أصداء

الديكتاتورية كردياً

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

اتفق العديد من المفكرين والباحثين الليبراليين على أن الدكتاتورية أصبحت فيما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ملمحا بارزا في العديد من دول العالم الثالث حديثة الاستقلال، والتي غلب على أشكال الحكم في معظمها الطابع العسكري، كما أن الدول ذات أنظمة الحكم الشيوعية والاشتراكية اعتبرت دكتاتوريات أيضا من وجهة نظرهم وكان السبب الرئيسي في توصيفهم هذا هو غياب الاستقرار السياسي عن الكثير من هذه الدول وشيوع الانقلابات العسكرية والاضطرابات السياسية فيها، فضلا عن ظهور مشكلات عديدة تتعلق بمسألة الخلافة على السلطة.

الشعب الكردي والموزع الآن بين أربع دول (تركيا، إيران، العراق وسوريا) تصنف جميعها ضمن خانة دول العالم الثالث (النامي)، ومن سمات الحكم السياسي في هذه الدول إن "استثنينا الحالة السياسية الجديدة المفروضة في العراق" تأخذ طابعا منافيا للمبادئ والقيم الديمقراطية.

فتركيا وبالرغم من تعدديتها السياسية إلا أن هيمنة عقلية "الجندرمة الاتاتوركية" والمنافية للقيم الديمقراطية بالفطرة العسكرية، تبقى صاحبة الكلمة الفصل في القرارات المصيرية للحياة السياسية التركية.

وكذلك إيران ومن وراء عمامات الملالي لم تنجح في إخفاء الميول القومية "الفارسية"، وجسدته فيما عرف بقومنة الدين، وسورية محكومة بالفكر القومي المطلق متمثلاً بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، منذ قرابة نصف قرن من الزمن.

لذلك فكل المظالم والإجراءات والقوانين الاستثنائية التي تطبق بحق الكرد في هذه الدول يجب أن لاتكون موضع استغراب، فالإرث الديكتاتوري العسكري التفردي إضافة إلى الأفكار القومية والدينية المتعصبة للسلطات الحاكمة في هذه الدول تفرض حتمية هذه إلاجراءات القمعية.

الكرد، وفي نضالهم التاريخي للوقوف في وجه هذه المظالم، أسسوا تنظيمات سياسية في أماكن تواجدهم واضعين على عاتقها مهمة رئيسية في الدفاع عن وجود الشعب الكردي على أرضه التاريخية والمطالبة بحقوقه السياسية والثقافية والاجتماعية المشروعة، واستطاعت هذه الحركات وبالرغم من كل الإجراءات القاسية التي ارتكبتها السلطات بحق مؤسسيها وناشطيها أن تنال الدعم والتأييد من قبل فئة كبيرة من أبناء الشعب الكردي حتى أن البعض منها حقق الكثير من الآمال والطموحات الكردية ولعل مكاسب الأحزاب الكردستانية في العراق خير مثال على ذلك.

لاشك بأن الظلم والاضطهاد الذي تمارسه السلطات الحاكمة بحقنا كأقليات عرقية قد انعكس علينا سلبا ومن مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكن الاستفهامات المطروحة هي: هل هذه الإجراءات كافية لتبرير فشل بعض قياداتنا الكردية في التأسيس لفكر ديمقراطي حر في مؤسساتهم الحزبية؟ أيكفي أن نطالب السلطات الحاكمة بحقوقنا الديمقراطية دون أن نسعى نحن إلى نشر وتبني هذا الثقافة ذاتياً؟ هل ما تعيشه القيادات الكردية هو ضرب من ضروب التماهي بالمتسلط كما يصفها الباحث مصطفى الحجازي في كتابه (سيكولوجية الإنسان المقهور)؟

