ذكريات بغدادية عن حلبات الريسز وخيولها المحجلة ايام زمان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سباق الخيل في بغداد "الريسز" كان من اهم الأحداث التي شغلت جمهورا واسعا من سكان العاصمة بغداد إبان العهد الملكي في العراق. أدخله الإنكليز وأقاموه كناد طبق الأصل لتلك اللعبة التي عهدوها في بلادهم. وكما حدث في لعبة كرة القدم، دخلت المفردات والمصطلحات الأنكليزية هذه اللعبة وأزاحت جانباً الكثيرمن مرادفاتها العربية واحتلت مكان الصدارة لدى عامة الجماهير البغدادية التي ما انفكت تستعملها حتى بعد إبطال "الريسز" في عهد عبد الكريم قاسم الذي أطاح بالحكم الملكي في الرابع عشر من شهر تموز من عام 1958.
وتبوأ مكان الصدارة من تلك المصطلحات مصطلح "الريسز" وتعني في الأنكليزية "سباق" حتى اُهمل استعمال المفردة العربية ولم يعد هناك من يعزي مفهومها الى سباق الخيل، ومن بين النوادر والمِلَح التي كانت تدورآنذاك بين المواطنين هي تلك التي تزعم أن حوذياً (أبو عربانة قوﭺ - صاحب حنطور) وقف في يوم قائظ يصرخ بأعلى صوته "سباق"، "سباق" موجهاً صراخه نحو جماعة من رواد "الريسز" الذين تجمهروا في الجانب المقابل من الشارع ينتظرون عربانة أو سيارة ركاب تقلهم "للريسز"، واستمر صاحبنا العربنچي ساعة طويلة بصراخه وانبح صوته ولم يلتفت اليه احد من الرواد الذين بدورهم ضاقوا ذرعا بالوضع وعانوا من شدة الحر فتوجه احدهم الى العربنچي يسأله: "عمي ﮔلي شنو هذا السباق؟" وعندما أجابه أنه "الريسز" انهال عليه بكلمات نابية قائلاً: "ولك ابن الڴح....إحچي عربي ﮔول "ريسز". ومن المفردات الأخرى التي كانت دارجة عند العوام والتي حرِّفت من الأنكليزية أتذكّر المصطلحات التالية:
"الكونة" - حرِّفت من كلمة "كورنر- "Cornerويقصد بها الدورة الأخير قبل الوصول الى الخط النهائي من حلبة السباق. و"ﭼانِص" - محرفة من "ﭽانْس -Chance " وتعني "نصيب" أو "حظ" وكثيرمن رواد "الريسز" كانوا يتوجهون الى من يظنون بأنه ذو دراية بالخيول المتسابقة ويسألونه أن يعطيهم ﭽانِص اي يرشدهم الى الحصان الأكثراحتمالاً بالفوز. وكان والدي الذي كان من رواد "الريسز" وصاحب خيل يمتنع من "إعطاء ﭽانِص" لأحد وذلك إحترازاً من عدم التوفيق والخسارة اللذان يجلبان الغضب والسخط على من أعطى الچانِص. وهناك اصطلاحان لم يطرأ على لفظهما تغيير أو تحريف وهما "جاكي" (Jokey) وهو الفارس الذي يمتطي الجواد في السباق و"فلوك" (Fluke)ويعني الربح العالي الغير متوقع. وفي تلك الأيام اشتهر "جاكيان" الأول هو "ممفي" وكانت له الأولية في ركوب جياد الو صي علي عرش العراق الأمير عبد الإله الذي كان مغرماً بسباق الخيل وكثيراً ما كنت أشاهده جالساً في "اللوج" مع حاشيته وبيده منظار (دربين) يتابع من خلاله مجرى السباق وخاصة عندما كان أحد جياده مشتركاً فيه، والثاني هو "شلاّل" الذي ذاع صيته في بغداد كفارس ماهر. وكانت اسماء فرسان الخيول تتعالى في صراخ صاخب ينطلق من حناجرالجمهور الذي راهن على الجواد الذي يمتطيه ذلك الفارس عند وصول الخيول المتسابقة إلى المرحلة الأخيرة من حلبة السباق. وكان صراخ المراهن يرتفع اكثر لدى سماعه صوت مراهن اخر بجانبه ينادي على اسم فارس منافس له مشجعا اياه على سرعة العدو وكأن هناك دافع أو شعور داخلي لا يمكن كبحه يقول له ان المنافسة بقوة وبشدة الصراخ ستحث الفارس على الفوز. احتل