الازدهار الصيني المذهل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عقب نشر جريدة " إيلاف " الغراء: مقالي الثاني "ما بعد الحداثة السياسية "، تلقيت دعوة كريمة من قناة BBC العربية للتعليق علي تصريحات رئيس الحكومة الصينية "وين جياباو": إن على بكين اصلاح نظامها السياسي لتتمكن من المحافظة على الانجازات الاقتصادية التي حققتها البلاد."
فقد نقلت وكالة شينخوا الصينية الرسمية للانباء عن "وين" قوله: "يجب ضمان حقوق الشعب الديمقراطية والمشروعة... وخلق الظروف الكفيلة بالسماح للمواطنين بانتقاد الحكومة والاشراف عليها، كاسلوب لمعالجة "مشكلة التركيز المفرط للسلطة دون رقابة فعالة."
هذا التحول السياسي داخل الصين، أو قل " الأنقلاب " السياسي الصيني، كان لابد وأن يستوقف الكثير من المحللين والمنظرين، خاصة وأن الأحداث الكارثية لعام 1989 في ساحة تياننمين بالميدان الأحمر، والقمع الدموي لحركة الطلاب الداعية إلى الديموقراطية، لاتزال ماثلة صورتها في الأذهان.
لكن يبدو أن دعوة " وين جياباو "، والتي ستنقضي فترة رياسته في عام 2013، كانت متوقعة. فقد اكتسب " وين " سمعة كبيرة في الصين بوصفه أكثر قادة الحزب الشيوعي، رغبة في تخفيف قبضة الحزب القوية على حياة الشعب، وفي استعادة الصين هيبتها الدولية.
لم يسمح " وين " للرئيس أوباما في زيارته الأخيرة بمقابلة زعماء المعارضة والانفصاليين في الصين، أو حتي مناقشة " مسألة الديمقراطية أو حرية الضمير وحقوق الأقليات "، وهي من الطقوس التقليدية للسياسة الأمريكية في تعاملها مع الصين.
لكن يبدو أننا نشهد تحولات من نوع جديد، علي مختلف الأصعدة داخل الصين والولايات المتحدة، والعالم أيضا. فقد ولت مرحلة الرئيس بوش (الأب والإبن) التي رفعت شعار " مقرطة العالم "، وأنقضت مرحلة الرئيس " بل كلينتون " عندما كانت حقوق الإنسان رقم واحد، حيث حاول الأمريكيون استخدامها مرات عديدة مع الصين ولم ينجحوا، وفي النهاية تخلوا عنها رسميا، بإعلان الرئيس أوباما في خطابه الأول في الأمم المتحدة: " أننا لاننوي تصدير ديموقراطيتنا ".
" وين جياباو "، يستكمل اليوم البعد الناقص والمكمل للازدهار الصيني المذهل، وهو (الانفتاح السياسي بإتجاه الديمقراطية الدستورية). فقد بدأت الصين بانتهاج سياسة الانفتاح من الاقتصاد أولا، علي العكس مما حدث في الاتحاد السوفييتي (السابق) الذي بدأ سياسة الانفتاح من السياسة وليس من الاقتصاد، ناهيك عن أن هذا الانفتاح الذي بدأ في عام 1978، تم بشكل علمي مدروس ومنظّم ووفق خطط زمنية محددة وصارمة، وهو ما (أمن) للصين اليوم الانتقال بسهولة إلي المرحلة الثانية من الانفتاح (السياسي).
من أقوال زعيم الانفتاح الاقتصادي " دنغ شياو بينغ "، رئيس الحزب الشيوعي الصيني السابق:
" إننا نعبر النهر بهدوء وحذر، وحين نعبر فإننا نلمس الحصى داخل الماء ".
" لا يهمّنا أبقينا في طريق اشتراكي أم سرنا في طريق رأسمالي، بل يهمّنا تطوير قوة، لإنتاج ورفع مستوى معيشة أبنائنا، وبناء الصين بناءً قوياً وحديثاً "
" لا يهمّنا إن كان القطّ أبيض أم أسود، بل يهمّنا في المحصلة الأخيرة أن يصطاد الفئران أنّى كانت "
" لا يصحّ أن تعني الاشتراكية التخلّف والفقر".
