كتَّاب إيلاف

افتعال انقسام مسيحي - اسلامي في لبنان...

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فجأة من دون سابق انذار، انشغل لبنان بحقوق الفلسطينيين الموجودين على اراضيه. مرة اخرى، هناك من يريد المتاجرة بالفلسطينيين واللبنانيين وكأنّ هناك مشكلة بين الشعبين وكأنّ اللبنانيين لا يعرفون شيئا عن مأساة الفلسطينيين الذين شردوا من ارضهم التاريخية ولجأ من لجأ بينهم الى لبنان. اقام هؤلاء، في معظمهم، في مخيمات لا تليق بالانسان وذلك منذ ما يزيد على ستة عقود. والمؤسف انه وجد دائما من يستغل فلسطينيي المخيمات ويوظفهم في مشاريع لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية من قريب او بعيد بمقدار ما انها مرتبطة الى حد كبير بتدمير مؤسسات الدولة اللبنانية والقضاء على صيغة التعايش بين اللبنانيين. اخطأ الفلسطينيون في معظم الاحيان، خصوصا عندما قبلوا بأن يُفرض اتفاق القاهرة على لبنان واللبنانيين فجروا الويلات على انفسهم وعلى الوطن الصغير. واخطأ اللبنانيون في احيان كثيرة، خصوصا عندما اخذ المسيحيون، وليس كل المسيحيين، على عاتقهم التصدي للوجود الفلسطيني المسلح، فيما اعتبر قسم آخر من اللبنانيين المسلح الفلسطيني جيشه.
لكن الخطأ الاساسي لم يكن يوما لبنانيا او فلسطينيا، وذلك من دون الاستخفاف بقدرة اللبنانيين والفلسطينيين على الحاق الاذى بانفسهم وبقضياهم. كان هناك دائما من يريد استخدام الفلسطينيين لاغراض خاصة به من منطلق ان لبنان بمثابة "ساحة" لا اكثر ولا اقل.
ما الهدف من الاستفاقة اللبنانية المفاجئة على حقوق الفلسطينيين؟ قبل كل شيء، لا علاقة للبنان بهذه الاستفاقة المفتعلة من الفها الى يائها. لا وجود للبناني صادق مع نفسه يقبل بان يعيش الفلسطيني في ظروف لا تليق بالبشر. المشكلة في ان هناك من كُلّف باثارة موضوع حقوق الفلسطينيين على الرغم من انها آخر همومه وآخر هموم طائفته وذلك كي يؤكد انه يستحق شهادة حسن السلوك من النظام السوري ومن "حزب الله" بعدما وجد نفسه محاصرا في مرحلة ما وان تهجير الدروز من جبل لبنان امر وارد، خصوصا ان العالم وقف موقف المتفرج حيال ما جرى في بيروت والجبل في السابع والثامن والتاسع من ايار- مايو 2008. وقتذاك كان كل لبناني شريف مهددا بواسطة الميليشيات المذهبية التي انقضت على بيروت واهلها وعلى القرى الدرزية في جبل لبنان ووجهت مدافعها الى القرى والبلدات التي يقيم فيها بني معروف. حصل ذلك في ظل لا مبالاة دولية مستغربة وفيما اتخذ الجيش اللبناني موقفا محايدا من الاحداث فرضته ظروف اقليمية وتوازنات ذات علاقة بالداخل والخارج في آن.
ليس مطلوبا بالطبع فتح جروح الماضي بمقدار ما ان العودة الى الحديث عن حقوق الفلسطينيين بالطريقة التي حصلت بها يطرح بحد ذاته سلسلة من الاسئلة. في مقدم الاسئلة لماذا الآن ولماذا بهذه العجلة؟ ولماذا التظاهرة المضحكة -المبكية التي شارك فيها عدد لا باس به من الفلسطينيين في قلب بيروت والتي تلت طرح الموضوع في مجلس النواب؟ الجواب بكل بساطة انه مطلوب في هذه المرحلة بالذات تغيير طبيعة الانقسام في لبنان. انه انقسام بين الوطنيين اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق والفئات الاجتماعية، اي بين الذين يرفضون الوصاية ويتمسكون بالمؤسسات وبالدولة ويرفضون السلاح غير الشرعي الذي يرفعه "حزب الله" وفلسطينيون تابعون للاجهزة السورية من جهة... واولئك الذين يعتبرون انفسهم فوق الدولة ومؤسساتها وفي خدمة المشروع الايراني من جهة اخرى. المطلوب جعل الانقسام مسيحيا اسلاميا، علما ان هناك اكثرية مسيحية- اسلامية تدعم بشكل واضح مشروع الدولة وترفض سلاح "حزب الله" الذي انتهت مهمته في العام 2000، وترفض في الوقت ذاته السلاح الفلسطيني الذي لا يخدم القضية في اي شكل وفي اي حال.
المؤسف ان لبنانيين مسيحيين سقطوا في فخ التصدي لحقوق الفلسطينيين. كان على هؤلاء التروي قبل اطلاق تصريحات نارية تُشتم منها نزعة عنصرية تعكس غياب الرغبة في التعلم من تجارب الماضي القريب. كان على هؤلاء، وهم صادقون الى حد كبير ولكن تنقصهم الحنكة السياسية، التساؤل لماذا كل تلك الحماسة لدى نواب تابعين للنائب ميشال عون في التصدي لمشروع القانون المتعلق بحقوق الفلسطينيين؟ هل يستطيع عون ترك نوابه يطلقون كل هذا الزعيق، حتى لا نقول النباح، اعتراضا على حقوق الفلسطينيين لو لم يكن ذلك مطلوبا منه؟ هل كان فعل ذلك لو لم يكن الهدف تكريس الانقسام المسيحي- الاسلامي في مجلس النواب تغطية لامور اخرى على راسها السلاح غير الشرعي على الاراضي اللبنانية اكان في يد عناصر تابعة لميليشيا مذهبية لبنانية او لتنظيم فلسطيني معروف تماما اين مرجعيته؟
تستأهل حقوق الفسطينين في لبنان نقاشا جديا وطويلا بعيد عن المزايدات والشعارات، خصوصا تلك المرتبطة بما يسمى التوطين او حق العودة. لاوجود لفلسطيني او لبناني يريد التوطين في حين ان حق الدولة سيكون مضمونا لكل فلسطيني متى تحقق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة بموجب تسوية شاملة يؤمن بها الرافضون للمتاجرة بالقضية الفلسطينية الى ما لانهاية...
مشكلة لبنان ليست مرتبطة بحقوق الفلسطينيين الذين على ارضه. ومشكلة الفلسطينيين في لبنان وغير لبنان في مكان آخر. تكمن المشكلة الحقيقية في وجود دولة داخل الدولة وسلاح خارج السلاح الشرعي في لبنان. كل ما عدا ذلك مناورات واستعراضات مضحكة من نوع تضخيم قضية النفط ومشروع التنقيب بدل اعتماد الهدوء والروية. لا هدف لمثل هذه المناورات والاستعراضات سوى التغطية على الحقيقة عن طريق افتعال نزاعات مصطنعة. ثمة من فهم ذلك وثمة سيفهمه عاجلا ام آجلا...

