فضاء الرأي

القمعُ المشتركُ الوحيد بين حكومة حماس وسلطة عباس!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كنَّا أيام الاحتلال نتهكم أشدَّ التهكم على النُّظُم العربية المجاورة التي تمتهن القمع، ونلمز من طرف الشعوب العربية التي تستكين، وكانت كثرةٌ من الفلسطينيين المناضلين تقول إن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يكون هكذا في حال وقعنا تحت حكم سلطة منَّا، فيما لو همَّت بالقمع...
لكن يبدو أن الشعب الفلسطيني لا يختلف عن سائر الشعوب العربية؛ قوية ومناضلة ضد الأجنبي، ومترددة, ومُؤْثرةٌ للسلامة مع الحكام من أبنائها.
أقول هذا بمناسبة تزايد حالات القمع الذي تمارسه السلطتان في شطري الوطن المحتل. سلطة حماس الرشيدة، وسلطة فتح/عباس الديمقراطية.

قمع حكومة حماس:
حماس قمعت كلَّ من خالفها، أو احتج على بعض سياساتها، فمؤخرا قمعت الجبهة الشعبية التي نظمت مسيرة سلمية؛ للاحتجاج على استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي؛ فأوقعت عددا من الإصابات بين المتظاهرين؛ جراء ضربهم بالهراوى وأعقاب البنادق.
وقبل ذلك قمعت مسيرة لحزب التحرير الذي يُفترض أنها تشترك معه في الفكر والمرجعية الإسلامية العامة.
وآخر تجليات قمعها ظهرت في توتر العلاقة مع حركة الجهاد الإسلامي التي تعدُّ الأقرب إلى حماس نهجا، ومواقف، وحتى في التحالفات، والولاءات السياسية!
وكان هذا التوتر تُوِّج باقتحام أجهزة حماس الأمنية لمقرٍ للجهاد في قطاع غزة، واعتقلت أربعةً من حراسه، بعد الاعتداء عليهم بالضرب.
هذا الموقف الحمساويُّ دفع القياديَّ في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش إلى الخروج عن صمته؛ حين عبر عن استيائه ورفضه لما فعلته حماس، وفي تصريحه لإيلاف قال:" ما حدث من قبل الأجهزة الأمنية خروج عن المألوف في العلاقة بين حركة الجهاد والفصائل والقوى الفلسطينية". وقال: "هذا الأمر غير مقبول وغير مسؤول، وفيه محاولة الشرطة لفرض رأيها بالقوة، ويمس جوهر العلاقات الوطنية".

قمع السلطة الفلسطينية:
أما السلطة الفلسطينية فليست بأقل من حماس، وكأنها, وقد اختلفت مع حماس على كل شيء استبْقَتْ هذه المنطقة القمعية نقطة للالتقاء والتقاطع!

السلطة تقمع كل القوى التي تعترض على ما يتعلق بمواقفها التفاوضية، ولا سيما في المراحل المفصلية, كما كان إبّان مؤتمر أنابوليس، وكما هو شأنها هذه الأيام، حين تقمع المعترضين على قرارها بالذهاب إلى المفاوضات المباشرة.
كان آخر تجليات هذا القمع ما فعلته السلطة بمؤتمر عُقد لرفض المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وقد يزيد الاستغراب إذا علمنا أن المؤتمر دعت إليه فصائل منظمة التحرير، إضافة إلى مستقلين.

