أصداء

البيروسترويكا كُردياً

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إعادة البناء والهيكلة، أو ما عرف ببرنامج الإصلاحات "البيروسترويكا" الذي أطلقه الأمين العام للحزب الشيوعي السوفييتي السابق "ميخائيل غورباتشوف" لم يكن كافياً لتفكيك منظومة عملاقة كالإتحاد المركزي السوفييتي الذي استفحل الفساد في بنيانه، لولا معية "الغلاسنوست" وتعني المكاشفة والشفافية، التي ترافقت وبرنامج غورباتشوف الإصلاحي، وليس من الصواب تحميل أيٌ من الإصلاح أو الشفافية وزر انهيار أكبر الأقطاب السياسية في العالم، بل إنها كانت الأكثر جرأة ربما على إعلان النعوة السياسية لذلك الكيان، لذا أعتقد بعدم جدوى استمرا السؤال عن بدائل لثنائية "الإصلاح والشفافية".


"البيروسترويكا" الإصلاح و"الغلاسنوست" الشفافية، تكرر نفسها اليوم في ثنايا المشهد السياسي الكُردي في سوريا، كضرورة ملحة لإعادة الهيكلة تنظيمياً وسياسياً، إذ شهدت سوريا حراكاً كردياً بعد عام 1957 حين تأسس أول حزب سياسي ضم طيفاً واسعاً من الكُرد في سوريا، طالب منذ ذلك الحين بالحقوق الثقافية والسياسية وضرورة الاعتراف الدستوري بوجود هذا المكون الأصيل الذي تشكل نسبته مابين 12-15% من الشعب السوري.


ومن المؤسف القول بأن مختلف التحركات السياسية لهذه الأحزاب كبيرها وصغيرها لم تتعد كونها قفزات داخل القفص كنتيجة لإصرار السلطات المعنية في سوريا على المضي في تجاهل المطالب السياسية لهذه الحركة ككل.


الآن وبعد انقضاء نصف قرن من حياة الحراك السياسي الكردي في سوريا تعرض هذا الحراك خلالها لعدة أزمات داخلية أدت إلى توالد مفرط في عدد الأحزاب الكردية، نتيجة لسلسة انشقاقات تراوحت دوافعها بين خلافات فكرية وخصومات شخصية، وخلص المشهد اليوم إلى تصنيف قلة من تلك الأحزاب على أنها كبيرة جماهيرياً أو تنظيمياً وأخرى صغيرة، لا يتجاوز منتسبوها حدود عائلة الأمين العام وأصهاره وأنسبائه، وتعزى قابلية التصدع لدى هذه التنظيمات إلى تقليص الهامش الديمقراطي وانكماشه لصالح "المركزية" المسرفة في الهيمنة على القرار السياسي والمتحكمة في الإدارة الداخلية للهيئات الحزبية على حد سواء.


والمركزية كنظام إدارة وكعادتها، هيأت الظروف المؤاتية التي مكنت الفساد من التسلل إلى أهم مفاصل الحزب لاسيما القيادات، المتمترسة خلف أنظمة داخلية رثة ترجح دوما المركزية على الديمقراطية وتمنع ظهور أية توجهات جديدة داخل الحزب وتقمع بشدة أية دعوة للإصلاح أو المحاسبة داخل الحزب متذرعة بكل ما من شأنه أن يخدم الأمين العام وحاشيته، وتبقي على الحزب بأسره تحت سطوة هذا (الأمين).


وبينما كان مشروع الفساد الحزبي الكردي في سوريا يكاد يكون محصوراً في مسألة احتكار القيادة وتعميم (الرؤى) والمزاج الشخصي الخاص بالسكرتير أو الأمين العام للحزب كبرنامج سياسي ينبغي على جميع الأعضاء الالتزام به والتصفيق له وضرورة إبداء الإعجاب بشخص ا(لأمين) العام كحد أدنى وشرط أساسي لنيل صفة العضوية في الحزب، فقد تخطى الفساد تلك الحدود لدى "الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا"، أحد أقدم الأحزاب الكردية في سوريا، بقيادة عبد الحميد درويش 74 عاماً الذي استمرأ قيادة الحزب طيلة 53 عاماً باحتوائها، وبدأ الآن مشروعه في توريث الحزب ومقدراته التنظيمية والمالية من خلال إجراءات تصفوية أتخذها بحق صفوة من الكوادر خلال مسيرة الحزب كان آخرها محاولة إبعاد القيادي "فيصل يوسف" عضو المكتب السياسي مع مجموعة كبيرة من مؤيدي الإصلاح في الحزب خلال الأشهر الماضية، بعد أن ارتفعت وتيرة الأصوات المطالبة بالإصلاح والتجديد و البدء بالتحقيق في قضايا اختلاس أموال ومخصصات الطلبة التابعين لهذا الحزب في مدينة السليمانية في كردستان العراق.

