فضاء الرأي

بركان أيسلندا: فروق التوقيت بين الطبيعة والإنسان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

سحابة رماد بركان أيسلندا وآثارها على الاقتصاد العالمي، أعادت للأذهان تداعيات الإرهاب في 11 سبتمبر. فقد أسفر إلغاء رحلات الطيران لمدة خمسة أيام، عن خسائر في مجال الصناعة بلغت حتي اليوم بليون دولار، كما بدأ بعض رجال الصناعة يطالبون بتعويضات من الحكومات الأوروبية ومن الاتحاد الأوروبي، بما يشبه الطريقة التي تم بها تعويض الشركات التجارية بعد توقف حركة الطيران في الولايات المتحدة في العام 2001.
في الوقت نفسه، نشط الحديث من جديد عن الظواهر الطبيعية والصدفة وقدرة العقل علي التنبؤ بالأحداث والظواهر مستقبلا، مع التركيز علي مناقشة ما قاله الفيلسوف والرياضي الأمريكي المعاصر " كيث ديفيلين " عن " ميلاد منطق جديد للعقل الإنساني ".
ففي عام 1996 صدرت الطبعة الأولي من كتاب جديد في بابه ومضمونه ومنهجه، ما تزال تتوالي طبعاته بست لغات ( ليس من بينها اللغة العربية )، حمل عنوان" وداعا ديكارت "، حذر ديفيلين فيه من أن ملامح هذا العقل وقسماته وقواعده وآلياته لم تعرف بعد بشكل كافrlm;،rlm; وهو مايبعث علي القلق والحذر في تعاملنا مع المستقبل، علي حد قولهrlm;. rlm;
هذا الكتاب كان أشبه بالنبوءه التي حققت نفسها بنفسهاrlm;,rlm; خاصة بعد زلزالrlm;11rlm; سبتمبر الرهيبrlm; عام 2001 ,rlm; ففي أحد فصوله الهامة يستعير المؤلف من لويس كارول في كتابه ( أليس في بلاد العجائب ) تشبيه عصرنا هذا بـ " تكشيرة القطةrlm; ".. أو قل هذا التنمر العدواني الكامن خلف الوداعة الخادعة للقططrlm;، والذي يظهر بغته في لحظة لا نتوقعهاrlm;,rlm; ويبقي أثره السيئ في مخيلتنا لبرهةrlm;.rlm; وحسب ديفلين فإن الجديد في عصرنا هو أننا سنري دائما هذه التكشيرة لكن دون أن نري القطة أبداrlm;!..
ربما كان الفيلسوف الفرنسي المعاصر " جاك دريدا " هو أول من تبني رأي " ديفيلين " وطوره، ففي رأيه أن 11 سبتمبر "حدث" استطاع اجتياح المجال العام والحياة العامة، وقد نجح هذا الفعل في استحداث تاريخ مفصلي، والشيء الذي استحدث تاريخًا "هو دومًا الضربة الموجهة، فلقد استطاع هذا الحدث أن يكون حدثًا مؤثرًا فريدًا غير مسبوق"(1).
إن ما أصيب، حسب دريدا: ليس ارتطام الطائرات ولا الأشخاص والمباني والهياكل المعمارية المدنية ذات الدلالة الاستراتيجية والرمزية معًا على النفوذ الرأسمالي السياسي والعسكري فحسب، بل أن ما أصيب من خلال كل ذلك هو، ربما وفوق كل شيء ذات الآلة المفاهيمية والدلالية التأملية التي كان من شأنها أن تتيح لنا أن نتنبأ بما حدث أو نفهمه، أو نقوم بتأويله ووصفه والتحدث عنه"(2).
من المحلّلين النّفسيّين المعاصرين " دانيال سيبوني " الّذي كتب مقالات كثيرة تعالج الأحداث والظّواهر الجديدة الّتي تفاجئنا كل يوم ( بجدّتها)، أو بعودتها في أشكال جديدة.
سيبوني أجمل رؤيته في كتاب ضخم، ثلاثة أجزاء، عنونه ب" أحداث ".. والحدث برأيه هو الاصطدام الّذي يحدث مع الواقع، أو هو هذا اللّقاء الصّادم مع الواقع، فإنّ الأحداث الّتي لا نتعجّب من وقوعها وإنّما من عدم تنبّئنا بوقوعها، تخفي في حقيقة الأمر ميلنا إلى أن نتوقّع حدوث "كلّ شيء" حتّى لا يحدث "شيء" فلا يحدث لنا "أيّ شيء".
بين عامي 1870 - 1925، بدأت الموجة الثانية من موجات العولمة ( بعد الكشوف الجغرافية في عصر النهضة )، وضبط " التوقع " واستشراف " الأحداث " و" التنبؤ بالمستقبل " وهي بداية ما يعرف بالحكمة الجماعية والتأكيد علي المشترك الإنساني للافكار. ففي نهاية القرن التاسع عشر تم التوصل رسميًا إلى مستجدات بشرية جغرافية، في إطار ضبط النطاق الزمني للعالم، وإنشاء خط للمواعيد الدولية، والتبني العالمي للتقويم الجريجوري، وتأسيس شفرات تلغرافية وإشارية دولية، ومن هنا انتشر الوعي بالكونية بسرعة"(3)، الذي تسارع واكتمل مع بداية الألفية الثالثة، أو الموجة الثالثة للعولمة.
لكن.. بركان أيسلندا في إبريل 2010، نبه البشرية إلي أمر أساسي، يتم تغافله أو تناسيه غالبا، لخصه " راي سواريز " كبير مراسلي برنامج (نيوز أور) الإخباري بقوله: "في اللحظة الراهنة، فإن الطبيعة تذكّر البشر بأن الخطط والنظم والجداول ينبغي عليها في بعض الأحيان أن تفسح المجال لكوكب يسير حسب التوقيت الخاص به".

