فضاء الرأي

سؤال الحداثة: لماذا تقدموا وتأخرنا؟ 1-3

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ان الوعي بالذات وبالآخر وادراك الواقع المتخلف والوعي به كان قد دفع العرب والمسلمين الى معرفة ذاتهم ومسائلتها ونقدها نقدا ذاتيا، وفي ذات الوقت، اكتشاف الآخر المختلف ووضع تساؤلات حول أسس مستقبل افضل. فمنذ منتصف القرن التاسع عشر اخذوا يتطلعون الى تغيير الواقع الفكري والاجتماعي وفق رؤية متفتحة على الحضارات وفتح ابواب الحوار مع الثقافات الاخرى، ومواكبة افكار التقدم والتطور الاجتماعي، بعد ان شعروا بأنهم ما زالوا مكبلين بقيود المجتمع العثماني وسلطته الاستبدادية. وفي الوقت الذي اخذت فيه قوة التقاليد التي استحكمت في البنية الاجتماعية قرونا عديدة تحدث انهيارات اقتصادية وتفكك في الادارات المدنية والعسكرية الى جانب تصدعات داخلية من جهة، ومن جهة اخرى ساهمت قوى الاستعمار الخارجية، في تفكك الدولة العثمانية مما أدى في الاخير الى انهيارها.
وقد لعب رواد النهضة دورا هاما في اثارة روح النقد والتذمر عن طريق العلماء والمصلحين الكبار الذين حاولوا اصلاح الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتردية استنادا على الفكر الاسلامي النير وإذكاء روح النقد والمعارضة. ومن الملاحظ انه عندما يفقد المسلمون قيادة عالمهم يتحولون الى العقيدة الاسلامية يبحثون فيها ثانية عن هويتهم الضائعة والتخلص من محنهم وضياعهم.
وقد وجد المصلحون الاجتماعيون إمكانية تحقيق تقدم اجتماعي وثقافي يمكنه ان يقود الى حركة تحرر تهدف الى اصلاح شامل، اجتماعي- اقتصادي اولا وثقافي ـ سياسي ثانيا، وبالتالي تحقيق الهوية على اساس مبدأ "الاجتهاد " تلك العوامل التي كونت دافعا ديناميكيا موحدا يساعد على "نهضة الامة"، مثلما يساعد على اللحاق بالغرب المتقدم علميا وتكنولوجيا، وهو ما كون عاملا هاما آخرا في تحقيق الهوية، والذي انتج بدوره البحث عن مصداقيتها وصياغتها في مفاهيم أولية.

