فضاء الرأي

مسخرة الفتوى

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كان الفنانون المصريون في الفرق التمثيلية مطالع القرن العشرين يطلقون على العرض المسرحي مسمى:" مسخرة" وهذا المسمى لا يعني بالضرورة الجانب السلبي، بل يعني نقد الواقع، بما فيها من مفارقات وأحداث ومواقف، والسخرية منه عبر مشاهد تمثلية ومناظر مسرحية مؤلفة. وقد كانت المسخرة تضم فنونا شتى من الرقص والغناء والتمثيل والإلقاء، واليوم ومع مرور عشرات العقود تغيرت دلالة الكلمة لتتخذ معنى الشائعة أو الفضيحة أو التجريس، وهي معاني ينحتها الوعي الجمعي للشعوب من خلال معايشة مآسي الواقع وتحولاته.
ومن هذه المآسي ما يحدث في السنوات الأخيرة من شيوع ظاهرة فوضى الفتاوى، وجنوحها إلى ملامسة كل الظواهر في الحياة اليومية للعرب والمسلمين، ولأن من يتقدمون للفتوى لم تعد تهمهم مسألة الحفاظ على صورة الدين الإسلامي، وكيانه، وأسسه، وشعائره قدر ما يهمهم الظهور في وسائل الإعلام وتصدر النشرات والأخبار في الفضائيات و الصحف الورقية والالكترونية، فإن أوكازيون الفتاوى بدأ في التمدد والانتشار وأصبحت الفتوى وهي - بمعنى ما- النموذج الأعلى لصورة التفكير الفقهي - مضمارا للسباق بين كل من هب ودب من الدعاة وطلاب العلم الشرعي والشيوخ والمقرئين والمؤذنين وكل من يلتصق بالمؤسسة الدينية في البلاد العربية خاصة، ولم تعد الفتوى قاصرة على كبار الفقهاء، بل أيضا على أمراء الجماعات الدينية المتطرفة، ودعاتها المنتسبين إليها.
أصبحت الفتوى اليوم أشبه بالمسخرة التي يؤديها الممثلون وهم يلعبون أدوار المفتي، فيما إن المفتي الرسمي لا حول له ولا قوة، فلا مفتي الديار استطاع أن يوقف هذا الأوكازيون والعاملون فيه، ولا كبار العلماء الأجلاء والفقهاء المعتبرون وقفوا وقفة حازمة مما يحدث من فتاوى تتحدث عن مفاخذة الطفلة، وجواز زواج الطفلة إذا تحملت الوطء، وإرضاع الكبير، وتحريم ممارسة الرياضة للبنات، وجواز التنقنع بالنقاب وكأن من يرتدينه ذاهبات إلى حفلة تنكرية في بلاد الغرب والشرق على السواء.
لقد فتح المجال لمدعي الفتوى بسبب حالة التردي التي تعيشها الشعوب العربية في ظل غياب المشروع القومي، وفي ظل غياب الطموح العلمي، وفي ظل التبعية التي أنتجت عصر القطيع، وفي ظل غياب السؤال الثقافي والفكري العميق، وفي ظل تدهور العملية التعليمية التي أنتجت لنا أصحاب شهادات جدد في جامعات كانت عريقة، أو في جامعات وكليات (تيك أواي) يحملون درجات علمية كبيرة لكنها في أغلبها دون عبقرية، ودون مستوى معرفي متميز، يبحثون عن الوظيفة لا عن التجديد، وعن الراتب الشهري لا عن الإنجاز.
كما دارت حول الرقية الشرعية، والتلبس بالعفاريت، والدعوة على الخصوم، والحسد، والعين، وفك السحر سواء مغربيا أم شاميا أم حتى فرعونيا، كما دارت حول عالم القبور.
ولم تترك الفتوى المأكولات والمشروبات، فهناك فتاوى تحلل إنتاج شركات معينة، وهناك فتاوى أخرى تحرمها، وأصبحنا تقرأ فتاوى متعددة تمثل مسخرة عصرية بكل معنى الكلمة فتاوى من البيبسي والكولا إلى حبة البركة والخشاف، ومن الهمبرجر إلى ساندويتش الطعمية، ومن بول الإبل إلى الكولونيا، ومن دهن العود إلى العطر الفرنسي، ومن استخدام الدف إلى الساكسفون والبيانو ولم يترك أوكازيون الفتاوى حتى سجود اللاعبين في ملعب كرة القدم والتعبير عن فرحتهم بالسجود.
والطريقة المتبعة في الفتوى هي قياس الحدث الراهن على زمن الماضي الصحراوي، وعلى بعض عادات الرسول الكريم(ص) العربية، وهي عادات وتقاليد كانت متبعة لدى المسلم والكافر على السواء وليس لها صلة بالدين الإسلامي، مثل: تربية شعر الوجه، وإطالة شعر الرأس، وتقصير الثوب، وتغطية رأس المرأة وهي عادات قبلية صحراوية لا دخل للإسلام بها، ويقوم المفتون اليوم بالقياس على الماضي لإثبات شرعية فتاواهم، وهذا القياس محل سؤال كبير يرتبط بتغير قيم العصر والزمان والمكان والناس، ليس مجاله الآن، لكن ما يوجع القلب أن هذه الفتاوى اليوم تسيء للدين الإسلامي، وعظمته، وصورته العقلية الفكرية الأصيلة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كارثة الفتاوي
Amir Baky -