الحالة الفلسطينية لا تحتمل قمعا:
إذا كانت شعوب عربية قد احتملت القمع، أو تعايشت معه؛ فإن الوضع الفلسطيني لا يحتمل قمعا، ولا يجوز للشعب أن يتعايش، ولا للسلطة الفلسطينية, أو حكومة حماس أن تمتهنا القمع، وذلك لأكثر من سبب منها أن المناطق الفلسطينية التي تمثل مناطق نفوذ السلطة وحماس ما تزال محتلة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ فكيف يحتمل فلسطينيُّ الضفة الذي يعاني الاحتلال في شوارعه, وفي منازله أحيانا، ويعانيه يوميا على طرقات سفره بين المدن في الضفة... أن يضاف إليه فوق ممارسات الاحتلال قمعٌ آخر من سلطته التي تختص به داخليا؟!
وكيف لفلسطينيِّ غزةَ الذي يعاني شللا شبه تام, وحصارا, وانقطاعا في الكهرباء, وارتباكا عاما أن يحتمل قمعا آخر يضاف عليه من حكومته المحاصرة معه؟!
فإلى أين تقود هذه الحالة القمعية؟ وفي أيِّ مصبٍّ تصبُّ؟!

كان المفترض في الفلسطينيين, وقد خاضوا تجربة الانتخابات التي لم تكن في نتائجها شبيهة بتلك النتائج الخارقة التي يحرزها حكام في المنطقة أن تنقلهم إلى نوع من "الممارسة الديمقراطية" وأن يستوعب النظامُ السياسي الفلسطيني حالاتِ المعارضة, وان يسمح لها بالتعبير عن رأيها بالطرق السلمية, ولا سيما، والوضع الفلسطيني بالغ التعقيد، ومعظم القرارات المصيرية التي تهم الشعب كلَّه تُتخذ في ضوء ضغوط، حتى إنَّ الطرف الرسمي لا يكون على كامل القناعة بها.

فضلا عن أن ارتفاع الأصوات بالاعتراض، والرفض، لبعض الأوضاع التفاوضية يقوي موقف السلطة التفاوضي، ويعزز من صمودها على الثوابت.

لكن حسابات أخرى, على ما يبدو، هي التي تحدد مواقف السلطتين في غزة ورام الله، فهي إما الخشية الزائدة من اتهامها بالضعف، وارتخاء القبضة، وإما الاستجابة إلى ضغوط مباشرة، أو غير مباشرة، تهدف إلى تمرير مواقف معينة؛ فمثلا حماس حريصة على استبقاء الهدوء مع إسرائيل، ولذلك تكبح نشاط الجهاد، والسلطة حريصة على السير في "متطلبات السلام" والتعلق بأية آمال ممكنة.

ويبقى سؤال: هل القمع سياسة، أم تجاوز فردي؟
بالطبع حين تستمر الظاهرة، وتتكرر، فإنه يصعب تصديق القول بفرديتها، ومن المعلوم أن الأجهزة الأمنية تخضع لتراتبية معينة، وتصدر عن قرارات القيادات الأمنية التي بدورها تتلقى الخطوط العريضة من القيادة السياسية، وإذا كانت تلك الحالات القمعية خارجة عن السياسة المُقرَّة، فمن المفترض أن يصدر استنكار من الجهات الرسمية، يتلوه تحقيق جدي، وعقوبات بحق المتجاوزين يتناسب مع حجم المخالفات والأضرار المادية والمعنوية والوطنية التي تسببت بها تلك العناصر المنفلتة.

ففي جانب السلطة صرح الرئيس أبو مازن، قائلا:"هناك معارضة فلسطينية، وهي مشروعة وعلينا أن نحترمها، ومن حق أي إنسان أن يقول رأيه بمنتهى الحرية، وعندما نذهب إلى مؤسساتنا القيادية نعطي الجميع كامل الحرية لتعبر عن رأيها، وبالنتيجة الديمقراطية تحسم الأمر".

هذا الموقف لا يجوز أن يظل لفظيا، بل يفترض أن يتابع بجدية، وأن يكون ثمة رقابة حقيقية للنظر في مدى تجسده في الميدان, وإلا فثمة سؤال!
o_shaawar@hotmail.com.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صورة اخرى
علي حسين -

استاذ اسامةربما تحتاج الى صورة فتوغرافية اخرى غير تلك التي تستخدمها حالياربما تجد ملاحطتي عابرة ولكن الصورة لها تاثير كبير على اتجاه القراء لقراءة المقالة من عدمه