المالكي بقي وحيدًا

rdquo;فدخل على عمر بن سعد أولاد المهاجرين والانصار وقالوا: يا ابن سعد تخرج الى حرب الحسين؟ فقال: لست أفعل ذلك.. ثم جعل يفكر في ملك الري وقتل الحسين، فأضله الشيطان وأعمى قلبه.
..
إن الحسين عليه السلام لما فرغ من خطبته [يوم العاشوراء] استدعى عمر بن سعد فلما حضر قال له: اتزعم انك تقتلني ويوليك الدعي ابن الدعي بلاد الري وجرجان؟، والله لا تهنأ بذلك ابدا عهدا معهودا، فاصنع ما انت صانع فانك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، ولكأني برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة، يترامه الصبيان ويتخذونه غرضًا بينهم.
فاغتاظ عمر من كلامه، ثم صرف بوجهه عنه، ونادى بأصحابه: ما تنتظرون به؟ احملوا بأجمعكم، إنما هي اكلة واحدة.
...
ثم إن الحسين مع أصحابه (رضي الله عنهم) تهيأوا للقتال، فرمى ابن سعد سهمًا وقال: اشهدوا لي عند الامير أني أول من حارب الحسين. وكانت أول رايه خرجت إلى حرب الحسين راية عمر بن سعد.
... [وناشد ابن سعد]
أفبالموت تخوفني؟
وإني اذا فرغت من قتله،
أكون أميرًا على 70 ألف فارس
وأتولى ملك الري.
..
فلما غلب المختار بن أبي عبيد على الكوفة قتل عمر بن سعد.. ولما قتله جعل رأسه في ملاح (المخلاة) بلغة هذيل وعلقه.
..
غير أن اللعين لم يصب ملك الري شيئا وقد استجيبت دعوة الحسين حيث قتله المختار وبعث برأسه إلى المدينة.
(ينابع المودة لذوي القربي للشيخ سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي)
(لواعج الشجان في مقتل الحسين لمحسن الامين العاملي)
(الطبقات الكبرى المجلد الخامس لمحمد بن سعد، طبعة بيروت).
في البداية نشير إلى خبرين من الاخبار الذي يتم بثها من إعلام النظام الإيراني بعد الانتخابات النيابية العراقية حول نوري المالكي. حيث نشر موقع rdquo;خبر اون لاينrdquo; الحكومي الإيراني خبرًا بعنوان "نوري المالكي بقي وحيدًا في الاحتجاج" بتاريخ 29 مارس 2010 قال فيها rdquo;إن رئيس الوزراء العراقي يطالب باعادة فرز الأصوات.. ولكن الأمم المتحدة ترى أنه من غير الضروري اجراء ذلك.. فيشعر نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي بالعزلة هذه الأيام بعد الانتخابات..

المالكي هذا الرجل الذي اوصله الاميركيون الى السلطة برغبة وعن طيب خاطر ثم اتهموه بالعجز وعدم الكفاءة.. الآن وفي الأيام الاكثر حساسية من فترة عمله يبقى وحيدًا. وهو الآن الوحيد الذي يحتج على نتيجة الانتخاباتrdquo;.

نفس المصدر نشر بعد اسبوع خبرًا بعنوان rdquo;.. الساسة العراقيون تركوا المالكي وحيدًاrdquo; جاء فيه: rdquo;عندما اعتبر المراقبون الدوليون عملية اجراء الانتخابات بأنها عادلة.. تم رفع أيدي اياد علاوي كفائز في الانتخابات.. ومن ثم تقلص حجم الانتقادات الداخلية على عمليات التزوير في الانتخابات.. طبعًا الجميع تفرقوا من حول المالكيrdquo;. كما بثت وكالة أنباء ايلنا الحكومية الإيرانية يوم 7 من أبريل خبرًا بعنوان rdquo;المالكي يبتعد عن التصدي للسلطة مرة أخرىrdquo;.

هذه الأخبار ذات المغزى ليست الاّ غيضا من فيض وجزءا قليلا من حجم كبير من الاخبار والتفسيرات حول عزلة المالكي يبثها النظام الإيراني عن طريق اعلامه وتؤكد بوضوح كيف ان هذا النظام أطلق من نفذ وطبق اوامره وسياساته حرفيًا خلال اربعة سنوات، نعم اطلقه كمنديل مستعمل على مكب النفايات.

