واشنطن ومستقبل الإحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جندت حكومة إسرائيل وسائل الاعلام منذ فشل زيارة نتنياهو الأخيرة لواشنطن لكي تحفز الرأي العام الداخلي وفي المهجر ضد خطة السلام التى ينوي الرئيس الامريكي طرحها علي طرفي النزاع، لأنها تتوقع ان تتحول إلي " شرك " من شأنه انه يقلص من خطط مواصلة احتلالها لأراضي الضفة علي وجه الخصوص في ضوء :
-نجاح واشنطن في اقناع الفلسطينين بالعودة إلي مائدة المفاوضات عبر تبني مطالبهم " غير الشرعية " التى سبق لهم ان تخلوا عنها، لذلك تتمسك حكومة إسرائيل برفض الشروط المسبقة.. وهذا غير صحيح ولا منطقي.
-المطالبة بوقف البناء في المستوطنات / المستعمرات وفي القدس بالذات، لهذا أصر نتنياهو علي القول مرة أخري أمام اجتماع أيباك السنوى الأخير أن القدس ستبقي عاصمة موحدة لإسرائيل.. وهذا مخالف لكل التشريعات الدولية التى تُحرم علي إسرائيل كدولة مُستعمرة البناء فوق الأرض التى تحتلها..
-إصرار أوبما علي تحويل النزاع بين الطرفين من " نزاع وطنى " إلي " نزاع ديني " لكي يجبر إسرائيل علي التنازل عن أراضي لم يعد من الممكن تركها.. وهذا أفك وإفتراء لأن الأرضية التى شكلت الأساس الذي تقوم عليه المقترحات الأمريكية منذ عهد الرئيس كلنتون إلي اليوم ترتكز علي الانسحاب إلي خطوط يونية 1967 مع تعديلات طفيفة..
هذه التجنيد الذي ينحو نحو التشدد كما يراها " متطرفي العنصرية " في إسرائيل يرتكز علي تحويل اسطورة الحوض المقدس اليهودية ( يضم الحرم الشريف وجبل الزيتون وجبل صهيون ومجموعة متنوعة من المواقع المسيحية التاريخية ) في قلب مدينة القدس إلي صخرة خلاف علني بين تل ابيب وواشنطن.. يتساءل جي بخور في صحيفة يديعوت ( 1 إبريل ) لمصلحة من يدفع أوباما الفلسطينيين للتشدد؟؟.. ويرد قائلاً " دائما كان هناك بناء في القدس " ولكن الجانب الآخر لم يجعل وقفه شعاراً له!! ويستشهد علي ذلك مؤكداً " قبل أشهر قليلة أدار الطرفان تفاوضاً برعاية إدارة الرئيس بوش لم يكن وقف البناء في المستوطنات أحد شروطه "..
لذلك يقول الكاتب أن إسرائيل إذا استسلمت لمثل هذه الأفكار " فستكون مكرهه بضغط أمريكي علي خوضها " وستقبل بعد فترة بالمطالب الفلسطينية فيما يتعلق بالحدود واللآجئين.. وإذا قبلت بهذا الإكراه ستجد نفسها في تفاوض مع أكثر من طرف " الجامعة العربية التى يقف علي رأسها المتطرف عمرو موسي، بالإضافة إلي لجنة المتابعة العربية التى تمثل في واقع الامر كل الدول العربية "..
حكومة نتنياهو بمواجهتها مع الإدارة الأمريكية تريد ان تقول للأطراف العربية جميعاً المعتدلة والمشتددة والبين بين، أنها قادرة علي مناصبتهم العداء بلا تأييد من أحد إلا عنصريتها وغلوائية مستعمريها.. وأن تؤكد للشعب الفلسطيني أن البناء في القدس الشرقية حتى لو طال الحرم القدسي الشريف سيتواصل من أجل الحفاظ علي هويتها، لأنه لا توجد قوة شرعية قادرة علي فرض عقوبات إقتصادية أو سياسية ضدها.. وإن إضطرتها الظرف للدخول في حرب، فهي أهل لها..
أما نداف هعتسي، فيتفاخر ( صحيفة معاريف 1 إبريل ) بموقف بن جوريون " الصلب " في مواجهة محاولات إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق ترومان منع قيام دولة إسرائيل عام 1948، ويشيد بقدرته علي مقاومة التهديدات الداخلية التى نددت بمن يجرأ علي مخالفة " قرار هذا المنع ".. ويصف مواقف السياسيين الذين تخوفوا في حينه من مغبة " مخالفة " رأي واشنطن بأنها إنهزامية، ويقول أنهم لوانتصروا " ماكان لدولة إسرائيل أن تري النور في ذاك التاريخ ".. لذلك يختم مقالته متمنياً أن تقف الجماهير خلف نتنياهو لتأكيد رفضها التام لكافة المطالب الفلسطينية وتثبيت " حقها في مواصلة البناء " بشرط أن لا يتصاعد الموقف إلي مستوي " مواجهة غير متكافأة سياسيا مع الولايات المتحدة " وذلك بالبعد عن التجمل في غير موضعه حتى لا يتوافر لمستشاري أوباما من اليهود " أسلحة إضافية تساعدهم علي مواصلة الضغط علي إسرائيل "..