كل من "ممفي" و"شلال" مكان الصدارة في حناجر المراهنين الى جانب الفرسان الآخرين. ومن الصور التي علقت في ذاكرتي من هذا المشهد هو ذلك اليهودي المدعو حسقيل أبو السيلان أي بائع الدبس الذي راهن على حصان كان راكبه "جاكي" يدعى حسون ووقف يتوسل بلهجته اليهوديه: "أبدالك حسون بس غاسك، غاحت فلوس السيلان، بس غاسك حسون" (جعلت فداءك يا حسون رأسك فقط، ضاعت فلوس السيلان، رأسك فقط) اي فُز في السباق ببروز رأسك فقط لا أريد أكثر. وكان هذا المسكين ألغث لا يستطيع النطق بحرف السين وينطقه ثاء مما جعله محل استهزاء عند الطائشين من المراهنين عندما سمعوه يتوسل: "أبدالك حثون بث غاثك حثون غاحت فلوث الثيلان...." أما شلال فتركيبة كلمتي "سوﮚ شلال" اللتين كان يصرخهما المراهنون بشدّة اصبحت عند مفهوم البغداديين تعني "أسْرِع" أو "إمض قُدماً". وحين نوقشت في البرمان العراقي لائحة إسقاط الجنسية العراقية عن يهود العراق في الثاني من شهر مارس عام 1950 تحمّس أحد النواب للمشروع ولم يتمالك نفسه وانطلق يهتف "سوﮚ شلال" حتى اسكته رئيس البرلمان الذي ترأّّس الجلسة. أما الأرباح فكانت توزع علي الفائزين بنسبة عكسية لكمية التذاكر او المبالغ التي روهن بها علي الحصان الفائز، فكلما ازداد المبلغ قلّ الربح والعكس بالعكس. وكثيراً ما كان المجازفون من رواد "الريسز" يراهنون على الحصان الذي يعتبره الكل أنه خاسرلا محالة آملين بفوز كبيرغير متوقَع إذا "طلع فلوك". وذات يوم راهن خمسة أشخاص بينهم حسقيل اليهودي ووضع كل منهم درهما في يد حسقيل وأتمنوه لشراء تذكرة التي كان سعرها آنذاك ربع دينار راهنوا فيها على حصان كان احتمال فوزه ضئيلا آملين أن "يطلع فلوك" وتحقق املهم وفاز الحصان وكان الربح مضاعفا بعشرين مرة من سعر التذكرة. والدرهم الذي أودعوه عند حسقيل أصبح يساوي دينارا كاملا وهذا مبلغ ضخم في تلك الأيام وانتشر الخبر في بغداد واصبح حديث الساعة لدى الكثير من سكان العاصمة. وكان من عادة المرحوم والدي حال عودته من "الريسز" مساءً، الجلوس في قهوة خضوري زنڰي في محلة أبو دَوْدَوْ اليهودية لاحتساء الشاي ومناقشة مجرى السباق مع رواد المقهى وكنت دائمأ ارافقه ذهابا الى الريسزوإيابا الى المقهى. ولم نجلس إلا قليلا حتى ورد المقهى شخص غريب تبدو على قسمات وجهه وسماته انه من الأشقياء ووجه الى الحاضرين سؤالاً: "وينه هذا حسقيل آني شريكه وأريد ﺤﮝﻲ" وكان حسقيل جالسا ولم يتعرف عليه وكان واضحا أن ادعاءه كاذب، ثم جاء بعده كذابون آخرون وادعوا نفس الأدعاء فما كان من والدي إلا أن إرسل حسقيل الى بيته بعد أن أخذ منه أسماء شركائه الحقيقيين ثم طمأنهم بعد ذلك وكفل لهم حقهم لعلمه ان مدعيِ الباطل سوف يكفون عن أدعاهم بعد مدة وجيزة. وكان بعض أصحاب الخيول يتعمدون إفشال خيلهم في السباق ويخلقون انطباعا مزيفاً عن الجواد لدى روّاد "الريسز" كي يمتنعوا عن الرهان عليه باعتباره من الخاسرين وعندئذ "سيلعب عليه" أصحاب الحصان واذا ما فاز "وطلع فلوك" فسيدر عليهم أرباحاُ طائلة، وكان يطلق على عملية إلأفشال المصطنعة هذه "جرّْ الحصان". وكان هناك بعض المراهنين من الذين لم يلازمهم الحظ وممن خسروا في رهانهم لايعترفون بأخطائهم وبسوء تقييمهم وتقديرهم عندما قرروا الرهان على الحصان الخاسر ويلقون باللائمة على أصحاب الحصان وكثيرأُ ما كنت أسمعهم يقولون بغضب "خوات الڱح....جَرّوا لحصان".