المجتمعات الإسلامية مجتمعات مختلفة حيث يوجد بها المجتمع البدوى الرعوى و المجتمع الزراعى و المجتمع الساحلى. مجتمع يرث حضارة بابلية و آشورية و فرعونية و فارسية. إذن كل مفتى على مر العصور له ثقافتة الخاصة ويبحث دائما فى الدين على ما يثبت وجه نظره. فأصبح المسلمين متخبطين بين فتاوى شيوخ كل بلد. وكل مفتى يعقد أنه على صواب و مجتمعه على صواب ولا عزاء للبسطاء. إن مآساة المسلمين هو خلط الدين بالعادات. فالعادات البدوية التى زامنت الرسول الكريم غير ملزمة. فالدين لجميع الشعوب و الأجناس و ليس للمجتمعات البدوية فقط. إن ربط الدين بنوع معين من المجتمعات يضعف من قيمة الدين

مؤلف الكتاب
مجد -

الاسلام هو حزب سياسي واجتماعي كل الفتاوي هي قرارات موجوده في دستور الاسلام مثل رضاعه الكبير وزواج قاصرات والتحريض على القتل وارهاب الناس ايضا وكل الفتاوي التي نسمع عنها وهي تصدر من شيوخ وعلماء اسلاميين موجوده في الدستور اي القرآن وهم على حق لانهم لم يأتوا من عندهم بل من كتاب القرآن ومؤلفه رسول الاسلام .. يا سيدي كفايه نقد وتكرار مواضيع لا احد يستطيع تغييرها ولا تنكر هذا يا اخي الكاتب ولا تقول لي اسلام حقيقي واسلام متشدد القرآن كله تشديد واوامر صارمه صدرت من مؤلف الكتاب وانتم لا تستطيعون تغيير حرف واحد منها ولا تستطيع ترجمه هذا الكتاب ولا ولا ولا .. كون واقعي يا اخي هو هذا الاسلام شئت أم ابيت .. وشكرا للعزيزه ايلاف وعيد ميلاد سعيد ...

الديمقراطيه هيالحلم
أحلام أكرم -

شكرا للكاتب على هذه المقاله التي تعبر بأسلوب راقي كيف ساهم فقهاء الفتاوي في شل تفكير الإنسان العربي .. وربطه في حلقة مفرغه من الجهل بحيث أصبحت المنطقة العربية كلها مكانا لتندر العالم بجهل الإنسان العربي .. المؤسف أن فقهاء الجهل وضعوا الإنسان العربي في مأساة إستحالة إخراجه مما هو فيه من ظلام فكري بدون مساهمتهم هم في التراجع عن فتاويهم والإقرار بضرورة فصل الدين عن الدوله لتقدم المنطقه العربيه وربطها بمحيطها العالمي الذي يبدأ في تعزيز القوانين المعمول بها بمواثيق حقوق الإنسان التي تضمن الحريه والعداله والمساواة لجميع المواطنين .. وهي الطريق الوحيد للديمقراطيه ... .