صورة الذات وصورة الاخر
انطلق الرواد الاوائل من ملاحظة ان الغرب تفوق عليهم قوة وعلما وبأسا ومن نواحي عديدة، في الصناعة والجيش والتعليم والإدارة والسياسة، وأدركوا بان هناك تشابها كبيرا بين ما كانوا عليه في العصور الوسطى وبين ما هم عليه الان من تخلف وركود وفي جميع النواحي، وأنهم لا يستطيعون الخروج من هذه الحالة ما داموا اسرى التخلف والركود. وهكذا وضع سؤال الحداثة ولأول مرة، صورة عن الذات وصورة اخرى نقيضه لها عن الآخر المتفوق وتحول هذا السؤال بالتدريج الى مشروع مقارن يختزل خطاب التحديث في مطلع القرن التاسع عشر في مشروع للخروج بالمجتمع من مثلث التخلف: الجهل والفقر والمرض، كأسباب للتخلف وكمعوقات لانطلاق مشروع جديد نحو الحداثة والتقدم.
والحقيقة، ان الوعي بالتخلف وبضرورة النهضة لا يعني بالضرورة حدوثها وتجاوز التخلف والركود الى التحديث والتقدم الفعلي، وانما يمكن ان يكون عامل دفع ومراجعة نقدية للعوامل التي تكمن في الشروط الذاتية والموضوعية وفي البنى الفكرية والمجتمعية المتحكمة،التي تعيق النهوض والتقدم، ومحاولة الكشف عن العوامل التي تختفي ورائها، كالعقلية الماضوية والسلطة الابوية الاستبدادية والخطاب الايديولوجي الذي انتجته.
في مثل هذه التربة الغنية بالتناقضات، تطورت الحركات الدينية ـ الاجتماعية الاصلاحية في نهاية القرن التاسع عشر، وفيها تبلورت اهتمامات رواد الاصلاح الاجتماعي في معرفة عوامل التخلف والركود الاجتماعي وطرح فكرة تقدم الآخر وأسباب قوته.
وبالرغم من الاهتمام المتزايد بعوامل التخلف والركود الاجتماعي، إلا ان رواد النهضة لم يأخذوا بالبعد المجتمعي، وبمعنى آخر ان التغيير المنشود لم يكن ينبع من الداخل، وانما من فكر متخلف ولد في مجتمع متخلف ومهزوم، كشفت حملة نابليون تخلفه وأثارت شكوكه ورغبته المضمرة في محاكاة الآخر المتقدم.
وجاء سؤال الحداثة صارخا: لماذا تقدموا وتأخرنا؟ لماذا تتقدمون ونحن نتأخر؟!(عبد الله النديم) ولماذا تخلف المسلمون وتقدم غيرهم (شكيب ارسلان) ولماذا هم اقوياء ( ونحن ضعفاء )؟!
( سلامة موسى).
هذه الارهاصات الفكرية الجديدة التي تبحث عن اسباب التخلف والركود الذي وسم العالم العربي والاسلامي بالسلبية والعجز والقصور وعدم القدرة على تجاوز الذات هي جوهر الاشكالية الاجتماعية ـ الثقافية التي فرضت نفسها على العرب والمسلمين.

صدمة الحداثة
لقد اثارت مشكلة العلاقة المعقدة، بين الماضي والحاضر وبين التراث والمعاصرة وبين الانا والآخر، تساؤلات عديدة وكونت محورا رئيسيا في الفكر العربي الحديث منذ صدمة الحداثة.
والحقيقة طرح العقل العربي على نفسه هذه الاشكالية منذ سقوط بغداد على يد المغول. وقد اعيدت هذه الصيغة ثانية، ولكن بشكل اكثر قوة ووعيا وحدة، بعد هزيمة حزيران (يونيو) 1967 في سياق مراجعة النفس ومحاولة فهم اسباب الهزيمة وتبعاتها وعلاقتها بالتخلف والثقافة وبنية العقل العربي من جهة، وارتباطها بالاستعمار والانظمة الأبوية ـ الاستبدادية من جهة اخرى. وهو ما دفع بالعقل العربي الى ان يبحث عن مخرج ملائم له. وقد وجده في طريقين لا ثالث لهما: اما ان يحتمي بتاريخه وتراثه وامجاده الغابرة ويتخذ منها درعا حصينا يدفع عنه غول الحداثة الذي ارتطم به و الذي انتجه الغرب المتفوق علميا وتكنولوجيا، او ان يرضخ فيساير تيار التحديث والاصلاح، آملا ان يكون له نصيب في ذلك التقدم المادي والمعنوي الذي حقق للحضارة الغربية تفوقا ساحقا على سائر الحضارات الاخرى في العالم.
ان صدمة الحداثة ايقظت الوعي بها من خلال الاحساس البسيط والملاحظة المباشرة التي يفرزها الواقع الذي يتسم بالتخلف والركود والجمود من جهة، وإثارته التساؤلات الحرجة حول الاصلاح والتحديث والتقدم المطلوب من جهة اخرى.
ان الصدمة النفسية الى جانب الصدمة الحضارية التي تعرض لها الوعي العربي، احدثت صراعا وتناشزا بين فئتين واسعتين يطلق عليهما علي الوردي، بـ "فئة المجددين" و "فئة المحافظين"، واحدة دعت الى الاصلاح والتحديث والأخذ بعناصر الحضارة الغربية المادية والمعنوية، والاخرى تمسكت بالنظام القائم ومؤسساته التقليدية وطالبت بالرجوع الى الاسلام الاول وقراءته وإعادة انتاجه من جديد.

