أصداء

اشكاليات مشروع بناء الدولة العراقية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تستحق الأحداث والوقائع السياسية التي حفلت بها الساحة العراقية خلال الشهور الستة الماضية قراءات متأنية وهادئة وموضوعية لاستخلاص العبر والدروس منها وذلك من أجل الاستفادة منها في ترسيخ وانضاج تجربة النظام الديمقراطي في العراق، تلك التجربة الحديثة العهد، التي لم تبلغ مرحلة الحلم بعد، كما يقولون، وفي إشاعة مجموعة من القيم والمفاهيم السياسية والثقافية والفكرية والاجتماعية، كجزء من منظومة الوعي العام.

نزعات الأنا والاستئثار والتنافس والسعي المحموم للتشبث بالمواقع والمناصب، وتزييف وقلب الحقائق، والتقلب في المواقف، مازالت للأسف تطغي وتهيمن على سلوك نخب وتيارات وشخصيات سياسية عدة، على حساب الشراكة والتوافقات والتنازلات والوضوح والشفافية والصدق التي لا بد من توفرها من أجل بناء نظام سياسي يكون بمؤسساته وهياكله وبناه المختلفة خادما للمجتمع، وامينا على مصالحه، ومعززا لأواصر التعايش والوفاق بين مكوناته المختلفة، لا سيما اذا كان ذلك المجتمع يمتاز بقدر كبير من التنوع القومي والعرقي والمذهبي والديني والطائفي والعشائري. ليس العراق حالة فريدة ونادرة في نسيجه الاجتماعي الفسيفسائي، ولم يكن الوحيد الذي رزح تحت وطأة نظام ديكتاتوري استبدادي شمولي أهلك الحرث والنسل بفعل سياساته التدميرية والدموية، ولم يكن الوحيد الذي خرج من تجربة كهذه ليواجه تحديات كبرى، سياسية واقتصادية وامنية واجتماعية، وليس هو الوحيد الذي يشهد حراكا سياسيا محتدما طوال الوقت، حتى يبدو للمتابع في بعض الأحيان وكأنه فوضى واضطراب، وهو ربما كذلك بالفعل..

قبل الاطاحة بنظام صدام كنا نقرأ ونسمع عن سيناريوهات عديدة لعراق ما بعد صدام تصدر عن مراكز دراسات وابحاث أغلبها غربية، وما كان يلاحظ عليها، انها كانت ترسم صورا سوداوية قاتمة لعراق المستقبل حينذاك، وكان القاسم المشترك فيما بينها هو التساؤل عما اذا كان العراق سيبقى موحدا أم أنه سيتفكك مثلما حصل لدول في اوربا مثل يوغوسلافيا وتشيكسلوفاكيا والاتحاد السوفياتي. وبصرف النظر عن النوايا والدوافع والأهداف، وصحة المعطيات التي استندت اليها تلك الأبحاث والدراسات حول مستقبل العراق، فإن التساؤل الأنف الذكر، وتساؤلات أخرى تفرعت عنه لم تأت من فراغ، ولم تطلق اعتباطا، وانما كانت في واقع الأمر انعكاسا وصدى لواقع ينطوي على كثير من التعقيد والغموض بحكم عوامل تاريخية وآنية، القت بظلالها على مجمل المشهد السياسي العراقي. ولم يختلف الحال كثيرا بعد الاطاحة بنظام صدام، بل ربما رتب الانتقال من مرحلة المعارضة الى مرحلة السلطة والحكم استحقاقات أخرى إضافية، أو أنها دفعت بالاستحقاقات السابقة التي كانت كامنة الى السطح.

ولعله كان من الطبيعي ان تعبر نزعات الأنا وانعدام الثقة والطموحات الضيقة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية عن نفسها، وليتحول مشروع بناء الدولة لدى البعض الى مشروع بناء الذات الحزبية والقومية والطائفية والمذهبية على حساب الاخر.

لم نغادر بعد مخاضات مرحلة التأسيس لمشروع بناء الدولة على أسس ومعايير ومرتكزات صحيحة، ويبدو اننا بحاجة الى وقت غير قصير لانجاز تلك المهمة الصعبة، وهذا ليس غريبا ولا عيبا، لأن شعوبا وأمما سبقتنا في التجربة، كانت هي الأخرى بحاجة الى وقت طويل حتى تستكمل مقومات ومتطلبات البناء والنهوض. بيد ان ما ينبغي الاشارة إليه والتـأكيد عليه، هو أن مشروع بناء الدولة لا يتطلب فقط أموالا واستثمارات في شتى الجوانب والمجالات، ودستوراً وقوانين لا يتورع أي طرف عن تجاوز متى ما شاء وكيفما شاء، ولا يتطلب وزارات ومؤسسات تتحول بمرور الزمن الى بؤر للفساد بمختلف اشكاله وصوره، وميادين للصراع والتنافس غير الشريف على المكاسب اللامشروعة. بل يتطلب مشروع بناء الدولة ترسيخ ثقافة الشعور بالمسؤولية، وقبول الآخر، والمرونة والانفتاح، وتقديم ما هو عام على ما هو خاص، والتمييز بين مبدأ الاستحواذ على السلطة ومبدأ خدمة الدولة، والتمييز بين المعارضة من أجل البناء والمعارضة من أجل الهدم والتخريب.

