الصين وإيران.. [ 1-2 ]
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أعلنت هيلاري كلينتون، مستبشرة، بأن الصين قد وافقت على "الانخراط في بحث العقوبات على إيران": إذن، فهي الموافقة على "بحث" و"تقديم مقترحات"- كما تقول. ومع هذه التصريحات، تأتي تصريحات المفاوض النووي الإيراني الرئيسي من بكين قائلة " إن الجانبين اتفقا على أن العقوبات فقدت مفعولها"!
التصريحات الأميركية عن موضوع العقوبات باتت تتغير من وقت لآخر. فسابقا كان الحديث عن عقوبات "تصيب بالشلل" الحرس الثوري المهيمن على الاقتصاد الإيراني. ثم راح الحديث عن عقوبات "مؤلمة"؟ وما معنى "الإيلام؟" هل يعني تلك العقوبات "ذات الأسنان"؟ أم مجرد عقوبات رمزية لا تردع ولا تضرب في الصميم؟ ومع كل المحاولات والاتصالات الأميركية مع بكين، وما أسفرت عنه من "بشارة" هيلاري، ترى إلى أي مدى تريد الصين في السير مع المجتمع الدولي حول العقوبات؟؟ مع سؤال مشروع: وهل صارت العقوبات تجدي بينما تحولت إيران فعلا لدولة نووية، أي قادرة على تصنيع القنبلة متى شاءت، وفي حين لم يعد أحد يذكر احتمال استعمال القوة كالحل الأخير والمحتم؟؟!!
إن الصين اليوم هي ذلك التنين الأصفر، الذي راح يطوق القارات، ويكتسحها في كل المجالات: سكانيا،وتجاريا، ودبلوماسيا. وأفريقيا الآن هي المثال االأبرز لهذا الزحف الأصفر، إن كانت أفريقيا السوداء أو الشمال المغاربي. والزحف الصيني نشهده حتى في قلب أوروبا، ومنها فرنسا بالذات. ومن الأمثلة، أنه في هذه المنطقة من باريس، التي أسكنها منذ عشر سنوات، وحيث تقوم المجمعات السكنية التابعة لبلدية باريس، لم تكن عندما حللت أية عائلة صينية في هذه المجمعات. أما اليوم، فيكاد ثلث السكان أن يكونوا من اللون الأصفر. وإذا سرنا عدة كيلومترات أبعد، فسوف نقع على منطقة تكاد أن تكون صينية برمتها، سكانا ومطاعم ومخازن، صغيرة أو كبيرة.
ومنذ عشر سنوات، لم أشاهد في مناطق باريس الأخرى، التي كنت أسكن فيها، وهي عديدة، أي صيني. أما اليوم، فتواجه الصينيين أينما سرت، وترى الكثير من مطاعم أمس ومقاهيها ومخازنها في أيدي صينيين. وقد زحف اللون الأصفر حتى للضواحي، التي كانت ذات كثافة سوداء وعربية مغاربية، وأعداد الصفر هناك في ازدياد.
أما الجامعات الفرنسية، فقد شهدت هي الأخرى كثافة طلابية صينية متزايدة خلال العقد الأخير. وقبل عامين، انفجرت فضيحة كبرى في جامعة فرنسية، فقد تبين أن الطلبة الصينيين في المعاهد الفنية يشترون الشهادات بمبالغ ما بين 3000 يورو و5000 يورو، ثم يعودون لبلادهم مزودين بالشهادات الجامعية الفرنسية. كما يشترك الصينيون في زيادة أعداد المهاجرين غير الشرعيين في أوروبا. وآخر ما تم اكتشافه شبكة كردية لتهجير أكراد عراقيين لبلدان "الشنغ بين" للوصول إلى بريطانيا. وتبين للبوليس الفرنسي أن من زبائن الشبكة صينيين أيضا رغم أن مقر الشبكة في إقليم كردستان العراقية! وفي فرنسا مزحة تقول إن الصيني في فرنسا لا يموت، قاصدين كثرة صناعة تزوير وتبديل الجوازات والوثائق الرسمية، بما فيها وثائق التأمين الصحي نظرا لتشابه الوجوه.
إن كل هذه المعلومات ليست نتاج عنصرية ضد اللون الأصفر، ولكنها حقائق موثقة لابد من ذكرها حتى ولو غضب الكثيرون في العالم العربي، ممن يدقون أبواق الفرح لصعود أية قوة دولية يعتبرونها مزاحمة لما يصورونه من "هيمنة أميركية". وهذا من ضمن ثوابت العقلية السياسية العربية السائدة حتى بوجود أوباما، الذي يواصلون التهليل له، بل، إن سياسته الخارجية نفسها تساهم في إضعاف الدور الأميركي دوليا لتكون فرحة المستبشرين عارمة وعامة!!