تخلف البنى الفكرية والمجتمعية

لدراسة وفهم وتفكيك وتحليل الشروط الذاتية والموضوعية لتخلف البنى الفكرية والمجتمعية علينا اولا طرح اسئلة التخلف والنهضة والحداثة للمناقشة وكذلك دراسة المعوقات التي وقفت وما تزال امام نهضة العرب وتقدمهم في العصر الحديث، وبصورة خاصة البنية الفكرية والمجتمعية.

حاول فكر النهضة بمفاهيمه واطروحاته وأطره المنهجية، ابتداءا من منتصف القرن التاسع عشر احداث قطيعة معرفية مع ما سبقه، بعد ان دخلت الى العالم العربي والاسلامي مفاهيم جديدة لم يألفها كالحرية والمساواة والاستقلال والتقدم العلمي والتكنولوجي وحقوق الانسان، التي انتجت وعيا جديدا بالهوة التاريخية واحدثت هزة عميقة في جوهر المنظومة المعرفية القديمة وهيأت شروطا جديدة حركت عناصر معنوية من داخل البنية الفكرية والمجتمعية وزرعت مفاهيم غربية جديدة في تربة غريبة عنها، مما احدث خللا وصراعا وتناشزا والتباسا في بعض الافكار والمفاهيم والقيم، بعد انتقالها او تقليدها بوعي او بدونه، دون هضمها وتطويرها او ابداع ما يماثلها.

والحقيقة، فان الافكار والمفاهيم والقيم الجديدة التي رافقت النهضة العربية في بداية القرن التاسع عشر كانت تهدف اساسا الى تأصيل مقومات التحديث والحداثة من اجل مواجهة الغرب الاستعماري المتقدم، كرد فعل على صدمة الحداثة، وكانوا يبحثون لها على اسانيد في التراث الديني والفكري ـ العربي ـ الاسلامي، ولذلك جاءت تلك المقولات مجرد تقليد للحداثة الاوربية وتبرير لها في ذات الوقت، ومن تلك التبريرات عملية معقدة من الاجتهادات الفكرية التي تضفي الى قبول الحداثة وشرعنتها وتأصيلها من جهة، والى محاولة تحديث الفقه عن طريق فتح باب الاجتهاد وربط الخطاب الديني بمقتضيات العصر.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الافيون القاتل
ماجد -

ابحث عن افيون الشعوب الدين الذي صار يدخل معنا الى غرف النوم ويراقبنا عن كل حركه واي تفكير

التكبيل
خوليو -

لم يكن العرب والمسلمون مكبلون بعادات وتقاليد وثقافة المجتمع العثماني بل الإثنان(العرب والعثمانيين)كانا مكبلان بثاقفة ومفاهيم الفكر والدين الاسلامي والذي هو أكبر عامل تخلف ، الاصلاحيون فشلوا في تحديث المجتمع لأنهم حاولوا توليف التقدم والحداثة الغربية على مفاهيم الدين، ليعطوا صبغة تقدمية لهذا الدين، ولما كانت الحقيقة غير ذلك(الفكر الديني تخلف عن الفكر الانساني المبدع)فشل ذلك التوليف، ولم يبق في الميدان إلا الفكر الديني بكامل أوصافه، وهذا ما نشاهده بأم أعيننا، سبب النهضة الاسلامية في العصور الوسطى كان بسبب احتكاك المسلمين بالحضارات القديمة (المصرية والسورية والاغريقية)فمثلاً لولا ترجمتهم لكتب الإغريق لما عرفوا الفلسفةوالديالكتية المادية لكبار فلاسفة الإغريق، ليومنا هذا لاتوجد في الجزيرة العربية فلسفة بسبب القمع الديني للفكر ولحديث العقل العلمي، عندما ينتبه المسلمون لسبب تخلفهم ويفصلون الدين عن الدولة ويفسحون المجال للتفكير العقلي الانساني ستيدأ عملية التقدم، فالمسلمون مثل غيرهم من البشر، عندما يحررون العقل من سلاسل الدين يمكن أن ينتجوا شيئأ مفيداً لهم وللبشرية، العلة الكبيرة تكمن في الفكر الديني المُكبل لطاقات العقل والابداع، شعب يُدّرس ّبالمدارس مواضيع تخويفية ترهيبية مثل عذابات القبر والحرق بالنار، هو شعب محطم لمقدرات العقل عند أجياله، آسف لهذا الكلام فهو برأي عين الحقيقة.

