أصداء

جريرة الإسلاميين تهمة استباقية أم استنتاج منطقي؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لعل من أهم مكامن الخلاف بين الإسلاميين وخصومهم، السؤال حول هوية مؤسسات الإسلاميين من جهة ومآل هذه المؤسسات فيما لو وصلت لمراكز السلطة في المجتمع.
فمن جهة يصر خصوم الإسلاميين على أنهم يرفعون شعار الدين بينما هم أحزاب سياسية محضة لا تختلف إلا بظاهر الخطاب. ومن جهة أخرى فإنهم لو تمكنوا من الوصول لسدة الحكم، فلن يحترموا قواعد اللعبة التي أوصلتهم، إن لم يكن صراحة، فعبر تغيير مواقع اللاعبين وتوازناتهم بشكل يضمن استمرارهم وسيطرتهم.

ويرد الإسلاميون بأن الخشية هي من فوزهم هي فقط باعتبارهم منافس إيديولوجي، لا كتهديد ديمقراطي، خاصة وان كل المناسبات التي وصل فيها الإسلاميون للسلطة كانت استثنائية، وبرزت فيها أجواء لا تسمح بالحكم الطبيعي والعادل على تجربة الإسلاميين في السلطة، من الجزائر حتى غزة، مرورا بالسودان وغيرها.


وبشكل ما يمكن صياغة الخلاف بين الطرفين، بأن الإسلاميين يعيبون على خصومهم محاسبتهم على حالة مفترضة و"تهمة استباقية" لم تقع. بينما يتحدث هولاء عن "حالة منطقية" ومآل طبيعي، استنادا للرصيد الثقافي والمدونات الأساسية التي يستند إليه الفكر الإسلامي المعاصر، وكذلك لما يسمونه بالواقع غير الديمقراطي داخل الجسم الإسلامي نفسه، و"فاقد الشيء لا يعطيه".

ولابد من ذكر طرف آخر يحمل نفس الهواجس ضد الإسلاميين ولكنه يرى إن فتح الفضاء المجتمعي لمشاركة سياسية للإسلام السياسي، تنسجم مع المدونات الدستورية الملزمة، سيمنح للمجتمع استقراره الطبيعي، بعدم شعور احد بالحرمان والإقصاء السياسي، وكذلك يتيح لجملة من التناقضات الطبيعية أن تبرز، وتدفع لعقلنة الاتجاه الإسلامي وتلقي بالرومانسية الخطابية في أتون محرقة الواقع واليومي.

ومن المفارقة أن الأحداث الأخيرة في جماعة الإخوان المسلمين المصرية، منحت للفريقين سواء الرافض أو الموافق على التمثيل السياسي للإسلام السياسي، حججا لتأييد دعواهم. فالرافضين رأوا أن المراهنة على تحولات داخلية ضمن إطار الجماعات الإسلامية نفسها أمر مبالغ فيه، فبنية هذه الجماعات سميكة ومعتمة لا تسمح برؤية ما يجري في داخلها فعلا، وهي من جهة أخرى لا تلبث أن تطرد ما لا يتوافق مع بنيتها الأساس، مهما كان وضعه في الكيان العام.

بينما يتحدث من يقبل بالإسلاميين عن تحرك كتلة الجبل. ويرون أن بروز الخلاف بهذا الشكل، وشدة القطيعة لا يحكي شيئا عن طبيعة تلك الجماعات حصرا، بل هي تمثيل لثقافة المجتمعات العربية والإسلامية، فحتى الأحزاب الليبرالية والقومية وغيرها تتخاصم وتتبادل التهم وتذهب للمحاكم والسجون أيضا بسبب خلافات داخلية، ولذا فهذا لا يعني أن الإسلاميين يستعصون على التغيير بقدر ما يعني أنهم مثل الآخرين، حذو القذة بالقذة.

لنلاحظ هنا أولا، أن الخلافات بين مخالفي الإسلاميين، كانت بالأساس لصالح الإسلاميين أنفسهم، فمن جهة أسهم الخطاب المعادي والصريح للإسلاميين في زيادة وعيهم بأنفسهم، وترتيب خطابهم وأنماط ظهورهم - العلني على الأقل - لينفي عنهم ما يقولون إنها "تهم باطلة". بينما أثمرت محاولتهم تقريب المسافات أو "مهادنة" من يقبلهم مبدئيا، تجاوز مناطق كانت ممنوعة، وأحيانا مسكوتا عنها.

