ثقافة الجلاء نقطة تحول
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في ذكرى 64 لجلاء المحتل الفرنسي عن سورية، بعد أن ساهم في صنعها كما هي عليه الحال اليوم، أي لازالت سورية، التي رسمها المحتل الفرنسي كما هي، حتى بتخليه عن لواء أسكندرون لتركيا، وبضمه ولاية طرابلس الشام لدولة جبل لبنان، وبقيت سوريا جغرافيا كما هي" لحظة خروج المستعمر الفرنسي/ الجديد في الأمر فقط، هو احتلال إسرائيل لأراضي الجولان وشاطئ بحيرة طبريا السوري1967. هنا توقف التاريخ الجغرافي-سياسيا لسورية المعاصرة، فسواء كانت جزء من أمة عربية أم من أمة سورية، أم جزء من بلاد الشام، هذا لا يغير في الأمر الكثير، ولكن ما نريده هنا وفي هذه الذكرى الجلاءية هو أن نتعرض لما أسميناه ثقافة الجلاء.
في كل تجارب الشعوب أو غالبيتها، تكون ثقافة الجلاء نقطة تحول في حياة هذه الشعوب، لجهة إحساسها بالحرية، من مستعمر ما أي مستعمر حتى لو وسم بالحضاري من قبل بعضنا، كما هو حال المستعمر الغربي، أو الفتح الحضاري للأندلس من قبل الخلافة الإسلامية، لهذا نجد بالمقابل، أن الفكر التحرري بيساره ويمينه، قد أطلق أسما على حركات مقاومة الاستعمار" حركة التحرر الوطني" في آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية، واتبعوا الأمر أنه لا فرق بين استعمار قديم حاضر بجيوشه وسلاحه، وبين استعمار جديد، حاضر برؤوس أمواله وشركاته وثقافته..الخ بغض النظر عن هذه التسمية إلا أن هنالك مواضعة متفق عليها، أن لحظة الجلاء ثقافيا" هي لحظة حرية، واستعادة قيم تتعلق بكرامة أبناء البلد المحتل، من حيث أن الغريب المستعمر هو من يحكمهم" وهذه نقطة اتفقت عليها كل فعاليات التحرر السورية من المستعمر الفرنسي، سواء كانت حركات ريفية أم مدينية، الكتلة الوطنية، وحركة سلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو والشيخ صالح العلي وحسن الخراط...كل هذه الحركات، كانت قد انصبت وعيا بالحرية، ضمن الكتلة الوطنية التي أعلنت معركة الاستقلال عن فرنسا، ودون أن نبالغ أن ثقافة هذه الكتلة الوطنية تربت داخل النسق الثقافي الذي أتى به المستعمر نفسه إلينا، مثال لازال التاريخ السوري، يتغنى بمحاكمة القضاء الفرنسي للثائر إبراهيم هنانو واعتباره مدافعا عن حرية بلده، ونلاحظ هنا أن ثقافة المعارضة السورية بشكل خاص هي من تعيد التذكير بهذه الواقعة، لأنها تريد الإشارة إلى أن ماحصل في سورية في العقود الخمسة الأخيرة، هو أقل مما حدث أثناء الاستعمار الفرنسي، من حيث قيمة القانون والحرية والقضاء النزيه، الذي افتقدته سورية المحررة من الاستعمار الفرنسي، حيث حاولت نخب ما بعد الاستقلال أن تقلد المحتل بعد رحيله، تقلده في تجربته، في الحرية ودولة القانون وحقوق الإنسان، والتقليد بات له سمة التأصيل لدى هذه النخب، ولم يعد تقليدا أعمى، بل هو محاولة هذه النخب الاستفادة من التاريخ الذي تعايشه، لكن جاءت ظروفا أخرى أدت لمجيء العسكر إلى السلطة، وتراجعت مقولة الحرية، لصالح مقولات أخرى، لم يتحقق منها شيئا، فلا وحدة عربية، ولا حرية ولا أشتراكية وبقيت الأجيال اللاحقة، في احتفالات عيد الجلاء، ترى صورة واحدة لقائد واحد على مدى ثلاثة عقود من الزمن، لم تعرف هذه الأجيال إلا ثقافة الرجل صاحب الصورة، ولولا الخوف من شدة الفضيحة، لكان أطلق عليه بطل الجلاء أيضا، بعد بطل التشرينين.