تحرير العقل اولا
بهاء -

سؤال صعب يطرحه الاستاذ ابراهيم، وانا متشوق لقراءة رأيه وتحليله. لكن مبدئيا اقول أن سنة الحياة هو التغيير، ولن يحصل تطور للدول العربية ما لم تتخلص من عبء الماضي الثقيل، وشعار الاسلام هو الحل!! هذه اكبر كذبة يستخدمها الاسلام السياسي مستغلا العاطفة الدينية للناس. فمن المسنحيل تاريخيا ان يكون تطور امة في استرجاع ماضيها. أوروبة ادركت هذه الحقيقة فعزلت الكنيسة وحيدتها فتمكنت من التقدم والتطور، واليابان كذلك جولت الماضي لمجرد فلكور وعادات شكلية لكن اخذت بالتجربة الغربية بكل ابعادها التي ترتكز على المنطق العلمي والفلسفة واسست الديمقراطية وحقوق الانسان وعزل الكهنوت الديني، والآن بدأت الصين تدرك ان تحسين الحالة الديمقراطية وحقوق الانسان هو حجر الاساس لمتابعة التطور والتقدم. ولن يتمكن العرب من التقدم ما لم يحققوا الشروط الدنيا للتغيير، ارساء الديمقراطية، تحييد الدين عن السياسة والمجتمع، ورزع ثقافة حقوق الإنسان. ومن يبحث عن الحل بالماضي سيبقى يعيش بالماضي ويسير للوراء وليس للأمام.

عين الحقد
عابر ايلاف -

لو انك قلت عين الحقد لصدقت ؟!الخصومة مع العلم كما كانت في المسيحية غير موجودة في الاسلام فالاسلام يحث على العلم ويجل العلماء ويجعلهم ورثة الانبياء واول شروط الهداية والعمل بالاركان العلم انظر الى كتاب شمس الاسلام تشرق على اوروبا لعلك تشفى من احقادك الكنسية ؟!

Muslims and Arabs
Salem -

I agree with 2 and 3 First Islam and Muslims took credit of others during the abbasis araHow can someone translate books from creek to Arabic and never study it?So the Bishops and Monks did that. Also give credit to Abbasis which were open minded because the Khaleefa was drunk all the time and this is true.They werent Religious as they are now and this was the secret.All Religions in way or other supress People in the past and they continue doing so now . Separate religion from Politics and the life in general will be better.Now because of the Religion its going backward

بل جمد العلم
بهاء -

انت تقصد علماء الدين يا سيد عابر؟؟؟ فلنقارن المكتبة الاسلامية طوال اربعة عشر قرنا ولنرى نسبة الكتب العلمية الحقيقة لكتب الدين والفقه والشريعة !!! انها لا شيء. نعم المسلمون نقلوا وترجموا علوم السابقين وطوروها واضافوا انجازات لا ينكرها الا مجحف. لكن يا صديقي ليس لان الدين حرض على العلم، بل لان هذه سيرورة الحياة، لكن بعد اربعة قرون طغى (العلم الديني) على العقل الاسلامي فتوقف اي انجاز علمي حقيقي. فقبل ان تكون هناك امبريالية وصهيونية وغرب و...الخ اي منذ القرن السادس الهجري أو الثاني عشر ميلادي، اذكر لي اسماء العلماء المسلمين في الطب او الكيمياء او الفيزياء!!! لن تجد اي اسم مهم يا صديقي ولا اي تطوير ذو قيمة، فقد كان ابن الهيثم من اواخر العلماء الذين قدموا انجازا علميا في القرن الحادي عشر.... ثم ماذا نام المسلمون عشرة قرون بدون اي انجاز علمي فبأي ألاء التاريخ تتكلم.

