أصداء

دساتير تصنيفية مزقت المجتمع العراقي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الإسلام دين الدولة الرسمي، وحرية القيام بشعائره المألوفة في العراق على اختلاف مذاهبه محترمة لا تمس، وتضمن لجميع ساكني البلاد حرية الاعتقاد التامة، وحرية القيام بشعائر العبادة، وفقاً لعاداتهم ما لم تكن مخلة بالأمن والنظام، وما لم تناف الآداب العامة.

هكذا بدا دستور الدولة العراقية الحديثة 1925 وتحديدا في المادة الثالثة عشر، حيث تقسيم إفراد المجتمع على أساس ديني، الأمر الذي ولد صراع نفسي داخلي لدى غالبية الإفراد، مغزاه،لمن ننتمي؟ للعراق ام للدين.

وحين تتفحص الكلمات الأولى من المادة أعلاه، يصبيك الفضول باحثا عن قصد معنى (دين الدولة الرسمي) أيعني هو ان الأديان المتبقية ليست رسمية ام ماذا؟ ان لم تك رسمية فلنرمها خارج أراضينا، إما اذا كانت رسمية،وهذا الأكيد، فالأفضل إلغاء المادة أصلا،لأنها منافية لما ذُكر في الدستور نفسه، في مواد لاحقة،حيث احترام متساوٍ لمواطنة العراقي أيا كان عرقه او دينه، فهل يرتضي المشرعون لأنفسهم نعتهم بالازدواجية؟

ثم تواصل المادة ذاتها، بان حرية القيام بشعائر العبادة مكفولة للجميع،ان لم تكن مخلة بالأمن والنظام.لاشك في ان الدولة هي من يقر بان هذه الشعائر ليست منافية للآداب او مخلة بالأمن، ولطالما دستور الدولة يصنف الأفراد على أساس عرقي وديني فمن البديهي ظهور حكومة ميالة لطرف دون أخر، فان كانت إسلامية فسترى كل ما ينافي شريعتها باطلا وبالتالي يحكم عليه بإخلال الأمن وتنافي الأخلاق،وهكذا الحال ان كانت الدولة طائفية (شيعية ام سنية) او قومية( عربية ام كردية ام تركمانية) او ما شابه.

ان الدساتير العراقية خاطئة لحظة صياغتها بهذا الشكل التصنيفي المقيت حيث الميول الى الدين والعرق علاوة على الوطن. أن مواد كهذه أمست جزءا من تراثنا القانوني ! الذي من الصعب تلافيه دون المرور عليه إثناء اي تحديث تشريعي،وهو ما برهنته الدساتير اللاحقة حيث الإسلام دين الدولة في المادة 4 من دستوري 1958، 1970،و

الإسلام دين الدولة والقواعد الأساسية لدستورها (دستور 1963).

وبالرغم من معارضتنا الشديدة لهكذا مواد دستورية، ولكن أفضل صياغة لها تم سنة 1991 حيث جاء في المادة الخامسة :الإسلام دين الدولة الأساسي( وليس الرسمي).

وحين سقط نظام صدام البائد، تبشر العراقيون خيرا في القادم،معولين على دستور يضمن لهم تقوية أواصر المواطنة العراقية التي تنافي التقاليد الطائفية المقيتة السابقة، ولكن ما جاء خيب ظنوننا جميعا،حيث المادة السابعة تطفو بقاذوراتها التصنيفية المزمنة على سطح قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية جاء فيه، الإسلام دين الدولة ويعد مصدرا للتشريع ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته ولا مع مبادئ الديمقراطية !. طبقا للشريعة الإسلامية الكتابيون عليهم ان يدفعوا جزية للمسلمين، اما في القوانين الديمقراطية فلا يوجد هكذا تشريع، والسؤال هل سنطبق هنا ثوابت الإسلام، لنأخذ من المسيحيين والصابئة المندائيين الجزية،أم سنلجأ الى قوانين الديمقراطية؟ وهنا تظهر لدينا بوضوح ازدواجية التشريعات.

ان هذه المادة أسست أرضية خصبة لمواد لاحقة تم صياغتها بصورة مشابهة،تحت استغلال واضح للأوضاع المربكة التي هيمن عليها المد الإسلامي من جهة والإسلام السياسي من جهة أخرى، فالمادة الثانية من الدستور العراقي الدائم 2005 تم صياغته بصورة خبيثة لا تخلُ من أيادٍ عدائية غايتها تقسيم المجتمع العراقي بحيث لم تكتف فقط بالإسلام كونه دين الدولة الرسمي بل راحت تضيفه كمصدر أساس للتشريع ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته، وهو ما ساهم لاحقا بإذكاء الفتنة الطائفية التي كادت تعصف بالعراق 2006 لولا تدخل الخيريين من أبناء شعبنا.

لست معارضا للدين ايا كان شكله،كغيري، ولكن لا نرتضِ ان يتدخل في الدولة التي لا تُصلي و لا تصوم على حد تعبير السيد إياد جمال الدين، فأما ان نشارك جميع الأديان في حكم البلد ووقتها نقع في مشاكل معقدة يستحيل حلها لاختلاف المصادر العقائدية المعتمدة لدى كل دين، او أن نحترم الجميع ونعيد صياغة دستورنا بما يناسب الدولة العراقية المدنية التي طال انتظارها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
public opinion
Rizgar -

Typical British product, but not all British products are so terrible, Jaguar is a different example.

العراق العربي
عراقي -

العراق دولة عربية والاسلام هو الدين الرسمي لهذه الدولة العربية