ثورة المظلومين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يسود العراق هذه الأيام توتر شديد، يراه البعض رد فعل لنقص الكهرباء في مناخٍ لاهب قاس يجتاح العراق.
الشعب العراقي تحمل أزمات كبيرة وتعرض لظروف قاسية لا يستهان بها بعد(35) سنة عجاف خلال حكم صدام. واستبشر خيراً حين أنحسر ذلك الكابوس وصارت تحدوه الآمال في حكم منصف يعيد البسمة الى وجوه الايتام والثكالى والعاجزين الذين أرهقتهم الحياة بعد طول معاناة.
ولكن، وللأسف، ما لبثت ان تبخرت الآمال وصار المنقذون المفترضون هم المصيبة وهم مصدر الآلام والعذاب الذي يقاسيه الشعب العراقي.
يخطأ منْ يرى أن الأنتفاضة التي تسود أغلب محافظات العراق هي بسبب عجز الكهرباء وحده، ذلك ان المواطن صار يعاني من كل جوانب الحياة دون استثناء بسبب فشل كافة الحكومات المتعاقبة والفساد الذي اصابها وعدم الكفاءة لأغلب المسؤولين فيها والرفاه المفرط والترهل الذي اصاب بعض قياداتها الجائعة الى الترف والمال الحرام والتي لم تعد ترى سوى مصالحها وطموحاتها غير المشروعة على حساب المواطن العراقي.
ومما فاقم شعور المواطن بخيبة الأمل والنقمة هي الأزمة السياسية التي تقترب الآن من شهرها الرابع دون ان يلوح ضوء في آخر النفق، حيث يعيش العراق على بدعة جلسة مجلس النواب المفتوحة الى أجل غير مسمى لا يعلم نهايته إلا الله.
ان محاولة البعض ركوب موجة هذه الأنتفاضة وتسويقها لغير أهدافها ولخدمة مطامحه السياسية، لا يقلل من عمق مآساة الشعب العراقي ومعاناته في كافة أنحاء الوطن وفي كافة المجالات وليس نقص الكهرباء فقط. ان محاولة البعض حصرها في محافظات محدودة معينة هو تسييس وتمييع لهموم الشعب في كافة أرجاء الوطن لفرض حلول وهمية قد تصب في غير مصلحة الشعب العراقي ووحدته.
إننا نؤكد ان المصيبة والمآساة شاملة وعامة، وظاهرة الأستهانة بمصالح الشعب والتعالي عليها صارت ملازمة لكافة مراحل الحكم بعد عام2003، منذ حكم بريمر سيء الصيت وحتى الآن.
ان مسألة الكهرباء هي بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير إنها نتيجة تراكمات عديدة تكللت بأزمة الكهرباء، فالخدمات كافة شبه معدومة وخط الفقر يتفاقم وثراء المسؤولين وترفهم وفسادهم يتزايد. الحلول شبه معدومة. الكل مشغولون بالصراع السياسي لتحقيق طموحاتهم ومصالحهم، اما الشعب ومصالح الشعب فقد صارت عبء عليهم وفي تناقض مع مصالحهم.
وحتى لو أنفرجت أزمة الحكم المستحكمة، فنحن على أبواب محاصصة جديدة يفرزها الحكم الطائفي المقبل الذي أسسه حكم بريمر سيء الصيت.
لقد سئمنا نظرية البطل الذي يملك وحده الحلول الوطنية السحرية والذي هو أحرص وأعلم بمصالح الشعب من الشعب. مطلوب تفعيل الدستور وتحرك ضمائر السياسيين العراقيين لتشكيل حكومة وطنية حقيقية من كفاءات مشهود لها بالتأريخ السياسي الناصع البياض، متواضعة لا تتعالى على الشعب.. مطلوب تفعيل وتشريع عشرات القوانين المغيبة والموضوعة على الرف لمصلحة الطائفية والمحاصصة والفساد.. ومن أول هذه القوانين هي قوانين النزاهة.
مطلوب معارضة وطنية تنهي حكم المحاصصة والطائفية وتقوم عثرات السلطة وتحد من سلبياتها وعثراتها ولا تقل عن الحكومة أهمية.
كفى محاصصة.. كفى طائفية.. كفى تقاسماً للمنافع.. كفى فساداً وأستهتاراً.. فقد طفح الكيل ولم يعد في القوس منزع.