النووي بين قمة واشنطن ومؤتمر طهران [ 2-2 ]..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
انعقد، حال انفضاض قمة واشنطن ضد الإرهاب النووي، مؤتمر في طهران بمشاركة واسعة، تحت عنوان الطاقة النووية للأغراض السلمية للجميع والسلاح النووي للا أحد! عنوان يبدو جذابا، ولكنه يخفي كل ما لدى نظام الفقيه من مكر وقدرة هائلة على المناورة والتلاعب بالألفاظ كما بالوقت.
ولا يخفى أن غرض المؤتمر هو التستر على البرنامج النووي الإيراني العسكري والبرهنة على أن إيران ليست معزولة دوليا. وهي حقا غير معزولة بدليل حضور ممثلين عن روسيا والصين والبرازيل وتركيا والهند، فضلا عن دول عربية أحدها لبنان، الذي أعلن وزير خارجيته أن مؤتمر طهران "مهم جدا"!
كانت القمة الموسعة في واشنطن نجاحا دبلوماسيا ومعنويا لواشنطن ولاوباما شخصيا في مواجهة إيران، ولكن هذا لا يكفي للتصريح بأن العالم صار "أكثر أمنا بعد القمة"، كما صرح الرئيس الأميركي. ويقول المحلل الفرنسي المعروف" بيير روسلان" إن موضوع القمة تقني بحت، فالموضوعات السياسية، والقصد، أولا وأساسا، النووي الإيراني، بحثها أوباما على الهامش مع رؤساء بعض الدول. أما لماذا ارتأى الرئيس الأميركي عقد قمة رؤساء لقضية فنية، فلأنه يحتاج لزخم دولي شخصيا في مواجهة الصعوبات التي لا تزال تعترض إصلاحه الصحي. فلا يزال هذا القانون بحاجة لتصويت الشيوخ. وثمة ولايات متزايدة بدأت بالتوجه للقضاء لكي لا تطبق القانون. ونقول على الهامش، إن الإصلاح الصحي عادل وضروري لكونه يضمن العلاج الصحي لحوالي 30 مليونا معظمهم من الأفارقة الأميركيين. ولكن المعضلة أن الوضع المالي، بسبب الأزمة، كان غير مناسب لأن الإصلاح سوف يكلف حوالي 900 مليار دولار فيما الاقتصاد الأميركي يئن تحت أعباء عجز مالي متزايد وضخم. والنتيجة هي الحاجة لفرض ضرائب إضافية ستطبق على الطبقة الوسطى. ويقول البعض إنه كان يجب السير على خطوات بدءً بالعمل على تخفيض نفقات العلاج والدواء. كما أن العبء المالي انعكس أيضا على برنامج الفضاء الأميركي، فقرر أوباما أولا وقف أهم أنشطته ولكنه جوبه باحتجاجات المشرفين على البرنامج وموظفيه وعماله، فتراجع، وخصص 10 مليارات دولار للبرنامج. ويعلق "روسلو" في مقال آخر، قائلا: "إنه، بينما الصين ماضية في السباق للقمر، وبينما روسيا تحتفظ بمعارفها التقنية المتقدمة في مجال الفضاء، فأن الولايات المتحدة تعطي الانطباع كما لو أنها تتخلى عن " الحدود الجديدة" التي نادى بها جون كندي. وقد أراد باراك أوباما التخفيف من رد فعل استقطاعاته الكبيرة من البرنامج، ولكن هذا لا يكفي لإسكات النغمة التي تتغنى ب [ انحلال] أميركا]."