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الى كل الشام
علي بن سعد -

تمتاز سوريا عن الدول العربيه بصوره عامه شيء واحد وهو (التسامح بين الاديان والمذاهب) اي لاتعصب ولا عنصريه --وكله بسبب العلمانيه والحكم المدني الانساني الطابع غير الديني التكفيري الرجعي المتهالك اتمنى لكل السوريين عدم التفريط في هذا السلوك

أحسنت 100%
الحجّاج -

مقال رائع يا أخا العرب . لقد سردت كل ما يفكّر به اللبنانيون الذين لا ولاء لهم إلا لوطنهم _ أكتفي بأن أقول أن السوريين و الإيرانيين قد حكموا لبنان لعقود و لم يذكر أحدا منهم الفلسطينيين بخير . قصفتهم إسرائيل و حاصرتهم من البحر بينما هاجمهم جماعة البعث و جيش النظام المنافق من البر . يريدون عبر ذلك كلّه إعادة تعويم الدمية ميشال عون الذي تتهاوى عصابته في الإنتخابات و من جرّاء عائليته المفرطة و ذلك عبر ركوب موجة ما زال يظنّها تنفع . لقد دفن الجميع في لبنان اوزار المرحلة الفلسطينية و لم يبق إلا تجّار القضية ينادون على بضاعة كسدت و لا تجد مشتريا . سينال الإخوة الفلسطينيون حقوقهم التي لا ينكرها عليهم إلا تجار البعث و السجاد ىالفارسي

