أصداء

دولة فلسطين الوهمية التى يتعهد بها نتنياهو

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ما يقال حول الزيارة الأخيرة التى قام بها جورج ميشتيل إلي إسرائيل ورام الله وأعلن خلالها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي تعهد بالاستجابة الجزئية لضغوط واشنطن عليه.. هل هو حقيقة؟؟ ستؤدي إلي انفراج يبدأ بمفاوضات غير مباشرة قد تؤدي إلي وضع جدول زمني لمرحلة معقة وجادة من مفاوضات آخر فصول الصراع بين إسرائيل كدولة عنصرية مستعمرة وبين الشعب الفلسطينى الذي تحتل أرضه.. أم هو تسويف يتفق مع الأستراتجية التى وضعها نتنياهو لحكومته منذ اكثر من عام وسار عليها بنجاح حتى الآن؟؟..


المسألة كلها يمكن النظر إليها من زاوية حصار الإدارة الأمريكية الذي كان ولا يزال مضروباً حول نتنياهو علي وجه التحديد.. فهو يعمل بكل طاقته لكي يجد مخرجاً للحالة التى وصلت اليها علاقته بالرئيس الأمريكي، لذلك إستخدم مطلب " التعبير عن حسن نياته تجاه السلطة الوطنية " بالالتفاف حول ضغوطات أوباما لأنه لا يرغب ولا يستطيع الالتفاف علي الأئتلاف الذي شكل منه حكومته اليمينية الاستعمارية العنصرية منذ مارس 2009..


وبينما يردد نتنياهو صباح مساء رفضه القاطع لمطلب تجميد البناء في القدس، فوجئنا بوزير ماليته يوفال ستاينيتز يدعي زورا وبهتانا في حديث له مع صحيفة جورزليم بوست ( 17 أبريل ) ان إسرائيل التى قامت منذ نوفمبر الماضي بتنفيذ تعهداتها لواشطن في هذا الخصوص قد تضطر إلي إعادة النظر في قرار وقف البناء في باقي انحاء الضفة " إن لم تستأنف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين "..


استغرب بعض المراقبون هذا التصريح واندهش له البعض الآخر، لكن الغالبية استنكرته بشدة لأنه مؤسس علي اكذوبة كبيرة وجدت من يزيح الستار عنها داخل اسرائيل نفسها..
قال شالوم يروشالمي في صحيفة معاريف ( 20 أبريل ) أن المليونير اليشع بيلغ الذي يصفه بأنه المانح السياسي للإستيطان في شرقي مدينة القدس، دأب منذ بضعة أشهر علي تشجيع قيام أنشطة نوعية ترويحية بهدف تنشيط السياحة بين بيت لحم وسلوان والشيخ جراح ورأس العمود وأبو ديس " لتغطية مشاريع البناء التى تتكامل بهدوء بعيداً عن الصخب السياسي والإعلامي ".. كان من بينها مسابقة جري " ماراثون " شارك فيها عدائون من أوربا وإسرائيل ووبعض أبناء الضفة، برعاية مشتركة من الأجهزة الأمنية ومؤسسة السياحة اليهودية التى تشجع الأوربيون علي زيارة المنطقة التى تضم أشهر الكنائس الفلسطينية في هذا الوقت من العام..


أما اليكس فيشمان فيستغرب في صحيفة يديعوت ( 18 أبريل ) لماذا تضطر إسرائيل لتبرير حقها في البناء وتقول علي لسان رئيس وزرائها أن البناء في أي مكان بالقدس يعادل البناء في أي مكان بتل أبيب.. ويُذكر ساسة أمريكا انهم منذ نحو أرعين عاماً يستأجرون مكاتب لهم بفندق شيبرد بحي الشيخ الجراح بعقد مع مالكه اليهودي الاسترالي، ويسألهم لماذا يرفضون أحقية غيره من اليهود في التملك والبناء في هذه الحي وفي غيره من أحياء القدس ويعملون علي وقف مشاريع البنية التحتية وشق الطرق التى تقوم بها الحكومة في المنطقة..


ويبدي إعجابه في صحيفة معاريف ( 22 أبريل ) بنتنياهو الذي بسبب فترة التجميد التى فرضها " شكلياً " تمكنت الشركات من التركيز في مناطق بعينها لإستكمال بنايات في الضفة الغربية وضعت أساستها منذ فترة " وكادت تنسي " بعد ان تلقت الضوء الأخضر من " لجنة الإستثتاءات " التى شكلتها الحكومة لهذا الغرض بتوصية من الوزير بيني بيجن الذي وعد إبان جولة له في مستعمرة بيت حجاي بإستقدام عشرات الألآف من اليهود " للاقامة في الضفة الغربية "..


لهذا السبب يؤكد شالوم ان موجات الهجوم علي رئيس الوزراء توقفت، بل حصل علي تأييد قوي من النائب المعارض يعقوب كاتس رئيس الاتحاد الوطني، قال فيه " نحن وراءك ولن ندعك تسقط "..