أما بصدد العلاقة الصينية مع إيران، فالملاحظ أنها لم تكن بهذه المتانة والكثافة قبيل سقوط صدام، وحيث كانت الصين تتفاوض مع الحكومة العراقية عهد ذاك حول عقود بترولية لتزويدها بنسبة 13 بالمائة من حاجتها للبترول. وقد توقفت المفاوضات مع سقوط صدام، فاتجهت الصين نحو إيران، لا بتروليا وحسب، بل، وكذلك غازيا وتجاريا- كما سيرد.
إن الاقتصاد الصيني في نمو مدهش، وتبلغ نسبة النمو الاقتصادي الصيني، بحسب إحصاءات ومعلومات صحيفة " الفيجارو" الفرنسية، 12 بالمائة، وهي أعلى نسبة في العالم. وتقول الصحيفة إن المنشآت الصينية كانت تعطي رواتب منخفضة للعمال، لتعود اليوم إلى زيادتها، لترتفع القوة الشرائية وليساهم ذلك في الانتعاش والنمو الاقتصاديين.
ولابد هنا من ذكر أن كثرة من المنتجات الصينية تعاني من الغش المتعدد الأشكال: كالزحف على الماركات الدولية بلا احترام لحقوق الاختراع، واستخدام الحيوانات الأليفة في بعض الصناعات الجلدية، كالأحذية والحقائب. وهذا غش تمارسه المطاعم الصينية أيضا، حتى في قلب أوروبا، وأعني ذبح القطط والكلاب، وتقديمها لحوما في الوجبات بعد تمويه طبيعتها. كما لا ننسى واقعة حليب الأطفال الفاسد، وقد اكتشفت الحكومة الصينية تلك الفضيحة خلال الألعاب الأولمبية، ولكنها لم تعلن عنها لكيلا يؤثر ذلك على رصيدها الدولي [البرستيج"!!، برغم ما كان ستر الفضيحة يعنيه من مخاطر على أطفال العالم.
الصين دولة كبرى، ولها حضارة عريقة، ولابد من إقامة أفضل العلاقات العربية والدولية معها. ولكن مشكلة الصين أنها لا تزال دولة الاستبداد السياسي والقمع، ووضع حقوق الإنسان فيها وضع مروّع، كحاله في إيران. والصين لا تهمها غير مصالحها التجارية حصرا، ولا مانع لديها من دعم أكثر الأنظمة ظلامية ودموية، كإيران والسودان وبورما وغينيا، مثلا. صحيح أن الدول الديمقراطية الغربية أيضا تنطلق، هي الأخرى، من مصالحها التجارية والإستراتيجية، ولكنها أنظمة ديمقراطية، لها برلمانات ومؤسسات رأي عام وصحافة حرة تحاسب الحكومات وتراقبها.
التعليقات
الصين ليس ضيعة
حمد الشرهان -الأستاذ عزيز الحاج تحية: كان يتعين دوماً الإقرار بأن واقع الصين الجغرافي والبشري يخضع وخضع لمفهوم ماركس القائم على الفعل التاريخي وعدم تجاهل العملية التاريخية، وبموجب هذا يتعين دائما حين الكتابة عن تجارب كبيرة كالتجربة الصينية المراجعة المكثفة لإنتاج الحياة الفعلي المرتبط بالحياة اليومية، والأخذ بالعملية التاريخية والمصالح السياسية لدولة كبرى كالصين. ففي تصور بعض المفكرين العرب إن الصين قرية غير موجودة على خارطة العالم، وليست تاريخ وأفعال سياسية وإقتصادية، والخطأ الذي ورد في مقالتك القول بأن الصين تقدم المساعدات لبلدان دكتاتورية ودموية في أفريقيا إضافة للنظام الدكتاتوري المنقرض في العراق، متناسياً إن الصين آنذاك تقدم مساعداتها لأفريقيا لتطوير أوضاع الملايين التي تعيش المجاعة والفاقة والأمراض، أما في العراق فنرى العالم يرى العراقي يجوع ويقتل من قبل تحالف دولي وكذلك من خلال ممارسات وسياسة الدكتاتور،ولا يحرك ساكناً. فالذي يريد يريد أن يسقط الأنظمة الدموية والدكتاتوري عليه أن يناضل ويقف إلى جانب الجياع، لا أن يتحالف مع سارق لقمتها. إن فرضية التغلغل الصيني للعالم وأحياء باريس الجميلة قائمة على قاعدة المزاحمة التجارية وذلك للقدرات الخلاقة للإنسان الصيني في إنتاج كل ما يحتاجه السوق العالمي والبلدان الفقيرة من تقنية عالية وبيعها بأسعار متواضعة. تبقى مسألة علاقة الصين بالدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران ، فهذا يعود لمجمل عوامل ومنها الصراع على بعض المناطق في العالم ومنها إيران لموقعها الاستراتيجي جغرافياً. إن الطابع الخاص للصراع في إيران وطبيعة المتغيرات في الدول المحيطة عربيا تتعلق بدور الناس في صنع ظروفهم الخاصة وحكمهم الخاص، ومن ثم نضالهم الخاص. فبينما الجيل الجديد في إيران يسير بخطى حثيثة للخلاص من الإرهاب الديني، نجد المعارضة الإيرانية والعربية الأخرى تفتقر إلى الوعي الذاتي، وبهذا تتحول إلى بوق خارجي لا ينسجم وتطلعات الشبيبة في داخل إيران وغيرها. أعود إلى القمع في الصين وهو خاضع لهيمنة الحزب الواحد، وغياب ديمقراطية الجماهير، ولا نبتعد أيضاً عن الضجيج العالمي ضد الشعب الصيني والمرامي السياسة للدول الصناعية في تصوير الصين على إنها دولة تحاول مزاحمة أسواقها ونفوذها في العالم.وأخيراً تبقى الصين ورغم سيادة الحزب الواحد وغياب غوغائية الشارع حالة متفردة في الحفاظ على مج
ده موضوع كويس
Kakha حمه -تعليق على التعليق الأول الذي لم ينشر بعد.