فلا موجب لإنكار تخلي الإسلاميين عن المعطى الأممي أو القومي "الخلافة"، لصالح معطى الوطن والأرض المحددة بالاتفاقات الدولية، وهذا مبدأ علماني صريح، يكون فيه التصرف وفقا للقانون الوضعي لا غيره. بحيث تتقدم الإخوّة والرباط في الوطن وتتراجع إخوة العقيدة لتقارب إخوة الإنسانية، دون اعتبارات واضحة ومحددة، وكذلك قبولهم بالنضال السلمي وإعلانهم صراحة رضاهم بالتداول السلمي، وضمور مقولة دولة الحق حتى قيام الساعة.

لعل من الإجحاف بشكل ما مطالبة الإسلاميين بالتطور الطبيعي، وربما أكثر من الطبيعي، في بيئات تعاني احتكارا سلطويا للمجال السياسي، ووعيا شقيا بالتدخل الخارجي وعدم القدرة على الانفكاك منه، وكأنهم يطلب منهم أن لا يكونوا أبناء واقعهم، ونتيجة للظروف المحيطة.


اجمع المراقبون للشأن الاخواني في مصر أن قيادة الجماعة الجديدة لن تلجأ لمهادنة أو مقاربة النظام المصري سياسيا، لأنها ستسعى لتبرئة نفسها من تهم خصومها داخل الجماعة نفسها، وكي لا تحاكمها القاعدة الشعبية وفقا لهذا، الأمر الذي يكشف الثقل الذي يمثله الرصيد الشعبي المحافظ، والكيانات القاعدية التي أسست في ظروف مختلفة، ولعل هذا هو الرهان الحقيقي، الذي يجب أن يلتفت له الإسلاميون سياسيا، أي معالجة مفهوم القاعدة الشعبية عن الإسلام السياسي.

القضية لا تبدو في وعي الإسلاميين بدنيويتهم وزمانيتهم، بل خشيتهم من أن الجموع المحبطة الباحثة عن المنقذ ستنصرف عنهم لو انتهجوا خطابا سياسيا صريحا بمقاييس أهل الأرض والزمان.

فالقضية كما يقول احد الباحثين لا تكمن في مجرد قرارات إستراتيجية حركية، بل أيضا محاولات جادة للتعرض لمشكلات أيديولوجية محيرّة، في بطون المدونات الأساسية والمرجعية للإسلام السياسي المعاصر، كي تصبح فعلا معارضتهم ناجمة عن افتراض لا استنتاج منطقي.

ومثلما اثبت الانخراط السياسي للإسلاميين أنهم كأي حركة سياسية أخرى، ومثلما أسهم النقد الخارجي للإسلاميين في مراعاة الإسلاميين للواقع بشكل أكثر احتياطا - لنتذكر هنا النقد وما تبعه من خلافات داخلية حول وثيقة البرنامج السياسي للإخوان في مصر - مثلما حدث ذلك فإن الوجه المضيء في انتقاد الإسلاميين هو تأثيره في قرار الإسلاميين أنفسهم وجعلهم أكثر وعيا بما يحيط بهم من التباسات، وهذه نقطة البداية في كل تحول.


كاتب ليبي مقيم بهولندا

Abusleem@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
من فمك أدينك
Amir Baky -