كان اقتناء الخيول الأصيلة للسباق يدر ارباحا لابأس بها على صاحبها إذا كان يعرف كيف يدبِّراموره بحكمة ويعتمد على أناس ذوي خبرة وصادقين. فقد كان سعر الجواد الذي كنا نشتريه من العرب اي البدو نحو عشرة دنانير وكنا نبيعه بعد سنة أو سنتين بنحو مائة دينار اذا كان قد نجح في سباقاته. وبعد شرائه كان يودع في طولة (اسطبل) وكان على صاحب الطولة العناية به وعلفه وتدريبه لتصبح له "يد فيه"، أي ان تكون له قائمة من قوائمه الأربع وبمعنىً آخر له الربع. وكان لنا جوادٌ أدهم أطلقنا عليه اسم "مشتاق نعيم"، كنا قد اشتريناه بعشرة دنانير وكان له قصب السبق في أول مباريتين خاضها وذاع صيته وعندها جاء حماد الشَّڴْرة صاحب الطولة الى والدي وقال له "أبو نعيم (وهي كنية والدي) لازم نْبَنْدَ الحصان ونْدِزَّهْ للهند" اي يجب علينا أن لا ندعه يشترك بعد الآن في سباقات وأن نرسله الى الهند. ويظهر أن فعل "بَنَّد" دخل هو الآخر من الأنكليزية واشتَقَّ من (باند- (to-Band وتعني الربط. وكان العراق في تلك الأيام يصدِّر من خيوله ألأصيلة الى الهند التي كانت آنذاك مستعمرة بريطانية تجري فيها سباقات الخيل على النمط الأنكليزي كما كان متبعاً في العراق. وفعلاً أرسلنا "مشتاق نعيم" وحصانأً آخر يدعى "بنّاش عامر" الى الهند في سفينة مع حسين الخفاجي صاحب طولة في جانب الكرخ كان لنا فيها عدة خيول. وكانت شهرة حصاننا قد سبقته وعند إرساء السفينة وهو على متنها جاء من اشتراه بمائة دينار. إذ كانت المعلومات عن الخيول المصَدَّرة من العراق ترسل إلى الهند حال إقلاع السفينة التي تقلهم. وكان لنا من "مشتاق نعيم" خير خلف لخير سلف فعندما اقتيد بعد شرائه من مضارب البدو إلى بغداد أفَلَتَ من يد قائده السايس وشبَّ على فرس كانت سائبة ترعى في الحقل وكتم القائد الأمر ولم يبح به لأحد إلا بعد أن ذاعت شهرة "مشتاق نعيم" وعندها توجه والدي الى مضارب البدو واشترى نجله وأسمينا ذلك الفلو الوسيم "برق الإله" الذي تفوق هو الآخر في سباق الخيل وبعناه بثمن باهظ.
اما تدريب الخيل فكان يسمى "خَبّْ"، إبتداء من المشي العادي "القدم" وحتى بلوغ السرعة القصوى (يدربك) وكان هناك سُلَّم للتعريف عن مراحل التدريب استعملوا فيه مصطلح "عانة" واطلقوا مصطلح "16 عانة" على المرحلة أو السرعة النهائية و"8 عانات" للسرعة المتوسطة حيث يطلق العنان للجواد ليجري حسب هواه، اما "أربع عانات" فتعني الجري خَبَبأً يعدو فيه الفرس مراوحاً بين يديه ورجليه وكانوا يعرّفون هذه النوع من الجري ب" ﮜيرﭽال"، لعله اصطلاح إنكليزي. وكثيرا ما كنت أرافق والدي في صباح أيام السبت الى حلبة "ألريسز" حيث يجري خَبُّ الخيل لمتابعة تقدّمها وكان الوالد يستعمل ساعة قياس الوقت "stopper" لقياس مدى سرعة الفرس، وكان قََطْعُ المسافة بأقل من الوقت المعدل يشار إليه بثوانٍ فمثلاً إذا وصل الجواد الى نهاية المطاف قبل ذلك بخمس ثوانٍ قالوا "جا خمسة ﮜاصر" واصبح هذا المصطلح يطلق عند العامة على من يفوز علي منافسيه أو علي من يريدون أن يشيدوا بقدرته ومهارته ويقولون "هذا جا تسعة ﮜاصر".