لنا اللة
الفت -

الآن ليس من الصعب ان يصبح مفتيا !!!! بل من ان السهل جدا أن تصبح مفتيا. وفعلا ما يحدث الآن لا يمكن أن نطلق علية الا مسخرة فى مسخرة ولسة وربنا يستر .

هل من مُنقذ؟
خوليو -

الفتوى هي رأي ديني نحو مستجدات العصر، دخلت المرأة مجال العمل مع الرجل ومن الضروري أن يُبدي الدين رأيه ويُعطي حلول، وهذا هو رأي الدين، فلماذا نلوم المفتي؟ دخلت المرأة في عالم الرياضة ويجب على الدين أن يقول رأيه، وهذه الفتاوي بتحريم الرياضة تستند على نصوص قرآنية تمنع كشف المرأة عن جسدها للمسابقات في الجري والسباحة.... فلماذا تلومون المفتي؟ لكل مُستجد وحديث يجب أن يقول الدين رأيه فيه، أما نقدكم للمفتي وتبرئة الدين، فهذا يُسمى تحايل أو فذلكة، فهل اقتنعتم أن الدين يفشل في مجاراة العصر وحلوله تبدوا حلول غريبة وغير واقعية؟ الدين الصالح لكل زمان ومكان يتعرى ثوباً ثوباً، وسيبقى عارياً بالمطلق، فهل من مُنقذ؟

True
HASHEM -

what u are saying is 100 percent true

True
HASHEM -

what u are saying is 100 percent true

فين مصر زمان
ABU SALEM -

مصر الحداثه والتمدن والتنوير الان عندما تتمشى في القاهره تبكي على هذا الحال الذيوصلت اليه يدمرون جهود 200 سنه من النهضه والحداثه والتحضر --شاهد افلامابيض واسود -ستعرف الفرق الكبير .فين حقبه الزعيم الخالد جمال عبدالناصر من هذه المجموعات الارهابيه الظلاميه

فين مصر زمان
ABU SALEM -

مصر الحداثه والتمدن والتنوير الان عندما تتمشى في القاهره تبكي على هذا الحال الذيوصلت اليه يدمرون جهود 200 سنه من النهضه والحداثه والتحضر --شاهد افلامابيض واسود -ستعرف الفرق الكبير .فين حقبه الزعيم الخالد جمال عبدالناصر من هذه المجموعات الارهابيه الظلاميه

nero
nero -

الرد غير مفهوم

nero
nero -

الرد غير مفهوم

قاعدة البيانات بالرف
ع/عطاالله -

-ولكنه أبرز من أن تحتويه جامعة القاهرة بجائزة قدرها307000جنيه.لم يؤلف كلاما للرفوف والادراج قط.

قاعدة البيانات بالرف
ع/عطاالله -

-ولكنه أبرز من أن تحتويه جامعة القاهرة بجائزة قدرها307000جنيه.لم يؤلف كلاما للرفوف والادراج قط.

معاك قلبا و قالبا
Ali -

يا اخي لك كل الحق وانا و كل المثقفين و محبى الحرية و الديمقراطية معاك قلبا و قالبا

معاك قلبا و قالبا
Ali -

يا اخي لك كل الحق وانا و كل المثقفين و محبى الحرية و الديمقراطية معاك قلبا و قالبا

الله وحده حرم وحلل
مهدي -

الذي حلل حرم هو لله والاصل في الشىء هو الحلال والمحرمات هحددة في القران ولايحق لاحد ان يحلل ويحرم انما ينهى ويمنع حسب القانون لان النهي ظرفي والتحريم ازلي

الله وحده حرم وحلل
مهدي -

الذي حلل حرم هو لله والاصل في الشىء هو الحلال والمحرمات هحددة في القران ولايحق لاحد ان يحلل ويحرم انما ينهى ويمنع حسب القانون لان النهي ظرفي والتحريم ازلي