نعيد القول بأن القمة كانت مهمة لأنها حققت إجماعا دوليا رسميا على خطر الإرهاب الأمني، ولكن هذا لا يكفي بحد ذاته. فما صدر عنها ليس ملزما، ودول نادرة فقط أعطت التزامات قطعية ورسمية بالتخلص من اليورانيوم عالي التخصيب الموجود عندها، وفي مقدمة تلك الدول أوكرانيا، التي كانت قد تخلت عن سلاحها النووي منذ 1991 - أي بعد الاستقلال. أما العقبة الكبرى، فهي تحدي إيران وكوريا الشمالية وتماديهما في انتهاك القرارات الدولية، والمنافذ الواسعة لتسرب المواد والخبرات النووية من باكستان. وكانت أخبار سابقة، منذ شهور، قد تحدثت عن تزويد كوريا الشمالية للقاعدة ببعض الأسلحة المتطورة نكاية بأميركا. أما إيران، فإن التقارير الاستخبارية الغربية منذ منتصف العام المنصرم قد أكدت وصول النظام الإيراني لمرحلة القدرة على تصنيع القنبلة. وقد حاولت الإدارة الأميركية التخفيف من وقع تلك المعلومات، فصدرت عنها بيانات متناقضة. وها هو بيانها الأخير يتحدث عن أن إيران في حاجة لعام آخر للتصنيع! فكيف تتضارب التقارير الاستخبارية لهذا الحد؟ هناك من يرون في البيانات الأميركية المخففة ذريعة لمواصلة المباحثات حول العقوبات وحتى احتمال العودة إلى "اليد الممتدة"؟
أما العرب- حكومات ووسائل إعلام- ناهيكم عن الشارع- فهم - وعدا القلة- ينطلقون من الموضوع الإسرائيلي، ولسان حالهم: " إذا كان المبرر للاعتراض على المفاعلات والأنشطة النووية الإيرانية هو الخوف من السلاح النووي، فيجب أن تكون البداية من إسرائيل لأنها وحدها التي تمتلك السلاح النووي في المنطقة". فهل هذا المنطق مقبول لتبرير التساهل مع القنبلة الإيرانية القادمة - وما يعنيه من وقوع العرب "بين مطرقة السلاح الذري الإسرائيلي وسندان السلاح الذري الإيراني"؟؟
هذا سؤال وجيه سبق أن عالجه الكاتب الخليجي المعروف محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ في مقاله بصحيفة "الجزيرة" بتاريخ 10 مايو 2009.
إنه لموضوع الساعة وسوف نعود إليه، وهو موضوع مفتوح لأوسع نقاش موضوعي وهادئ، وخال من العاطفية. ونكتفي هنا بالإشارة إلى أن الدبلوماسية والدعاية الإيرانيتين تستفيدان من سياسة التصلب والعنجهية التي يتبعها نتنياهو لتجيير المواقف العربية لصالح مشروع إيران النووي وخططها التوسعية. وكما طرح الصحفي عبد الله إسكندر في مقالته ب"الحياة"، في 23 ديسمبر الماضي، فإن إيران تريد من العرب التسليم لها بما تفعله بذريعة العداء لإسرائيل "ليصل الأمر إلى حد اعتبار أن إثارة هذه المشكلات - [ أي سياسات التدخل الإيرانية ونشاطها النووي]- تصب في خدمة إسرائيل والولايات المتحدة، وليصبح الجوار العربي بين خيار عدم مساءلة إيران عن سلوكها وسياستها أو خدمة مصالح إسرائيل والغرب والوقوع في الخيانة..." ومن يستمع إلى خطب وتصريحات كثيرين من الزعماء العرب يرى حالا وقوع العرب في هذا الفخ الإيراني، بينما تواصل إيران التدخل في لبنان والعراق واليمن وغزة وأفغانستان، ونواصل احتلالها للجزر الإماراتية. وهناك أطماعها في البحرين، وأساليب تحريضها الداخلي ضد دولة الكويت، وتآمرها على مصر من خلال حزب الله، ألخ.- وهذا بموازاة نشاطها النووي ذي الأغراض العسكرية.
وللتذكير، فإن فذلكة "الجوار" - والقصد إيران - عززها السيد عمرو موسى في القمة العربية، وقيل إن اقتراحه جاء من الدكتور البرادعي، الداعية الأكبر للحوار مع إيران.... والله أعلم!
التعليقات
الجهل
Ben -واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.