سلبي
هو اسم جواد أشقر أصيل وجميل كان له ثلاث قؤاثم "مْحَجَّلة" اي أن لون القسم الأسفل من أعلى حوافره على امتداد ما يقارب الثلاثين سنتيمترا كان أبيض ناصعا كما لو كان حِجْلاًَ يتلألأ في رجل امرأةٍ حسناء، كما كانت له "جبهة سيّالة" وهو اصطلاح يُراد به ان صباحة وجهه من عند جبينه امتداداً حتى منخاريه كانت مزينة بنفس اللون الأبيض الناصع مما ازداده حسنا وجمالاً، أضف الى ذلك انه نال قصب السبق في المباريات التي خاضها في "الريسز". وأتذكر جيدأ يوماً من أيام فوزه في السباق، كان ذلك يوم الأحد وهو أحد اليومين في الأسبوع اللذين كان يجري فيهما سباق الخيل في بغداد، أما اليوم الثاني فكان يوم السبت، ففي ذلك اليوم ذهبت بعد الدوام في المدرسة رأسأ الى "الريسز" ولم أتناول وجبة الغذاء في البيت واكتفيت ﺒ"السميط"، وهو نوع من الكعك لذيذ الطعم مغطى بسمسم اُلقي على سطحه قبل خَبزه وهو عجين، اشتريته بفلس عند بوابة دخول الخيل المشتركة في السباق عندما كنت أنتظر مجيء حصاننا. وحين وصوله أسرعت الى خَلَفْ السايس وتناولت منه حزمة "الڱصيل" ( القصيل هو الشعير الذي يُحصدُ أخضر لعلف الدواب) وأمسكت بالرسن وأصبحت كأنني من مساعدي السايس وهكذا كان يتسنى لي الدخول مع الحصان إلى "اللوج". جلست على أحد المقاعد في "اللوج" وكانت على شكل مدرَّج أُراقب منه الخيل التي بدأت تظهرالواحد تلو الأخر وهي تجري بسرعة متوسطة مستعرضة قدرتها أمام الجمهور قبل أن يحسم رأيه على إيّ من الجياد يراهن. ولم تمض إلاَّ دقائق معدودة وإذا بي أرى الوصي على عرش العراق ألأمير عبد الأِله جالساُ مع حاشيته على بعد عدة أمتار مني وبيده دربين يتابع من خلاله سير السباق الذي يشارك فيه أحد خيوله، وعندما "هَدَّت"ْ الخيل (كانت عامة الناس تسمّي الشوط هدَّة) لم ينفك الأمير من المتابعة حتى وصولها الى الخط النهائي كما تابعتها أنا، وجاء حصاننا في طليعة الخيل المشتركة في تلك الهدَّة وتلاه حصان الوصي فاكفهرت وجوه البعض وامتعضت وانشرحت صدور آخرين وانبسطت أساريرهم، أما أنا فلم أتمالك نفسي وانطلقت راكضاً إلى محل عودة الخيل من السباق ماراً بالقرب من الوصي وحاشيته وإنا إصيح بإعلى صوتي "حْصَانّا غُلب، حْصَانّا غُلَب"، ولم أكن آنذاك قد تجاوزت الحادي عشر من العمر. وهناك وجدت والدي في استقبال الحصان والجاكي الذي حظي بجائزة مالية منه كما حظي السايس خَلَفْ ومن كان حاضراً من طولة حمّاد الشڱرة. ولم تكن هذه المنافسة مع خيل الأمير وحيدة، فقد كانت لنا معه منافسة أخرى في مسابقة الجَمَال للخيل (كَبّْ الحٍسٍن) تغلبت خيل ألأمير فيها على فرسنا التي كانت فارهة ناصعة البياض كان والدي قد اشتراها لحسنها وجمالها المفرط. والكل كانوا يتوقعون أنها ستحظى بالجائزة الأولى ولكنها دُرجت بالمرتبة الثالثة من قبل المحكَّمين الذين منحوا الجائزتين الأولى والثانية لخيل الأمير عبد الأله.
كنا قد اشترينا سلبي وهو يحمل ذلك الأسم الغير إيجابي الدال على النفي ونحن لم نكن نعرف ما هو الدافع الذي كان من وراء هذه التسمية إلاّ بعد حين، كان ذلك في يوم من الأيام جاء فيه حمّاد الشڱرة الى والدي راجياً ً "أبو نعيم بيعَه لِحْصَان" فاستغرب والدي من هذا الطلب واستفسر عن الدافع فأجاب: "إن العرب يؤمنون إذا كانت ثلاث من قوائم الجواد محجّلة دون قائمته اليمنى الأمامية lt;محجل من الثلاث مطلوڱ اليمينgt; فهذا جواد يأتي بالخير والبركة لصاحبه (صاحْبَه مْبَخَّتْ) ولكن سلبي كان lt;مطلوڱ اليسارgt; لذا فلا يرجى منه خير وسيعاني صا حبه من مصائب وويلات". وعندها فهم والدي المغزى الذي كان من وراء إطلاق هذا الأسم الغريب والغير إيجابي على هذا الجواد الجميل. ولكنه لم يصغ لقول حمَّاد واعتبركلامه نوعاً من الخرافات. ومن الغريب والعجيب أن ما جاء في هذا الكلام تحقق، فبعد مدة وجيزة من اقتناء هذا الحصان أخذت سلبياته تعلن ظهورها بآلام بدأ الوالد يعانى منها في العمود الفقري ولم تمضِ سنة حتى وكان أبي من ضحايا الفرهود حيث قتل وشريكه في القرب من باب الشيخ عندما كنا راجعين من زيارة خيولنا ومن ضمنها سلبي في طولة حمّاد الشڱرة. وسأشرح لاحقاً حيثيات تلك الكارثة التى حلت بنا وغيرت أوضاعنا ونزلت بعائلتنا الى الحضيض.