والمالكي معروف كيف انه اغمض عينيه عن التدخلات اليومية للنظام الإيراني في الشؤون الداخلية العراقية، وكيف انه تجاهل حتى التقارير المكررة من اجهزة استخباراته وحتى تقارير الحكومية العراقية وعلى رأسها وزارة الداخلية حول ضلوع النظام الإيراني في تفجيرات ومجازر بحق الشعب العراقي.. بل لم يكتف المالكي بذلك حيث تجاوز الحدود حين قام وبصفته القائد العام للقوات المسلحة العراقية بالهجوم على مخيم أشرف معقل مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة والذي يسكن فيه 3400 من معارضي هذا النظام وهم عزل وبلا دفاع وسلاح ومحاصرون منذ فترة طويلة، وقام بارتكاب جريمة لا تنسى ضد الإنسانية ادت إلى مقتل 11 من اعضاء مجاهدي خلق واصابة 1000 منهم بجروح ورضوض مختلفة. وتم اخذ 36 من هؤلاء كرهائن لفترة 72 يومًا ولم يطلق سراحهم الاّ عندما قاموا بالاضراب عن الطعام والشرب، في حين كانوا تحت سياط التعذيب اليومي لعناصر المالكي في لجنة قمع أشرف والصمود البطولي لهؤلاء الـ36. ولم يقم المالكي باطلاق سراحهم الا عندما تدخل الشرفاء في هذا العالم من خلال مساندة قضيتهم العادلة فاضطر حينئذ المالكي مكللا بالخزي والعار لاطلاق سراحهم واعادتهم إلى أشرف.

هل يكون للمالكي مستقبل في العراق؟ ردنا سيكون سلبيا بشكل مطلق.. فقد إنتهى عهد المالكي. واذا اعيدت صياغة السؤال وقيل لنا: هل المالكي كان قادرا ان يكون لديه مكانًا في مستقبل العراق؟ فنجيب: نعم، كان من الممكن أن يكون له مستقبل في العراق وذلك بان لا يكون مجرد تابع للنظام القمعي الجائر في طهران وتنفيذ وتطبيق سياسات هذا النظام دون وازع من دين او ضمير، كان يمكن للمالكي أن يتخذ سياسة مستقلة دون الرضوخ إلى الملالي. نعم كان يستطيع المالكي منذ تسلم لجام السلطة في العراق أن ينقذ هذا البلد الجريح المظلوم الذي وقع فريسة لاخطبوط النظام الإيراني ويترك خلفه ذاكرة جيدة. والمالكي امتلك اكثر من فرصة لان الكثير من الشخصيات الوطنية العراقية كانت جاهزة لتقديم أي مساعدة له وكان من الممكن له ان يحصد الكثير من الاصوات في الانتخابات دون أن يقوم باعمال الغش والتزوير. لكن واأسفاه فالتاريخ لم ولن يرحم هذه الفئة من الرجال الذين باعوا كل شيء بعرض من الدنيا، لن يرحم التاريخ، أشباه رِجال انقادوا لطواغيت العصر.. انتكسوا وانسلخوا ودفنوا رؤسهم بالتراب، وسجلوا للتاريخ أسوأ تبعية وأسوأ إنقياد.
المالكي rdquo;لم يصب ملك الري شيئاrdquo; بالرغم من أنه أول من حارب مجاهدي خلق في العراق. ونهايته ستكون اسوأ.. والمحكمة الاسبانية الآن تنظر في ملفه بتهمة الجريمة ضد الانسانية في أشرف. كما وترددت معلومات حسبما ذكرت صحيفة السياسة الكويتية في عددها الصادر يوم 3 من أبريل الحالي عن rdquo;إصدار المحكمة الجنائية العليا في العراق أمرًا بالقاء القبض على المالكي بتهمة الضلوع في مذبحة الزركة في النجف الأشرفrdquo;.

وفي الجانب الاخر، هناك مجاهدو الشعب الإيراني والمقيمين في أشرف الذين سطروا صمودا بطوليا أمام شراسة النظام الإيراني وذيوله الذليلة في العراق، وفي الفترة التي كانت فيه الحكومة العراقية تمارس شتى انواع الضغوط عليهم والمستمرة حتى يومنا هذا ظنًا منها ان ذلك سيجبر هؤلاء الابطال الاشاوس على الركوع والتنازل والاستسلام.. ولكن اعضاء مجاهدي خلق الإيرانية كانوا يكررون كلام مولاهم قائلاً rdquo;الا وان الدعي ابن الدعي قدر ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة". نعم هيهات من مجاهدي خلق وكل انسان حر وشريف الذلة والعار، وهيهات من العراقيين الذلة والعار.

إن الشعب العراقي الشريف وبعد سبع سنوات من الحرب والدمار والمجازر يجدر أن يكون لديه سلطة شعبية مستقلة تسير به نحو المستقبل الحر والزاهر. فهنيئا هذا الانتصار للشعب العراقي وأنصارهم أينما كانوا. اما المالكي وحكومته فقد اثبتت فشل خططها تلك الخطط الطائفية بامتياز.. نعم سيذكر التاريخ حكومة المالكي بأشد الصفحات سوداوية لانها استباحت البلاد والعباد.

* باحث وكاتب
mayousof2005@gmail.com