هذه الثقافة التي تكرست بفعل وممارسات جعلت من الجلاء، لحظة ندم لدى بعض النخب التي عايشت الحرية، بعد الاستقلال مباشرة، وحتى قبله كما تقول بعض من مذكراتها.
النقطة الأساس في أية ثقافة تتعلق بالجلاء هي القطع مع اللاحرية والقطع مع الاستعباد، وبناء مواطن يشعر أنه لم يعد محتلا من أحد، ولا يدير شؤونه غريب لا يريده، ومفروض عليه بقوة السلاح...الجلاء إن لم يكن إحساسا بالحرية، فماذا يكون إذا؟
فهل السوريون يعيشون حرية ما بعد الجلاء؟ الحرية التي عاشتها ولازالت غالبية الشعوب التي تحررت من الاستعمار، في آسيا وامريكا الجنوبية وأفريقيا؟
إن ثقافة الجلاء بالمطلق والنسبي تتمحور حول تأصيل مقولة الحرية وعيشها.
ونحن ما الذي لدينا الآن من ثقافة جلاء المستعمر الفرنسي عن بلدنا سورية، ونحاول تأصيله وعيشه؟
التعليقات
لنكن واقعين
سعيد -ان الكاتب يربط بين الجلاء وحرية الفرد العربي وهذا ربط مثالي. لان شعوبنا العربية لم تنعم بالحرية الفردية ابدا. اذا الجلاء هو التخلص من حكم الاجنبي عادلا كان ام ظالما. ان شعوبنا بحاجة الى كثير من السنين والثقافة حتى تتمكن من ممارسة حريتها الشخصية بطريقة حضارية. وكمثال فلقد جرت منذ سنين مظاهرة عارمةـاكثر من مليون شخص في فرنساـ ضد سياسة الحكومة وفي نهايتها لم يقع اي حادث يذكر . بينما في دول العالم الثالث اذا تظهر مئة شخص قاموا بتخريب دوائر الحكومة والمتاجر. ولذلك هناك فقط الهند ولبنان بين دول العالم الثالث اللذان يتمتعان بحرية والسبب هو التوازن الطائفي والاثني في كلا البلدين الذي يجبرهما على اتباع الديموقراطية.على كل مازالت الديموقراطية نظام حديث 250 سنة في فرنسا مثلا. عقبال عندناقريبا.
لنكن واقعين
سعيد -ان الكاتب يربط بين الجلاء وحرية الفرد العربي وهذا ربط مثالي. لان شعوبنا العربية لم تنعم بالحرية الفردية ابدا. اذا الجلاء هو التخلص من حكم الاجنبي عادلا كان ام ظالما. ان شعوبنا بحاجة الى كثير من السنين والثقافة حتى تتمكن من ممارسة حريتها الشخصية بطريقة حضارية. وكمثال فلقد جرت منذ سنين مظاهرة عارمةـاكثر من مليون شخص في فرنساـ ضد سياسة الحكومة وفي نهايتها لم يقع اي حادث يذكر . بينما في دول العالم الثالث اذا تظهر مئة شخص قاموا بتخريب دوائر الحكومة والمتاجر. ولذلك هناك فقط الهند ولبنان بين دول العالم الثالث اللذان يتمتعان بحرية والسبب هو التوازن الطائفي والاثني في كلا البلدين الذي يجبرهما على اتباع الديموقراطية.على كل مازالت الديموقراطية نظام حديث 250 سنة في فرنسا مثلا. عقبال عندناقريبا.
64 عاما
سوري -سورية كمعظم الدول العربية تعيش مرحلة ما بعد الاستقلال فهذه الدول التي تتشدق بأحتفلاتها بأعياد الاستقلال عجزت عن بناء شبكة تصريف صحي(مجارير) عجزت عن بناء شبكة مواصلات او سسكك حديد متطورة سورية بعد64 عاما لا يزال الناس يعانون من انقطاع الكهرباء 64 عاما لم يتطور شئ تطورت الحياة فقط 64 عاما والسبب هو نفسه عند جميع الحكومات المتعاقبة ضغوطات خارجية تمنعنا من الالتفاف للداخل 64 عاما لم نحقق انجازا واحدا (عليه القيمة) الا اذا كانت تلك الحكومات تعتبر بناء المدارس والمستشفيات انجازات .
