فضاء الرأي

رابطة الجوار العربي: فكرة منطقية أم مجرد نكتة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أثار الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في القمة العربية التي عقدت في مدينة سرت الليبية في السابع والعشرين من مارس 2010، فكرة جديدة في ساحة العمل العربي المشترك، وهي دعوته لقيام (رابطة الجوار العربي) بين دول الجامعة العربية (22 دولة) ودول الجوار مثل تركيا وإيران ودول الجوار الأفريقي، مطالبا أن تكون البداية مع تركيا وتشاد. ولم يكتف الأمين العام بهذا الطموح بل راى أن يتسع هذا الإطار الجواري ليشمل مستقبلا دول جنوب أوربا على البحر المتوسط. ومن غير المعروف لي على الأقل إن كانت دعوة الأمين العام للجامعة العربية هذه، كانت نتيجة دراسات عميقة قام بها فريق من الخبراء والمختصين، أم مجرد زلة لسان أو نكتة قصد منها التسلية والإضحاك.

ماذا يقول الواقع؟
من المعروف أن عمر الجامعة العربية (22) دولة، اليوم هو خمسة وستون عاما بالتمام والكمال، ورغم ذلك لم ترتق العلاقات بين دولها إلى علاقات جوار وتكامل طبيعية على غرار ما هو حادث منذ سنوات بين دول المنظومة الأوربية التي ارتقت منذ سنوات إلى ما هو قريب من الوحدة الكاملة. والسؤال الطبيعي في هذا السياق: هل تستطيع دول ذات صفة عربية لم تقم علاقات جوار طبيعية في ما بينها، أن تقيم هذه العلاقات مع دول ذات صفات تركية وإيرانية وأفريقية وأوربية؟. وتبسيط جواب هذا السؤال يكون عبر الأسئلة التالية:
أولا: ما نوع العلاقات الاقتصادية العربية مع دول الجوار المطروحة، طالما الدول العربية ذاتها لم تتمكن حتى اليوم من إقامة السوق العربية المشتركة أو العملة العربية الموحدة؟، في حين أن منظومة الدول الأوربية طبقت العملة الموحدة (اليورو) منذ سنوات.
ثانيا: كيف سيكون التنقل بين الدول العربية وبين دول الجوار المطروحة، طالما التنقل بين غالبية الدول العربية يحتاج إلى تأشيرة دخول مسبقة من الصعب الحصول عليها في أغلب هذه الدول، والحدود مقفلة منذ سنوات بين بعض الدول العربية؟، بينما دول المنظومة الأوربية ألغت الحدود بينها ويستطيع مواطنوها التنقل بين سبعة وعشرين دولة أوربية بدون تأشيرة دخول أو جواز سفر، فبطاقة الأحوال الشخصية تكفي لاثبات الشخصية والتنقل الحر الآمن؟.

وماذا عن بعض الدول المقترحة للرابطة؟
أولا: إيران
كيف ستقوم علاقة جوار طبيعية ضمن رابطة سياسية مع دولة الجمهورية الإسلامية في إيران، وهي تحتل الأحواز العربية منذ عام 1925، والجزر الإماراتية الثلاثة منذ عام 1971، ولا تتوقف عن التهديد بإعادة ضم المملكة البحرينية التي هي في عرفها محافظة إيرانية، وتهدد بتدمير دول الخليج العربي إن تعرضت لعدوان خارجي، وآخر المهازل منعها أي طيران يستعمل اسم (الخليج العربي) من النزول في مطاراتها أو التحليق في أجوائها. وفي الوقت ذاته علاقات إيران متوترة مع العديد من الدول العربية ومقطوعة مع بعضها. وكذلك فإن نظرية تصدير الثورة الإيرانية الخمينية لا تهدد إلا الجوار العربي في دول الخليج العربي تحديدا.
ثانيا: تركيا
كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حاضرا القمة العربية التي أعلن فيها عمرو موسى مبادرته هذه، وكان طيب رجب أردوغان أول المرحبين بها لأن موسى طالب البدء بالجارة تركيا لقيام هذه الرابطة معها، في حين لم يرحب بالفكرة في القمة أي رئيس أو مسؤول عربي. ولا أعتقد أن هناك تحفظات على الدور التركي ترقى لنسبة بسيطة من التحفظات على الدور الإيراني، إلا أنه يبقى مطلوبا موقفا عربيا واضحا من احتلال تركيا منذ عام 1938 لإقليم الإسكندرونة السوري الذي كان يطلق عليه لسنوات في المناهج التعليمية السورية صفة (السليب).

ثالثا: أسبانيا
وإذا كان تعريف (دول جنوب أوربا على البحر المتوسط) يشمل في عرف عمرو موسى أسبانيا، فكيف ستقوم علاقة جوار طبيعية في ظل احتلالها لمدينتي سبتة ومليلة المغربيتين، وهناك توتر واضح بين الدولتين بسبب هذه المشكلة؟.

