فيه يدل دلالة قاطعة علي أن " ثقة إسرائيل المطلقة في انه يمكنها التغلب علي خطط الحرب المصرية والسورية، اختفت وحل محلها مرارة واكتئاب ويأس وشعور لاذع بقرب الهزيمة "..
قال لهم ديان انه عاد لتوه من رحلتين تفقديتين إحداهما في الجنوب والأخرى في الشمال.. وانه وإن كان يعرف أن عدد المعدات العسكرية عند كل منهما يتفوق علي القدرات القتالية لإسرائيل إلا أن قدرتهم علي التقهقر علي الجبهة المصرية إلي خط المضايق " سيمكنهم من الصمود " ولو تمكن نظائرهم علي الجبهة السورية من المقاومة حتى " نتمكن من تطوير القتال " فسيكون ذلك في مصلحة الإبقاء علي هضبة الجولان تحت سيطرتهم..
اعترف بأن عدد الأسري والقتلى علي الجبهة المصرية كبير وقال انه أمر بإخلاء النقاط التي سيصعب الاستمرار في الدفاع عنها، لأن المصريين " يضربون دباباتنا باستخدام السلاح الشخصي ".. الطائرات في رأيه لا يمكنها الاقتراب من ميدان معركة الدبابات لأن الغطاء المدفعي كثيف للغاية.. لخص الموقف قائلا " دبابتنا تخوزقت في المكان "..
وعرض صعوبة استخدام سلاح الطيران " لأن مظلة الصواريخ يصعب اختراقها، وحتى إذا تم تدمير البعض منها فإنهم قادرون علي استعاضتها ليلاً..
وتعهد بـ " إعادة ميزان القوي لمصلحتنا " إذا ما قررت الأردن دخول الحرب عن طريق اقتحام الضفة الغربية.. ولذلك طلب الاتصال بالولايات المتحدة لتأمين الحصول علي 300 دبابة " باتون " والمزيد من الطائرات المقاتلة التي تحتفظ بها في قواعدها الأوربية..
اللافت للنظر انه نبه إلي حاجة إسرائيل لتعويض ما فقدته من رجال المدرعات الذين قتل بضع مئات منهم داخل معداتهم !!..
وأقر ديان أن فرصة القيام بهجوم مضاد في هذه اللحظة " غير ممكن " لأن المطلوب في الوقت الراهن هو " الحفاظ علي البلاد ".. لذلك اقترح الوزير إيجئال ألون أن تقوم طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بقصف العمق داخل أراضي كل من مصر وسورية " محطة كهرباء بالقاهرة أو مناطق هامة علي النيل مثلا أو بالقرب من دمشق ".. ولكن ديان لم يحبذ الفكرة لأن ما لديه من قوات يجب أن يحتفظ به للدفاع عن البلاد..
أبدت جولدا مائير مخاوفها من أن يضغط عليها العالم لكي تنسحب إلي حيث لا تطولها المدافع والصواريخ العربية بعد أن فشلت في استخدام السلاح الذي قدموه لها.. لما سألت ماذا سيقولون علينا؟؟ رد عليها ديان " سيقولون لنا انتم نمر من روق "..
اتفق المجلس علي ضرورة إطلاع هنري كيسنجر وزير خارجية علي الموقف بالكامل وبالتفصيل دون أن يفهم من ذلك أن إسرائيل تطلق صرخة SOS طلباً للاستغاثة قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.. وطالبوا إبلاغه بأن يعمل علي تأخير اجتماع جلسة مجلس الأمن التي ستنظر في وقف إطلاق النار في حال نجحت القوات الإسرائيلية في تثبيت خطي تقهقرها علي كلا الجهتين..