64 عاما
سوري -سورية كمعظم الدول العربية تعيش مرحلة ما بعد الاستقلال فهذه الدول التي تتشدق بأحتفلاتها بأعياد الاستقلال عجزت عن بناء شبكة تصريف صحي(مجارير) عجزت عن بناء شبكة مواصلات او سسكك حديد متطورة سورية بعد64 عاما لا يزال الناس يعانون من انقطاع الكهرباء 64 عاما لم يتطور شئ تطورت الحياة فقط 64 عاما والسبب هو نفسه عند جميع الحكومات المتعاقبة ضغوطات خارجية تمنعنا من الالتفاف للداخل 64 عاما لم نحقق انجازا واحدا (عليه القيمة) الا اذا كانت تلك الحكومات تعتبر بناء المدارس والمستشفيات انجازات .
سورية الاسد
قارئ -من تاريخ سوريا بعد الاستقلال في عهد العائلة الاسدية:خلال مؤتمر صحفي مشترك، عُقد في القدس المحتلة مطلع 2005، بين عبد الله غل وزير الخارجية التركي آنذاك، ونظيره الإسرائيلي سيلفان شالوم، طرح الصحافي الإسرائيلي إيهود يعاري السؤال التالي على غل: “هل يمكن للإقرار السوري بسيادة تركيا التامة على لواء الإسكندرون، أن يُرى كسابقة للحال ذاتها في مرتفعات الجولان؟”. وكانت إجابة غل دبلوماسية بالطبع، لكنه تقصّد أن لا ينفي الإقرار السوري بالسيادة التركية على اللواء السليب، دون أن لا يطابقه مع الإحتلال الإسرائيلي للجولان: “المثالان غير متشابهين، فلا يوجد نزاع حول الأراضي بين تركيا وسورية، وبالنسبة إلى الحالة الثانية قرّرت الأمم المتحدة أنّ الأرض محتلة”.وهذا أمر لفت انتباه المعلّق الأمريكي دانييل بايبس، الذي يظلّ صهيونياً متشدداً وليكودياً حتى النخاع، ليس حسرة على أرض سورية سليبة بالطبع، بل تنبيهاً إلى أنّ النظام السوري لا ينظر بقداسة إلى حدوده مع تركيا، ويمكن استطراداً أن تكون هذه حاله مع حدوده الجنوبية!
سورية الاسد
قارئ -من تاريخ سوريا بعد الاستقلال في عهد العائلة الاسدية:خلال مؤتمر صحفي مشترك، عُقد في القدس المحتلة مطلع 2005، بين عبد الله غل وزير الخارجية التركي آنذاك، ونظيره الإسرائيلي سيلفان شالوم، طرح الصحافي الإسرائيلي إيهود يعاري السؤال التالي على غل: “هل يمكن للإقرار السوري بسيادة تركيا التامة على لواء الإسكندرون، أن يُرى كسابقة للحال ذاتها في مرتفعات الجولان؟”. وكانت إجابة غل دبلوماسية بالطبع، لكنه تقصّد أن لا ينفي الإقرار السوري بالسيادة التركية على اللواء السليب، دون أن لا يطابقه مع الإحتلال الإسرائيلي للجولان: “المثالان غير متشابهين، فلا يوجد نزاع حول الأراضي بين تركيا وسورية، وبالنسبة إلى الحالة الثانية قرّرت الأمم المتحدة أنّ الأرض محتلة”.وهذا أمر لفت انتباه المعلّق الأمريكي دانييل بايبس، الذي يظلّ صهيونياً متشدداً وليكودياً حتى النخاع، ليس حسرة على أرض سورية سليبة بالطبع، بل تنبيهاً إلى أنّ النظام السوري لا ينظر بقداسة إلى حدوده مع تركيا، ويمكن استطراداً أن تكون هذه حاله مع حدوده الجنوبية!