أصداء

التعصب الديني في معادلة جبرية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لست رجل دين، ولست عالماً في أصول الدين.. لكنني لا اشك بمقدار الذرة في أن المدقق الأمين في تعاليم دينه بالعقل والمنطق لن يجد فيه ما يدعوه لتبني أو قبول أفكار التعصب الديني الشرير.. تلك الأفكار الفاسدة التي تفسد الصحة النفسية والجسدية والروحية لحاملها وتسبب المضايقات والأحزان للآخرين. ولست أشك بمثقال الإلكترون أن عقلاء هذا الدهر وهم كثر يقبلون أفكار فاسدة مثل فكر التعالي على الآخر، وامتلاك الحقيقة، وتصنيف البشر على المعتقد والهوية الدينية، وإيذاء المختلفين دينياً والتضييق عليهم في الطريق أي طريق حتى يعودوا إلى الصواب كما يظن المتعصبون دينياً، وغيرها.. لا يمكن أن ٌيعقل أن عقلاء وأصحاء هذا الدهر من كل الأجناس والمعتقدات يمكن أن يقبلوا أفكار التعصب الديني حتى ولو كان ثمن التعصب هو دخول الجنة كما يزعم المساكين من حاملي أفكار التعصب.

في الحقيقة أن المتابع لحركة التطور الحضاري العالمي يستطيع أن يلاحظ أن الدول التي نبذت كل أشكال التعصب والتمييز الديني والعرقي والمهني والنوعي وغيره قد استطاعت أن تنمو اقتصاديا وتعليمياً وتحقق أعلى معايير الصحة النفسية والجسدية لمواطنيها، وعلى العكس نجد أن الدول التي مازال التعصب متفشياً في مجتمعاتها تحولت إلى دولاً متخلفة في شتى المجالات تتجه بسرعة نحو الانحدار في هاوية الفقر والبؤس وتحقق أعلى معدلات جرائم الأخلاق والفساد حتى أصبحت عالة على المجتمعات المتحضرة.

بيد أنه من الإنصاف التأكيد على استحالة جعل كمية التعصب مساوية للصفر لا بطريقة علمية ولا بطريقة عملية نتيجة وقوع الإنسان تحت تأثير عدد كبير جداً من المؤثرات المتغيرة والثابتة والتي يكون من الصعب عادة فك الارتباط بينها.. لكن! هل يمكن تصغير كمية التعصب إلى أصغر ما يمكن حتى تقترب من الصفر باستخدام بعض التقنيات الرياضية وتطبيقاتها في العلوم الإنسانية؟

إن كمية التعصب لدى الإنسان يمكن تمثيلها بالطرف الأيمن من معادلة جبرية تحوي فئة من المتغيرات (variables) وفئة من المعاملات (coefficients). فما هي تلك المعاملات والمتغيرات التي تتحكم في كمية التعصب فتجعلها كبيرة أو صغيرة؟

لنفرض أنه أمكن تمثيل معادلة التعصب في معادلة جبرية في ثلاثة متغيرات فقط على سبيل المثال، ولنفرض أن الثلاثة معاملات الحاكمة لهذا الفكر (عدد المعاملات والمتغيرات يختلف باختلاف الأشخاص، والمجتمعات) تتمثل في الأمن القومي، حقوق المواطنة، والديمقراطية وهي جميعها خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال باعتبارها ثوابت وطنية. ولنفرض أن الثلاثة متغيرات هي الدستور، الحكومة، الخطاب الديني. أما الطرف الأيمن من المعادلة فيرمز إلى كمية التعصب الناتجة.
حسب طريقة جاوس جوردان في علم الجبر التطبيقي نجد أن حل المعادلة السابقة يعطي لكل متغير من المتغيرات الثلاثة (الدستور، الحكومة، الخطاب الديني) عدد لانهائي من القيم وبحيث تعتمد قيمة أحد المتغيرات الثلاثة على المتغيرين الباقيين حسب ترتيب حدود المعادلة.

ويكاد يكون من المستحيل الحصول على قيمة واحدة لكل متغير من المتغيرات الثلاثة وليس عدد لانهائي من القيم لأننا نحتاج في مثل هذه الحالة أن نكون معادلات إضافية بمتغيرات إضافية وثوابت جديدة حتى يتساوى عدد المعادلات مع عدد المتغيرات. ماذا يعني هذا الكلام؟

يعني تكوين نظام من المعادلات وليس معادلة واحدة وهذا يدخل في مجال أشباه المستحيلات نظراً لكثرة عدد المتغيرات الحاكمة لفكر التعصب واختلافها من شخص لشخص، ومن بلد لبلد طبقاً للدساتير والقوانين والمناخ المجتمعي العام، وغيره. بالإضافة إلى عدم وجود اتفاق بشأن تحديد مفاهيم واضحة ومحددة للثوابت.