من هنا لم يفكر نتيناهو كثيرا وهو يصف مطلب التجميد في كلمة له - بمناسبة احياء ذكري قتلي الحروب الإسرائيلية - بأنه " بعيد عن المنطق لذا من المستحيل ان تقبل به إسرائيل "، ويتساءل لماذا تضع واشنطن هذه العقبة في طريق حكومته بينما لم تتعرض لها اي من الحكومات السابقة منذ جولدا مائير..
رأت الصحف البريطانية ( 23 أبريل ) في هذه الأقوال تحدياً صريحاً لباراك أوباما شخصياً.. وتوقعت الديلي تلجراف أن تؤدي إلي مزي

د من التشنج في العلاقات بين الدولتين " مما قد يدفع واشنطن إلي وضع مصالحها في المنطقة في مستوى أعلي من إهتمامات إسرائيل ".. ومالت صحيفة التايمز إلي نفس النتيجة وقالت ان هذا الرد " يعمق الخلاف الدبلوماسي " الماثل للعيون منذ بدأت أزمة مطلب تجميد البناء في المستوطنات.. وتوقعت صحيفة الاندبندنت ان تظل جهود جورج ميتشل في " حالة سكون " لفترة قادمة..


الكل ينطلق في تحليله من القيود التي يفرضها التحالف اليمني العنصري علي بنيامين نتنياهو، والتى لا يستطيع ان يُنَحيها جانباً بقرار يجمد به البناء في مدينة القدس علي وجه التحديد.. لأن إقدامه علي هذه الخطوة معناه سقوط تحالفه الوزاري علي يد حزبي شاس وإسرائيل بيتنا، وربما تقود هذه الخطوة ألي القضاء عليه سياسياً إلي غير ما رجعة..
وفي مقابل ما جاء علي لسان المبعوث الأمريكي من أن الرئيس أوباما مصمم علي تحقيق التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين في وقت قريب " وليس في المستقبل غير المنظور " سربت الأخبار الخارجة من مكتب نتنياهو انه يرغب في التوصل إلي حل وسط للمعضلة عن طريق إستئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطينى عن طريق الإعلان عن قبوله قيام دولة فلسطينية داخل حدود مؤقتة " بشرط تأجيل موضوع القدس برمته إلي مفاوضات التسوية النهائية "..


صاحب هذا التسريب مجموعة من التقارير الصحفية الإسرائيلية التى ركزت علي أن ترك الأحياء العربية في القدس للفلسطينيين " سيفتح الباب لأن تصبح إيران جاراً لإسرائيل " مثلما أصبحت جاراً لها في قطاع غزة ومثلما تحولت إلي مُهدد لأمنها في جنوب لبنان.. تقول غالبية الكتابات الصحفية أن نتيناهو يريد أن يقنع واشنطن أنه بهذه الكيفية سيسارع في تأسيس دولة تملك صلاحيات التفاوض معه والتعاون معه..


ويبقي أن تقنع الإدارة الأمريكية بقابلية الفكرة للتنفيذ بعد أن ربط مستشاروا نتنياهو بينها وبين ملف إيران النووي، وأن تتمكن من إقناع رئيس السلطة الفلسطينة إبان زيارته القادمة لواشنطن بوجاهتها والتي من خلالها سيحقق تسارعاً في بناء دولته التى يحلم بها !! وبدلاً من ان تقوم هذه الدولة فقط علي أكتاف رئيس وزراءه سلام فياض ستقوم بمعاونة إسرائيل التى أبدت استعداد لدفع مقوماتها عن طريق دعم الإقتصاد وفرض القانون والتعاون الأمني وبناء المؤسسات !!..


نتنياهو بتسريب هذه الافكار في هذا التوقيت يخطط لأن يرفضها الجانب الفلسطيني دون مشاورات جادة وهادئة مع الطرف الأمريكي، حتى يذيع علي الملأ مرة أخري " انه لا يوجد الشريك الفلسطيني القادر علي صنع السلام "، لكن يبدو ان الدعوة التى وجهتها الإدارة الأمريكية للرئيس محمود عباس عطلبت هذا التخطيط ولو إلي حين..
من ناحية أخري يتوقع الكثيرون أن لا تقتنع الإدارة الأمريكية الخطوة أولاً لأنها لم تتفهم بعد حجم العقبات الداخلية التى تؤثر في قرارات رئيس وزراء إسرائيل، وثانيا لأن ما يقترحه لا يتوافق مع إطار تكتيكاتها تجاه إيران، وثالثا لأنها ربما تجد صعوبة في إقناع رئيس السلطة الفلسطينية بها، وأخيرا لأنها جربت لأكثر من عام قدراته - نتنياهو - علي التسويف والمماطلة..


لذلك نقلت وسائل الاعلام الأمريكية والأوربية عن عدد من مستشاري البيت الأبيض قولهم أن الغرض الأساسي لنتنياهو من وراء هذا الطرح هو إقحام المشكلة علي أجندة الرئيس أوباما لفترة الشهور الثلاثة القادمه " دون أن يصل معه إلي حل ملموس " بعدها ستنشغل إدارته عن بكرة أبيها بمعركة الإنتخابات الجزئية للكونجرس التى ستجري في شهر نوفمبر القادم، وبعدها تتاح الفرصة للطرف الإسرائيلي أن يفكر في أسلوب آخر لفرض رؤيته العنصرية علي نفس الأطراف ربما بنفس الوسائل التى لجأ اليها حتى الآن..


bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا drhassanelmassry@yahoo.co.uk

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف