كتَّاب إيلاف

تطوير الوحدة اليمنية... بدل الطعن بها!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

قبل عشرين عاما كانت الوحدة اليمنية. بعد عشرين عاما هناك منْ يطعن بالوحدة بدل الإعتراف بأنها كانت ولا تزال الطريق الأقصر والأكثر سلامة والأقل كلفة لحماية اليمن واليمنيين في مواجهة التحديات الكثيرة التي يتعرضون لها والتي تهددهم جميعا من دون استثناء. لا يعني هذا الكلام في اي شكل غياب الحاجة الى اصلاحات في العمق تصحح ما اعترض طريق الوحدة من عثرات بعيدا عن أي نوع من العقد. لكنه يعني انه يفترض البحث في هذه المرحلة بالذات في العمل على تطوير الوحدة بدل الطعن بها، بما يحمي مصلحة كل يمني من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب.
كيف يكون البحث في تطوير الوحدة؟ الجواب بكل بساطة ان لا بديل من الحوار الذي لا يستبعد اي طرف من الأطراف اليمنية، خصوصا تلك المعنية بإيجاد صيغة متطورة للعيش المشترك في ظل دولة القانون، صيغة يرتاح اليها الجميع وتبعد شبح الشعور بطغيان أي فريق على فريق آخر. ربما كانت الخطوة في هذا الإتجاه الاستفادة من تجارب الماضي القريب، خصوصا ظروف اتمام الوحدة قبل عقدين من الزمن.
ليس سرا ان النظام الذي كان قائما في ما كان يسمى اليمن الجنوبي انتهى في المرحلة التي سبقت الوحدة. وذلك عائد الى سببين على الأقل. يتمثّل السبب الأول في ان تاريخ اليمن الجنوبي منذ الأستقلال في العام 1967 كان سلسلة من الحروب الأهلية بدأت بالتخلص من قحطان الشعبي وانتهت بأحداث الثالث عشر من يناير - كانون الثاني 1986 حين انهار النظام عمليا ولم يعد لدى اهله من خيارات غير الهرب الى الوحدة. كانت الوحدة بمثابة نهاية رسمية للنظام في الجنوب، لكنها شكلت خشبة الخلاص لاهل النظام على حساب شخص اسمه علي ناصر محمد دفع غاليا ثمن اندفاعه الى الوحدة وسعيه الى ادخال بعض العقلانية على تصرفات مجموعة من الهواة كانوا يمثلون في الثمانينات من القرن الماضي جناحا متهورا في الحزب الاشتراكي الحاكم. بقي علي ناصر خارج الوحدة في العام 1990 على الرغم من كل التضحيات التي قدمها من اجل تحقيق هذا الإنجاز الذي وفّر على اليمنيين الكثير من الدماء والحروب الداخلية. لا شك ان علي ناصر ارتكب، عندما كان في السلطة، أخطاء وانغمس في دورة العنف، بل كان شريكا فيها، لكن الواقع يفرض الإعتراف بأن النظام في الجنوب فقد مبررات وجوده في العام 1986 نتيجة الحرب التي اندلعت بين "القبائل الماركسية". كانت تلك الحرب التي تفادى الرئيس علي عبدالله صالح التدخل فيها، معتمدا الحكمة اوّلا، بمثابة اعلان كشف ان لا مستقبل لليمن الجنوبي وللبلد ككل الاّ في اطار الوحدة اليمنية.
اما السبب الآخر الذي انهى النظام في الجنوب فهو يتمثل في انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي الذي كان يعتبر اليمن الجنوبي موطئ قدم له في شبه الجزيرة العربية. انهار اليمن الجنوبي مع انهيار الأتحاد السوفياتي. بعد اشهر من التوصل الى الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من ايار- مايو 1990 سقط جدار برلين وتوحدت المانيا. لا يمكن تشبيه وحدة اليمن سوى بالوحدة الألمانية على الرغم من الفارق الكبير في مستوى النمو بين البلدين.
اين يقف اليمن في الذكرى العشرين للوحدة؟ الجواب انه يقف عند مفترق طرق. هناك مشاكل كثيرة تواجه البلد في طليعتها الوضع الأقتصادي والنمو السكاني الذي اتخذ منحى مخيفا. ولا شك ان وجود مشكلة كبيرة في الشمال مع الحوثيين تفرض الدعوة الى الحوار كي يتفرغ الجميع الى استيعاب الوضع في صعدة والمحافظات المحيطة بها كالجوف وعمران وحجة. المطلوب تنازلات من الجميع ولكن تحت سقف الوحدة. كانت هناك ظروف معينة في العام 1990 ادت الى الوحدة. هناك ظروف مختلفة في العام 2010 تفرض اصلاحات في العمق كي يتفرغ اليمن الى معالجة الوضع الإقتصادي من جهة واستيعاب الظاهرة الحوثية من جهة اخرى. الإقتصاد يهم كل اليمنيين أكانوا في الشمال او الوسط او الجنوب. والظاهرة الحوثية تمثل خطرا على الجميع ايضا، خصوصا انها تثير النعرات المذهبية التي لم يعرفها اليمن يوما. يخطئ من يعتقد في اليمن انه ليس معنيا بالظاهرة الحوثية. ويخطئ من يعتقد ان الارهاب الذي تمارسه "القاعدة" يميّز بين يمني وآخر وان في الامكان تجاهل الأزمة الإقتصادية والمعيشية التي تلعب دورا اساسيا في ازدياد التطرف الديني الذي يولد بدوره الارهاب.
بعد عشرين عاما على الوحدة اليمنية، لا مفرّ من الإعتراف بان اخطاء كثيرة ارتكبتها كل الاطراف. ولكن ما لا بدّ من ألاعتراف به ايضا ان الرئيس علي عبدالله صالح رجل حوار ولم يغلق يوما ابواب الحوار وانه سعى في العام 1994، وحتى اللحظة الأخيرة، الى تفادي اللجوء الى السلاح ووافق حتى على توقيع "وثيقة العهد والاتفاق" في عمان، برعاية الملك الحسين رحمه الله، على الرغم من ان الحزب الاشتراكي وحلفاءه كانوا من صاغها.
كان الشعار الذي طرح بعد الوحدة التي وقعها الرئيس اليمني والأمين العام للحزب الإشتراكي وقتذاك السيد علي سالم البيض "ان الوحدة جبت ما قبلها"، اي ان صفحة ما سبق الوحدة طويت. في الإمكان الآن، عن طريق الحوار ولا شيء آخر غير الحوار، البحث في مستقبل اليمن من دون الغرق في احقاد الماضي القريب. اليمن في نهاية المطاف قضية لا تهم اليمنيين فحسب، بل تهم كل دول المنطقة ايضا. المساعدة في تحسين الوضع في اليمن وتكريس الاستقرار فيه يصب في مصلحة شبه الجزيرة العربية ككل. ما على المحك يتجاوز بكل بساطة اليمن وحدوده...