تخصيصاً للساحة الكردية في سوريا في هذا المجال فقد شغلت هذه الأسئلة مؤخراً حيزاً واسعاً للنقاش من قبل المثقفين والسياسيين الكرد، فالتنظيمات الكردية التي تعارض أساساً النظام السوري حول تصرفاته اللا ديمقراطية، تواجه اليوم معارضة حقيقية من قبل كوادرها الحزبية بسبب ما تعيشه بعض تلك الأحزاب من هيمنة فردية من قبل بعض القيادات على القرار السياسي والتنظيمي في إطار التجاهل التام لمبادئ وأسس الديمقراطية في الإدارة وآلية اتخاذ القرار السياسي، ما أنتج مؤخراً حالات إصلاحية لم يعتدها الشارع الكردي في سوريا،كالحركة الإصلاحية التي يقودها السياسي الكردي" فيصل يوسف" في وجه مايسميها بالتصرفات الديكتاتورية المتفردة لسكرتير أحد أقدم الأحزاب الكردية في سوريا الأستاذ "حميد درويش" والذي يترأس الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي منذ نصف قرن من الزمن، الافكار والتي يطلقها قياديوا هذه الحركة (نعم للإصلاح والشفافية، لا للفساد والتوريث، حركة كفاية الكردية) تلاقي صدى واسعا وقبولا لدى العديد من المثقفين السوريين،لدرجة أن البعض منهم بات يسميها "بالبيروسترويكا الكردية" (نشر مقال حول هذا الموضوع في موقع إيلاف بعنوان البيروسترويكا الكردية بتاريخ 29 \3\2010 للكاتب امجد عثمان).

إن التيارات الإصلاحية في الحركة الكردية في سوريا تعاني بالدرجة الأولى، وهذا ليس حديثاً، من طبيعة الأجواء السياسية العامة في البلاد، حيث تواجه إجراءات أمنية صارمة ومشددة من قبل السلطات، إضافة إلى أنها تواجه اليوم نموذجاً من بعض القيادات الكلاسيكية الهرمة فكراً وممارسة والتي تحول دون أي نشاط أو حراك سياسي ومجتمعي تساهم فيه دماء شابة ووجوهٌ فتية، ما يجعل مهمة الإصلاح حاجة ملحة وصعبة للغاية في نفس الوقت.

كما أن الحالة التفاعلية والتي ذكرناها آنفاً بين المثقفين والسياسيين الكرد في سوريا من جهة والمطالبين بالإصلاح والديمقراطية في التنظيمات الكردية من جهة أخرى تدل على أهمية وجود الحركات الاصلاحية ودورها الهام في ترسيخ المبادئ الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية،فالخوف من تحول قادة هذه الأحزاب مستقبلا إلى طغاة قد أصبح هاجساً لدى الكثيرين،وهنا قد لا تشكل الحالة الكردية استثناءا في هذا المجال، فالعديد من الشعوب المضطهدة في العالم وفي نضالها للتخلص من الظلم والطغيان قدمت الكثير من التضحيات،لكنها ونتيجة للإهمال الكبير للجوانب المتعلقة بالأسس والمبادئ الديمقراطية في حركاتها النضالية لم تنتج إلا طغاة جبابرة أشد بطشاً وقسوة من حكامها الأوليين و التجارب العربية حافلة في هذا المجال.

أخيراً، لابد القول بأن حلم توريث حالة التجبر من قبل الحاكمين قد أصبح فرضية ممكنة من جديد، في الوقت الذي زادت فيه جرأة حركتنا الكردية للتصدي لحركات المطالبة بالديمقراطية،والعمل على تفريغ الحركة من الفكر الديمقراطي وزرع التناقضات والألتباسات ومحاولة تسميم العلاقات التي ورثتها من حكامها،كمن يقول الأصلاح والشفافية زائلة، والديمقراطية أعمى لا تبصر.بمعنى آخر "ديكوراً ديمقراطياً" من أجل تطبيع حالة الدكتاتورية وتوريثها كردياً.