مع من يتفاوض الفلسطينيون؟؟..
-مع حكومة تروج منذ ستة أشهر أنه لا أمل في التوصل إلي تسوية معهم، وتصدر أمر عسكري يمنح قيادة قواتها الاستعمارية في الضفة القوة العنصرية لطرد عشرات الألآف من الفلسيطينين خارج حدودها..
-مع سياسيون يقولون في كل مناسبة أنه لا يوجد شريك فلسطيني يثقون فيه..
-مع أجهزة عنصرية ترفض حتى الوقف المؤقت للبناء فوق الأراضي التى تحتلها منذ أكثر من أربعين عام..
-مع نظام حكم إستعماري بلغ عدد آخر قتلي حرب قواته المسلحة ضد شعب غزة الأغزل اكثر من 2500 شهيد..
-مع حكومة تفرض حصاراً وحشياً علي أرض تحتلها وترفض الإعتراف بنتائج الإختيار الشعبي لسكانها..
-مع أجهزة قمعية تحتجز خلف قضبان سجونها أكثر من 15 ألف مقاتل وشيخ وأمرأة وطفل..
-مع مؤسسات إحتلالية تطلق النار علي نشطاء السلام القادمون من انخاء العالم لنصرة حقه في الحرية والأستقلال..
الشارع السياسي في إسرائيل يدعي أن خطة السلام التى ينكب مستشاروا الرئيس الأمريكي علي تدارسها، ليست من أجل الشعب الفلسطيني وإنما هي في المقام الأول " لتحسين صورة واشنطن لدي المسلمين في الشرق الأوسط ".. ويرفض اقطابه بشدة مقولة الجنرال بتراوس التى وصف فيها مؤخراً إسرائيل " بأنها معوق للسلام في المنطقة "..
وبينما يعترف البعض منهم أن معارك القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق " تدعم الوجود الإسرائيلي "، تدعي غالبيتهم أن سياسات حكومتهم علي مستوى الشعب الفلسطينيى من ناحية وعلاقتها مع دول الجوار من ناحية ثانية " لا صلة لها بتزايد تأثير تنظيم القاعدة علي الفكر الجهادي وما يتبعه من تصاعد العنف والتشدد داخل المجتمعات العربية والإسلامية "..
وفي حين تطالب قلة من السياسيين بوقف التصعيد " حول البناء في المستوطنات " مع واشنطن حتى لا تتحول إسرائيل إلي " عقبة في طريق المصالح الأمريكية بالمنطقة " مما قد يؤدي إلي تغير مكانتها ضمن جدول أولويات واشنطن، تصر الغالبية علي حق حكومة نتنياهو في البناء في كافة المناطق التى يراها الخبراء مناسبة خلف الخط الأخضر..
وبينما تروج هذه القلة لقبول التعهدات الخطية التى تصر عليها واشنطن، تُعمل بدأب علي تقوية قنوات علاقاتها بالكونجرس لكي يقنع البيت الأبيض بـ " عدم جدوي الضغط علي إسرائيل " حتي يقتنع طرفي النزاع " في الوقت المناسب وبدون تأثيرات خارجية " بحقيقة المصالح المشتركة بينهما..
مطالب الاغلبية هذه لن تحقق لإسرائيل الأمن أو الإستقرار، ولن توفر للمنطقة كلها السلام والتنمية..
-لأن الظروف التى تحيط بها غير متماثلة مع الأجواء التى سبقت عقد إتفاقية السلام مع مصر في مارس 1979، حتى علي مستوى الفكر الذي كان يمثله الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الذي يشبهه البعض بالرئيس باراك أوباما به..
-ولأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يختلف فيما عدا سمات العنصرية عن مناحيم بيجن، كما أن الطاقم الوزاري والإستشاري الذي يحيط به يتفوق في عنصريته الإحتلالية عن ذاك الذي كان من بين أفراده عيزرا وايزمان وموشيه ديان..
-ولأن الإنسحاب من سيناء لا يتطابق في أي من جوانبه مع مقتضيات الإنسحاب من الضفة الغربية والقطاع إلي حدود يونية عام 1967..
-ولأنه ليس من بين قادة إسرائيل من يمكن وصفه بأنه قائد ذو وزن يملك قدرات الإقناع التى تدفع الجماهير إلي السير خلفه لتقديم مجموعة من التنازلات الضرورية التى يمكن أن تحقق لها السلام الذي يتشدقون به..
كافة التقارير الأوربية تشير إلي فشل ذريع لنتنياهو حيال مجمل السياسات التى أدار بها شئون دولته خلال الأثني عشر شهراً الأخيره من عمرها.. فهو الذي أسلم رقبته لعناصر إئتلاف إستعماري شديد التطرف والعنصرية، ربما يقود إسرائيل - في رأي الكثير من المراقبين الأوربيين - إلي نهايتها التى لا مفر منها كما وقع للنظام العنصري الذي كان يحكم في جنوب افريقيا منذ عقدين فقط!!..
bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا drhassanelmassry@yahoo.co.uk