هل يشبه الفيل الثعبان أم الحائط!؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
توطئة
لستُ مختصا في التاريخ، و علوم القرآن أو الحديث " وان كنت قد درستها أكاديميا في الجامعة"،ولكن مايؤلمني هو ماأراه من تكفير وإهدار دم وقتل لأخوة في الوطن الواحد وفي الإنسانية،تعايشوا مئات السنين واكثر، بدون هذا،مالذي حدث؟! لنجد كل هذا الكره؟!!
تقول حكاية التراث الهندي blind men and an elephant،Wikipedia " كان هنالك ستة عميان، سمعوا كثيرا عن الفيل ولفقدانهم البصر لم يكن لهم ان يتخيلوا شكله،وذات يوم سمعوا ان فيلا يمر بقربهم فطلبوا من صاحبه ان يوقفه ليتحسسوه ومن ثم ليتمكنوا من تخيل حجمه وشكله،وضع الأعمى الأول يده على جسد الفيل وصاح: انه يشبه الحائط،وصاح الثاني مخالفا بعد ان تحسس ناب الفيل: بل انه يشبه الرمح فهو أملس وحاد،اعترض الثالث بعد ان تحسس خرطوم الفيل: بل انه يشبه الثعبان،وامسك الرابع قدم الفيل وخالف الثلاثة: بأنه يشبه جذع الشجرة، هكذا الخامس والسادس كل منهما ممسكا بأذن وذيل الفيل".
كل منهم اقتنع بما تحسسته يداه وخطّأ الآخرين بما تحسسوه.
لكن من المؤلم والمخزي ان عميان البصيرة في العصر الحديث لم يكتفوا بالمخالفة وحسب حين لايتفق تصورهم مع تصور الآخر بل صاروا يكذبونه ويكفرونه ويهدرون دمه..!!
على الأخص في العشرين سنة الأخيرة التي شهدت تغييبا للعقل لم تشهده سابقاتها، ساعدها في هذا استخدام الدين والطائفة الدينية كورقة جذب سياسية،صارت تؤتي ثمارا سياسية ناجحة " وقتيا "..!!
ومن الغباء ان نلقي باللوم بعمى البصيرة على هؤلاء وحدهم ونستثني سلطة السياسة التي استخدمتهم كثيرا كلما حلت بها أزمة تهدد " كرسيها "،بالإضافة إلى انزواء التنويريين إلى موقف الدفاع عن النفس،بدل الدفاع عن الحقيقة.
وهذا الأمر " أي خطر الآخر " لايقتصر على الشرق " المتخلف " بل استخدمه ومازال يستخدمه الغرب " المتقدم " ممثلا بأحزاب اليمين العنصري واستخدامها ورقة خطر الإسلام ومن ثم المسلمين،وقد أتى هذا الاستخدام أوكله في صناديق الاقتراع في أوربا وبلدان الغرب الأخرى، وان كان ضرره الاجتماعي كما بدا لهم قليل نسبيا في شق المجتمع " في منظور "أخطل "كونه موجه ضد آخرين اغلبهم قادمين جدد ومن قوميات وديانة مختلفة"،لكنه أي الاستخدام الديني في مجتمعاتنا الشرقية سيؤدي إلى مآسي على كل الأصعدة،فالتكفير وتخطئة الآخر لم يقتصران على أبناء ديانة أخرى شركاء في الوطن،بل تعداه ليصير بين أتباع الديانة الواحدة من طوائف مختلفة أو ذات الطائفة.
في عام 1914-1915 في أوج الحرب العالمية الأولى وحين تعرض الأرمن " المسيحيين " إلى مذابح مروعة، انت إحدى ملاجئهم هي أماكن إسلامية بأغلبيتها الكبيرة فاتحة اذرعها لهم،وهكذا رأيناهم كيف استوطنوا بلدان الشام والعراق، وصولا إلى البصرة،بنوا كنائسهم وصاروا جزءا من هذه المجتمعات لهم خصوصيتهم التي تم احترامها،وكانوا شركاء فعالين وأوفياء في نقل خبراتهم ومهاراتهم المعرفية في تنمية هذه البلدان،سوية مع إخوتهم المسلمين وغير المسلمين شركاء في أوطانهم أينما حلوا.
ولكن في منتصف الاربيعينات وأوائل الخمسينات ظهر فكر يدعي انه يمتلك الحل لكل الأزمات والمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية رافعا شعارا عاما وخطرا جدا " الدين الفلاني هو الحل "..!!
يريد من الجميع ان يتبنوا وجهة نظره في الحل، التي هي حقيقة مطلقة سيغدو من يجادله بها بعد أربعين عاما كافرا مرتدا يهدر دمه..!.
فسّر "كتاب الله" كما يشاء،واخذ من التاريخ مايشاء،وعمد مدعوما بمال سياسي إلى طمس أي شاهد تأريخي يدحض حجته أو يهددها ولذا نراه بين فينة وأخرى يحرّم الكتاب الفلاني والكاتب العلاني " تحريم ومصادرة "الف ليلة وليلة بعد مئة عام من صدورها،ومصادرة وتكفير " نجيب محفوظ وروايته " أولاد حارتنا " بعد أربعين عام من صدورها بأكثر من طبعة ".
لايريدنا ان نعرف شيئا عن (ابن سينا،وابن خلدون وابن رشد،أو الكندي شيئا )،بل حتى من "كتب السيرة وتاريخها" اختار مايعزز نظرته المطلقة،وحاول طمس الباقي،أرادنا ان نكن متلقين للحقيقة التي مصدرها هو وحسب.
