أصداء

تفسير سورة فاتحة الكتاب... الاسم

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

في حالة حمل مجموعة من الأشخاص نفس الاسم لا يعني أن جميع من ذكر بينهم هذا الاشتراك على نفس الدرجة من الأهمية، فعند امتلاك أحد الناس للعلم أو الجاه بين مجموعة تحمل نفس الاسم المسمى به دون امتلاك المقدرة التي يتصف بها، فههنا قد تسقط المسميات على الرغم من ظهور رمزيتها التي تتلاشى مقابل الأصل الذي تحقق لدى صاحب الاسم الحقيقي بغض النظر عن المشتركات اللفظية بينه وبين المجموعة التي أشرنا لها، ولهذا تجد أصحاب الجاه من الناس يحاولون ايجاد بعض العوائق بينهم وبين من يسمى باسمائهم وإن كان المسمى من نفس العائلة، أما ما تراه متبعاً لدى بعض الناس في امتداد التسمية ما هو إلا تقليد للأصل لئلا يندثر ذكراسم صاحبه على مر الزمن، دون النظر إلى الاستحقاق اللاحق الذي يكون وريثه قد اتصف به.

من هنا يظهر أن الاسم لا يتعدى إلى أكثر من التشريف المتبع أو المعتاد عليه بين الناس، حتى أخذ هذا النهج طرقاَ أخرى أصبحت كالتقليد المتبع في كثير من الحضارات والمجتمعات التي تضع اسماء الأشراف على بعض الأماكن المهمة وذلك تيمناً ببقاء صاحب الاسم وإن كان غائباً، ولهذا فإن الذي يراد من الاسم لا بد أن يأخذ السمات المبينة للمعنى، دون المعنى الذي يطلق عليه اسماً خارجياً عن الصفة التي يتصف بها، ومن هنا نجد أن الحق تبارك وتعالى يوبخ من يعبد الأصنام بقوله: (أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين) الأعراف 71. أي أن هذه الأسماء لا تحمل مصاديقاً حقيقية إلا في مخيلتكم، وبناءً على هذا كان التوسع في الأسماء لا ينظر إليه من جهة الإضافات المعنوية للمسمى عندما يمتد إلى أكثر من ذلك، حتى تجد أن الأوصاف الفعلية للأشياء لا يشار إلى حقائقها إلا بذكر الأسماء التي تمتلك الجامعية المثلى بين علميتها وما يتطابق منها مع الواقع الخارجي، كما في قوله تعالى: (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى) النجم 27.

وبهذا تظهر النكتة في قوله تعالى: (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) الصف 6. أي أن صفة الأحمدية هي الصفة الملازمة له، فكان الاسم ناطقاً بالمعنى والعكس هو الصحيح أيضاً، وأقرب شاهداً لهذا المثال قوله تعالى: (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سمياً) مريم 7. أي لم نجعل له مثيلاً في الاتجاه الذي سيتخذه أو نوع الحياة التي سوف يحياها، وهذا الوجه هو الأقرب والأمثل لتطابق الاسم مع المسمى ولا يراد من قوله: (لم نجعل له من قبل سمياً) بمعنى شريكاً في الاسم اللفظي، لأن هذا من باب العبث الذي ينزه عنه كلام الحق سبحانه، وما يؤيد ذلك قوله تعالى: (رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً) مريم 65. أي هل تعلم له شريكاً في الربوبية يستحق العبادة، وبهذا يظهر أن الاسم هو العلامة الدالة على المسمى حال اتصافه بتلك الصفة التي تكون تابعة له مبينة لاسمه، كما في قوله تعالى: (ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) الحجرات 11.

من هنا نعلم أن ابتداء سورة فاتحة الكتاب بـ (اسم الله) يدل على التوجه السليم الذي يرشد الناس إلى الابتداء بـ (اسم الله) وهذا الترتيب يجعل اسم الله تعالى مقدماً في جميع الأعمال التي يقوم بها الإنسان، كالذبح والأكل الذي بينه تعالى بقوله: (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين) الأنعام 118. ثم شدد الأمر بقوله: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) الأنعام 121. وكذلك يأمرنا الله تعالى أن نذكر اسمه عند القراءة، كما في قوله: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) العلق 1. فإن قيل: هل يراد من ذكر اسم الله تعالى اللفظ عند البدء في عمل ما؟ أقول: لا يراد من ذلك اللفظ إلا ما يخرجه الدليل، وانما يراد استحضار التوجه، كما مبين في قوله تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والأصال ولا تكن من الغافلين) الأعراف 205. ولهذا فإن الخشوع والانقطاع إلى الله تعالى يفضي بالإنسان إلى ذكر الله تعالى في نفسه مما يجعل التوجه يأخذ مجراه الطبيعي المحصن بواسطة الاسم الذي تتفرع عليه مقدمات التزكية، كما في قوله تعالى: (قد أفلح من تزكى***وذكر اسم ربه فصلى) الأعلى 14-15.

