فزاعة ليبرمان لزعزعة الداخل وتهديد الخارج
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أفيجدور ليبرمان غير متجانس ولا متوافق مع الحكومة اليمينية التى إنضم إليها، لأنها لا تمثل قناعاته وتوجهات حزبه ( إسرائيل بيتنا ) والتى بسببها قبل الإنضام إليها !!.. وزير خارجية إسرائيل لا يُخفي توجساته كما لا يُنكر مخاوفه..
هو يتوجس من النيات " الخفية " لرئيس الوزراء الذي يتهمه بأنه إنحرف عن مبادئ اليمين التى انتخبته الغالبية من أجلها علي حد قوله.. ويعلن علي الملأ خشيته من أن يستجيب نتنياهو لضغوط واشنطن ويفتح باب المفاوضات مع الجانب الفلسطيني ويقدم لهم بعض التنازلات، أو أن يبدأ سلسلة من المباحثات المباشرة أو غير المباشرة مع سوريا تقود إلي اتفاق سلام غير " مستوف للاشتراطات المتفق عليها " بين الطرفين !! أو أن يواصل اللهاث لإرضاء تركيا " الإسلامية المتشددة " برغم ما توجهه من إهانات لإسرائيل..
الرجل غير راضي عن العديد من الخطوات التى إتخذتها الحكومة علي إمتداد العام الذي انقضي من عمرها.. لا تعجبه إدارتها لمجمل علاقاتها وسياستها مع الولايات المتحدة والدول الاوربية، فهي في نظره خاطئة.. وهو رافض تماماً لأسلوب فتح قنوات إتصال مع الطرفين ( الأوربي / الأمريكي ) بعيداً عنه وتمر مباشرة بمكتب رئيس الوزراء، لأنها خاطئة في ضوء ما افرزته من نتائج.. ويسخر من أسلوب الاستعانة بغيره من الوزراء لأداء مهام دبلوماسية تقع في ضمن حدود منصبه، لأنه يعتبره تعدي اخرق علي واحد من أهم مسئولياته..
ليبرمان غاضب علي الحكومة لأنها:
-تسعي وفق مذكرة مقترحات واشنطن لإستئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطينى، لإيجاد نقطة توازن بين الجانبين لتسهيل مهمة إدارة الرئيس أوباما في هذا الخصوص..
-تتقرب من النظام الحاكم في دمشق بشتي الوسائل، بينما وليد المعلم وزير خارجيته يهدد باطلاق صواريخ قواته المسلحة فوق رؤوس سكان إسرائيل المدنيين..
-تحاول ارضاء انقرة بشتي السبل بينما التجاهل - في رأيه - هو الحل..
-تقف مشلولة اليدين بينما تتصاعد أبخرة اللاسامية ضد شعب اسرائيل علي مستوى الجامعات الأوربية والأمريكية، لأنها تخضع للقول ولا تبادل بالفعل..
وزير خارجية إسرائيل ينشر المزيد من ملامح صورتها القبيحة في العالم، عندما يقول امام لجنة الشئون الخارجية بالكنيست ( 16 فبراير ) أن " كل من يفكر بأن لمشكلة الصراع مع الفلسطينيين حل علي الأرض، واهم ".. وينطلق من بؤرة أفكاره العنصرية ليؤكد أن الإتصالات بين الجانبين طوال الـ 16 عام التى مضت منذ توقيع إتفاق أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين لم تتوج بإتفاق سلام بينهما "، لأنهم - الفلسيطنيون - يريدون كل شئ بلا مقابل..
هكذا ببساطة تستخف بالعقول، يريد ليبرمان أن يقنع العالم أن مواصلة احتلال قوات بلده للأرض الفلسطينية سببه رفض أبناءها لما يطرح عليهم من " هدايا " علي حد قوله..
فليس من المعقول في رأيه أن تقدم دولة الإحتلال للفلسطينيين المقترحات تلو المقترحات وتبدي الاستعداد المرة بعد المرة للتفاوض معهم حول مستقبل العلاقة بين الطرفين وهم يصرون علي فرض شروطهم المسبقة عليها.. ليس هناك منطق من وجهة نظره أن يوقف البناء في المستعمرات المقامة فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة لأنها اراضي محررة !! ومن هنا يعيب علي نتنياهو قراره بوقف البناء " علي الورق " ولنفس السبب هاجم في كلامه امام مجلس بلده التشريعي قرارات وزير الدفاع التى عطلت مواصلة البناء في عدد من مستعمرات الضفة الغربية..
