فضاء الرأي

الانترنت: غرس المعلومة أم صيدها

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

من مفكرة سفير عربي في اليابان

انتشرت تكنولوجية الانترنت في مختلف أرجاء قريتنا الكونية الصغيرة، ليصل عدد مستخدميها، حسب إحصائيات الوكيبيديا، لحوالي 1.8 مليار شخص في عام 2009، أي 26.6% من سكان العالم. فيستخدم ثلاثة أرباع سكان الدول الأوربية والولايات المتحدة الانترنت، وترتفع هذه النسبة في الدول الاسكندينافية إلى 90%. وتتقدم كوريا الجنوبية واليابان الدول الأسيوية، ويبلع عدد مستخدمي الانترنت في اليابان، حسب إحصائيات وزارة الداخلية والاتصالات اليابانية، أربعة وتسعين مليون شخص، أي 78% من السكان، وتتوفر خدمة الانترنت في 91% من المنازل اليابانية و 99% من الشركات. وتتقدم دولة الأمارات منطقة الشرق الأوسط في انتشار خدمات الانترنت، كما تتراوح نسب استخدامها في الدول العربية بين 75% و 10% من السكان. وقد كثر الحديث عن ما حققته تكنولوجية الانترنت في عالم العولمة الجديد، ويبقى السؤال المحير: هل تغير شاشة الآلة عقولنا؟ وهل تمتد هذه التغيرات لوظائف المخ وبنيته؟ وما شدة هذه التغيرات مع استخدام الانترنت؟ وهل يتعرض الإنسان للإدمان بكثرة الاستخدام؟ وما سبب هذا الإدمان؟
يبدأ الكاتب الأمريكي، نيكولاس كار في مقدمة كتابه الجديد، الضحل، التعليق على تكنولوجية الانترنت، فيقول: "في عام 1964، حينما غزت فرقة الغناء البريطانية، البيتلز، إذاعات الولايات المتحدة، صدر كتاب مارشال ماكلوهان، الإعلام امتداد للإنسان، ليعلن فيه بأن الأعلام الكهربائي للقرن العشرين يمزق طغيان النصوص الكتابية في أذهاننا. فبعد قرون من العزلة في غرفة مغلقة لقراءة صفحات مطبوعة، بدأنا نندمج في عولمة قرية قبلية، قربتنا لمرحلة التنبيه التكنولوجي لوعينا، لتنتشر عملية الإبداع المعرفي في المجتمع البشري بأكمله. ولم يتنبأ، حتى ماكلوهن، المأدبة التي سيضعها الانترنت أمامنا، أكلة شهية تلو الأخرى، وكل واحدة منها أكثر لذة من سابقتها، وبدون لحظة انقطاع لأخذ النفس. وأصبحت هذه الوليمة متحركة، بانكماشها لحجم الأي فون والبلاك بيري، وبتواجدها في إي وقت ومكان، في البيت والسيارة والمدرسة والعمل وحقيبة الجيب. فقد قلبت شاشة الكومبيوتر شكوكنا بسخائه، ليصبح خادم فظ، يعمينا من ملاحظة أنه السيد أيضا."
ويصف نيكولاس كار تأثير الانترنت على عقله، فيقول: "لا أستطيع أن أحس بعقلي، فخلال السنوات القليلة الماضية، عندي إحساس بأن هناك شيء ما يحدث بعقلي، يغير خارطة شبكاته العصبية، ويعيد برمجة ذاكرتي. فلم ينهار ذهني، ولكنه تغير، فلم أعد أفكر بالطريقة التي كنت أفكر بها، كما لم أعد أحس بالقوة حينما أقرأ. فكنت سابقا أسترخي حينما أنغمس في قراءة كتاب أو مقال طويل، ليتعلق ذهني بحبكة درامية أو بحوار فكري. ونادرا ما أعيش تلك اللحظات مع ذهني الآن، بل ينجرف تركيزي بعد صفحة أو صفحتين، وأتململ لأبحث عن شيئا آخر لأقوم به، وأشعر دائما الحاجة لسحب عقلي المشاكس للنص، وأصبحت القراءة العميقة نضال مرهق. فقد لاحظت في عام 2007، بأن الانترنت قد أثر بشكل أقوى وواسع على شخصيتي، بل تغيرت الكثير من عاداتي وتصرفاتي، فزاد اعتمادي على صفحاته وخدماته، بل تغيرت الطريقة التي كان مخي يعمل بها، وبدأت بعدم قدرتي على التركيز على شيء ما أكثر من دقيقتين. وتصورت بأنها تغيرات متوسط العمر، ولم تكن المشكلة فقط الانسياق العقلي، بل أحسست بأن عقلي متعطش، ويحتاج لزيادة من الانترنت، وكلما رويت ظمأه زاد عطشه. فحولني الانترنت لآلة لمعالجة المعلومات، ففقدت عقلي القديم."