جويسم
هو كبير السياس في طولة حمّاد الشڱرة، كان عبداً زنجياً متوسط القامة له عينان سوداويتان كبيرتان وشفتان غليظتان وأنف عريض أفطس ورأس مستديرمكسوٌ بشَعراسود حالك كلون بشرته كأنه جلد عنزة سوداء بعد أن جزّ صوفها وكان مرحاً يحب المزح والنكات. ومن مؤهلات السايس أن يكون له القدرة على تربية الخيول وتدريبها، ومن اسمه اشتقت مفردة السياسة. ومفردة "سوس - סוס" باللغة العبرية تعني حصان ويظهرأن أصل الكلمة اشتُقَّ منها.
جرت العادة عند والدي ان يرتاد مقهىً مطلاًً على دجلة "ﮔهوة الشط" أو"قحوة الشط" بلسان يهود بغداد، في مساء كل خميس من الأسابيع التي كانت تجري فيها سباقات الخيل للتداول مع حمّاد الشڱرة واشخاص اخرين من أصحاب الخيول وروّاد "الريسز" حول مباريات يومي السبت والأحد القريبين وذلك بعد أن نشرت الصحف سيرالسباق بما في ذلك أسماء الخيل المشتركة في كل شوط واسم الفارس الذي سيمتطي صهوة كل فرس. وكنا ذات خميس في "قحوة الشط" وكان بين الحاضرين جويسم كبير السياس وكانت أنارة المصباح الكهربائي في المقهى ضعيفة. وعندما كان المجتمعون منهمكين في تحليل الأوضاع وإبداء ألآراء جاب المقهى صباغ أحذية ووجه سؤاله الى كل من رواده: "تصبغ؟" وكان جواب الجميع: "لا"، حتى وصل الى جويسم الذي أجاب: "إصبغ". وعندها أنزل صاحبنا تختاً صغيراً مثبتة في جوانبه صفائح تحتوي على أصباغ مختلفلة الألوان لمسح الأحذية كان معلقاً على كتفه ووضعه تحت أحد قدمي حمّاد وبدأ عمله بجِّدٍ وبعد أن انتهى من "الحذاء" ألأول نقر نقرة خفيفة من تحته ليستبدله بالثاني وعندها انفجر جويسم يضحك بصوت عالٍ أذهل جميع الحاضرين وعلى أثره وجّه له والدي السؤال "وْلَكْ جويسم شْبيكْ؟" فأجابه: "هَلْ أخْ الكَحْ... مَدَيْباوِعْ آني حافي شنو تصْبغ؟". أحببت جويسم لطيب ودماثة أخلاقه وخفة دمه، وكنت عند مجئء أعياد المسلمين أذهب وإياه الى سوق الهرج، بتكليف من والدي، لشراء "زبون وحذاء (يَمَنٍي)" له ببضعة دراهم،
انقطاع حبل السرة
كان الفاتح من شهر حزيران عام 1941 يوماً مشؤوماً بالنسبة ليهود بغداد. ففي ذلك اليوم واليوم الذي سبقه أذاع راديو بغداد خبر عودة الوصي على عرش العراق الأمير عبد الأله إلى العاصمة بعد أن كان قد فرَّ منها الى عمان الى عمّه اميرشرق الأردن الشريف عبد الله بن الشريف حسين ومكث فيها ما يقارب الستة اسابيع كان العراق خلالها تحت حكومة رشيد عالي الكيلاني التي كانت تحت سيطرة أربعة عقداء عُرفوا ﺒ "المربع الذهبي" وبدورهم كانوا تحت هيمنة مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني الذي سيطر على الأمور في البلاد وخضع ساسة البلاد وكبار المسؤولين لإرادته وحرَّض ضد الأنكليز وضد اليهود وقاد العراق الى حرب مع بريطانية العظمى أدت الى اندحار الجيش العراقي وهروب المفتي ومن التفَّ حوله الى إيران ومنها ألى إيطاليا والمانيا. وعرف شهرأيار الذي دارت به الحرب بشهر رشيد عالى، وكثرت فيه التحرشات والأعتداءات على اليهود في شوارع بغداد وطرقاتها بما في ذلك ضرب وقنل طعناً بالخناجر والسكاكين مما أدى الى انكماشهم في بيوتهم ولم يغادروها إلاّ لقضاء حاجات وأمور ضرورية وامتنع والدي طيلة ذلك الشهر من الذهاب الى دكانه في سوق القزازين كما امتنع التجار اليهود من مزاولة أعمالهم في الأسواق البعيدة من محلات سكناهم. وأثار نبأ عودة الوصي عند اليهود شعوراً بالانفراج وعمت أوساطهم البهجة والسرور وصادف ذلك اليوم حلول عيد "الشبوعوت" لدى الطائفة الأسرائيلية مما ضاعف ذلك