ليبرمان أبدي قلقاً شديداً بسبب سعي البعض لنزع الشرعية من إسرائيل عن طريق كشف جرائهما المدنية والعسكرية ضدد الشعب الفلسيطينى خصوصاً في ضوء تقرير منظمة حقوق الإنسان الدولية.. وبسبب إظهار بعض مواطنيها لجانب من الحقائق " التى لا يصح عرضها علي الآخرين بلا روية و تفكير أو محاسبة للنفس ".. وهو يتهم أعداء إسرائيل بأنهم يعملون علي تسميم أفكار اجيالهم الجديدة بنشر الدعايات اللآ سامية بينهم علي مستوى المعاهد التعليمية ووسائل الاعلام ودور العبادة..
لهذه الأسباب ولغيرها، يُعلن وزير خارجية إسرائيل بملئ فيه أنه سيمهل حكومة نتنياهو فرصة بضعة اشهر أخري، فإذا أصرت علي السير في طريق التنازلات ( الفلسطينية والسورية ) وتمسكت بتخطي مسئوليات منصبه، وإنصاعت للضغوط الأمريكية والأوربية " فسيستقيل منها في اكتوبر القادم " !!..
هذه الدعاوي تضعها وسائل الإعلام الإسرائيلي ذات التوجه اليميني المتشدد في الحسبان وتري أن زعيم إسرائيل بيتنا مُحقق في كل ما يطرحه من مخاوف وتوجسات، وتؤيد مساعيه الحثيثة لفرض مزيد من الرؤية العنصرية علي علاقاتها الخارجية خصوصاً علي المستوى الإقليمي.. وتعارض تخطيطات نتنياهو الذى يستعد هو أيضاً للحفاظ علي الائتلاف الذي يقيم أود حكومته فيما لو قدم وزير خارجيته إستقالته، عن طريق إقناع شاؤول موفاز بضم 15 عضو من أعضاء حزب كاديما داخل الكنيست لجبهته بحيث يصبح له أغلبية من 28 صوت، حتى يتسني له الإنضمام إلي الإئتلاف الحكومي بلا عوائق حزبية.. وبذلك يُعَوض تخلي ليبرمان وحزبه عنه ويواصل ترأسه للحكومة حتى نهاية مدة ولايته الدستورية..
لا يهمنا كثيراً أن ليبرمان لم يُعمر في أي منصب وزاري تولاه منذ عام 1996 أكثر من عام ونصف.. ولا يهمنا كثيراً أن هذه هي تجربته الثانية مع نتنياهو الذي استوزره لأول مرة كمدير لديوانه الرئاسي واستقال قبل مرور عام علي شغله للمنصب، واستقال ايضا من منصبه بوزارة ارييل شارون الأولي والثانية..
لكن ما نود الاشارة إليه أن أسباب الإستقالة في المرات السابقة، كانت هي ما يردده بنصه هذه الأيام " الإنحراف عن التعهدات الإنتخابية التى تولت الحكومة المسئولين في ضوءها.. الإستجابة للضغوط الأمريكية.. تقديم التنازلات للعرب.. التفريط في الأرض التوراتية.. عدم وجود مفاوض فلسطينى لديه الشجاعة لتوقيع إتفاق سلام مع إسرائيل.. التردد في إسكات الجيران عسكرياً "..
ولكن يهمنا أن رئيس الوزراء الحالي عندما تفاوض معه علي الإنضمام لإئتلاف حكومته كان يعرف عنه هذه الخصال، لذلك أتي به كما قالت وسائل الإعلام الأوربية منذ عام " لكي يكون فزاعة لكل من تسول له نفسه أن يهاجمه أو يعترض علي سياساته تجاه الفلسطينيين أولاً والعرب ثانياً والعالم لكه في المرتبة الثالثة "، وها هو يتحول إلي فزاعة داخلية تهدد بتقويض حكومته..
لذلك تتوقع التحليلات الأوربية أن تشهد إسرائيل إنتخابات عامة مبكرة للمرة الثانية خلال ثلاث سنوات:
1 - إذا لم يتمكن نتنياهو من الإبقاء علي " فزاعته " ضمن التحالف الحزبي وذلك بالانصياع لكل ما يُطالب به ليبرمان من سياسات يمينية أكثر تشدداً..
2 - إن لم ينجح في إستبدال حزب إسرائيل بيتنا، بشكل آخر من الإنقسامات الحزبية " الأميبية " التى يحرض شاؤول موفاز علي القيام بها..
وبذلك ستتعطل لفترة قادمة الكثير من المساعي الدولية التي أخذ أصحابها علي عاتقهم مشروعية العمل علي تنشيطها وتفعيلها.. وسينعكس ذلك في رأيهم ليس فقط علي مطالب الاستقرار والسلام في الشرق الاوسط، لكن أيضا علي نسيج إسرائيل الداخلي وبالتالي علي قدرة وإمكانيات حكوماتها القادمة علي مواجهة متطلبات مواصلة العيش بلا منغصات أو فزاعات داخلية شديدة التطرف..
bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا drhassanelmassry@yahoo.co.uk