أصداء

لمن يحلو له التسبيح بحمد بلاد الغرب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ابني في الخامسة من عمره، وكان خلال العام الماضي، يذهب إلى روضة في منطقتنا جنوب ستوكهولم. والروضة لم يكن لديهم، بقناعتي، خبرات كافية تناسب صعوبات ابني.
بكل وضوح، لم أكن راضية. "راضية" هي الكلمة التي تستخدم في ستوكهولم عند سؤال الأم عن روضة الولد.


التقيت المشرفات اللواتي يعملن في الروضة، عدة مرات، وناقشتهن طويلاً من أجل الاهتمام أكثر ببرنامج الولد، والتركيز على صعوباته، دون فائدة. كنت أتحدث السويدية كما يتحدث خواجة العربية في بلادنا، الحاء تخرج هاءاً والقاف كافاً، ويمكن للمرء أن يتخيل كم تبدو مضحكة تلك العربية المكسرة، وعلى الأغلب يُسفَّه رأي صاحبها، لأن لكنته وتأتأته تلهي عن رأيه، أو أن الرأي لا يُفهم تماماً. كانت المشرفات يصغين إلي كما يفعلن حين يصغين إلى ابني، كلامي لم يكن يُرفع من أرضه، أجنبية مازالت تتعثر باللغة، وتضجرنا. وأحالوني إلى مديرة الروضة، والتقيتها، كانت أقل استهتاراً بقولي من موظفاتها، التقيتها عدة مرات وناقشتها، وكانت تصغي باهتمام وتظهر نيتها بالاهتمام أكثر ببرنامج الولد، لكن لم يتغير شيء. كنت أطلب مشرفاً بخبرات كافية يتدبر صعوبات ابني، أسوة بغيره من بعض الأولاد السويديين، وليس كلهم، والذين يحظون بمشرفين ذوي خبرات كبيرة ولسنين طويلة.


لم أنل مطلبي، رغم إلحاحي. كنت حذرة بلغة خطابي، ليس لأن لغتي السويدية ليست كافية وحسب، وإنما لأن ابني بين أيديهم، وكنت قلقة إن صعّدت لغة الخطاب أن ينعكس سلباً على وضع الولد، وحاجتي للروضة شديدة. ولكن وبعد عدة محاولات، نفذ صبري وصعّدت لغة خطابي، فاستُفزت هي وموظفاتها وقلن لي بشكل مباشر، إنه لا يجوز أن أتدخل في عملهم، وإنه علي أن أترك ابني وأمضي واثقة. واثقة؟ كيف تُطلب الثقة؟ أعرف أن الثقة تُمنح! وأحالوني إلى المسؤولة في البلدية، والتقتني وأصغت إلي، وكأنها كانت على خبرة أمضى بالحياة، وبالتالي لم تتوقف عند تعثراتي اللغوية. أبدت اهتماماً كبيراً، وطرحت عدة حلول، ووافقت معها على أن نجرب تطبيق تلك الحلول التي اقترحتها، قالت، تخضع المشرفات لدورة تأهيلية ويجري كونترول أسبوعي على أن الارشادات التي تعلمنها، تطبق بشكل حقيقي.