وخلافاً لما جرت عليه العادة من إعلان انشقاق أو ولادة حزب جديد تعقب كل خلاف حزبي، يبدو أن الجناح الإصلاحي في الحزب التقدمي وتحت شعار الإصلاح والشفافية حاول من خلال تجسيد بيوريسترويكا كردية المضي في مشروعه الإصلاحي الرافض للتأبيد والتوريث داخل الحزب داعياً في ذات الوقت إلى استمرار التحقيق في قضايا الفساد المالي.

ومن نافل القول أن المشاريع الإصلاحية داخل الأحزاب لن ترى النور من خلال رفع الشعارات وإثارة النقاشات بل المسألة بحاجة لمواقف حاسمة تشمل التغيير في الرؤية والنهج والممارسة وأن تنطوي التحركات الإصلاحية على بعدٍ في النظر ودقة في الرؤية الإستراتيجية، وأن تمتلك القدرة على التوفيق بين المصالح الآنية والمستقبلية وضرورة إدراك حجم وطبيعة التغيير الذي يعيشه الحزب وتعيشه الأطياف السياسية الأخرى المحيطة بالحزب من اصطفافات حزبية وأجواء سياسية عامة في الوطن الذي تتفاعل داخلَهُ كل تلك العناصر.


تحتاج مشاريع البيروسترويكا في أي مكان إلى تجاهل ما روج له بعض المكسوفين من انهيار الاتحاد السوفييتي من توصيف للديمقراطية على أنها (مخادعة)، والتركيز على الحفاوة التي قابل بها أبناء تلك الجمهوريات السوفييتية ذلك الانهيار معتبرين إياه إنعتاقاً وظفراً بحريتهم والتحقق من أن سيف الفساد سبق عذل غورباتشوف وبيروسترويكاه.


من الخطأ إذاً الحديث عن بدائل للإصلاح الجاد والشفافية التامة ومن الخطأ أيضاً الظن بأن الدعوة للإصلاح هي دعوة للنوم على الحرير، فالإصلاح لا يأتي مجاناً دون تضحيات وخسائر، وغالباً ما تحتاج إعادة البناء إلى نوع من التفكيك الواعي والمنتظم.


فالحزب التقدمي اليوم وأعضاؤه أمام تحدٍ أساسي وخيارات واضحة بين قبول الصعود كفصيل سياسي متحاور ومتفاعل مرتكز إلى القاعدة الإصلاحية التي تبلورت مؤخراً أو أن يسقط كأفراد بينهم من يمتلك الثروة لكنه لا يمتلك بيئة العمل الجماعي المناسب ومنهم من يمتلك رؤى إصلاحية لكنه لم يتحل بعد بالشجاعة الكافية ليفصح عنها.


كاتب كردي مقيم في سوريا

Amjad_ib@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
المغرر بهم
sero -

الاصلاح في الحزب اصبح كلمة حق يراد بها باطل اتمنى من الذين يطلقون على انفسهم اصلاحين ان يكونوا كذلك لكنني لا اعتقد وكان حريا بالكاتب ان ينىء بنفسه عن هذا المستنقع الاسن الذي اراد البعض ان يزجوه بها ، لانني اعرفه تمام المعرفة بانه اسمى بكثير من ان يكون في اوثان مستنقعات (المصلحين) مع جزيل الاحترام

صحوة ولو انها متاخرة
جوان -

اولا الحمد لله على سلامتك يا اخي امجد.كنت اتمنى لو كان ميلاد هذا التيار الاصلاحي قبل هذا التاريخ ولا تكون 53 سنة من الاحتكار والاستفراد والصراعات الداخلية والتصفيات . وتعود بي الذاكرة الى 53 سنة لاسال ما حققه الحزب فلا اجد في ملف المنجزات غير بياض ساطع . [15:34:42] ربما الإنجاز الابرز لهذا الحزب هو البيروسترويكا أو الأصلاح الذي تتم المطالبة به اليوم ومدى إنعكاساتها وتأثيرها على باقي الفصائل السياسية في سوريا

المعتادون على الفساد
شورش ابراهيم -

تعودنا من الانظمة الشموليةعلى توجيه التهم لكل دعوة اصلاحية بانها مرتبطة بالخارج وما الى ذلك ويبدو انها تمكنت من زرع هذه الثقافة في اذهان الاجيال التي عاصرتها عبر زجها في منظماتها المرتبطة بها بمسميات مختلفة وهكذا يتراءى لنا السيد جوان بانه خريج هذه المدرسة بامتياز فهو يعادي الاصلاح دون تقديم اي اقتراح محدد سوى ترديد عبارات مثل المغرر به بحق الاستاذ امجد وهي لاتليق بمثقف قدم الكثير من اجل قناعاته اما انت ايها السيد جوان فادعوك للنوم عميقا فيما تعودت عليه من العيش في كنف الثبات القاتل ونثرات الفساد الذي ربما لوثتك انت ايضا من خلال مافهم من حيثيات تعليقك عد الى رشششششششششششششششدك