كاتب وصحفي كردي من سوريا
behlewi@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ma chalaah
sadiq -

عجبا من الكاتب وكأن هذه الاحزاب تملك جيوش وميزانيات وسلطات واعتقد ما كتبته ليست لها اي فائدة للقضية الكوردية في سورية البعث ونظام القمع وحيث النظام يستخدم كل الوسائل للقضاء على كل شئ كوردي

لا يكتفون بالأصبع
عادل الوزان -

بسبب أطماع الأكراد التوسعية في العراق ومطالبتهم بكثير من المحافظات خارج حدود أقليم كردستان وسعيهم الدائم نحو الاستقلال فقد تغلمت دول الجوار من الدرس العراقي ومن هذه الأطماع التوسعية و الانفصالية وإلى الحذر الشديد من هذه الأطماع والتحركات سيما ان أكراد العراق قد أثبتوا انهم لا يكتفون أبدا بالأصبع وحدها ويطالبون بالمزيد و المزيد وبلا حدود !.

مشروع دكتاتور
Qelyun Direj -

أتفق مع الكاتب تماماً بأن تلك القيادات تتفرد في اتخاذ القرارات داخل احزابها وبالتالي هي تمارس دكتاتورية في حدود صلاحياتها المشتملة الحزب وكوادره وماليته.

مشروع دكتاتور
Qelyun Direj -

إلى الأخ المعلق رقم واحد (صادق) : نعم السلطات تقضي على كل شيء إلا على بعض الزعماء والمثال في هذا المقال هو عبد الحميد درويش، فهو يفتتح القاعات ويقيم الولائم ويوزع الهبات ليشتري ذمم الناس وينشر بالتالي ثقافة الفساد في المجتمع الكردي فلماذا تقضي عليه السلطات إذاً؟عزيزي الأب هو دكتاتور في بيته إن ساء سلوكه.. والمدرس دكتاتور في المدرسة إن ساء سلوكه أيضاً.. أما أصحاب الجيوش فلماذا لا تتحدثو عنهم أنت وعبد الحميد درويش باعتباره رئيس حزب.

الحل في الديمقراطية
لازكين جارو -

مقالة الكاتب اضافة مهمة لثقافة وجوب تجاوز سلبيات الماضي الكردي فالكرد ضحايا الاستبداد والديكتاتورية وليس من الموضوعية نشدان الديمقراطية والحرية بادوات لايتمتع الفرد فيها بالحد الادنى من ممارسة حقوقه وقد اجاد الكاتب في اختياره للحزب التقدمي الكردي في سوريا مثالا على ذلك لان سكرتيره الذي يبلغ من العمرزهاء ثمانون عاما وله في السكرتارية نصف قرن من الزمن حالة لامثيل لها في العالم اجمع واصبح اعضاء الحزب من الناحية العملية مجرد انفار لارأي ولاحرية ولاحول لهم سوى الدعاء له بطول العمر والبقاء في سدة السكرتارية وتقديم فروض الطاعة له ان الحل يكمن يااخي الكاتب ببناء التنظيم الديمقراطي ودعوة الناس لادارة الظهر ممن عفا عليه الزمن أمثال حميد درويش الذي يدعي بممارساته بانه يصلح لكل زمان ومكان وفي السياسة داخل المعارضة وضدها في نفس الوقت همه وهاجسه بقائه في موقعه غير ابه بشيء اخر

الاصلاح نبع الحياة
نوشيروان -

ماطرحه الاستاذ ابراهيم يمثل الحقيقة بعينها فكيف لنا ان نطالب حكامنا بالديمقراطية ونحن نفتقدها فعلا الاصلاح السياسي داخل الاحزاب الكردية اصبح من الحاجات الملحة ونجاح حركة كوران والشعبية التي تحظى بها في اقليم كردستان العراق تثبت هذا الكلام

لا للزعامات الدائمة
ابو جوان -

التاريخ يثبت يوما بعد يوم أن التغيير السياسي هو الشكل الامثل للتحول نحو الديمقراطية وافعال الديكتاتور حميد درويش تنافي ابسط القيم الديمقراطية نعم للحرية لا للعقلية المؤامرتية المتقوقعة