لايتسع المقال هنا لذكر تفاصيل الأمر الذي استغرق أكثر من عام، طاقة وجهداً ووقتاً. وافقتُ معها بإيجابية وأخذت أراقب الوضع بهدوء، بضع شهور، ولكن الأمر لم يكن تماماً كما وعدوا، كان التطبيق شكلياً، تماماً كما يحدث في بقاع كثيرة من العالم. لم أستطع السكوت وكانت لغتي السويدية قد بدأت تصعد من أسفل الرقبة إلى الرأس، و صارت تكفي لتصل الأفكار تقريباً. اتصلت بها مجدداً وشرحت لها كيف أن التطبيق لم يكن تماماً كما وعدوا، حاولت أن تجيب بطرق مختلفة وتبرر أن الأمر لا يمكن أن يطبق تماماً، وأن صعوبات الأولاد متنوعة وبأن..، وكنت أقتنع أحياناً بما كانت تحاول شرحه بتأن وصبر، ولكن لاتكف عيني أن تنظر إلى ذاك الولد الذي يدعى فيكتور، وينال أفضل الخبرات، فما ألبث أن أُستثار من جديد وأعيد الاتصال بها، حتى استُفزت هي الأخرى وأحالتني إلى المسؤولة الأعلى، وهي أعلى مسؤولة في البلدية، مسؤولة عن كل روضات المنطقة الجنوبية. كانت امرأة في أواخر الخمسين، يبدو من تجاعيد وجهها أنها مخضرمة في السياسة والعمل الطويل. مدت لي يدها وقالت، مرحبا. ونظرت إلي نظرة طويلة أو لنقل نظرة ضيق، كان لديها فكرة مسبقة بأنني أمّ لاتكف عن النق، لكني لم أكترث كثيراً، أو أني كنت منغمسة كلياً بفكرتي، كنت مؤمنة كوسواس، بأني على حق ولدي القرائن الكافية، وفردتّ كل مالدي على الطاولة دفعة واحدة. استُفزت من أقوالي شديدة المباشرة وربما اعتبرتها وقاحة، وأمرت مرة واحدة، وبقول واحد، بأن يستمر الوضع على ماهو عليه، يذهب ابني إلى تلك الروضة بنفس الحجم من المساعدات وتحت أيد ليست خبيرة كما كان تماماً خلال العام. ثابرتُ وأعدتُ عليهم قولي مرة ثانية، نظرت إلي طويلاً، ثم أشارت إشارة واحدة للموظفة التي ستصيغ القرار، بأن الوضع يستمر على ماهو عليه، كلام نهائي. وقامت لتترك الاجتماع، وقبل أن تنسحب قلت لهم، لن أرسل ابني إلى الروضة إن لم ينل كغيره من بعض الأولاد، وكنت أشير إلى فيكتور. قالت: وماذا تفعلين؟ أجبتها: سأحتفظ به في البيت.


وأبقيت ابني في البيت شهرين كاملين، تعب شديد ووضع أشبه بالسجن إن لم يكن أكثر قسوة.
لم أقم بالاتصال بأي جهة صحفية أو تفتيشية، كنت أنتظر الحل من صاحبة الأمر نفسها.
خلال هذين الشهرين، أرسلوا طلباً من البلدية، يريدون أن أقابلهم. أجبتهم عبر الإيميل: للأسف ليس لدي من يجلس مع الولد، ولايمكنني أن أحضره معي إلى الاجتماع و أمكث وقتاً طويلاً، أو نتحدث بهدوء بوجوده. أجابتني المسؤولة بلطف: يمكن أن ترسليه في هذا الوقت إلى روضته الحالية مع مشرفه الحالي. رفضتُ أن أكسر الاعتصام، وقلت يمكن لنا أن نتواصل على الهاتف أو الايميل.


وحصلتُ على كل ما كنت أتمناه لابني، والآن أرسله إلى مدرسته بارتياح.
لمن يحلو له التسبيح بحمد أوروبا، أقول، لم أقل شكراً للأشخاص الذين سمحوا في الآخر بمرور المساعدة المناسبة لابني، وإنما شكرت القانون الذي لو لم أُجِد استخدامه، أظن، ما نُفّذ بشكل عادل. وعلى قناعة تامة بأنني باشتغالي عاماً كاملاً بهذا الأمر، ساهمت ولو بحبة صغيرة في إعلاء القانون.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ماذا لو؟
jak aml -

ضعي نفسك بنفس المشكله في روضات مصر المحروسه وتخيلي كل فعل ورد فعل فعلتيه في السويد تفعلينه وبضمير اكتبي تخيلك ؟

ِشر البلية ما يضحك
adam -

هذه السيدة تحتمي في كنف الغرب و قد هربت من أذى داحس و الغبراء و لا تريد أن تشكرهم ، هذا هو رد الجميل لمعظم الشرق الأوسطيين ، لو كانت في بلدها الأصل خمنو و تصوروا كيف كان الحال و كيفية التعامل مع هكذا قضايا ، و الذي يسير الضحك أنها تعترف بعد شهرين أعادوا الأتصال بها لحل المشكلة كيف تريدون يا سادة أن يحبونّا هؤلاء القوم ؟ تريد أن تلمح أنهم عنصريين و متحيزيين يا للأسف يحتاج الشرق أوسطيين الكثير حتى يدركوا كيف يتعاملو مع الأوربيين و كيف يفهمونهم .