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الله يهديك
الحضرمي_الجنوب العرب -

للاسف هذا الكاتب منذ زمن يعيش على اهات والاام الشعب في الجنوب.........ياستاذ الله يهديك انته اليوم في ارذل العمر قل ولو مره واحده كلمة الحق ;

جانبت الصدق يوحدوي
سالم الجنوب العربي -

عندمايكون دور المثقف هو خدمة الحاكم على حساب الحقيقة يكثر الطغاة ويزيد قهر الشعوب واذلالها , النظام في الجنوب منذ الاْستقلال وهو يجاهد من اجل الوحدة اليمنية والعربية وفي سبيل ذلك خسر الوطن الجنوبي اشياء كثيرة منها تغيير هويته القطرية الى التسمية الجهوية الهلامية من اجل تلك الوحدات المنشودة ورغم ان النظام في الجنوب بعد 13يناير 1986م خرج مثخنا بالجراح لكنه كان قادرا على حماية وطنه وحدوده وعندما دخل السيد علي سالم البيض الوحدة كان منسجما مع تطلعاته القومية والاْنسانية مستلهما رسالة الرسول الاْعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, لكن بدون شك الطرف الاْخر كان يظمر شر للوحدة وللجنوب ولهذا عوضا عن مناقشة تداعيات فشلها في الثلاث السنوات الاولى شن العقيد علي عبدالله صالح الحرب عليها في 27ابريل 1994م , وفي ذكراها العشرين شعب الجنوب كله امسى رافضا لهذه الوحدة والى حد كبير الاْكثرية حتى من شعب الشمال ولم يعد متمسك بهذه الوحدة غير عصابة الفساد التي تنتشر حول العقيد علي عبدالله صالح, ولكن يا استاذ خير الله طالما انت وحدوي كبير لماذا ماتقوم بدعوة بلدك للوحدة مع الجار القريب منه؟

الله يوفقك لخدمتهم
يمنية -

خاف ربك وقول كلمة حق ولو على رقبتك. نفسي يوم تنتقد الكبير لانه مش ملائكة والناس تخطى وانت اول الناس واعترف به وانت صاحب السعادة عمرك ما انتقدته في اي برنامج تحضره او تكتبه وكأنه ملاك منزل من السماء لينقذ الشعب اليمني وخصوصا الجنوبي الله على كل متكبر

متخصص
خطاب -

التخصص شي جميل .لكن خيرالله متخصص بمحنة الحنو بيين وتشجيع النظام لم يقدم اي جديد بتحليل الازمه .لم تكون موفق ياخبير.

ماشاء الله
مغربي -

حقيقه الوحده نعمه لا ادري كيف تعمل ادمغه الانفصاليين

وماذا بعد ...
علي طايح -

يبدو لي ان الكاتب يدور حول نفسة عندما يتحدث عن اليمن فكلامة هوا نفس الكلام في كل موضوع حتى اصبحت لا افرق بين موضوعة السابق وبين الجديد.ودائما يردد صفة (قبائل ماركسية ) ولا ادري من اين اتى بهذا المصطلح. اتمنى من الكاتب ان يكون امينا في تطرقة لما يجري في اليمن وياحبذا ان يدلي برأية حول ما يجري من قتل وقمع من قبل السلطة للمتظاهرين سلميا وهل الرصاص هو لغة الحوار التي يتحدث عنها.وهل الحفاظ على الوحدة يبيح كل هذا العنف.وهل يجب على الشعب ان يخرس ولا يطالب بحقوقة وباصلاح الأوضاع الفاسدة ونهب الأراضي والممتلكات.