لا يمكن لمشروع بناء الدولة ان ينجح وهم السياسي الوصول الى السلطة بأي ثمن. ولا يمكن لمشروع بناء الدولة ان ينجح والسياسي الفلاني يريد ان يقصي شركائه أو يجعلهم تحت مظلته. ولا يمكن لمشروع بناء الدولة ان ينجح وعقلية التحزب الضيق هي التي تهيمن على سلوك كيانات ونخب سياسية لها حضور فاعل في المشهد السياسي. ولا يمكن لمشروع بناء الدولة ان ينجح في ظل سياسة الاملاءات ومنهجية فرض الأمر الواقع وتضييق مساحة الخيارات والاختيارات.

مشروع بناء الدولة اكبر بكثير من مشروع بناء الحزب، واكبر بكثير من الإمساك بزمام السلطة، واكبر بكثير من مجموعة مقاعد برلمانية وحقائب وزارية ومواقع حكومية.

*كاتب وصحافي عراقي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
العراق في حربين
سعيد -

العراق دخل الحرب العراقية الايرانية عام 1980 والتى اعقبها حرب الخليج والحصار ومنذ الاحتلال والعراق في حرب طاثفية منذ دخول المشروع الطائفي اليه صبيحة الاحتلال .وهذه الحرب الطائفية تاخذ مناحي مختلفة كالصدام المسلح كما حصل عام 2006او التفجيرات التى يقوم بها السنة المهمشون او في صورة عزل وتهميش كمشروع المسالة والعدالة او عن طريق الاقصاء والاستئثار بالسلطة .فلو قلنا ان هنالك 300 منصب رئيسى في الدولة لوجدنا استحواذا للشيعة على هذه المناصب .كما ان المشروع الطائفي يقوم اساسا على تهميش السنة وتقديم اكبر واكثر التنازلات للاكراد في الوقت الذي يتم فية تسميم العلاقات مع السنة العرب بالاضافة الى قبول تام ومطلق بالوصاية الايرانية على العراق فها هو عادل مهدي يذهب الى طهران لتقديم اللولاء والطاعة وها هو اياد علاوي يتوسل لايران بالقبول به .ان الحرب الطائفية المستترة الان في العراق تنخر في الجسد العراقي وهي اشد خطرا من كل الحروب التى مر بها العراق لانها تسعى الى تمزيق الجسد العراقي وتفتيته .

العراق في حربين
سعيد -

العراق دخل الحرب العراقية الايرانية عام 1980 والتى اعقبها حرب الخليج والحصار ومنذ الاحتلال والعراق في حرب طاثفية منذ دخول المشروع الطائفي اليه صبيحة الاحتلال .وهذه الحرب الطائفية تاخذ مناحي مختلفة كالصدام المسلح كما حصل عام 2006او التفجيرات التى يقوم بها السنة المهمشون او في صورة عزل وتهميش كمشروع المسالة والعدالة او عن طريق الاقصاء والاستئثار بالسلطة .فلو قلنا ان هنالك 300 منصب رئيسى في الدولة لوجدنا استحواذا للشيعة على هذه المناصب .كما ان المشروع الطائفي يقوم اساسا على تهميش السنة وتقديم اكبر واكثر التنازلات للاكراد في الوقت الذي يتم فية تسميم العلاقات مع السنة العرب بالاضافة الى قبول تام ومطلق بالوصاية الايرانية على العراق فها هو عادل مهدي يذهب الى طهران لتقديم اللولاء والطاعة وها هو اياد علاوي يتوسل لايران بالقبول به .ان الحرب الطائفية المستترة الان في العراق تنخر في الجسد العراقي وهي اشد خطرا من كل الحروب التى مر بها العراق لانها تسعى الى تمزيق الجسد العراقي وتفتيته .

تحصيل حاصل
خانقيني -

هذا تحصيل حاصل لما مر بة العراق من فترة كانت القيادة باكملها بيدالسنة من حروب طائشية الى مقابر جماعية بحق الطوائف الأخرى من ابناء هذا البلد وبعد سقوط الصنم بدل ان يلجاء المظلوم الى الأنتقام من الآخر فانهم كانوا اكثر تسامحاً وسلآماً والفضل يعود الى ثقافة التسامح التي يمتاز بها ابناء الضحايا وحبهم للعراق وان يعيش الكل بسلآم وطوي صفحة جديدة على العراق.ولكن اصرار قوى الظلآم ومن يقف ورائهم من الداخل والخارج والأستمرار على القتل والتدمير !هو الذي يعيق تقدم العراق نحنوا البناء والأزدهار...وليسمعني السياسين الكوردان المناصب لآيعني اي شيء لنا ككورد اذا لم ترجع كركوك وخانقين الى احضان كوردستان الحبيبة.

No 3
Narina -

Dear Khanaqey, exactly, I hope Kurdish leaders listen to us just for one time,, they didn’t run to Baghdad this time, gleam of hope. and Many thanks Khanaqeny