الصين ليس ضيعة
حمد الشرهان -الأستاذ عزيز الحاج تحية: كان يتعين دوماً الإقرار بأن واقع الصين الجغرافي والبشري يخضع وخضع لمفهوم ماركس القائم على الفعل التاريخي وعدم تجاهل العملية التاريخية، وبموجب هذا يتعين دائما حين الكتابة عن تجارب كبيرة كالتجربة الصينية المراجعة المكثفة لإنتاج الحياة الفعلي المرتبط بالحياة اليومية، والأخذ بالعملية التاريخية والمصالح السياسية لدولة كبرى كالصين. ففي تصور بعض المفكرين العرب إن الصين قرية غير موجودة على خارطة العالم، وليست تاريخ وأفعال سياسية وإقتصادية، والخطأ الذي ورد في مقالتك القول بأن الصين تقدم المساعدات لبلدان دكتاتورية ودموية في أفريقيا إضافة للنظام الدكتاتوري المنقرض في العراق، متناسياً إن الصين آنذاك تقدم مساعداتها لأفريقيا لتطوير أوضاع الملايين التي تعيش المجاعة والفاقة والأمراض، أما في العراق فنرى العالم يرى العراقي يجوع ويقتل من قبل تحالف دولي وكذلك من خلال ممارسات وسياسة الدكتاتور،ولا يحرك ساكناً. فالذي يريد يريد أن يسقط الأنظمة الدموية والدكتاتوري عليه أن يناضل ويقف إلى جانب الجياع، لا أن يتحالف مع سارق لقمتها. إن فرضية التغلغل الصيني للعالم وأحياء باريس الجميلة قائمة على قاعدة المزاحمة التجارية وذلك للقدرات الخلاقة للإنسان الصيني في إنتاج كل ما يحتاجه السوق العالمي والبلدان الفقيرة من تقنية عالية وبيعها بأسعار متواضعة. تبقى مسألة علاقة الصين بالدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران ، فهذا يعود لمجمل عوامل ومنها الصراع على بعض المناطق في العالم ومنها إيران لموقعها الاستراتيجي جغرافياً. إن الطابع الخاص للصراع في إيران وطبيعة المتغيرات في الدول المحيطة عربيا تتعلق بدور الناس في صنع ظروفهم الخاصة وحكمهم الخاص، ومن ثم نضالهم الخاص. فبينما الجيل الجديد في إيران يسير بخطى حثيثة للخلاص من الإرهاب الديني، نجد المعارضة الإيرانية والعربية الأخرى تفتقر إلى الوعي الذاتي، وبهذا تتحول إلى بوق خارجي لا ينسجم وتطلعات الشبيبة في داخل إيران وغيرها. أعود إلى القمع في الصين وهو خاضع لهيمنة الحزب الواحد، وغياب ديمقراطية الجماهير، ولا نبتعد أيضاً عن الضجيج العالمي ضد الشعب الصيني والمرامي السياسة للدول الصناعية في تصوير الصين على إنها دولة تحاول مزاحمة أسواقها ونفوذها في العالم.وأخيراً تبقى الصين ورغم سيادة الحزب الواحد وغياب غوغائية الشارع حالة متفردة في الحفاظ على مج
الصين
عراقي مغترب -الكاتب يذكر ان الصين ثقافه عريقه, وكذلك فهم من أكثر الماهرين في إبتكار التقليد. لاتأتي حضاره الصين ولو بمقدار صغير مقارنه بحضاره اليابان وسمعه اليابان.
الصين
عراقي مغترب -الكاتب يذكر ان الصين ثقافه عريقه, وكذلك فهم من أكثر الماهرين في إبتكار التقليد. لاتأتي حضاره الصين ولو بمقدار صغير مقارنه بحضاره اليابان وسمعه اليابان.