صحوة ولو انها متاخرة
جوان -

اولا الحمد لله على سلامتك يا اخي امجد.كنت اتمنى لو كان ميلاد هذا التيار الاصلاحي قبل هذا التاريخ ولا تكون 53 سنة من الاحتكار والاستفراد والصراعات الداخلية والتصفيات . وتعود بي الذاكرة الى 53 سنة لاسال ما حققه الحزب فلا اجد في ملف المنجزات غير بياض ساطع . [15:34:42] ربما الإنجاز الابرز لهذا الحزب هو البيروسترويكا أو الأصلاح الذي تتم المطالبة به اليوم ومدى إنعكاساتها وتأثيرها على باقي الفصائل السياسية في سوريا

المغرر به؟؟!!!
صامت -

شكرا للكاتب على ايضاح واقع الفساد و الخراب الذي يعيشيه الحزب التقدمي متمثلا بقادته الابديين و ازلامهم.لا اعرف عن اي مستنقع اوثان يتحدث الاخ المعلق و هو لازال يعبد الوثن الابدي و هو يعيش ربما على خيراته حتى الان .اذا كانت كل المستنقعات التي تتحدث عنها يسبح بها مصلحين رفضوا هبات و عطايا الخنوع و الذل فيا مرحبا بهكذا مستنقع في نبع حزبكم المتشبع باشباه الرجال العالقين في القاع و المتلهفين لبقايا فتات زعيمكم.فلعل جزء من من مستنقعهم يلوث نبعكم النقي !!

من المغرربه يا سيرو
ازكين جارو -

ياسيد سيرو الركود ينتج النواتج الاسنة ودعوة السيد امجد هو لتحريك الراكد ودعوتك الوقوف مع اللاحركة فانت تدعو من حيث تدري ام لاتدري للفساد والتقوقع والامتثال لثقافة الانظمة الشمولية واخشى ان تكون خريجا من مدارس منظمات جل اهتمامها تكفير وتخوين الاخر لمصلحة الشخص الذي ينشر الفساد لمصلحة بقائه مدى الحياة وقد تكون انت احد ضحاياه فقد كنت من مشركيالحملى على السيد شيرزاد اليزيدي لمصلحة حميد درويش

نعم للإصلاح
سيبان إبراهيم -

الاخ الكاتب أمجد لابد أن إثارة هذا الموضوع أمر مهم لكني متأكد من أن اي مبادرة إصلاحية في مواجهة شخصية كشخصية عبد الحميد درويش ستواجه مصاعب كبيرة وليس من السهل تحقيقها لكن ليس معنى هذا أن يتوقف هذا المشروع وإنما من الضروري أن تتضافر مختلف الجهود لدعم اي توجه إصلاحي داخل الحركة الكردية دون اللهروب إلى الأمام واللجوء إلى الإنشقاقات التي باتت ظاهرةمتكررة.. وشكرا

لا للفساد والتوريث
سيامند آشيتي -

يجب ان يعلم هو(sero)قبل كل الناس بأن الاصلاح والشفافية العنوان الذي تبنته كوادر الاصلاح في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي بعد المؤتمر الثالث عشر انه ليس بالمستنقع مثلما هو يدعي به بل هو بحر نقي خالي من الفساد والتوريث. وأنا برأي هو (sero)غارق في ذلك المستنقع النتن المليئ بالفساد وشراء الذمم

ممكن
أبو راوان -

إن المضحك المبكي في رأيك يا سيرو أن تقول شيأً و تكتب شيئاً وكما هو معروف عنك أنك (رجل اللحظة)

ممكن
أبو راوان -

مكرر

ممكن
Abu Rawan -

إن المضحك المبكي في رأيك يا سيرو أن تقول شيأً و تكتب شيئاً وكما هو معروف عنك أنك (رجل اللحظة)إني بالفعل أخجل مما كتبته ياسيرو وأقول لك مرة أخرى أمثالك يا سيرو قد أضرو بهذا الحزب أمثالك ياسيرو قد دمرو الحزب ،عبادتك لأشخاص و قولك أن السكرتير وحده يشكل حزباً أدى بالأمر إلى ما أدى إليه سيرو: كان من الحري بك أن تقف محايداً وتلعب دور المصلح لا أن تقف مع طرف ضد طرف أم أن كلام الليل يمحيه النهار كالعادة