ولنستمع عزيزي القارئ لعدد من المختصين عن خبراتهم مع الانترنت، فيقول بروس فريدمان، الباحث الأمريكي في العلوم الطبية: "لقد فقدت معظم قدراتي على القراءة واستيعاب مقال طويل بالتصفح على الانترنت." وعلق الطبيب كراب، المتخصص في علم الأمراض بجامعة ميتشيجن الأمريكية: "لقد أصبح تفكيري متناثرا، بالقفز بسرعة من نص لآخر على صفحات الانترنت الكثيرة، ولا أستطيع الآن أن أقرأ كتاب، الحرب والسلم، فقد فقدت القدرة على ذلك، وحتى صفحة بثلاث فقرات، أصبح من الصعب علي استيعابها، فأتصفحها بسرعة." ويتذكر فيليب ديفس، الباحث بجامعة كورنيل، حينما كان يعلم أحد طالباته في التسعينيات استخدام الانترنت، فقال: "استغربت حينما توقفت الطالبة لتقرأ النص بأكمله على الصفحة الالكترونية، فصرخت، من المفروض أن لا تقرئي صفحة الانترنت، بل أنقري على الكلمات البارزة." وينتقد ديفس نفسه اليوم: "من المفروض أن أقرأ كثيرا ولكني لا استطيع، أتزلج بسرعة على السطور، فليس لدي الصبر الكافي لحوار عميق وطويل، مع إنني اتهم البعض بتبسيط مشاكل العالم."
فهولاء الثلاثة، كراب وفريدمان وديفس، رجال متعلمون، ومهتمون بالكتابة، يلاحظون تأثر قدراتهم على القراءة والتركيز بسبب الانترنت، ولكنه في نفس الوقت يوفر لهم سرعة الحصول على المعلومة، وآلية بحث هائلة القدرات، وسهولة مشاركة أفكارهم وحواراتهم مع الآخرين، على حساب فقد قدرات جلوسهم بهدوء، وقراءة كتاب أو مجلة. فيقول فريدمان: "لم أكن أكثر إبداعا كما أنا الآن، بقدرتي على تصفح أطنان من المعلومات." ويعتقد كريب بأن: "القراءة السريعة للكثير من السطور على صفحات الانترنت، أكثر كفاءة في توسيع الذهن، من قراءة 250 صفحة في كتاب، ولم نتعرف على سمو آلية التفكير الالكترونية، لأننا نقيسها بعملية تفكير قديمة." ويقول ديفس: "فربما غيرني الانترنت لقارئ قليل الصبر، ولكنه حولني لقارئ أذكى، فبزيادة التواصل مع الكتابات والأشخاص، يعني زيادة التأثير الخارجي على تفكيري وكتاباتي." وتعلق ألبروفسوره كاثرين هيلس، الأستاذة بجامعة ديوك الأمريكية، على طلبتها بالقول: "لا أستطيع اليوم أن أدفع بطلبتي لقراءة كتاب بأكمله." وهي تتحدث عن طلبة الآداب. ويعلق الكاتب، نيكولوس كار، على الطريقة الجديدة للقراءة في الانترنت، فيقول: "لقد فقد متصفحو الانترنت الصبر على القراءة، فمع أن سرعة البحث والتنقل بين صفحة وأخرى مهمة، ولكن المزعج هو أن التزلج على الصفحات أصبحت الطريقة الجديدة للقراءة، فانعدمت قدرتنا على قراءة الكتب المطبوعة، لتصورنا بان لا حاجة لنا بها. فتحولنا من غارسي المعلومة الشخصية لصيادي ومجمعي معطيات الغابة الالكترونية."
