العهد غير العهد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في أول جولة قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للمحيط الهادي قالت: " إن الولايات المتحدة لا تنوي الربط بين سياستها ومسألة حقوق الإنسان "... والمكان هنا مهم للإشارة إلي دلالة الزمن أو " العهد الجديد "، لأن حرية الضمير وحقوق الأقليات، من الطقوس التقليدية في السياسة الأمريكية في تعاملها مع (الصين) علي وجه التحديد، التي تتخذ تاريخيا واستراتيجيا كمنصة لإطلاق التصريحات الرنانة بشأن الديموقراطية وحقوق الإنسان.
أعقب ذلك تأكيد الرئيس باراك أوباما في خطابه في الأمم المتحدة: " إننا لا ننوي تصدير ديمقراطيتنا "، ورغم أن الأمريكيين أنفسهم (فما بالك بالعرب) لم يفهموا هذا الكلام جيدا، فإن المحادثات الأخيرة بين أوباما ورئيس الوزراء الصيني وين جياو باو لم تتطرق مطلقا لمسألة الديمقراطية أو حقوق الإنسان.، وتلك كانت إشارة صادمة لدعاه التغيير في كل مكان.
لقد ولت مرحلة الرئيس بوش "الأب والابن" التي رفعت شعار "مقرطة العالم"، وولت مرحلة الرئيس بل كلينتون عندما كانت حقوق الإنسان رقم واحد، حيث حاول الأمريكيون استخدامها مرات عديدة مع الصين ولم ينجحوا، وفي النهاية تخلوا عنها.
ظلت الولايات المتحدة تدعم الانفصاليين سواء في إقليم "التبت" أو مقاطعة "شينج يانج" ذات الأقلية المسلمة، أما اليوم فإن الوضع قد اختلف خاصة في مقاطعة "شينج يانج" التي تقطنها أقلية مسلمة من الإيجور، حيث دار حديث ودي بين أوباما ووين جياو باو حول كيفية التنسيق والعمل المشترك في أفغانستان، لأول مرة.
الصين تعتقد أن المجاهدين الايجور يتدربون في أفغانستان، وأن أمريكا تدعم الايجور ضدها، أما اليوم فقد اختلف الأمر، وأدرك الأمريكيون أنه من الأفضل أن تساعدهم الصين، الدولة الكبري في آسيا، في ورطتهم في أفغانستان.
ويكفي أن نعرف أن أوباما رفض مقابلة زعماء المعارضة والانفصاليين في الصين، مما يدل علي تغيير في السياسة الخارجية الأمريكية، وطقوسها التقليدية.
قبل أشهر قليلة عرضت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون برنامج عمل حكومة أوباما في مجال حقوق الإنسان، (بالكامل) وبالتالي فإن ما أذاعته وكالة أسوشيتدبرس الإخبارية أمس من أن خفض معونة الديمقراطية في مصر تم بشكل مفاجئ، ليس جديدا علي اطلاقه.
ففي كلمتها يوم 14 ديسمبر 2009 بجامعة جورج تاون في العاصمة واشنطن عرضت كلينتون أهداف الرئيس أوباما لحقوق الإنسان في القرن الحالي، وقالت إنه يتعين رؤية موضوع حقوق الإنسان ضمن سياق واسع يقر " بوجود متطلبات سلبية وإيجابية "، وأضافت إن الناس في كل مكان ينبغي أن يكونوا أحرارا من الاستبداد بجميع أشكاله، كما يجب أن يكونوا أحرارًا " في اغتنام الفرصة لعيش حياتهم بالكامل "، وأردفت إنه لكي تتحقق حقوق الإنسان ينبغي أن يكون الناس متحررين من ظلم الحاجة - الحاجة إلي الغذاء والحاجة للصحة والحاجة للتعليم والحاجة للمساواة أمام القانون وأمام الحقيقة ".... وهنا بيت القصيد ومكمنه.
أهم ما قالته كلينتون - حسب " جين مورس " المحررة في موقع (أمريكا دوت جوف) - أن: " حقوق الإنسان والديمقراطية والتنمية ليست أهدافا ثلاثة منفصلة لها برامج عمل منفصلة، ومن أجل تحقيق فارق حقيقي وطويل الأجل في حياة الناس علينا التعامل معها بصورة متزامنة بالتزام يكون ذكيا واستراتيجيا ودؤوبا وطويل الأجل".
وفي حين سلمت كلينتون بأنه لا توجد صيغة بمفردها لنشر حقوق الإنسان والديمقراطية والتنمية يمكن تطبيقها في كل وضع وكل مكان، فقد حددت عناصر حاسمة في خطة عمل حكومة الرئيس أوباما.
وسأترك لها بقية المقال، تقول كلينتون : " إن محاسبة كل بلدان العالم قياسا بمعايير عالمية لحقوق الإنسان تشكل أولوية وإن الولايات المتحدة ستقيم أداءها هي من خلال المشاركة في المراجعة العالمية الدورية لسجلها لحقوق الإنسان بالتحديد، وذلك من خلال الأمم المتحدة
.. من خلال محاسبة أنفسنا فإننا سنعزز سلطتنا الأخلاقية بمطالبة جميع الحكومات أن تتقيد بالالتزامات بموجب القانون الدولي ".
" إن الولايات المتحدة، بتطبيقها معايير حقوق الإنسان، ستعمل علي موازنة الضغوط والحوافز في نهج براجماتي لا ينال من مبادئها، كما أنها ستعمل من أجل تغيير إيجابي ضمن مؤسسات متعددة الجنسيات، وقالت إنها في سعيها لاستحداث طرق خلاقة لتحقيق هذه النتائج كلفت بإجراء أول مراجعة للدبلوماسية والتنمية كل أربع سنوات من أجل تطوير استراتيجية مستقبلية ".
وأنهت كلينتون كلمتها بالقول :" إن حقوق الإنسان لا يمكن أن تكون مجرد مشروع من مشاريع الحكومات، فالتغيير يجب أن يدفع إليه المواطنون ومجتمعاتهم "..
ولا عزاء لدعاه التغيير والإصلاح السياسي والديموقراطي، ومؤسسات المجتمع المدني وأنصار حقوق الإنسان في كل مكان؟