من هنا يتحصل أن النتائج التي تبدأ مقدماتها بـ (اسم الله) قد أخذت السبل الموصلة إلى بر الأمان، كما يظهر ذلك من قوله تعالى: (وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم) هود 41. وأنت خبير بأن هذه المقدمة كانت نتيجتها قوله تعالى: (قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك) هود 48. وأقرب مثالاً إلى ذلك ما جرى لملكة سبأ من الكتاب الذي ألقي إليها من سليمان (عليه السلام) حيث كانت مقدماته تشير إلى الابتداء بـ (اسم الله) كما في قوله تعالى: (قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم***إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) النمل 29-30. وكما هو مبين فإن نتائج هذا الابتداء الذي كتبه سليمان جعلت ملكة سبأ تعلن اسلامها مع سليمان لله رب العالمين، كما في قوله تعالى: (قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) النمل 44.

* من كتابنا: القادم على غير مثال

almalikiabdullah@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ذكر اسم الله
يوسف يوسف -

يبدو ان الكاتب قد نسي اماكن اخرى يجب على المسلم فيها ان يذكر اسم الله مثلا عندما يريد ان يقطع رأس رجل في حد القصاص او راس احد المخطوفين من قبل الارهابيين المسلمين، وان يذكر اسم الله قبل القيام بالعملية الجنسية (الجماع) وان يذكر اسم الله قبل دخول الحمام، او ان يذكر اسم الله قبل القيام بأي عملية ارهابية

katb
GEORGE -

ها اني ارى كلام اخذ شكل بعض الجمل التي لا معنى لها والصقها ببعض وارسلها الى جريدة ما بعد اقام الاحتفال بانه اصبح كاتب ـ مبروك ـ

ما المقصود
مصطفى العراقي -

أرجو معرفة ما يقصده الكاتب في بداية المقطع الثالث من مقاله.. وبهذا تظهر النكتة في قوله تعالى

يوسف
أبو بلال -

الرجاء عدم دس السم بالعسل لو كان كل المسلمين يقطعون الرؤوس لما كتبت لك الحياة ولا لأجدادك حتى تستطيع التعليك على الموضوع بهذا الشكل, لا أعلم إن كان هتلر مثلاً قد ذكر اسم الله قبل البدء بحروب قتلت ملايين البشر أم أمريكا ممكن ذكرت اسم الله قبل ان تلقي بقنابلها النووية على اليابان, ويكفي وجود هذا الكم الكبير من الاخوة المسيحين وحتى فترة ليست ببعيدة من اليهود يعيشون بيننا بسلام حتى الآن من دون قطع رؤوس

nero
nero -

خالف شروط النشر

nero
nero -

(إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى) النجم 27. على حجم ايمانهم بيحاسبوا هناك الفراعنه لم يؤمن بالاخره و يؤمن بالاخره فى نفس الوقت فـ يضع حياه فى قبر تحت الارض و ليس الارض التى هى القبر و الجنه و النار و من لا يؤمن بالاخره هو الذى يفجئ بشكله فى الحياه بيننا مخالف للقانون مثل قاتل بنت الفنانه ليلى غفران لا يؤمن بحياه قادمه

الى تعليق 3
أبو القاسم -

النكتة الآن اصبح عمرها 1400 سنة ولم تعرف بعد؟

ياسيد عبدالله المالك
هناء -

هل تعلم ان في اللغة العبرية لايوجد حرف & ;أ & ; في الكتابة اي اذا كتب فكتب & ;حمد& ; حاول ان تكتب الله و لله او جبرائيل وجبريل او ميخائيل و ميخايل جربها في ترجمة بغوغل ستجدهما متشابهين ولا ي. وهل تعرف ان حرف ال م او مُ تكتب باللغة العبرية تشبه ال أ ; /// عيسى عليه السلام نودية بصفة له الاوهي المسح (م س ح) في اول عمره كان يمسح المعبد بالزيوت وبعدها كان يصنع المعجزات بمسح يده على المريض والاعمى و الميت و مع هذا كرمه الله سبحانه وتعالى بهذا الاسم كما ذكره لنا في القران الكريم, لماذا لم يكن اسم نبينا ايضا من صفته (ح م د).

الى المعلق 3
قارئ -

لقد اوضح الكاتب قصده في الجملة التالية وهو (ان صفة الأحمدية هي الصفة الملازمة له، فكان الاسم ناطقاً بالمعنى والعكس هو الصحيح أيضاً)

صدقة رمضانية!
فعلاً نكتة فيها نظر! -

من معاني النكتة حسب معاجم اللغة ولبسطاء العلم بأصول اللغة ومعانيها ومن يأخذ الكلام حسب رغبته:النكتة هيالمسألة الدّقيقة أُخرجت بدقّة نظر؛ عُرف هذا الأُستاذُ بعنايته بالنّكات العلميَة.& ;طَرَحَ نُكْتَةً للِتَّفْكِيرِ& ; : أَيْ مَسْأَلَةً فِيهَا إِمْعَانٌ وَنَظَرٌ وَفِكْرٌ.والآن هل لديكم ماء بارد يطفيء ناركم؟