لذلك فنحن بصدد معادلة واحدة في ثلاثة متغيرات ومعاملاتها. فإذا عدنا إلى تقنية جاوس جوردان فسوف نلاحظ أنه من المفيد إعادة ترتيب عناصر المعادلة بحيث يصبح الخطاب الديني هو المتغير التابع الذي يعتمد على كل من الدستور والحكومة باعتبارهما من المتغيرات المستقلة. ولذا علينا أن نحدد مبادئ الدستور واستراتيجيات الحكومة الكفيلة بحماية هذا الدستور بالطريقة التي تضمن تغيير الخطاب الديني الشعبي ليعمل على تصغير كمية التعصب إلى أقل كمية ممكنة. ولأن الخطاب الديني يستمد غذائه من الدستور ويشحن منه بالطاقات اللازمة، ويرتوي من تصرفات الحكومة الخفية والظاهرة ويستمد منها الآليات لذلك فأولى خطوات الحل تبدأ من الدستور. فبقدر ما يكون الدستور عادلاً متوافقاً ومتجانساً مع ثوابت الأمن القومي، حقوق المواطنة، والديمقراطية وبقد ما تعمل الحكومة بالتوافق مع الدستور وليس بالاستسلام للمشاعر الدينية أو الطائفية بقدر ما يعمل الخطاب الديني في ترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية.

أعتقد أنه ليس أمامنا من طريق لتصغير كمية التعصب إلى أقل ما يمكن إلا بالحفاظ على قيم الثوابت الوطنية (الأمن القومي، حقوق المواطنة، والديمقراطية) بحيث تكون معدلات تغيرها بالنسبة إلى الدستور، الحكومة، والخطاب الديني مساوية للصفر. وهذا لن يتأتي إلا بإعادة صياغة الدستور ليخلو تماماً من أية مواد لها إمكانية تغذية وتعظيم كميات التعصب الديني، وأن تلتزم الحكومة بمواد الدستور وتعمل في اتجاه ترسيخ هذه المبادئ في الوجدان الشعبي، الأمر الذي سوف ينعكس بطريقة ناعمة على الخطاب الديني فيصب في اتجاه تقليل كميات التعصب عند الناس ويعمل على تغذية قيم المواطنة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

shoukrala@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الاسلام لا يعرف التعصب
قاريء ايلافي -

يَآ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلۡنَاكُمۡ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ اللَّهِ أَتۡقَاكُمۡ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ـ الحجرات 13

الحقيقة المرة
مقارن اديان -

المسيحيون الاقباط هم الذين علموا المسلمين التعصب الديني عندما تحيزوا لانفسهم وانشأوا مدارس الاحد ولم يعترفوا بالاسلام ديناً ولا بحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً

nero
nero -

التعصب الديني هو احزمه أمان لمن فى حياه لا يقع منها الان مع تقدم الحياه البنى آدم يفك الحزام بطريقه آليه من الحياه وليس منه و يتجه لحياه ارقى فى مجلات حياه اجتماعيه و اما من يتحرش بـ الاخرين هذا ليس متعصب لكن قابيل الذى يحقد و يحسد الناس على الحياه و هذه جريمه كبيره

