متحف لينين في فنلندا يكتب التاريخ السياسي الفنلندي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لذلك الرجل الذي ترك المحاماة وفضل العمل السياسي الثوري انتصارا للحرية ورغيف الخبز للطبقة العاملة وثأرا لاعدام اخيه شنقا حتى الموت على يد السلطات في روسيا عام 1887 على خلفية محاولة اغتيال القيصر الكسندر الثالث، ان لذلك الرجل علامة بارزة في التاريخ السياسي الفنلندي، تماما مثلما تمثله مكانة فنلندا في سبيل تهيئة الظروف المناسبة لانضاج تحركات الثورة البلشفية مطلع القرن العشرين، رغم ان فنلندا كانت آنذاك ليس الا دوقية تابعة للامبراطورية الروسية! من هنا جاءت اهمية متحف لينين في بلد مثل فنلندا يشابه الى حد كبير بلدان الحياد الدائم ويحاول دئما ان يكون بعيدا عن السياسة.
يقع متحف لينين في قاعة العمال في مدينة تامبيرا الفنلندية التي تقع في وسط فنلندا وهذه القاعة هي نفس القاعة التي شهدت توقيع وثيقة استقلال فنلندا عن روسيا عام 1917.
ان فنلندا كانت وكرا سريا وربما حتى علنيا في بعض الاحيان لتحركات لينين من اجل التهيئة للثورة البلشفية وكذلك ثورة اكتوبر التي كانت تمثل المرحلة الثانية من الثورة الروسية عام 1917 وكانت تتمة لأول ثورة شيوعية في القرن العشرين الميلادي قادها البلاشفة تحت إمرة فلاديمير لينين وليون تروتسكي بناء على أفكار كارل ماركس؛ لإقامة دولة شيوعية وإسقاط الجمهورية الديموقراطية وقد رفعت انذاك شعارها المعروف الخبز والسلام و الأرض للجميع.
كما ان المهجر الفنلندي كان مهدا لولادة كتاب لينين الشهير (الدولة والثورة) ولازالت المخطوطة الاصلية لذلك الكتاب محفوظة حتى الان ضمن مقتنيات متحف لينين في فنلندا.
ان قاعة العمال التي تضم المتحف اللينيني كان لها الاثر الكبير في نضوج الثورة الشيوعية في روسيا والعالم، حيث كان لينين يلتقي فيها مرات عديدة بصديقه القديم ورفيق دربه ستالين وكذلك بالعديد من المقربين منه من اجل التخطيط للثورة البلشفية.. وحينما احس الفنلنديون بان مستقبل روسيا وما يحيط بها سوف يتشكل من دوقيتهم التابعة للامبراطورية الروسية قرروا مفاتحة زعيم الثورة البلشفية لينيين حول استقلال فنلندا فما كان من الرجل الا ان وعدهم بانه سوف يمنحهم الاستقلال فيما لو انتصرت الثورة وهذا ما حصل فعلا، فما ان نجحت الثورة البلشفية في تشرين الأول عام 1917 وبعد وصول فلاديمير لينين الى السلطة بتاريخ 8/11/1917 وقع هذا الاخير على وثيقة استقلال فنلندا في يوم 6/12/1917.علما ان المتحف لازال يحتفظ بالنسخة الاصلية الموقعة من قبل لينين نفسه والتي تعلن استقلال فنلندا عن روسيا.
ان استقلال فنلندا جاء لسببين مهمين: الاول كرد للجميل من قبل لينين للشعب الفنلندي الذي احتظنه مرات كثيرة، مرة منها حينما اقام في فنلندا عام 1907 بعدما كان ملاحقا من قبل سلطات الامبراطورية الروسية نتيجة نشاطاته السياسية خصوصا بعد اختياره زعيما لحزب العمل الاشتراكي الاجتماعي عام 1906 ومرة حينما عاد الى فنلندا بعد التطورات التي حصلت في روسيا في تموز من عام 1917 وما اعقبها من تشكيل حكومة جديدة برئاسة الكسندر كيرينسكي الذي اصدر أمرا بإلقاء القبض على لينين بتهمة العمالة للألمان وعلى اثرها عاد لينين الى فنلندا وقاد التمرد من هناك. اما السبب الثاني فهو الصراع مع الالمان والمباحثات السياسية التي اجريت في تلك الفترة بين لينين وبين الجانب الالماني مما دعا الجانب الروسي للتخلي عن بعض دوقياته.
الفنلنديون حافظوا على ذلك المتحف وتعاملوا معه ليس كتركة ثقافية لينينية بحتة بل هو جزء من التراث الثقافي والسياسي الفنلندي.. خصوصا وانه كان مهدا لفكرة استقلال فنلندا، ولهذا بقي هذا المتحف محتفظا برونقه وهيبته حتى وان اغلقت المتاحف المماثلة للتراث الشيوعي في مختلف بلدان العالم خصوصا غير الشيوعي منها.
كاتب عراقي
gamalksn@hotmail.com