الشعور. ولبى وجهاء العاصمة وأعيانها من مختلف الأوساط والملل بمن فيهم وجهاء الطائفة الأسرائيلية في بغداد نداء راديو بغداد وخرجوا لاستقبال الوصي. وانتفض اليهود من انكماهشم وراحوا يعيٍّدون على بعضهم ويتبادلون الزيارات وذهب الكثيرون منهم للنزهة على شواطىء دجلة وفي الحدائق والمنتزهات مرتدين أفخر ملابسهم. اما نحن فذهبنا لزيارة خيلنا في طولة حمّاد الشڱرة القريبة من باب الشيخ بعد انقطاع دام أكثر من شهر. كنا أربعة، والدي وشريكه في دكان الأبريسم في سوق القزازين وأخو شريكه وأنا. ركبنا في ضحى ذلك اليوم عربانة قوچ في شارع الأمير غازي (غُيٍّر اسمه لشارع الكفاح بعد الأطاحة بالحكم الملكي) أوصلتنا قريباً من طولة حمَّاد. قضينا في الطولة عدة ساعات تفقدنا خلالها الخيل وتجاذببنا أطراف الحديث مع حمَّاد والسياس وفي ساعات بعد الظهر عدنا قافلين نحوة محلة أبو دَوْدَوْ حيث منازلنا. ركبنا سيارة أجرة "أًم العانة" سميت هكذا لأن أجرة السفر فيها لكل راكب كانت "عانة" التي تساوي 4 فلوس. وجلس مئير شريك والدي في المقعد بجانب السائق وجلس نعيم أخو مئير في وسط السيارة بجانب مساعد السائق الذي كان يسمى "سٍكٍنْ" (كلمة مُحَّرَّفة من الكلمة الأنكليزية second) وجلس والدي في المقعد الخلفي عند الشباك وأنا إلى جانبه. وعندما اجتزنا باب الشيخ ووصلنا عگد الأكراد أُرغم السائق على إيقاف السيارة من قبل حشود كثيفة من الناس كانت قد تجمهرت وسط الشارع. وحالاً بعدها أقبل نفر من المتجمهرين وفتحوا الباب الأمامي للسيارة حيث كان مئير الذي دلَّ لباسه وهيأته على كونه يهودياً وسحبوه من مقعده وانهالوا عليه لكماُ ورفساُ وضرباُ بالعصي والهراوات. ولما راى والدي ما كان يجري تسلل من الشباك وعبر الشارع الى الجهة المعاكسة والبعيدة من الجمهور وحاولت أن ألحق به وأخرجت رأسي وإحدى ساقي من الشباك الذي تسلل منه ولم يبق لي سوى إخراج الساق الثانية وفي تلك اللحظة حرك السائق السيارة وأقلع من المكان وبهذا أنجاني من مصير الوالد وشريكه اللذين لم نرهم بعد ذلك اليوم. كان لوالدي إصدقاء ومعارف في عگد الأكراد وكان الكثير من النساء يشتغلن في تسليك الأبريسم ويعتشن من عملهن فيه وكنا نأتي بوجبات الأبريسم الى بيوت العگد ونسترجعها بعد تسليكها بيد نساء الحي وكان تطلق عليهن تسمية "إﭼيات" وتعني، ربما باللغة التركية، عاملات. ولاشك عندي ان والدي تسلل من السيارة آملاً أن بإمكانه أنقاذ شريكه معتمداً على الروابط والعلاقات التي كانت له مع سكان ذلك الحي ولكن النتيجة المؤلمة كانت فقدان كل واحد منهما.
كانت تلك اللحظات بداية "الفرهود" وهي المذبحة لتي كان ضحاياه ما يقارب ال180 يهودياً قُتلوا بين عشية وضحاها ومئات جًرحوا ونساء اغتصبن وبيوت ومحلات تجارية تعود لليهود نًهبت.
وكانت تلك الكارثة بالنسبة لي أني أصبحت يتيماً من أب أحببته وأعزَّني وانا لم اتعدَّ الحادي عشر. وغيرت هذه النكبة مجرى حياتي. وكان ذلك اليوم المشؤوم آخر عهدي ﺒ"الريسز" وانقطع حبل السرة الذي كان يربطني به وهجرت بعدها الخيل والسباق كما تقطعت من جراء ذلك حبال كثيرة اًخرى كانت تربط بيني وبين أشياء وأمور عديدة. ترى هل جلب الفرس "سلبي" الذي كان "مطلوڱ اليسار" النحس على والدي كما تنبأ بذلك حمّاد الشڱرة؟ فقتل في "الفرهود" وجلب عليّ اليتم، فذلك "الفرهود" كان نكبة حياتي الأليمة، والجواب على هذا اللغز عند علام الغيوب، عند عالم الاسرار علم اليقين، ولكنه لم يكشف الضر عني من لوعة فقدان الوالد الحنون الى اليوم.