" إذا فتحنا النوافذ، سيدخل الهواء الصحيّ والملوّث معاً، ولا نستطيع أن نمنع الهواء الملوّث من دخول منازلنا إذا فتحنا أبوابها، ومن غير المعقول أن نغلق أبوابنا ونوافذنا عندها نختنق ونتخلّف معرفيّاً، وكذلك سياسة الانفتاح فهي مثل فيضان النهر الجارف، ومع الفيضان تأتي دائماً جثث الحيوانات النافقة "
قبل عام تقريبا، نشرت مجلة " لوكورييه انترناسيونال " الفرنسية، مقابلة طويلة مع باحثين صينيين، يحظيان بإعتراف عام بمكانتهما العلمية في مجال الدراسات التاريخية. تناول " جين جنتاو " و" ليو كنفنغ " - وهما زوجان في الحياة - محركات ما يصنع تاريخ بلدهما، من منظور نقدي، خاصة ما يعرف بالازدهار الصيني المذهل، فذهبا أبعد من أرقام الدخل الوطني ووتائر النمو، أو إلى ما ورائها، نحو سؤال موضوعة " الحداثة " وما بعدها ومكوناتهما، وموضوعة سيرورة تحول المجتمع التقليدي.
اللافت للنظر في هذه المقابلة، التي عالجتها الأستاذه " نهلة الشهال " بحرفية عالية، في جريدة الحياة اللندنية (1 نوفمبر 2009) تحت عنوان: " أفكار لافتة في ما يخص الصين... تهمنا كثيراً "، هو المكانة التي يعطيانها لدور الأيديولوجيا في صناعة الانصهار الوطني، فالتحدي يكمن في كيفية تحقيق تطور اقتصادي حديث مع المحافظة على التماسك الاجتماعي.
يعقد الباحثان مقارنة مستمرة بين دور الكونفوشيوسية والشيوعية في توفير التماسك الاجتماعي. ويريان أن التطور الاقتصادي والاجتماعي الحالي لم يترافق مع تغير في مؤسسات الدولة - الحزب، القائمة على الأيديولوجيا، والتي باتت مفوّتة تماماً
الجديد هو دعوتهما إلى استلهام النظام القانوني القائم في هونغ كونغ، والتجربة التايوانية في الانتقال السياسي (من رفع نظام الأحكام العرفية عام 1987، إلى إجراء أول انتخابات عامـــة ديموقراطية عام 1996)، وذلك ضمن هاجس من الواضح أنه يتحكم بهما، حسب الشال، وهو آليات توحد الصين، التي ما زالت موزعة على كيانات ثلاثة.
دعوة كل من " جين جنتاو " و" ليو كنفنغ " إلى تجاوز تحقيق ذلك " التماسك الاجتماعي " بواسطة السيطرة الأيديولوجية والأخلاقية، نحو أولوية القانون وتأسيس نظام (ديمقراطي) دستوري، تكاد أن تتطابق مع دعوة رئيس الحكومة الصينية " وين جياباو "، قبل أيام، وكأن الديمقراطية الدستورية، أصبحت (كلمة السر) في عصر ما بعد الحداثة السياسية، بحيث لا تنضم للمنظومة الدولية الجديدة - مهما كان ازدهارها الاقتصادي المذهل- إلا " دول ديمقراطية دستورية".