فيكتور وأحمد
خوليو -

على الأقل هناك قانون ينصف الجميع ومن يطالب يتطبيقه ينال مراده كما فعلت حضرتك فتهانينا، ولكن ما القول عندنا فهناك قانون لاينصف أحد ولو كنت في بلادنا الميمونة لكان الجواب تحملي وأجرك في السماء، وإن احتجيتي تعرفين المصير، فها هي تجربتك تقول لمن يريد ان يرى ويسمع أن قانون الأرض خير من قانون السماء، وهذا ما نطالب به دوماً بوضع قانون أرضي يتساوى فيه فيكتور مع أحمد.

المعنى
sami aram -

تريد الكاتبة أن تشير إلى أن القانون بحد ذاته لايكفي, يحتاج إلى من يعرف كيف يستخدمه، ولماذا لا؟ لكل طفل الحق في التعلم

اللغة هي المفتاح
ابن البلد -

شكرا انك بدأت تكتبين في ايلاف ايتها الكاتبة المبدعة صاحبة القصص الشيقة ..لاينظر السويديون بكثير من الاهتمام الى من يتحدث لغتهم بصورة ركيكة, واول مفاتيح النجاح في هذا المجتمع هو اجادة لغته , تذكري ان الكردية التركية نالين بيكغول هي رئيسة اتحاد النساء في اكبر حزب سويدي, الحزب الاشتراكي , وفي اي حكومة قادمة يؤلفها الحزب الاشتراكي سيكون لها نصيب كما كان لزميلها السرياني في الحكومة السابقة وزير التربية ابراهيم بايلان, ومديرة السكك الحديدية السويدية هي ايرانية الاصل مينو اخترزاند جاءت من طهران للسويد في عمر العشرين لكي تدرس في المعهد الملكي العالي للتكنولوجيا; هذان مثلان وهناك المئات من النساء الاجنبيات في مراكز متقدمة في كل مجالات الحياة السويدية , ولكنهن جميعهن يشتركن بانهن يتحدثن السويدية باتقان ومهارة . مسكين كان صديقي استاذ الجامعة في بلدي ورماه القدر الى هنا, ليكتشف ان السويديون لايعاملونه بما يكفي من الاحترام لتأتأته السويدية. اجيدي اللغة ياعزيزتي ولاتستغربي ان صرت وزيرة في الحكومة السويدية وستفتح لك كل الابواب الموصدة, وان قلت لهم بسويدية متقنة ان الهواء ضروري لحياة الانسان لاعتبروا ذلك قمة الحكمة وبعد النظر , ولكنك ان حاضرت لهم عن نظرية النسبية بسويدية سيئة لاعتبروا ماتتحدثين به كلام اطفال لايستحق ان يحمل على محمل جاد.

والله ضحكتينا
علاوي -

ولو اني لم افهم ما مشكله ابنها على كل ..هذا حال الشرقي المتخلف يريد ان يبين لكل الناس انه مختلف, بشكل سلبي طبعا ..هل هذه ساءلت نفسها لو هي في بلدها كيف يعاملونها هي وابنها هذا اذا تجراءت ان تتكلم. كنت اتمنى ان تخبري السويديين كيف يعاملون الطفل في بلدك. ولماذا كل هذول المتحضرين لم يكن لديهم اعتراض دون سواك .اساءله كثيره?????

والله ضحكتينا
علاوي -

ولو اني لم افهم ما مشكله ابنها على كل ..هذا حال الشرقي المتخلف يريد ان يبين لكل الناس انه مختلف, بشكل سلبي طبعا ..هل هذه ساءلت نفسها لو هي في بلدها كيف يعاملونها هي وابنها هذا اذا تجراءت ان تتكلم. كنت اتمنى ان تخبري السويديين كيف يعاملون الطفل في بلدك. ولماذا كل هذول المتحضرين لم يكن لديهم اعتراض دون سواك .اساءله كثيره?????