بعد ذلك بنحو سبع سنوات قال موشي ديان ( عام 1981 ) في مؤتمر صحفي عقده في لندن بعد زيارة رسمية قام بها إلي بعض الوزارات السياسية وشركات صنع الأسلحة أن جولدا مائير فكرت في الانتحار في المرحلة الأولي من معارك حرب 6 أكتوبر.. وهي نفسها قالت أنها كانت قريبة جدا من هذه الفكرة لأنها علي حد قولها لم تتمكن في تلك الأيام من تحرير نفسها من الشعور بالذنب "..
لقد كان الإخفاق فظيعاً لدرجة أنها اعتبرت حياتها كمحارب قديم " انتهت " لأن لحظة الانكسار جعلتها غير قادرة علي تحمل النتائج.
bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا drhassanelmassry@yahoo.co.uk
التعليقات
ابطال العرب
سعيد -رحم الله الثلاثة الابطال الذين تسببوا بهزيمة اسرائيل وخدعوها من حيث لا تحتسب الملك فيصل بالدعم المالي والسياسي والملك حسين بخدعة توقيت العملية وبطل العرب انور السادات وقائد الجيش المصري الذي اعاد الكرامة لامتنا
وماذا كانت النتيجة؟
عراقي متشرد -نتيجة تلك الحرب هو أن إسرائيل فرضت جميع شروطها على مصر مقابل سيادة ناقصة على سيناء،وتخلى حكام مصر عن القضية الفلسطينية التي تاجروا بها عقوداً٠كانت شجاعتهم على العرب والتآمر من أجل وصول الطغاة الى الحكم كما حصل في العراق وسوريا وليبيا وغيرها٠نتيجة تلك الحرب كانت هزيمة سياسية لمصر لم تتوقعها إسرائيل،فمبروك لها وتباً للطغاة العرب مضطهدي شعوبهم٠
أين هم ؟؟
Adam* -أين هم جماعة حزبولا من هذه الاعترافات و بان الحزب هو الوحيد من اتاه النصر اللاهي و اين هم جماعة الاكراد الشامتين بأن العرب لم يفعلوا شيئا...ما لم يوضح هنا انه لولا التهديد بضرب العواصم العربية بالقنابل النووية, لما توقف ابطالنا و اسرائيل كانت ستعلن الاستسلام لولا ثثدخل الاميركان و هددوا العرب بالسلاح الاعظم... تحية لابطالنا و لشهدائنا الابرار.
only sadat
hassan -only sadat is the best
israel ورق
omar -israel ورق
نعم الورق
كمال -الى المعلق رقم 3 ان لم تستحي اكتب ما شئت ربما انت لم ترى النور سنة 1973 لو كنت بالغا حينذاك لما كبت هذا التعليق , وما دخل الكورد بالموضوع حقدك وعنصريتك اعماك ماهو الدور السلبي للكورد في هذه القضية هل بامكانك شرحها وارجو الاستفسار من ذوي الشأن بشرح عبارة (كيلو 101) ان لم تفهم او يصعب عليك ذلك ساقوم بشرحها لك تطوعا.وقفت القتال بين الجيش المصري ونمر الورق عند نقطة 101 كيلومتر الى القاهرة و90 كيلو مترا الى دمشق هل الكورد لهم اية عرقة بذلك من قريب او بعيد بذك اخجل قليلا ولاسامحك الله وكفى العدوان.شكرا لايلاف بنشر التعليق لاعتداء المعلق رقم 3 من دون اية وجه حق على الكورد.
الى رقم 5
Adam* -كان من الاجدى بك ان ترد على الاكراد المتعصبين حين يصبون جم حقدهم على العرب بتعليقاتهم المليئة بالشماته...نقطة الكيلو 101 كانت سيناريو اميركي رد اعتبار للاسرائيليين بعد هزيمتهم الشنيعة و سقوط خط بارليف اياه... الاكراد طبعا لم كانوا ينتظرون الفرصة السانحة للانقضاض على العرب كما فعلوا باهل العراق و ادخلوا الاسرئيليين الى شماله. هل تنكر ؟.