dressamabdalla@yahoo.com
التعليقات
الصين وين وعرب وين
طالب النقيب -الصين بلد عظيم يتقدم ويتطور بخطى ثابته ومدروسة وبات اليوم اقوى اقتصاديات العالم، في الاسواق الامريكية اكثر يا يلفت الانظار هو ان اغلب البضائع في الاسواق هي صناعه صينية. عندما درست في فترة السبعيينات في امريكا لم يكن هناك اعداد كبيرة من الصينين اساتذة جامعات ولكن في 2003 قدر لي ان ازور جامعة كولورادو، يكاد لا يخلو قسما الا وترى فية استاذا او اكثر من الصين وقسما منهم لا يزالوا لا يتحدثون الانكليزية بشكل جيد . اما نحن العرب فلا نزال نراوح مكاننا ان لم نسير الى الوراء، ناخذ القشور من الغرب ونستهلك الكلام ليل نهار . انا اقارن فترة الستينات كيف كانت المدارس ومستوى التدريس بالعراق في المراحل الابتدائية والثانوية ومن كان مسؤولا عن التعليم مع هذا الزمن ، حصل تراجع وتدهور وتخلف لا مثيل له. الانظمة العربية لا يهمها المواطن طالما هي جالسه على كراسيها وليس للمواطن دور بوصولها الى السلطة. هل نضع كل شي على شماعة المستعمر والصهاينه ونظرية الموامرة، نعم هم لا يريدون لنا التطور والتقدم والنماء ، ولكن ولكن ما هو دور اولياء امرنا والنخبة السياسيه والعلمية وما هو دور الدين والعادات والتقاليد ، الكثير تراهم يلبسون البدلات الانيقة والاربطة الباريسيةالا ان عقولهم لا زالت تحمل افكارا متخلفة بالية لا هي بدوية اصلية ولا هي متنوره بل افكارا سوداوية حول امور الدنيا والحياة. الحكومات العربية لا تصرف على البحث العلمي الا اليسير ، الا انها مستعدة وهي تفعل فعلا مؤتمرات او مهرجانات او ولائم تصرف عليها ملايين الدولارات ، ولكن للبحث العلمي لا توجد مخصصات. الصين تطورت بعلمائها وبنقل التكنولوجيا وتطويرها وبوجود اراده سياسية وقياده حكيمه وعظيمة. متى تصحون يا عرب من غفوتكم.;
الصين وين وعرب وين
طالب النقيب -الصين بلد عظيم يتقدم ويتطور بخطى ثابته ومدروسة وبات اليوم اقوى اقتصاديات العالم، في الاسواق الامريكية اكثر يا يلفت الانظار هو ان اغلب البضائع في الاسواق هي صناعه صينية. عندما درست في فترة السبعيينات في امريكا لم يكن هناك اعداد كبيرة من الصينين اساتذة جامعات ولكن في 2003 قدر لي ان ازور جامعة كولورادو، يكاد لا يخلو قسما الا وترى فية استاذا او اكثر من الصين وقسما منهم لا يزالوا لا يتحدثون الانكليزية بشكل جيد . اما نحن العرب فلا نزال نراوح مكاننا ان لم نسير الى الوراء، ناخذ القشور من الغرب ونستهلك الكلام ليل نهار . انا اقارن فترة الستينات كيف كانت المدارس ومستوى التدريس بالعراق في المراحل الابتدائية والثانوية ومن كان مسؤولا عن التعليم مع هذا الزمن ، حصل تراجع وتدهور وتخلف لا مثيل له. الانظمة العربية لا يهمها المواطن طالما هي جالسه على كراسيها وليس للمواطن دور بوصولها الى السلطة. هل نضع كل شي على شماعة المستعمر والصهاينه ونظرية الموامرة، نعم هم لا يريدون لنا التطور والتقدم والنماء ، ولكن ولكن ما هو دور اولياء امرنا والنخبة السياسيه والعلمية وما هو دور الدين والعادات والتقاليد ، الكثير تراهم يلبسون البدلات الانيقة والاربطة الباريسيةالا ان عقولهم لا زالت تحمل افكارا متخلفة بالية لا هي بدوية اصلية ولا هي متنوره بل افكارا سوداوية حول امور الدنيا والحياة. الحكومات العربية لا تصرف على البحث العلمي الا اليسير ، الا انها مستعدة وهي تفعل فعلا مؤتمرات او مهرجانات او ولائم تصرف عليها ملايين الدولارات ، ولكن للبحث العلمي لا توجد مخصصات. الصين تطورت بعلمائها وبنقل التكنولوجيا وتطويرها وبوجود اراده سياسية وقياده حكيمه وعظيمة. متى تصحون يا عرب من غفوتكم.;