أصداء

سورية مأزق يعاد إنتاجه 2

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لهذا المأزق إشكاليات متعددة، تناولنا في الجزء الأول إشكالية الفساد وتداخل المالي بالسياسي، وفي هذا الجزء نريد التحدث عن الإشكالية الطائفية. أهم ما وصلنا إليه في هذا الحقل الشائك والمربك والحساس، أنه حتى المثقف والمعارض، المنحدر من أصول علوية، لم يعد يرى في البلد أن هنالك إشكالية طائفية، وإن نظام الحكم ليس نظاما طائفيا في تركيبته وفي ممارساته وولاءاته. وهذا أخطر ما في الأمر في الحقيقة بعد مسيرة تصحيح وتصحيح وتصحيح منذ أربعة عقود.

سورية مأزق يعاد انتاجه 1

والتصحيح جرى ويجري من منظورنا، بأنه إدارة مأزق البلد برمته، وهو مأزق النظام في صميم مشروعيته، ومشروعيته هنا، تأخذ الجانب الأهم في أي نظام سياسي، للإجابة عن سؤال غالبا ما نتناساه في خضم مماحكاتنا الأيديولوجية والسياسية وغمرة انشغالنا في التنظير النشوئي، وتحليل أصل تواجد الإشكاليات في الواقع، من أين أتت؟ وكيف؟ رغم أنها باتت موجودة، تحكمنا بشكل لحظي. السؤال" ما هو مشروع النظام السياسي الحالي لسورية المستقبل؟ وبالطبع لكي نبقى في هواجسنا النشوئية نسأل" ما كان مشروع النظام السياسي لسورية منذ أربعة عقود وحتى اللحظة؟ هل هو مشروع حزب البعث كما يحب بعضنا التنظير لذلك؟ أم هو مشروع لضابط طموح يريد أن يتحكم بسورية سلاليا؟

هل كان في ذهن هذا الضابط الراحل أن يصل لمرحلة يضطر فيها إلى توريث الحكم لأبنائه؟ بعد أربع سنوات من حكم هذا الضابط الراحل لسورية، تحولت البلد برمتها إلى حبة تراب في قضبته يعجنها كيفما يشاء وكيف ما أتت الظروف السياسية، إقليميا ودوليا في أولوية واضحة لديه" السلطة، وفقط السلطة" من المنظور النشوئي كان الفساد يتلطى خلف الإشتراكية ناهبا القطاع العام ومشاركا بأريحية القطاع الخاص، أما الآن فالنتيجة بعد هذه العقود الأربعة أصبحت السيطرة على القطاع الخاص لإلحاقه بالقطاع العام على طريقة النظام، تحت شعار الانفتاح الاقتصادي، أو الخصخصة أو الليبرالية كما يروق لبعض يسارنا، ويتم له ذلك بطريقة سهلة جدا، شرحناها في القسم الأول، وهذه تتوافق في الحقيقة مع مستويين من الولاءات، الأول طائفي" يتمحور حول الولاء الأول للسلطة، والمعتمد على العلاقة الشخصية، الوثوقية أمنيا وسياسيا، ثم يأتي الولاء الثاني الأوسع وهو الذي يمس حاجة النظام لكتلة ما فوق طائفية تحضن الكتلة الأساس والتي هي الآن..العائلة وملحقاتها القرابية، أبناء الضباط والمسؤولين الأمنيين والذين غالبيتهم ينحدرون من الطائفة العلوية، ومحاطة ومحمية بكتلة عسكرية امنية تغلب عليها آحادية الانتماء الطائفي. هذا لا يعني أن أمام آخر متماسك طائفيا لدرجة الماهوية، بل نحن أمام علاقات ترسخت لكي يكون مفعولها السياسي وحصيلتها في الثروة الاقتصادية أكبر، لأن النظام غير قادر قانونيا على مأسسة الحالة الطائفية، في مؤسسات دستورية وقانونية، حتى سلطة الرئاسة النظام غير قادر على مأسستها عائليا- وراثيا وطائفيا، لأن سورية جمهورية. هذا القول لا يعني أن نترك لحساسيتنا من أن نتهم بالطائفية أو أننا نكرسها، لكي نغمض العين عنه. بساطة المعرفة السياسية وما وصل إليه الفكر السياسي، هي البحث عن الفاعل التاريخي الرئيسي والأساسي في أي مجتمع، ومدى قدرته على الفعل، وعلى من تقع فاعلية هذا الفاعل؟ إذا كان الفعل السياسي يبني ولاءاته الأولى على وثوقية طائفية وأمنية، لكنه بحاجة لدائرة أوسع بحكم أقلية الأصل الطائفي، فيضطر للعب في ساحة مجتمعية مكشوفة له تماما، فيقرب من يشاء ويبعد من يشاء يعتقل من يشاء ويفلس من يشاء، لهذا يستطيع توفير الدائرة الأوسع من الولاءات المافوق طائفية، وهذه سنتعرض لها في الجزء الثالث عند حديثنا عن إشكالية الإسلام السياسي في سورية- المأزق. يقول ياسين الحاج صالح"يتأسس على هذه المقاربة القول إن الطائفية ظاهرة مشتقة وليست أساسية أو أصلية.