التعليقات
ايام خوالي
عراقي مهاجر -تابعت بشغف ما كتبته وبالرغم ومن ماساويه النهايه الا انك امتعتني بما كتبت تلك الايام الخوالي البرئيه الجميله لا اعتقد انها ستعود فجماعه القوميه العربيه قد افسدوا البلاد والعباد ابتداء من الكيلاني الى عبد الناصر الى عارف الى صدام والله يستر من الباقين
عبق الماضي
احمد مصطفى -ذكريات جميلة عن الايام الخوالي، حينما لم يكن احد يزايد على احد في الوطنية، او المذهب، او القومية. عندما كانت بغداد مدينة تتنشق المحبة، وتعلم العالم التعايش. سحقا للفكر الشوفيني القوموي الذي حول البلد الى ساحة حرب وتصفيات وتفجيرات. اكتب المزيد سيدي على الاقل لنعود الى ايام عاش اهلنا فيها تشدهم ببعض اواصر المحبة، والانتماء.
مؤلمة وسرد رائع .
نادر الحداد -السرد ممتع ورائع ، وأعتقد أن الفرصة مهيئة لتحويل كثير من الوقائع إلى أعمال درامية لتوثيق المرحلة ، هل يتبنى مثقفي العراق الفكرة بالتعاون مع اليهود العراقيين ؟
عبق الماضي
احمد مصطفى -ذكريات جميلة عن الايام الخوالي، حينما لم يكن احد يزايد على احد في الوطنية، او المذهب، او القومية. عندما كانت بغداد مدينة تتنشق المحبة، وتعلم العالم التعايش. سحقا للفكر الشوفيني القوموي الذي حول البلد الى ساحة حرب وتصفيات وتفجيرات. اكتب المزيد سيدي على الاقل لنعود الى ايام عاش اهلنا فيها تشدهم ببعض اواصر المحبة، والانتماء.
مقال رائع
جبار عكار -لا أعلم يا أخي نسيم هل أبتسم و أنا أقرأ سردك الممتع لإحدى الجوانب الترفيهية التي أمتعت البغداديين لعقود عدة و أنت تحدثنا عن تفاصيلها الطريفة و الشيقة, أم أشاركك حزنك الذي لا يعلم إلأ الله كم هو مؤلم و أنت تستذكره منذ ذلك الحين. أتذكر كيف أن والدي رحمه الله كان يحدثنا عن ذلك الشيخ اليهودي الطاعن في السن والذي أسدى لوالدي نصيحة لا زال صداها يتردد في آذني حينما إستغرب والدي ,الذي كان يعمل حينذ في إحدى مصارف بغداد, من إصرار ذلك الشيخ و الذي كان يسميه عمو داوود على العمل و المثابرة حتى في ذلك العمر. كان ذلك الجواب الحافز لوالدي لإمتهان مهنة عمو داوود و ترك وظيفته في المصرف و فاتحة خير لا زلنا نحن أولاده ننعم بثمارها. رحم والدك و عمو داوود و والدي و كل الخيرين من أبناء العراق الحالمين ببلد يجمعهم على الحب و الوئام
مقال رائع
جبار عكار -لا أعلم يا أخي نسيم هل أبتسم و أنا أقرأ سردك الممتع لإحدى الجوانب الترفيهية التي أمتعت البغداديين لعقود عدة و أنت تحدثنا عن تفاصيلها الطريفة و الشيقة, أم أشاركك حزنك الذي لا يعلم إلأ الله كم هو مؤلم و أنت تستذكره منذ ذلك الحين. أتذكر كيف أن والدي رحمه الله كان يحدثنا عن ذلك الشيخ اليهودي الطاعن في السن والذي أسدى لوالدي نصيحة لا زال صداها يتردد في آذني حينما إستغرب والدي ,الذي كان يعمل حينذ في إحدى مصارف بغداد, من إصرار ذلك الشيخ و الذي كان يسميه عمو داوود على العمل و المثابرة حتى في ذلك العمر. كان ذلك الجواب الحافز لوالدي لإمتهان مهنة عمو داوود و ترك وظيفته في المصرف و فاتحة خير لا زلنا نحن أولاده ننعم بثمارها. رحم والدك و عمو داوود و والدي و كل الخيرين من أبناء العراق الحالمين ببلد يجمعهم على الحب و الوئام
الطوايل
خطّاب حسين -تحية للكاتب الكريمفعلاً امتعتنا بهذه المقالة وقد كان ابي من مربي الخيول وهو من منطقة العوينة القريبة من محلة باب الشيخ وأتذكر اننا ذهبنا مرةً الى بهرز لشراء فلو. ومن الخيل المشهورة وقتها كانت بهرة الشرق وفيّاض.و قد قد تأثر أبي كثيرا بعد انهيار عائلة ابن عمه بسبب المراهنات وقام ببيع خيوله الى الحرس الملكي الأردني.
