أصداء

إستيلاء الكرد على تركيا (4 ـ4)

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

في الحديث السابق كان موضوعنا هو التهجير القسري للكرد من مناطق سكناهم الأصلية بعد تهديم وإحراق أكثر من ستة آلاف قرية كردية في التسعينات.

الهدف من ذلك التهجير كان "التتريك". إذ إعتقد دهاقنة الدولة السرية أن هؤلاء المهاجرين، بعد تحسن أوضاعهم الإقتصادية، سيندمجون في موطن الهجرة الجديد مع المجتمعات التركية وبمرورالزمن سيصبحون أتركاً لاسيما في المناطق السياحية والصناعية والمدن العصرية، والتي هي بحق تعتبر جنة مقارنةً بموطن هؤلاء الأصلي الذي فُرِضَ عليه التخلف والفقر.

إلا أن اللغم إنفجر في يد صاحبه. بدلاً من "التتريك"إزدادت تلك الملايين الكردية المُهجّرة تمسكاً بهويتها القومية بحيث أثارت الدهشة والحيرة لدى العقل المخطط لتلك المؤامرة.

السنوات الأولى للمهاجرين الكرد كانت مليئة بالمآسي التي يعجز الكلام عن وصفها. بعد تهديم القرى باعت العائلات كل ما كانت تملك حتى تحصل على المال اللازم للإنتقال الى بيوت الصفيح على أطراف المدن الكبيرة للعمل كعمال يوميين حسب الحاجة. الكثير من الأسر تفتت في البيئة المدينية المعقدة والتي لا تعرف الرحمة وقاسى المهاجرون من الفقر والعوز والعذاب لايعرفه إلا من تعرض لتلك الكارثة الإنسانية.

بعد عدة سنوات من التشرد بدأت مرحلة الإستقرارشيئاً فشيئاً ووجدت تلك الأعداد الهائلة (أربعة الى خمسة ملايين) من المهاجرين أنفسهم في مدن متطورة ومناطق سياحية راقية ومراكز صناعية ضخمة ومنافسة تجارية وإقبال هائل على الأيدي العاملة. هل هو حلم أم حقيقة؟؟. إنتقلت تلك الملايين من الحياة الريفية البدائية الى الحياة المدنية المتطورة مختصرين بذلك عقوداً من الزمن كان يحتاجها المرء لذلك التطور في الأحوال العادية. لقد إنقلب السحر على الساحر ولا يمكن إعادة عقارب الساعة الى الوراء.

هنا أود التوقف على سرد قصة أحد هؤلاء المهاجرين وتجمعنا صلة قرابة وثيقة ومثالاُ لما حدث لهؤلاء المُهّجرينُ: في نهاية التسعينات كنت في مدينة "مرمريس" أرقى وأجمل الأماكن الساحلية في الجنوب الغربي لتركيا، حيث كنت أقضي إجازتي الصيفية مع الأسرة هناك. بدأ الرجل في سرد مغامرته hellip;.أي قصته مع الهجرة القسرية وقال: "في النصف الثاني من الثمانينات أضطررت الى ترك بلدتي مسيرجي ( قورطالان، الإسم التركي للبلدة)، قمت ببيع كل ماكنت أملكه ماعدا الفُرَش واللُحُف التي كنا بأمس الحاجة اليها. بالبقية الباقية من النقود تمكنت من شراء سيارة على أمل إستعمالها كسيارة أجرة، تاكسي، في موطن الهجرة لكسب لقمة العيش. حشوتُ السيارة بالأولاد وفُرُش وأغطية النوم وأطلقت العنان بإتجاه الساحل الى مدينة "مرمريس" الواقعة على بعد ما يقرب من ألف كيلومتر. بدات العمل كسائق تاكسي. أهل المدينة منعوني من الإصطفاف في المواقف المعروفة لسيارات الأجرة والتي عادة تكون مكتظة بالسياح الأجانب وساكني المدينة. السبب في ذلك كان العداء المستفحل ضد الكرد بسبب الحرب الدائرة حينها بين مقاتلي حزب العمال الكردستاني ب ك ك والجيش التركي. ضاقت علي أبواب الرزق وأضطررت الى العمل على أطراف المدينة وأحياناً خلسةً على الشاطئ ولكن سرعان ما كنت أطردٌ من تلك الأماكن بمجرد أن يتعرف بقية السائقين على هويتي الكردية".