إنها مرتبطة بنظم سياسية استبدادية، لا يمكن لغير استبدادها أن يحرس امتيازاتها واحتلالها موقع السيطرة على الموارد الوطنية وتحديد القرارات المهمة بشان توجيهها وتوزيعها. نستخلص أيضا أن الطائفية لا تصنع خارج السياسة والسلطة أو بمعزل عنها. ويتمثل المغزى السياسي العملي لهذه المقاربة في أن أية استراتيجية للتحرر الديمقراطي والاجتماعي لا تذهب من وراء المظهر الإيديولوجي إلى الجوهر الاجتماعي تجازف بأن تعطي نتائج معاكسة تصب في مصلحة النظم الأقلوية الحاكمة. المسألة في جوهرها مسألة "حكم قلة" وليس "حكم أقلية" بالمعنى الاصطلاحي للكلمتين (القلة: طبقة أو شريحة؛ والأقلية: جماعة دينية أو مذهبية أو إثنية)" إن كنت أوافق على هذا التحليل التأسيسي لياسين لكنني أسال هذا السياق من التحليل: إنه تحليل يتحدث عن قناة ذات اتجاه وحيد تأسس النظام على أساسه، ولكنه يغفل، عن الاتجاه الآخر من قنوات التفاعل المجتمعي مع هذه الآليات النازلة من فوق من تلك القلة كما يسميها ياسين، إلى عمق المجتمع، والسؤال" ما هي التفاعلات التي تحدثها في المجتمع؟ وماهي ردود الأفعال التي تتلقاها تلك القلة من المجتمع؟ ألا يعاد تنضيد المجتمع طائفيا وفقا لها؟ وهل تبقى القلة قلة، وفق هذا المنظور التفاعلي؟


بالتأكيد في سورية بات هنالك التباس في المعاني كلها..أن تقول أنك أمام نظام طائفي فإنت إما طائفي أو تسعى لتكريس الطائفية! الطائفية ليست فاعل ممارساتي أبدعته السلطة وأرسلته للمجتمع كي يتلقاه بحيادية ولا يتفاعل معه، بل تفاعل المجتمع مع هذا المرسل على مدار أربعة عقود، فما كانت النتيجة؟


التفاعل بين السلطة والمجتمع يمر عبر قنوات لا يوجد فيها صمام عدم رجوع مطلقا، أبدا لا تستطيع سلطة في العالم من أن توجد مثل هذه القناة اللاتفاعلية، إلا إذا كانت سلطة مطلق كليانية ومطلق شمولية، ربما الستالينية او الهتلرية، ولكنها مع كل انشغالاتها لم تستطع تكريس مثل هذه القناة الآحادية المسرى.


لا يمكن لنا بناء نموذج نظري للمسألة الطائفية أو للتطييف السياسي دون أن نتلمس مدى التفاعل بين آليات السلطة السياسية في التطييف وبين تفاعل مكونات المجتمع مع هذه الآليات. لهذا في هذا الحقل لازال المشروع السياسي للنظام إعادة إنتاج التطييف السياسي في سورية...وللحديث بقية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
حمالين مطار حلب 4+
مغترب تعب -

هل تعلم أن عدد الحمالين في مطار حلب هو اكثر من مطار هثرة-لندن. السبب: عند وصولك للمطار يستقبلك حمال رقم 1 ويجلب لك عربية وبدو تعبتو. ثم يستقبلك حمال رقم 2 ويرفع الجناتي من العربية للتفتيش وبدو تعبتو. ثم يستقبلك حمال رقم 3 بعد التفتيش ويجلب لك عربية جديدة وبدو تعبتو. وأخيرايستقبلك حمال رقم 4 ويضع لك الجناتي على ميزان الخروج للوزن وكمان بدو تعبتو. وهل تجرؤ على إهمالهم وإلا ستلاقي الغضب في وجوههم. راتب الحمال هو اكثر من مدير المطار والطيار.ونفس الشئ يحصل عند وصولك وأنت مرهق وماعندك عملة سورية ويقل لك دولار ماشي الحال

