فلسطينيو الخط الأخضر واستحالة إسرائيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الجمهور الإسرائيلي مأخوذ بقضية شاليط. تظاهرات نظمت للضغط على حكومة نتانياهو وأخرى في صدد ان تنظم. ثمة مجموعات ضغط ناشطة في كل اتجاه، وهي تأخذ على الحكومة انها لا تسعى بشكل جدي للإفراج عن الجندي. الإسرائيليون يعرفون أن التظاهرات الجوالة لا تفلح في الضغط على الحكومات الإسرائيلية. في وسع الحكومات دائماً أن تخترع اسباباً للمماطلة وتبريرات للفشل. في نهاية المطاف سيغضب الجمهور الإسرائيلي ويحبط، مثلما حدث في مرات كثيرة سابقة. وستعمل الحكومات وفق اجندتها الخاصة. يقال ان احتمال استجابة نتانياهو لمطالب حركة "حماس" من اجل تحرير جنديه الأسير، تمر من الخارج. نتانياهو مثل غيره من رؤساء الحكومات الإسرائيلية وربما أقل من غيره بكثير، يستجيب بصورة افضل للضغط الخارجي. الأميركي تحديداً واولاً والأوروبي بدرجة أقل. الحياة السياسية في إسرائيل تشبه كثيراً مثيلتها في لبنان. ثمة انتخابات وتظاهرات، وثمة ايضاً فضائح مالية وجنسية. إنما هذا كله لا يفعل فعله إلا حين يكون التظاهر او الفضيحة مدبران من أطراف خارجية تملك القدرة على الضغط والتقرير في الحياة السياسية الإسرائيلية. تكاد تكون حالة لبنان مفهومة. بلد صغير في حمأة صراع أكبر من قدرة العالم مجتمعاً على إيجاد حل عادل له، يرضي جميع الأطراف. النتيجة، يتحول البلد شيئاً فشيئاً من وطن، لم يكن مرة مكتمل الصفات، إلى ارض صراعات. الدعاية الإسرائيلية والغربية تفيد ان إسرائيل لا تشبه لبنان. فهي بحسب هذه الدعاية بلد مكتمل الصفات، وهي بحسب هذه الدعاية تاج الديموقراطية في منطقة الشرق الأوسط، وصاحبة اقوى جيش في المنطقة، والدولة القادرة على تهديد جيرانها جميعاً تهديداً جدياً وخطيراً. مع ذلك إسرائيل اليوم، بزعامة نتانياهو - ليبرمان، لا تكف عن الإعلان عن رغبتها بتبادل الأرض والسكان مع الفلسطينيين. تنزع المواطنة والجنسية عن فلسطينيي الخط الأخضر، وتنقلهم بأرضهم وقراهم إلى السيادة الفلسطينية الموعودة، في مقابل احتفاظها بالمستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية تحت سيادتها المطلقة.
طبعاً ثمة من يعارض هذه الحلول في الوسط السياسي الإسرائيلي، خصوصاً بين اوساط اليسار. لكن فكرة ليربمان تبدو جذابة لبعض الوسط السياسي الإسرائيلي. هكذا يتخلص اليهود من الأقلية العربية، وتصبح إسرائيل دولة لليهود فعلاً. مع ذلك ليس ثمة في المجتمع الإسرائيلي من يولي انتباهاً للمخاطر الكبرى التي قد تنجم عن مثل هذا التبادل. مخاطر ان تحجب عن مواطنين إسرائيليين، هم فلسطينيو الخط الأخضر، حقهم في المواطنة بعد عقود على إنشاء الدولة. هذا يعني على نحو لا لبس فيه، ان إسرائيل التي تفاخر أنها دولة مستقرة وراسخة منذ عقود، بل منذ العام 1948، تريد ان تستعيد لحظة تأسيسها ضاربة بتاريخها نفسه بعرض الحائط.
خلاصة القول، ان إسرائيل حقاً وفعلاً تعيش أزمة وجود وتكوّن. ليس لأن جيشها عاجز عن تدمير الدول المحيطة به، على العكس، من ذلك، وليس لأن النووي الإيراني يقلقها على ما يصرح رئيسها شمعون بيريز، الذي لا يريد العيش قرب جار مجنون. وليس لأن صواريخ القسام تصل إلى عسقلان. بل لأن ثمة فلسطينيين صمدوا أمام القصف الصديق والعدو، داخل الخط الأخضر، وأثبتوا ان يهودية الدولة تعادل محو تاريخها كله، والبدء من جديد.
من قال ان من يملك طائرات أكثر واحدث يربح الحرب؟