يتميز عزيزي القارئ العقل البشري "باللدانة،" وهي تسمية لعملية تغير عصبية في المخ مستمرة استجابة لخبراتنا وسلوكنا، لينظم المخ دوائر شبكاته العصبية، مع كل أحساس، وفعل، وتواصل، وحافز، وخطة عمل، أو تغير في الوعي. ويعتقد العالم النفسي، باسكول ايون، بأن "اللدانة" أهم نتاج لعملية التطور الطبيعي، "ميزة تمكن الجهاز العصبي للهروب من محدودية الجينات الوراثية، ليتكيف مع التغيرات البيئية، والتحديات الحيوية، والخبرات اليومية." وعبقرية تركيبة عقولنا، هي بأنها لا تحتوي على أسلاك شبكة كهربائية ثابتة، بل تتكون هذه الأسلاك من شبكات نسيج متخصص ومتغير، ليتعامل مع التغيرات المستمرة، فقد وفرت لنا عملية التطور مخ يغير ذهنه مرة بعد أخرى. ومن المهم أن نعرف بأن عملية تفكيرنا وإحساسنا وأفعالنا لا تتحدد كلية بجينات مورثاتنا، ولا بخبرات طفولتنا فقط، بل أيضا نغيرها بالطريقة التي نعيش فيها، وبالتحديات التي نواجهها، وبالأدوات والأجهزة التي نستخدمها.
وقد وجد الباحث النفسي، ادوارد توب، بأن المراكز العصبية في المخ، المسئولة عن السيطرة على أصابع يد عازفو الفيولين، أكبر حجما من المراكز العصبية في الناس العاديين، فقد غيرت آلة الفيولين بنية مخ هؤلاء العازفين. ودرس العلماء أيضا كيفية تأثير الآلة على تركيبة مخ الحيوانات، فدربوا مجموعة من القردة للأكل بالكماشة، واكتشفوا نمو كبير في مراكز المخ المسئولة عن التحكم في اليد الحاملة للكماشة، واستنتجوا بأن الكماشة اندمجت في خارطة مخ القرد، لتصبح الكماشة، بالنسبة لمخه، جزءا من الجسم، "ليتصرف مخ القرد، كأن الكماشة هي أصابع اليد الجديدة."
ويبدو بأنه مثل ما يغير تكرار العمل العضلي شبكات عقولنا، يغير النشاط الذهني هذه الشبكات العصبية أيضا. فقد قام فريق من الباحثون في جامعة لندن في التسعينيات من القرن الماضي، بتصوير مقطعي لمخ 16 سائق أجرة، لديهم خبرة السياقة في شوارع لندن، تصل إلى 42 سنة، فوجدوا بأن الجزء من المخ المسئول عن التعامل مع المحيط الفضائي للإنسان، والمسمى بالهيبوكامبس، والمرتبط بالمعرفة الدقيقة لخارطة مدينة لندن، أكبر بكثير من حجمه الطبيعي، وترتفع نسبة زيادة الحجم هذه بزيادة سنوات الخبرة في السياقة. كما قام البروفيسور، باسكول ليون، بتعليم مجموعة من الأشخاص المتطوعين للعزف على البيانو، وقسمهم بعد ذلك لقسمين، طلب من القسم الأول بأن يتدرب على مقطوعة موسيقية لمدة ساعتين كل يوم ولخمسة أيام، بينما طلب من الفريق الآخر أن يجلس أمام البيانو، ويتصور بأنه يتدرب على المقطوعة الموسيقية، بدون أن يلمس مفاتيح البيانو. وقام الباحث بفحص مقطعي لمخ المجموعتين قبل وبعد التجربة، فوجد تغيرات في المخ متشابه تماما في المجموعتين، فقد تغير المخ استجابة لعمل عضلي بالعزف على البيانو وعمل فكري بالتخيل بالعزف على مفاتيح البيانو. والجدير بالذكر بأن "اللدانة" تختلف عن المرونة، فشبكات المخ العصبية لا ترجع بسهولة كما كانت كرباط المطاط. فتعلم العادات السيئة والأفكار المتطرفة يمكن أن "تنحت" عقولنا، كالخبرات والأفكار الجيدة، فكما يمكن أن تكون اللدانة آلية للتطوير والتعليم، يمكنها أن تكون سببا للتطرف والتعصب والإرهاب والأمراض العصبية والنفسية، ولنا لقاء.