مملكة عائلية
قارئ -

استولى الضابط حافظ الاسد على سوريا بانقلاب عسكري ومعه امثال مصطفى طلاس ، وزير الدفاع ، صاحب كتاب فن الطبخ ، ومشروعه إصدار كتاب أجمل مائة إمرأة في العالم الذين يعشقون التبعيـة ، وخلقوا لها ، أما كل من يفكر بعقله الخاص بـه ، أقصاه حافظ الأسد ، بالقتل ، أو السجن ، أو النفي والتشريد ، حتى البعثيين فعل معهم كما فعل مع غيرهم من المواطنين. ثم تدرج في تسليم مراكز الدولة الى ابناء الطائفة العلوية من المقربين اليه كي يحقق حلمه الشخصي في الجلوس على عرش الطغيان الفردي المطلق.وبعد ان ازاح من طريقه كل من يشك في ولائه المطلق لسلطانه وحده سواء كان علويا او سنيا اوغيرهم ظهر مشروعه الشخصي وهو ان يبني مملكة شخصية له وليست للحزب ولا للطائفة بل له ولاولاده من بعده.

مملكة عائلية
قارئ -

استولى الضابط حافظ الاسد على سوريا بانقلاب عسكري ومعه امثال مصطفى طلاس ، وزير الدفاع ، صاحب كتاب فن الطبخ ، ومشروعه إصدار كتاب أجمل مائة إمرأة في العالم الذين يعشقون التبعيـة ، وخلقوا لها ، أما كل من يفكر بعقله الخاص بـه ، أقصاه حافظ الأسد ، بالقتل ، أو السجن ، أو النفي والتشريد ، حتى البعثيين فعل معهم كما فعل مع غيرهم من المواطنين. ثم تدرج في تسليم مراكز الدولة الى ابناء الطائفة العلوية من المقربين اليه كي يحقق حلمه الشخصي في الجلوس على عرش الطغيان الفردي المطلق.وبعد ان ازاح من طريقه كل من يشك في ولائه المطلق لسلطانه وحده سواء كان علويا او سنيا اوغيرهم ظهر مشروعه الشخصي وهو ان يبني مملكة شخصية له وليست للحزب ولا للطائفة بل له ولاولاده من بعده.

القافلة تسير
عربي اصيل -

رعاك الله يا بشار وسدد خطاك و حفظك من شر الحاسدين المأجورين الذين ذهبوا الى من عندهم ذهب

استثمار
مغترب مرتاح -

الوصف صحيح ولكنه محتصر جدا وللايضاج العملية تبدأ من الوصول: اكراميات الجوازات والا يخلقون لك مشاكل ليس لها حلول ثم اكراميات الجمارك والا سوف يجمركوا الحذاء الذي تنتعله وملابسك الداخلية وفرشاة اسنانك واذا احتجت تكسي الله يكون بعونك وفي رأيي هذا طبيعي ومشروع لسببين:1-سوريا دولة استثمارية فالداخل اليها والخارج منها هو مشروع استثماري ناجح يجب الاستفادة منه لاقصى حد 2-الذين يعملون في المطارات والمنافذ الحدودية قد اشتروا الوظيفة بالملايين حالهم حال رؤساء البلديات والآخرين فلا خيار امامهم سوى استثمار القادمين والمغادرين لاستعادة رأس المال مع الارباح ام تظن ان شرطي المرور الذي يتقاضى كل يوم اكراميات بآلاف الليرات يحتفظ فيها كلها لنفسه؟انه مجرد متعهد عليه ان يدفع يوميا كذا الف ليرة من الاكراميات للأعلى والأعلى ..وهكذا. أليست سوريا دولة استثمارية بامتياز؟

الى عربي اصيل
قارئ -

اذكر ما يثبت عروبة بشار على الواقع يا مأجور.قافلة العائلة الحاكمة تسير الى تدمير نفسها بعد ان دمرت سورية كما فعلت قافلة صدام التكريتي.

................
عربي باصيل -

بعد اربعين عاما من القحط والجدب والتصحر الذي شمل حياة السوريين في كل المجالات بدأت سورية الان وبعد الانفتاح على تركيا خاصة وبعض الدولة العربية الرائدة في مجال التطور كتونس والاردن بدات تعرف بعض مشاريع التطور وان كان ينقصها الكثير جدا مقارنة بدول المنطقة الاخرى.. ربما يعود الفضل الى زوجة الرئيس اسماء الاسد المثقفة المنفتحة والاكثر نضوجا من زوجها .. حيث بدأ السوريون يشعرون بانها باتت فعلا تؤثر قليلا في تحسين الوضع العام في البلد رغما عن ضباط المخابرات والامن الذين يخخطون للبلد ويمسكون امورها بيد حديدية.. رعاك الله يااسماء بنت فواز الاخرس وحفظك من شر الحاسدين المأجورين عند النظام الفاسد والذين ذهبوا الى من عندهم قليل من فتافيت الخبز.