القصة طويلة ومأساوية لا سيما في البدايات.

هذا الحديث التلقائي كان يجري ونحن جالسون الى مائدة العشاء في حديقة الفندق ذو الخمس نجوم الذي كان يملكه الرجل في مرمريس. في الليلة التالية كنا نسهر في الكازينو الواقع على الشاطئ وفي مركز المدينة السياحي العائد له أيضاً و كان يغص بالسياح. بالإضافة الى ذلك كان يملك محلاً لبيع الملابس الجلدية في مركز المدينة وقال أن الدخل الوارد من الدكان هو أكثر من إيرادات الفندق والكازينو معاً.

هكذا من سائق تكسي الى رجل أعمال كبير ومتنفذ......تدفق المهاجرون من الأقرباء والمعارف والمحتاجين عليه في موطنه الجديد. الرجل بالإضافة الى قوّته المالية صار يقود قوّة بشرية يٌحسب لها ألف حساب. في كل الإنتخابات البلدية يتجه المتنافسون الاتراك على الرئاسة الى كسبرضاه للحصول على المزيد من أصوات الناخبين.

قد يستغرب الكثيرون من هذا المثال، إلا أن الدهشة تزول عندما يعلم المرء أن عدد المهّجرين كان يتراوح بين 4 الى 5 ملايين. طبعاً الحظ لم يحالف الجميع ليصبحوا أثرياء، ولكن الأغلبية من المهاجرين إستفادت من الطفرة الإقتصادية التركية ومن قواعد الإقتصاد الحر ومنهم من وصل الى مرتبة رجال الاعمال وأصحاب المعامل ومهن حرة متعددة.

المخطط الجهنمي للتتريك فشل فشلاً ذريعاً وفي النهاية إستقر الكرد في الغرب التركي المتطور بالإضافة الى تمسكهم بهويتهم القومية....

زالت الأحقاد مع مرور الزمن وفرضت قوانين السوق مشيئتها وخيّمت على الأجواء السلام والهدوء وكذلك القبول بالأمر الواقع. ولكن هل يقف المتآمرون والمرتزقة الذين يعيشون على تأجيج النعرات العنصرية وإشعال الفتن والحروب مكتوفي الأيدي؟.

هذا سيكون موضوع الحلقة الإضافية القادمة...

للحديث بقية...

طبيب كردي السويد
bengi.hajo@comhem.se

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
طبل وزمر
Rezan -

انا مثلك كردي بس لا تزعل اذا قلت لك انك تطبل وتزمر. انا واثق تماما ان صاحبك الملياردير يتكلم بالتركي مع اولاده. انت تعيش في السويد وانا اعيش في لندن وكلانا نرى الاف اكراد تركيا هنا لان اغلبهم وان كانوا لا يعرفون التركية في تركيا لكنهم يتناسون كرديتهم هنا. التركية بالنسبة لهم اهم و اولى من الكردية و الانكليزية . ولكنك متفائل وهذا شئ جيد بس علمني كيف اتفاءل ونحن ضمن كل تلك الرداءات.

المستقبل سيكون للكور
ahmed -

كلامك صح يا دكتور, حتى في بعض المناطق التركية أصبح الأغلبية من الكورد مع أن أغلبياتهم لايتكلمون الغة الكوردية جيداً وهذا عاءد إلى سياسةالتتريك التي تتبعها الأتراك منذ عقود ٠ أنا متأكد أن المستقبل سيكون للكورد في تركية

لاتوجد لغة كردية
فاضل عثمان -

ان الكردية خليط لغوي عربي فارسي تركي يعني لا توجداصلا لغة اسمها لغة كردية ولكن العنصرين الاكراد الجهلة والمتخلفين عقليا يصرون على لغة غير موجودة وعلى ما يسمونها( قومية) كردية ليس لها اي مقومات قومية