رابعا: دول الجوار الأفريقي
ذكر الأمين العام للجامعة العربية في مبادرته دولا أفريقية بالاسم: إثيوبيا، إريتريا، تشاد، السنغال، مالي، غينيا، والنيجر. وهذا يضيف للمسالة تعيقدات أفريقية عربية، فدولة إريتريا رغم أن نسبة من سكانها يتكلمون اللغة العربية إلا أنها منذ استقلالها عن إثيوبيا عام 1993 رفضت الانضمام لجامعة الدول العربية رغم حدودها المجاورة للسودان ولليمن عبر البحر الأحمر، بينما انضمت للجامعة العربية دولة (جزر القمر) في عام 1993 أي نفس العام الذي رفضت إريتريا الانضمام للجامعة، رغم - وهنا ضحك كالبكاء - أن جزر القمر لا تربطها أية حدود بأية دولة عربية، فهي تقع في المحيط الهندي بين شمال غربي مدغشقر والساحل الأفريقي، على بعد 300 كيلومتر من موزمبيق ومدغشقر. وإريتيريا واثيوبيا المقترحتان لرابطة الجوار لا توجد بينهما علاقات ودية طبيعية بسبب الخلاف الحدودي على مناطق: زالامبيا، بادمي، آيروب، و اليتنيا، رغم التحكيم الدولي لصالح اثيوبيا عام 2002، وقد سبق أيضا نزاع إريتريا مع اليمن على ملكية جزر حنيش الصغرى والكبرى، والتحكيم الدولي بأحقية اليمن بها عام 1998.

دعوة غير منطقية وليست واقعية
وبالتالي استنادا للوقائع والمعطيات السابقة، فإن دعوة (رابطة الجوار العربي) التي أطلقها عمرو موسى ليست دعوة منطقية، ولا توجد أية سنائد واقعية تدعمها ولو على مستوى صدور بيان على الورق حولها، وهذا ما يفسر عدم اهتمام الدول العربية كافة بها، ولن تطرح للنقاش بعد ذلك في أي منتدى أو لقاء عربي أيا كان مستواه، فالأهم هو محاولة إقامة (رابطة الجوار العربي) بين الدول العربية نفسها، أعضاء ما يسمى "جامعة الدول العربية " منذ خمسة وستين عاما فقط، ولا أدري كم ستون عاما أخرى نحتاج لجامعة عربية حقيقية، تكون في مستوى منظومة الاتحاد الأوربي.
ahmad.164@live.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
iran big nation
omar -

iran big nation,d''nt worry

مزحة
خوليو -

هي دعوة من أجل الصلاة والصوم المشترك في رمضان القادم، فهي وحدة مؤكدة وقد يهدون الجار الأوروبي على هذه الفضائل التي لم يسبقهم إليها أحد،والتي حظاهم إياها إلههم، المواطن العربي يسمونه -الوافد- وليمنحوه إذن عمل نجوم الظهر أقرب له، ولن نتحدث عن الفلسطيني وليبيا القذافي حدث ولا حرج، فبدون شك هي وحدة صلاة وصوم فقط حتى الحج مقنن،وطالما أن الجامعة سقطت في جميع الفحوص، لم يبق أمامها سوى الدخول في موضة الأزمة الدينية.

لماذ لا
هاني العمري -

دكتور لماذا لاتنجح هذه الفكرة الا يكفي التشرذم العربي ولعل وعسى ان يكون هناك تقدم بالموضوع

الأمن الإقليمي
عبدالنبي مسيب -

يا د. مطر ان دول الجوار تمثل المحيط الأمني والاقتصادي والتجاري والاجتماعي والثقافي ، ليس فقط منذ تأسيس الدولة العربية الحديثة وأنما يتعدى ذلك إلى الحقبة الزمنية التي سبقت قيامها وان طرح هذا المشروع من قبل الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لم ولن يأتي من فراغ ، بل أصبح في الوقت الراهن حاجة وضرورة قومية و أمنية وأن المعطيات الإقليمية والدولية تؤكد أهمية هذا التوجه ،و أن قضية الخلافات السياسية والحدودية بين بعض الدول العربية وبعض دول الجاور يمكن حلها أو تخفيفها أو تجميدها كحد أدنى من خلال تكثيف التعاون والتنسيق المشترك وايجاد أرضية للمصالح المشتركة التي تؤسس لقاعدة من الثقة والتعاون الافضل لحل الخلافات التي تعيق استمرار وديمومة هذه الرابطة أو المنظمة الإقليمية .كما ان المقارنة بين جامعة الدول العربية والمنظومة الأوربية مقارنة غير عادلة وكذلك بين دول المنظومة والدول العربية أيضا لايتسم بالحياد والموضوعية وذلك للفروقات الهائلة ومستوى التقدم الاقتصادي والعلمي والتقني والمؤسساتي (المؤسسات التشريعية والصحافة ولإعلام) ، لذا فتطور الدولة القطرية وتقدمها يلعب دوراً حاسماً في تسهيل وأسراع عملية التقارب أو الاندماج الإقليمي ، فنجاح المؤسسة أو المنظومة الإقليمية يعتمد على تقدم أعضائها ...مع التحية

على ورق دون تنفيذ
ميسون-فلسطين -

ماساتنا نحن العرب يا استاذ ابو مطر اننا من اكثر الامم تشكيلا للجان واصدارا للقرارات ولكن عند التنفيذ تجد المماطلة والبيروقراطية والتاجيل والتعديل وفي النهاية تذهب كل تلك القرارات مع لجانها الى اللا شئ؟؟ نتمنى ان تنجح دعوة عمرو موسى ولكن الواقع لا يوفر اي فرصة لنجاحها فاذا كانت كل دولة عربية لديها اكثر من منهاج واكثر من عدو واكثر من هدف واذا كنا نحن الامة الوحيدة التي لا يشاهد فيها هلال رمضان والعيد بذات الليلة نحن العرب كامة (للاسف) لا نشكل مكسبا يدعو احدا فيسعى الى خطب ودنا وخسارتنا لا تشكل خسارة لاي تجمع دولي او اقليمي حين نعرف العدو من الصديق وحين تتوحد اهدافنا وحين نعرف ان عدونا الاول (الدكتاتورية والفساد المتضخم) وعدونا الثاني هو العدو الذي يشتغل لمصالحه الخاصة (وهذا حقه) فيتلاعب بمصائر شعوب نائمة باكملها ساعتها لكل حادث حديث