الهوامش:

1 - جاك دريدا: ما الذي حدث في "حدث" 11 سبتمبر؟ ترجمة: صفاء فتحي، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ط1، 2003، ص - 51.
2 - المرجع نفسه: ص - 66.
3 - رونالد روبرتسون: العولمة.. النظرية الاجتماعية والثقافة الكونية، ترجمة: أحمد محمود، نورا أمين، مراجعة وتقديم: محمد حافظ دياب، المشروع القومي للترجمة (78) المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة 1998، ص - 359، 360.


dressamabdalla@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
nero
nero -

تعالج الأحداث والظّواهر بهدؤ بـ قوانين اول شئ فتح الحدود لـ علاج مشاكل اجتماعيه مثل جماعات تناسب بالزواج جماعات و الموظف ينسى الحقد الـ فى قلبه و امساك الناس مثل الجماعات الارهابيه و الجماعات القليله فى مشاكل ترقى و تهاجر بمساعده مجلس الامن الامم المتحده الهيئات الدوليه لاماكن تناسب امكانياتها و معاش لـ الجنسين من سن العشرين مثلا مدى الحياه يغنى عن العمل و يساعدهم على مشروعات منزله ان هذا بدايه بـ قوانين يمسك العالم الارض و يعيش الانسان فى سلام لان الحدود يعنى عدم السيطره على الطبيعه نهائى و اى امزجه تؤثر معروف سوف تكون مبرمجه على انشطه اقتصاديه و بيئه حاقده على من حولها و امزجه متخلفه الخطر من ممن يريد يمسك ارض و يستولى عليها و يغلق الحدود على حساب راحه العالم كله

الشغله عمل ارهابي
عابر -

يقال ان سبب تفجر البركان قيام بعض الارهابيين الاراريين بدفن قنابل كبيرة الحجم في عمق البركان وتفجيرها بغرض بغرض عمل ثقب في الارض يتسبب في غرق اروربا بمياه المحيط والله اعلم