تزوير التاريخ
عراقي -ان هذا الكاتب اليهودي هو ليس اول ولا اخر يهودي يدس السم بالعسل ومن ثم يزور التاريخ وليس التاريخ فقط وهذا هو ديدن اليهود . وسوف لن يلقوا في العراق من يرحب بما يكتبون ويصفق لهم الا اعداء العرب في العراق و عصابات الجيب العميل
تزوير التاريخ
عراقي -ان هذا الكاتب اليهودي هو ليس اول ولا اخر يهودي يدس السم بالعسل ومن ثم يزور التاريخ وليس التاريخ فقط وهذا هو ديدن اليهود . وسوف لن يلقوا في العراق من يرحب بما يكتبون ويصفق لهم الا اعداء العرب في العراق و عصابات الجيب العميل
Now
Khalid -Now all Iraqis are living now like horses running in the races of their hard life,and no one is winning.
Now
Khalid -Now all Iraqis are living now like horses running in the races of their hard life,and no one is winning.
خلانة على الجديدة
علي الكفاحي -أيام جميلة أتذكر من كنا نروح معا جدي للريسز أيابة وأتذكر شلون جدي باع 7 بيوت والبساتين والقيصريات من ورة الريسز
خلانة على الجديدة
علي الكفاحي -أيام جميلة أتذكر من كنا نروح معا جدي للريسز أيابة وأتذكر شلون جدي باع 7 بيوت والبساتين والقيصريات من ورة الريسز
يا حبيبتي يا بغداد
عراقي من كندا -ياريت ان تعود تلك الايام ..في وقتها كان ( الدكنجي ) اي صاحب الدكان او البقال يذهب للبيت لينام ( الظهرية ) يترك ( الكبنك )مفتوح للنصف فكان اذا احتاج احد الى شء ما من الدكان او البقالية يذهب بنفسه وياخذ ما يريد وفي العصرية ياتيه بالنقود ..ولم يكن الحقد يملا النفوس كما هو اليوم ولم يكن للطائفية مكان والجميع كانوا اخوة مسلمين ومسيحيين واكراد عشنا ايام حلوة في بغدادنا الحبيبة ولو نطقت بغداد ..لبكت على تلك الايام
الی تزوير التاريخ 6
بشیر صبري بوتاني -انت الذي لقبت نفسك بالعراقي! اذا اردت ان تتعلم الانسانية والمحبة والوطنية، فسافر الی اسرائیل، مثلما سافرت انا والتقيت بیهود العراق وكوردستان؛ عیش و شوف یا عراقي مزور! وشكرا للاستاذ العراقي الاصيل نسيم قزاز المحترم علی مقالته وحبه واشتیاقه لنا ولوطنه الرافدين من كوردستان توركیا الی جنوب العراق.
الی تزوير التاريخ 6
بشیر صبري بوتاني -انت الذي لقبت نفسك بالعراقي! اذا اردت ان تتعلم الانسانية والمحبة والوطنية، فسافر الی اسرائیل، مثلما سافرت انا والتقيت بیهود العراق وكوردستان؛ عیش و شوف یا عراقي مزور! وشكرا للاستاذ العراقي الاصيل نسيم قزاز المحترم علی مقالته وحبه واشتیاقه لنا ولوطنه الرافدين من كوردستان توركیا الی جنوب العراق.
تحياتي استاذ نسيم
سرحان الركابي -كان كل شي رائع وجميل في هذا السرد والتداعي الحر الصادق عن بغداد وعاداتها وتقاليدها والاجمل هو الاسلوب اللطيف للكاتب نسيم قزاز وهو يستعرض ذكرياته عن وطنه السابق العراق وعن اهل بغداد لكن الخاتمة كانت حزينة جدا شكرا لك استاذي العزيز فمن يقرا لك لابد ان يتعاطف معك ولابد ان يشعر بالفرق الشاسع بين بغداد الامس حيث كانت تظم كل العراقيين وبغداد اليوم التي لفضت ابنائها باسم القومية والدين
تحياتي استاذ نسيم
سرحان الركابي -كان كل شي رائع وجميل في هذا السرد والتداعي الحر الصادق عن بغداد وعاداتها وتقاليدها والاجمل هو الاسلوب اللطيف للكاتب نسيم قزاز وهو يستعرض ذكرياته عن وطنه السابق العراق وعن اهل بغداد لكن الخاتمة كانت حزينة جدا شكرا لك استاذي العزيز فمن يقرا لك لابد ان يتعاطف معك ولابد ان يشعر بالفرق الشاسع بين بغداد الامس حيث كانت تظم كل العراقيين وبغداد اليوم التي لفضت ابنائها باسم القومية والدين