أصحاب الإسلام السياسى يهينون الدين وهم أكثر ديكتاتورية من النظم القائمة فمن يدعى أنه يحكم بأسم الله فهو يستبق الأمور لقطع لسان من يعارضه. فإرهاب المختلف بالتكفير أسلوب رخيص يلجأ له أصحاب هذا الفكر. حماس أستخدمت الديمقراطية ووصلت للحكم بإنتخابات نزيهه و الآن ترفض الإنتخابات و ترفض سماع صوت الغزاويين و ماطلت و فات موعد الإنتخابات ولم تتم. فلو كانت مع الشعب الغزاوى كما تدعى فلماذا أجلت موعد الإنتخابات ووضعت العراقيل لكى لا توقع على مذكرة التصالح بينها و بين فتح. والذى يحدث فى الصومال و أفغانستان و باكستان والعراق فهل كل هذا صدف؟؟؟ الإسلاميون يفخخون و يقتلون بعضهم بعض بحجج دينية و كل طرف يخون و يكفر الطرف الآخر. فهل يمكن أن ينبت من هذه الثقافة ديمقراطية حقيقية. والأغرب من ذلك أن تفكيرهم لا يؤمن بمصالح الدولة لأنهم يعتبرون ذلك من مخلفات الغرب الصليبى بتقسيم أرض الخلافة إلى دول عربية. إنتمائهم الأول لدولة الإسلام ولا عزاء لجميع الأقليات فى المنطقة. لقد قالها مرشد الإخوان السابق طز فى مصر. فهل يخرج من رحم هذا التفكير مواطن صالح يخشى على مصلحة بلده و شعبه.

من فمك أدينك
Amir Baky -

أصحاب الإسلام السياسى يهينون الدين وهم أكثر ديكتاتورية من النظم القائمة فمن يدعى أنه يحكم بأسم الله فهو يستبق الأمور لقطع لسان من يعارضه. فإرهاب المختلف بالتكفير أسلوب رخيص يلجأ له أصحاب هذا الفكر. حماس أستخدمت الديمقراطية ووصلت للحكم بإنتخابات نزيهه و الآن ترفض الإنتخابات و ترفض سماع صوت الغزاويين و ماطلت و فات موعد الإنتخابات ولم تتم. فلو كانت مع الشعب الغزاوى كما تدعى فلماذا أجلت موعد الإنتخابات ووضعت العراقيل لكى لا توقع على مذكرة التصالح بينها و بين فتح. والذى يحدث فى الصومال و أفغانستان و باكستان والعراق فهل كل هذا صدف؟؟؟ الإسلاميون يفخخون و يقتلون بعضهم بعض بحجج دينية و كل طرف يخون و يكفر الطرف الآخر. فهل يمكن أن ينبت من هذه الثقافة ديمقراطية حقيقية. والأغرب من ذلك أن تفكيرهم لا يؤمن بمصالح الدولة لأنهم يعتبرون ذلك من مخلفات الغرب الصليبى بتقسيم أرض الخلافة إلى دول عربية. إنتمائهم الأول لدولة الإسلام ولا عزاء لجميع الأقليات فى المنطقة. لقد قالها مرشد الإخوان السابق طز فى مصر. فهل يخرج من رحم هذا التفكير مواطن صالح يخشى على مصلحة بلده و شعبه.

بديهية لا تحتاج الى
عبد ربه -

من بديهيات علم استقراء المستقبل ان تستخدم معطيات الماضي في التوصل الى ما يتوقع حدوثه في المستقبل فإعتمادا على هذه البديهية و ما لمسناه من تجربة الأحزاب الإسلامية و كذلك من أدبياتها فلا يتأمل من ألأحزاب الإسلامية ان تفسح المجال لغيرها بالعمل اذا ما تسلمت هي الحكم لأنها ببساطة تعتبر نفسها الناطقة بإسم الله فكيف يمكن ان تعطي الفرصة او تسمح للبشر ان يعلوا صوتهم و يعارضوا ما يقوله أو أمر به الله

بديهية لا تحتاج الى
عبد ربه -

من بديهيات علم استقراء المستقبل ان تستخدم معطيات الماضي في التوصل الى ما يتوقع حدوثه في المستقبل فإعتمادا على هذه البديهية و ما لمسناه من تجربة الأحزاب الإسلامية و كذلك من أدبياتها فلا يتأمل من ألأحزاب الإسلامية ان تفسح المجال لغيرها بالعمل اذا ما تسلمت هي الحكم لأنها ببساطة تعتبر نفسها الناطقة بإسم الله فكيف يمكن ان تعطي الفرصة او تسمح للبشر ان يعلوا صوتهم و يعارضوا ما يقوله أو أمر به الله