ان الاسلام
جورج العربي -

لدى المسيحيون مدارس الاحد و لدى المسلمون مدارس حفظ القران و كليات الشريعة و الازهر و.... يا اخي هذه المراكز لا تعلم الكراهية بل ان فقهاء الكراهية في الدين الاسلامي هم من يكفرون الاخرين علننا حتى انهم يكفرون المسلمون ويهدرو دمهم من طوائف الاسلام الاخرى.لاتفهني خطئ فانا اعلم ان الاسلام دين رحمة كالمسيحية لكن المشكلة ان بعض مشايخ هذا العصر يشوهون الاسلام.وطبعا هناك ايضا بعض المسيحيون المتشددون يعجبهم ذلك.ليس من مصلحة احد جعل الاسلام مشوه سوى الغرب ليس لانه ليس مسلم بل لاته يريدنا مشوهين حتى يسهل السيطرة علينا.فلنحافظ معا على الاسلام دين المحبة الذي لا يعتدي الا على من يعتدي عليه ولنحافظ على المسيحية دين المحبة التي لا تقف مع المحتل اما ما يمثله الغرب يا عزيزي فلا علاقة له بلمسيحية كما ان ما يمثله شيوخ التكفير لا علاقة له بالاسلام.اما موضوع اعتراف الدين المسيحي بالمسلمين فهذه مسالة قد يكون لديك حق بها لكنه لا تنسى انه من الناحية التاريخية ان الاسلام جاء بعد المسيحية لذلك المسيحية تعترف ان اليهودية من وجهة نظر السيد المسيح هي دين سماوي.لكن يا اخي غير مهم في رائيي راي الكنيسة او الازهر فهم بالنهاية مؤسسات لها مصالح .المهم نحن ان نحب بعضنا وان ندافع عن الاسلام الصحيح والمسيحية الصحيحة ببلادنا العربية.

nero
nero -

التعصب الديني هو احزمه أمان لمن فى حياه لا يقع منها الان مع تقدم الحياه البنى آدم يفك الحزام بطريقه آليه من الحياه وليس منه و يتجه لحياه ارقى فى مجلات حياه اجتماعيه و اما من يتحرش بـ الاخرين هذا ليس متعصب لكن قابيل الذى يحقد و يحسد الناس على الحياه و هذه جريمه كبيره

صدقت يا جورج
ريم -

نعم فعلاً هناك من فقهائنا الله لا يسامحهم من هم متعصبين ومتشدين ويكفرون الاخرين من المسلمين وغير المسلمين علي اي فعل يفعلونه فحسبي الله ونعمة الوكيل كانهم والعياذ بالله هم من يحاسبوننا فان الله هو من يحساب الجميع وهو غفور رحيم وارحم بنا منهم

صدقت يا جورج
ريم -

نعم فعلاً هناك من فقهائنا الله لا يسامحهم من هم متعصبين ومتشدين ويكفرون الاخرين من المسلمين وغير المسلمين علي اي فعل يفعلونه فحسبي الله ونعمة الوكيل كانهم والعياذ بالله هم من يحاسبوننا فان الله هو من يحساب الجميع وهو غفور رحيم وارحم بنا منهم

الغرب تجاوز الدين
محمد صادق -

اخي العزيز ان الغرب لا يهمه ابداً تشويه دين بعينه بل انه يسعى للقضاء على كل الاديان لانه من التجربة الانسانية عبر الاف السنين كان الشئ الوحيد الذي يفرق الناس هو الدين فالمسلمون و اليهود يعتبرون انهم خير امة اخرجت للناس و المسيحيون اعتقدوا ان لااسلوب حياة حياة غير اسلوبهم وكل هذه النظريات و الاديان سياتي اليوم الذي تختفي فيه وتتبدل ان اغلب الكنائس في اوروبا تحولت الى نواد اجتماعية و ملاهي و قاعات فنية وهذا ما سيحدث بعد ان يفيق الانسان من خرافات الزمان الغابر ينتبه الى انه حاله حال بقية المخلوقات علي الارض يحيا و يموت و يتفتت الى مركبات عضوية كما حصل لاجدادنا القدماء الذين اصبحوا نفطاً نبيعه و نعمر به الحياة لتبدأ دورة اخرى من دورات الطبيعة و تعاقب الحيوات

الغرب تجاوز الدين
محمد صادق -

اخي العزيز ان الغرب لا يهمه ابداً تشويه دين بعينه بل انه يسعى للقضاء على كل الاديان لانه من التجربة الانسانية عبر الاف السنين كان الشئ الوحيد الذي يفرق الناس هو الدين فالمسلمون و اليهود يعتبرون انهم خير امة اخرجت للناس و المسيحيون اعتقدوا ان لااسلوب حياة حياة غير اسلوبهم وكل هذه النظريات و الاديان سياتي اليوم الذي تختفي فيه وتتبدل ان اغلب الكنائس في اوروبا تحولت الى نواد اجتماعية و ملاهي و قاعات فنية وهذا ما سيحدث بعد ان يفيق الانسان من خرافات الزمان الغابر ينتبه الى انه حاله حال بقية المخلوقات علي الارض يحيا و يموت و يتفتت الى مركبات عضوية كما حصل لاجدادنا القدماء الذين اصبحوا نفطاً نبيعه و نعمر به الحياة لتبدأ دورة اخرى من دورات الطبيعة و تعاقب الحيوات