عنترة الكردية
دجوار سيريني -

هذا الحزب بات شقة مفروشة… يملكها شخص يسمى عنترة…. يسكر طول الليل عند بابها… ويجمع الإيجار من سكانها… ويطلب الزواج من نسوانها… هذا الحزب.. كلها مزرعة شخصية لعنترة… كوادرها.. مكاتبها.. بيوت عناصرها.. … كل الشبابيك عليها صورة لعنترة… كل نشاطات الحزب تحمل اسم عنترة… فثيابنا تحمل اسم عنترة… وشعار حزبنا عليه صورة عنترة... عنترة له صلاحيات الإلهة... يخون ويطرد كل رجل يقول: لا لعنترة..... حتى أن حزبنا في سنوات حكم عنترة تحول إلى مدينة مهجورة مهجرة…. لم يبق فيها سوى ظلال تنادي بأبدية عنترة... لا شيء فيها يدهش المثقفين والسياسيين المتفرجين إلا الصورة الرسمية المقررة، لعنترة… في غرفة الجلوس، في ميلاده السعيد، في قصور الحزب الشامخة الباذخة المسورة… ما من جديد في حياة حزبنا…. فقراراتنا مكررة، ومطاليبنا مكررة، وعزلتنا مكررة… فمنذ أن صرنا حزبيين ونحن محبوسون في زجاجة الثقافة المدورة… واللغة المدورة… ومذ دخلنا الحزب ونحن لا ندرس إلا سيرة ذاتية واحدة تخبرنا عن عضلات عنترة… ومكرمات عنترة… ومعجزات عنترة… ولا نرى في كل جرائد ومجلات الحزب إلا صور عنترة… حتى على صفحات موقع الحزب على الانترنت لا شيء لنهتم به.. فالخبر الأول فيها خبر عن عنترة… والخبر الثالث والخامس والتاسع والعاشر… فيها خبر عن عنترة… وبالرغم من أن عنترة لايعرف شيئا عن معارف الكومبيوتر الانترنت الا أنه وفي ليلة وضحاها تحول إلى محاضر فذ في علومها…. في حزب عنترة يمنح الكتّاب فيه صوتهم لسيد المثقفين… عنترة… يجمّلون قبحه بقده المياس، أو ضحكته المعبرة… … يؤرّخون عصره… وينشرون فكره.. ويقرعون الطبول في حروبه الدونكيشوتية المظفرة…. لتمضي عشرات السنين ويبقى عنترة..... وحين شعر عنترة بقرب اجله..... لم يستسلم للموت أبداً .... بل رتب أمور حزبنا على مقاس أخيه المظفر حنظله.... كل عام وحزبنا الخاضع القانع…. الخانع الخاشع… المطبل المهلل... الباذل الروح والدم فداء… لمن لا يستحق…. بألف ألف خير

كفاية لحميد درويش
على درويش -

الزعيم حميد من أفضل انجازات الحركة الكردية لانه أول كردي ينافس الزعيم كاسترو والزعيم القذافي ؟؟؟؟انا كردي اه يانيالي!!!!!

Don''t steel poems...
To عنترة الكردية -

well to mr Antara alkurdy : when you steel something from Nizar qabbani you should point to it ...your comment is almost 99% stolen from Nizar Qabbani Poem, look at this

فقط للديمقراطية
محكوم -

اخي عادل الوزان ،تحدثنا عن ما الم بالكرد من ظلم وقتل ودمار ، ولم نتحدث عن استعمارهم لارضهم، ما هو مرد قول ان لا نصبح صفحة سوداء كغيرنا

لا بديل للاصلاح
زائر -

قد يكون هناك امور اروع ان نجعلها بمثابة خلاص لنا ككرد ولكن هناك ما هو اصعب لنا ان نتخلى عن نرجسية شخصيتنالتكن مبادرة الاصلاح قوية واشد على ايديكم