FOR LEBANON
adel -

المسيحيين اللبنانيين وهم اكثر من10 مليون في العالم جزء اساسي في لبنان وهم معظمهم احفاد لقبائل عربيه عريقه سكنوا البلاد وهم بعد اعتنقوا المسيحيه في بدايتها وبدونهم وهذا مهم جدا كمثل صحراء ذات مورد مائي شحيح والمعنى في بطن الشاعر كما يقال لانهم متعلمين وبنسبه عاليه في التخصصات العلميه وامكانات في مجال الاعمال والاداره وهم اغلبيتهم الكبرى مع القانون وضد التطرف مع احترامي للطوائف الاخرى ويعشقون لبنان وهذا ليس بغريب عليهم --اقترح تكوين لجان تتولى مهمه حث المهاجرين لمن يرغب الرجوع الى بلده لاجل التنميه والتفوق وتتكون اللجان من اصحاب الفكر والمثقفين ورجال السياسه ورجال الاعمال ومنظمات المجتمع المدني من تحقيق هذا الاقتراح--ودمتم جميعا سالمين

nero
nero -

افتعال انقسام مسيحي - اسلامي في لبنان... هذا طبيعى فى الحياه العامه قوانين هى اسلوب حياه دين فى عقل كل مواطن بينه و بين الدوله مثل دين فى اسلوب قياده السياره بيعطى الاشاره كما تعلم دينه من شرطه المرور او من يمثلهم و ان حدث حادثه محدد هنا الدين بمن يتصل و للعامه مثلا لاتنقل المصاب بنفسك ... فى الحياه الشخصيه ليس مطالب الناس كلها يكون فى عقلها دين واحد و الاتصال بـ بروتوكولات و حتى لو صداقه اى طلب جلسه زياده مثل الامساك فى رجل و القول له على المقهى اجلس بس ....

لكل ظالم نهايه
عمر عمران -

السبب هو ما يسمى بالبطرك..منذ توليه الحكم البطركجي و هو يبث الفتن

ألشكلة
werner -

هذه ألمشكلة قديمة وستبقى سنين بعدها وهى موجودة بكثرة فى بقية انحاء العالم مثلا انظروا الى اوروباالسماح ببناء المساجد 90 فى المئة من الشعب يرفضونه ألحل الوحيد للبنان هو التقسيم

عمر عمران
الحجّاج -

ان هذا البطرك هو أشرف الناس و هو ضمير لبنان . و سبب تهجّمكم عليه هو رفضه الخضوع لإملاءات القرامطة و المجوس و لا خلاف بين المسلمين و النصارى مهما حاولوا

تعليق# 1
RAMIZ RAMZY -

## كلام صحيح---GOOD FOR SYRIA

10 مليون ؟
محقق -

من وين جبت هالمعلومه أنه عدد أللبنانيين ألمسيحيين 10 مليون ؟كل ألمسيحيين ألعرب سواء في سوريا أو فلسطين أو ألأردن أو لبنان أو في بلاد ألمهجر لايتعدى عددهم 10 مليون في أعلى تقدير ، وعدد ألموارنه في ألعالم كله بما فيه لبنان وسوريا لايتعدى 2.5 مليون

لا دخل للعلمانية
حسام -

لو كانت العلمانية هي السبب في التسامح الديني لما تعرض المسلمين للعنصرية في الغرب فهم أكثر علمانية من سوريا, المد الديني في سوريا وبالأخص علماء السنة لا يحرضون ولا يكفرون وانما يتبنون التوجيهات السمحاء لسيد البشرية الرسول عليه الصلاة والسلام ويقتدون بحسن أخلاقه مع جيرانه اليهود والمسيحين, ولا ننسى بأن أول هجرة للمسلمين كانت للحبشة واحتمى المسلمين بملكها النجاشي من جور اهل قريش, ولا ننسى بأن القرآن أخبرنا بأن أقرب الناس لنا كمسلمين هم أصحاب الديانة المسيحية حيث قال تعالى (( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) )

المحكمة
محمدالسوري -

الشغل الشاغل الآن في المنطقة لا شك أنه المحكمة الدولية وكل ما يجري عبارة عن تحضير المشهد اللبناني لاستقبال أولى بوادر الاتهام الظني في لبنان وما حولها, وحدهم القتلة يدركون ذلك,وأكثر ما يخيفهم السرية التي تلف القضية برمتها مع خشية القتلة ألا تكون صفقة التسوية قدمررت أمريكياوعربياولبنانيا.مع خالص الرجاء أن تقتص المحكمة ليس للشهيد الحريري ورفاقه فقط بل لكل الشهداء الذين قضوا على طريق الحريةوكل الذين عذبوا منذ أربعين سنةوالذين هم على قائمة القتل والأرهاب ,الى أن يلقى القتلة حتفهم من قريب .وماذلك على الله بعزيز.

المحكمة
طارق -

انها المحكمة. مشاكل كثيرة ستفتعل في لبنان بسبب المحكمة. شكرا للكاتب على وضوحه وجرأته.