توفيقات
سمعان -

المقالة غير موفقة والسبب اسرده لكم. لأنني أنا سمعان أسمع حتى دبيب النمل. الحكاية أن هناك كتاب سوريين يلحقون بموجة وفاء سلطان المشكلة هنا انه ليس من صنم لتحطيمه ويبقى السؤال ماذا يريد ان يفعل في بلاد بلا اصنام. هناك حل وحيد هو خلق صنم، والبدء من جديد.

توفيقات
سمعان -

المقالة غير موفقة والسبب اسرده لكم. لأنني أنا سمعان أسمع حتى دبيب النمل. الحكاية أن هناك كتاب سوريين يلحقون بموجة وفاء سلطان المشكلة هنا انه ليس من صنم لتحطيمه ويبقى السؤال ماذا يريد ان يفعل في بلاد بلا اصنام. هناك حل وحيد هو خلق صنم، والبدء من جديد.

متى??
عبير -

احترم جميع خطواتك السويدية..ولكني أتحفظ على تعبيرك ابني; وياء الملكية التي تقصر ذات هذا الطفل إلى ذات الأم وتشدها إلى حبلها السري دون هوادة..كنت أتمنى أن يكون ;لهذا الطفل; اسماً مستقلاً يعرف به كاسم فيكتور..متى نتعلم قبل أن نعلم الآخرين..أعيد.. أحترم جميع خطواتك السويدية..

متى??
عبير -

احترم جميع خطواتك السويدية..ولكني أتحفظ على تعبيرك ابني; وياء الملكية التي تقصر ذات هذا الطفل إلى ذات الأم وتشدها إلى حبلها السري دون هوادة..كنت أتمنى أن يكون ;لهذا الطفل; اسماً مستقلاً يعرف به كاسم فيكتور..متى نتعلم قبل أن نعلم الآخرين..أعيد.. أحترم جميع خطواتك السويدية..

شو هالحكي ياعبور
فاطمة -

ماهذه السخافة ياعبير ...هل انت ايضا من نفس الجماعة التي تكره ابناء حماة ..ترفعي ياعبير او اذا كنت رجلا ندعوك الى ترك الحقد ياعبورالمقهور.

شو هالحكي ياعبور
فاطمة -

ماهذه السخافة ياعبير ...هل انت ايضا من نفس الجماعة التي تكره ابناء حماة ..ترفعي ياعبير او اذا كنت رجلا ندعوك الى ترك الحقد ياعبورالمقهور.

vague
allawi -

I did not understand the message from this article. Does the writer grateful for the western civilization for listening to her or she is upset coz they took time to do so ??!!!

vague
allawi -

I did not understand the message from this article. Does the writer grateful for the western civilization for listening to her or she is upset coz they took time to do so ??!!!

You are right!!!
Nadin -

You are right...I liked and understood the article since i live in a nice westren country, where there is law, but you should understand how to use it to get your rights...As for Mr.Alawi in comment #6, she dose not live in arabic country, so she dose not have to explain to you how her son would have been treated if she was living there....I think most of the people who live here in the western countries will understand appreciate your article..THANK YOU!!!!

You are right!!!
Nadin -

You are right...I liked and understood the article since i live in a nice westren country, where there is law, but you should understand how to use it to get your rights...As for Mr.Alawi in comment #6, she dose not live in arabic country, so she dose not have to explain to you how her son would have been treated if she was living there....I think most of the people who live here in the western countries will understand appreciate your article..THANK YOU!!!!

عليك أن تحمدي الغرب
عادل سالم -

عليك أيتها الكاتبة أن تحمدي الغرب وتشكريه ألف مرة على ما أنت فيه ولو ظللت في سورية كان زمانك بالمعتقل وأنت تعلمين

عليك أن تحمدي الغرب
عادل سالم -

عليك أيتها الكاتبة أن تحمدي الغرب وتشكريه ألف مرة على ما أنت فيه ولو ظللت في سورية كان زمانك بالمعتقل وأنت تعلمين