يريدنا ان " نبصم بالعشرة " حين يقول ان الفيل يشبه الثعبان أو الجدار..!
ولكننا اليوم ومن حسن حظنا،وان لم نر فيلا بحياتنا، ستطيع ان نختار فضائية بعينها، قدم لك فلما وثائقيا ومعلومات عن أنواع الأفيال المنقرضة والتي مازالت تعيش بيننا،بل ومن حسن حظنا وسوء حظهم، صار باستطاعتنا ان نكتب بالتوكل على الله وبهمة"كوكل" على شبكة النت كلمة " فيل " بأي لغة نشاء لنحصل على مانريد.
لايريدنا ان نعرف الحكاية التالية ويحاول ان يمحوها من كتب التاريخ على ماكان من رأفة ومحبة بين رموز المسيحية وماتمثله للنبي محمد رسول الله ونبي المسلمين،بل والتزام حتى الخلفاء الراشدين من بعده بهذا،ولم يمح هذا الأثر من أقدس مكان للمسلمين " بيت الله الحرام " إلا حين استعر صراع السياسة واختلط بالدين واحرق " الكعبة " في عهد ابن الزبير، حكاية سأثبت مصادرها في الهامش،وطريقة ابن جريج وإلحاحه وصبره لمعرفة الحقيقة:"
" قال وكان تمثال عيسى ابن مريم " عليهما السلام " في العمود الذي يلي الباب. قال ابن جريج: فقلت لعطاء: متى هلك؟قال: في الحريق في عصر ابن الزبير.قال: أعلى عهد النبي "ص "كان؟قال لاادري واني لأظنه قد كان على عهد النبي "ص ".قال له سليمان: افرأيت تماثيل صورة كانت في البيت قبل طمسها؟ قال لاادري غير اني أدركت من تلك الصور اثنتين واراهما والطمس عليهما.قال ابن جريج: ثم عاودت عطاء بعد حين فخط لي ست صواري ثم قال: تمثال عيسى وأمة في الوسط".
عن مسامع بن شيبة بن عثمان ان النبي "ص " قال:" ياشيبة امح كل صورة فيه إلا ماتحت يدي" فقال: فرفع يده عن عيسى وأمه.
قال ابن شهاب: قالت أسماء بنت شقران " امرأة من غسان " حجت في حجاج العرب فلما رأت صورة مريم في الكعبة قالت: إنك لعربية فأمر رسول الله " ص " ان يمحو كل تلك الصور إلا ماكان من صورة عيسى ومريم" عليهما السلام ".
الهوامش
- أخبار مكة وما جاء بها من الآثار" للازرقي." الإمام أبو الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي (ت 250هـ)".
- السيرة النبوية " للذهبي- تحقيق حسام الدين القدسي.
- المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام.جواد علي
- ابن جريج(80 هـ - 150 هـ) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، الإمام، العلامة، الحافظ شيخ الحرم، أبو خالد، وأبو الوليد القرشي الأموي، المكي، صاحب التصانيف، وأول من دون العلم بمكة.
وقال أبو حاتم الرازي (العلل 870): من خالف ابن جريج في عطاء فقد وقع في شغل.
- أبو محمد عطاء بن أبي رباح أسلم بن صفوان (27 هـ-114 هـ) مولى آل أبي خيثم الفهري القرشي من أصول نوبية، فقيه عالم محدث، من أجلاّء الفقهاء والتابعين في القرن الأول والثاني الهجريين. ولد عطاء بن أبي رباح في جند باليمن ونشأ بمكة، وتعلم من علمائها. أخذ عن عائشة وأبي هريرة وأم سلمة وأم هانئ وابن عباس وعبد الله بن عمرو وابن عمر وجابر وابن الزبير ومعاوية وأبي سعيد وعدة من الصحابة ومن التابعين، حدث عن عبيد بن عمير ومجاهد وعروة وابن الحنفية وغيرهم كثير. وأخذ عنه الأوزاعي وابن جريج وأبو حنيفة والليث. وحدث عنه مجاهد بن جبر، وأبو إسحاق السبيعي، وعمرو بن دينار، وقتادة، وعمرو بن شعيب، والأعمش، وأيوب السختياني، ويحيى بن أبي كثير، وكثير غيرهم.توفي في مكة.
التعليقات
أرض الطائفية
Amir Baky -مقال عميق ولكن عنوانه ظلمه. الطائفية الوباء القادم فى عالمنا والكاتب وضع يده على الأرضية التى تنبت لنا هذا النبت الشيطانى
nero
nero -الحياه كانت مثل الفيل بربط الانسان عقله الكمبيوتر الطبيعى بها و بـ الحواس يتنصت عليها تدخل عقله و تخرج منه المعلومات بعد جمع و ضرب يطرح العقل ان الفيل حائط ثم بعد ذلك يضع الحائط على الكمبيوتر الطبيعى الذى يجمع و يضرب و يطرح ... هكذا يتقدم الانسان - فيلا يمر بقربهم فطلبوا من صاحبه ان يوقفه ليتحسسوه ومن ثم ليتمكنوا من تخيل حجمه وشكله،وضع الأعمى الأول يده على جسد الفيل وصاح: انه يشبه الحائط،وصاح الثاني مخالفا بعد ان تحسس ناب الفيل: بل انه يشبه الرمح فهو أملس وحاد،اعترض الثالث بعد ان تحسس خرطوم الفيل: بل انه يشبه الثعبان،وامسك الرابع قدم الفيل وخالف الثلاثة: بأنه يشبه جذع الشجرة، هكذا الخامس والسادس كل منهما ممسكا بأذن وذيل الفيل;.