سفير مملكة البحرين في اليابان

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
nero
nero -

الانترنت وسيله متقدمه مثل التليفون الفاكس و القرأه ليست مهمه المهم مصالح ماديه و معنويه هذا هو الاهم ...ان اسلوب حياه يراه مثل مؤدب جدا جميل جدا من هنا كان الكلام بلهجه و كلمات تناسب اخلاق و ليس كل الناس فقط من هو لا يفهم الا هكذا ...من هنا فى اى شغل الهدف ان ينعم الانسان نفسه فى الانترنت يستخدمها لمصالحه مثل ان اقراء اعلان سياحى فى اليونان لهدف اعرف اقول بالانجليزيه كيف قضيت اليوم فى اخر الشارع مطعم انصحك تأكل فيه ممكن اتفرج على شوارع بلاد و اهلها قبل ان اتزوج منها يرى شعبى هذا جريمه لانه مربوط فقط اما لو ليس مربوط كان سوف يردد انا مهاجر بالانترنت بيختار حياته الراقيه يشغلها بها تصل له مجلات لتربيه و اغانى و بالانترنت بيسأل عن اى شئ بدل شراء الكتاب فى المجله مثل هو و هى ممكن ملخص كتب فى كل عدد مثل صفحه الرياضه كل صفحه فى عدد هى ملخص كتاب او كتب اما الكتب لمن تمكن من التربيه و يريد يتعمق هنا قد يشترى اكثر من كتاب فى الاتيكيت و الخدمه الفندقيه لانه قد يدخل عندهم كتب كثير المجله بتربى الاول الهدف من القرأه ان يكون راقى اما مهنيا هذا عبط ان اكون مثل شاعر موظف ان الموظف بليد معروف فى الحكومه ايضا ممكن اجيد كتب العربى فى المدرسه و انا كبير اشتريها و سوف تكون كتب الاعداديه الابتدائيه الثانوى و احفظها و هكذا استطيع ان اكون شاعر او اكتب قصص و هذا عبط لانها مهنه و سوف انجح مثل اى موظف فى مهنه او عالم ايام ما كان لا شهادات اذا من يطالب الناس بالقرأه فقط لمصالحهم الماديه و المعنويه الان يجب يجيد الانجليزيه البريطانيه و ارقى مجلات حتى يقع فى الحياه هذه الراقيه فلا يتزوج من هذه الحياه و هو ليس واقع فيها سوف يكون مشكله كل يوم هو لا يستريح من حياه غريبه و هى ايضا من هنا الاتصال بنفس المستوى الاجتماعى و هذا هنا يحدث سعاده فقط اما الحب ليس مطالب الانسان يشعر به فـ اولاد الناس يخاف على امه اخوته زوجته لا يحتاج ان يشعر بحب او كانوا يدلعوا زياده حتى يشعر و يدفع الثمن خوف عليهم فقط لانهم اسره سوف يقوم بالواجبات اليوميه العاديه اما كلمه حب هذه من الجاهل الذى يردد للطالب بتحب اللغه بتحب الرياضه كل شئ عندهم اركع لـ اليهوديه او اسجد لـ الرياضه او لو انت سجدت لـ اللغه سوف تنجح يعنى تحبها و يرى انه يجب يركع لها و هى تركع له...البعض يقراء قصص شعبيه لـ نجيب محفوظ حتى يأخذ دكتوراه فى حياه بيئى