أصداء

(عايزة أتجوز) كوميديا المجتمع العربي السوداء

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لاأعرف إن كان بالإمكان إطلاق صفة الكوميديا السوداء على المسلسل الرمضاني (عايزة أتجوز). فلسان حال بطلة المسلسل(عُلا/هند صبري) هو لسان حال الكثير من الفتيات العربيات في المجتمعات العربية. والمجتمع الذي يحيط بالبطلة، العائلة وعلاقات العمل، هي نسخة مصغرة للكثير من المجتمعات العربية. فالبطلة هي ناطق رسمي باسم كل فتاة فاتها قطار الزواج بطريقة كوميدية لاتخلو من الم.


فالمسلسل لايطرح فقط ظاهرة العنوسة بقدر طرحه لمشكلة المجتمع العربي والواقع المرير الذي يعيشه هذا المجتمع. فماوراء العنوسة هناك ترد رهيب على كل الاصعدة والمستويات. فمن البطالة المنتشرة وأزمة السكن إلى تردى المستوى الثقافي لجيل كامل من الشباب العربي. أليس من حق المواطن العربي، وفي الخصوص الشباب العربي البحث عن السبب! أين هي المشكلة؟ أهي مشكلة اقتصادية أم اجتماعية أم هي مشكلة سياسية مستعصية لايمكن حلها، بل لايمكن طرحها باعتبارها تجاوزا ً للخطوط الحمر.
في الحقيقة هي مشكلة مجتمعة مركبة من كل ماذكر آنفا ً، وخيوطها متشابكة حتى على أصحاب الاختصاص وأكثرهم فهما ً لظواهر المجتمع المختلفة. ومن هنا يمكن طرح السؤال التالي: إن كانت المشكلة كما افترضنا مركبة. ماهو ترتيب الأولويات في أسباب هذا التردي في مجتمعاتنا؟ هل هي اقتصادية في البدأ، على حد قول كارل ماركس، أم هي ثقافية تتعلق بسلوكنا وطريقة تفكيرنا، على حد قول ماكس ويبر، أم هي مشكلة وضيفية تتعلق بمؤسسات الدولة ووضائفها، على حد قول أميل دوركهايم.


في اعتقادي إن هناك مشكلة هي أكبر من كل هذا! نعم، المشكلة هي عدم الإعتراف بوجود مشكلة أصلا ً. فظاهرة كالعنوسة لايتم طرحها في مؤسسات الدولة من أجل إيجاد حل لها، بل يتم تناولها بخجل وعلى استحياء في الأعلام كأي ظاهرة أخرى. المكان الوحيد الذي يتم به طرح هكذا مشكلة وبجدية على المستوى الشعبي في الحياة اليومية للمجتمع كالشارع والمدرسة وفي سيارات الأجرة. فمؤسساتنا الحكومية والمؤسسات الثقافية تطمر رؤوسها في التراب بعيدا ً عن طرح المشكلة فضلا ً عن حلها. بل ترمي الكرة في ملعب الطرف الآخر ملقية اللوم على المؤسسات الاجتماعية كالعائلة والقبيلة أو الطبقة وذلك لإرتفاع المهور وتكاليف الزواج، هذا على المستوى الجمعي، أما على المستوى الفردي فتلقي اللوم على البنت بطلباتها وشروطها للزواج. لقد نسي هؤلاء أن هناك شقا ً يتعلق بسياسة الدولة واستراتيجيتها في قيادة المجتمع. لقد تناسوا دور العجز الاقتصادي والبطالة وأزمة السكن التي لادخل للفرد في تسبيبها أو معالجتها.


نعم، يوجد هناك مشكلة كبيرة في مجتمعاتنا ويجب الإعتراف بهذه المشكلة وفي جميع المحافل السياسية منها والثقافية والاجتماعية. إن هذا المشكلة تؤدي بدورها لخلق الكثير من المشاكل الأخرى ومنها العنوسة طبعا ً. إن طرح موضوع التردي الذي تعاني منه مجتمعاتنا، على الأقل في وسائل الإعلام وذلك لخلق رأي عام تجاه هذه الظواهر وبناء مستوى جيد من الوعي بين عموم المثقفين، ومنهم الشباب طبعا ً، ذلك من جهة، ومن جهة أخرى يكون هذا الرأي وسيلة للضغط على المؤسسات الحكومية لإتخاذ دورها في تصحيح آداءها، في مجتمع يسود به القمع وسلب الحريات بكل اشكالها فاسحة المجال لكل أنواع الفساد أن يستشري في مؤسساتها.


إذن، عايزة أتجوز هي لسان حال ليس فقط (عُلا) التي تتوسل من أجل خطف زوج ما، أي زوج، في مونولوج رائع. بل هي مشكلة مجتمع مركبة تغزو الوطن العربي من شماله إلى جنوبه، وليس مصادفة إن قلنا أن هناك ربما أسباب مشتركة بين تلك المجتمعات. أتمنى أن تنتهي حلقات هذا المسلسل بحلول واقعية فيها إحترام لعقل المشاهد ومشاعره تجاه هذه المسئلة.

imad_rasan@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
السبب هو الفتاة
خلدون -

اغلب الاسر العربية اسر معقدة تعيش في عصر اخر غير عصرنا ، فازمة الزواج بالعالم العربي ناتجة عن ماتقوم به الاسر العربية بشكل عام من وضع عراقيل كثيرة لتزويج فتياتهم اما لاسباب قبلية او عنصرية او مادية او طبقية، والزواج في نظر تلك الاسر هو ارتباط بين عائلتين يجب ان يتكافئا في امور كثيرة اكثر مما هو ارتباط بين شخصين يريدا ان يكونا عائلة ، ولذلك نتج عن هذه العراقيل وجود عشرات الالاف وربما مئات الالاف من الفتيات اللاتي لايجدن عرسانا مناسبين لمتطلبات عائلاتهن ومتطلباتهن ايضا ، وستزداد الفجوة في المستقبل اكثر مما هي الان لعدم وجود حلول صحيحة لهذا الموضوع ، خاصة مع انفتاح المجتمعات وسهولة التواصل مع المجتمعات الاسهل في تكوين العلاقات والايسر في المهور مما ادى الى اتجاه الشباب العربي للزواج من تلك المجتمعات

السبب هو الفتاة
خلدون -

اغلب الاسر العربية اسر معقدة تعيش في عصر اخر غير عصرنا ، فازمة الزواج بالعالم العربي ناتجة عن ماتقوم به الاسر العربية بشكل عام من وضع عراقيل كثيرة لتزويج فتياتهم اما لاسباب قبلية او عنصرية او مادية او طبقية، والزواج في نظر تلك الاسر هو ارتباط بين عائلتين يجب ان يتكافئا في امور كثيرة اكثر مما هو ارتباط بين شخصين يريدا ان يكونا عائلة ، ولذلك نتج عن هذه العراقيل وجود عشرات الالاف وربما مئات الالاف من الفتيات اللاتي لايجدن عرسانا مناسبين لمتطلبات عائلاتهن ومتطلباتهن ايضا ، وستزداد الفجوة في المستقبل اكثر مما هي الان لعدم وجود حلول صحيحة لهذا الموضوع ، خاصة مع انفتاح المجتمعات وسهولة التواصل مع المجتمعات الاسهل في تكوين العلاقات والايسر في المهور مما ادى الى اتجاه الشباب العربي للزواج من تلك المجتمعات