إقرأ أنت
خوليو -

لاحاجة لقراءة أي كتاب لنعرف أي علم يقصده الاسلام، فيكفي قراءة آية 120 من البقرة للوصول للقصد: ولن ترض عنك اليهود و لاالنصارى(القرآن يسمي المسيحيون نصارى) حتى تتبع ملتهم قل إنّ هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم من بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولانصير. فهل علمت ياسيد عابر أي علم يقصد ؟ رجاءّ عندمت تلفظون كلمة علم فاتبعوها بالذي نزل على الرسول حتى تتجنبون التمويه والخداع.

أنت لا تدري!!!!!!!!!
ssimo -

الحكام ببساطة

حول المقالات
عطوه القوصي -

الإعتذار مرفوع للدكتور الأستاذ الحيدري فقد تم إختطاف محور هذا المقال التنويري الرائع والمختطف هو هذا الشيء ( خوليو ) وهو من نفس فصيلة الشيء الآخر ؛ زكريا بطرس ، وقد أقسم للشيطان أن يختطف محور كل مقال ينشر بإيلاف ويغير مجرى أطروحات المقال لنشر أمراضه وأحقاده ضد الإسلام ، تماماً كالفايروس الطفيلي الذي يغزو الخلّية ويوّجِه جزيئآتها أن تعمل لأجل أنتاج نُسَخ جديدة له ، وهاهي روح إبليس الطريدة من رحمة الله قد حّلت في روح خوليو في إتحاد تام يحمل كل موروثاً للبغضاء وكراهية الإسلام ، ورائحة الكبريت تعقب كل تعليقات غلام الحقد .... لاضير ! ، والإسلام بدأ غريباً ....، وهاهو يعود غريباً كما بدأ .......! وهم سوف يسعون جهدهم كي يشوّهون وجه الرسالة الخالدة ويلبسون الحق بالباطل ، لكن الحق سوف يخلد صافيا ً وسوف لا يُعلى عليه أبداً ، .

لاحظ بواعث الكيد
هشام محمد حماد -

كيد .. كاد .. يكيد .. كيدا .. تكيد .. مكاد .. كدت .. تكايد .. كادت .. كاد يَفْعَل كذا كَيْداً: قارَب. وحكى سيبويه أَن ناساً من العرب يقولون كِيدَ زَيدٌ يفعل كذا .. وقد روي بيتُ أَبي خِراش : وكِيدَ ضِباعُ القُفِّ يأْكُلْنَ جُثَّتي ، وكِيدَ خِراشٌ يومَ ذلك يَيْتَم .. قال : وقوله عز وجل : أَكاد أَخفيها ؛ قال الأَحفَش : معناه أُخفيها .. الليث : الكَيْدُ من المَكِيدَة ، وقد كاده مَكِيدةً .. والكَيْدُ الخُبِثُ والمَكْرُ ؛ كاده يَكمِيدَُهُ كَيْداً.. ومَكِيدَةً ، وكذلك المكايَدةُ ..وكلُّ شيء تعالجُه ، فأَنت تَكِيدُه .. وبحديث عمرو بن العاص : ما قولك في عُقُولٍ كادها خالقها ؟ وفي رواية : تلك عقولٌ كادها بارِئُها أَي أَرادها بسوء. يقال : كِدْتُ الرجلَ أَكِيدُه .. والكَيْدُ الاحتيالُ والاجتهاد ، وبه سميت الحرب كيداً.. وهو يَكِيدُ بنفسه كيداً : يجود بها ويسوق سِياقاً .. وبالحديث : أَن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على سعد بن معاذ وهو يَكِيدُِ بنفسه فقال : حزاك الله من سيِّدِ قومٍ فقد صَدقْتَ اللهَ ما وعَدْتَه وهو صادقُك ما وعَدَك ؛ يكيدُ بنفسه : يريد النَّزْعَ .. وبحديث عمر رضي الله عنه : تخرج المرأَة إِلى أَبيها يَكِيدُ بنفسه أَي عندَ نزع روحِه وموتِه .. الفراء : العرب تقول : ما كِدْت أَبْلُغُ إِليك وأَنت قد بلَغت ؛ قال : وهذا هو وجه العربية ؛ ومن العرب من يدخل كاد ويكاد في اليقين وهو بمنزلة الظن أَصله الشك ثم يُجْعلُ يقيناً ..