أصداء

لا تأخذوا مصر إلى خراب العراق أو محنة السودان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ليس من شك في أننا كعرب، لا نقل عن أشقائنا المصريين غيرةً على مصر العزيزة التي سبقتنا في كثير من مجالات المعرفة والثقافة والفنون، وتعلمَنا الكثيرَ والكبيرَ من عباقرتها، على امتداد حضارتها القديمة والحديثة، على حد سواء.

و لا جدال في أن المواطن العربي، مثلَ المواطن المصري، تواقٌ إلى تغيير النمط السياسي فيها، بعد أن أصابته بعض أعراض الشيخوخة، فيتخلى حزب الرئيس، طواعية، عن إصراره الشديد والعنيد على فرض شروطه التعجيزية التي تمنع أي مرشح من خارجه من دخول انتخابات الرئاسة، وفرْض السيد جمال مبارك خلفا لوالده، بما يجعل المسألة تبدو وكأنها توريث فعلي للسلطة يسقط من العملية الديمقراطية أبسط مبادئها، وهو إتاحة الفرص المتساوية المتكافئة أمام الجميع، والتداول السلمي للسطة، عن طريق الاقتراع الحر، دون تدخل سلطوي من أي نوع.

ويمكن القول إن وقوف شرائح واسعة من المصريين والعرب ضد مبدأ التوريث هو رفض لهذا المبدأ ذاته، لكثرة ما كرهوه من مظاهره المقيتة في دول عربية أخرى، وليس رفضا للسيد جمال مبارك أو غيره.

وتجاوز مبأ التوريث سيؤدي إلى تصحيح النهج الديمقراطي في مصر، ويكسر احتكار السلطة من قبل حزب الرئيس الذي هيمن على الحياة السياسية المصرية، لثلاثة عقود، وأغلق الأبواب أمام المنافسة العادلة، من خلال القوانين والأنظمة واللوائح التي أصدرها لمحاصرة المعارضة ومنعها من لعب دور فاعل ومؤثر، مستغلا أكثرية أعضائه في مجلس الشعب، وسينعش آمال المصريين في تكامل عضوي فاعل بين السلطة والمعارضة، ويساعد على التعجيل في إيجاد حلول جماعية لكثير من الصعوبات والمصاعب التي تأخذ بخناق ملايين المواطنين.

وليس من شك في أن الدكتور محمد البرادعي، وهو رجل علم وسياسة دولية، سيكون قادرا على خدمة مصر داخليا وخارجيا معا. فهو، في الداخل، سيكون أكثر حيادا وعدلا بين الطوائف والأديان والأحزاب والطبقات، وذلك لأنه خرج من بين صفوف الطبقة الوسطى التي تقترب، في مصر، من طبقة العمال والفلاحين الكادحة. وفي الخارج سيكون قادرا على بناء علاقات أكثر سعة وعمقا مع كثير من الدول والهيئات الدولية.

لكن العيب الوحيد الذي يخيف العرب والمصريين من رئاسة الدكتور البرادعي هو أن جماعة الإخوان المسلمين تقف وراءه بقوة، وتوشك أن تجعله مرشحها الرسمي، الأمر الذي أبعد عنه شرائح واسعة من العلمانيين والديمقراطيين، ودفع بهم إلى قبول رئاسة السيد جمال مبارك، رغم رفضهم المبدأي لمبدأ التوريث. وموقف سعد الدين إبراهيم مثال على ذلك.

فالدكتور البرادعي، إذا ما فاز بالرئاسة، بقوة الإخوان المسلمين، سوف يكون رئيسا ضعيفا عاجزا عن تنفيذ ما وعد به من إصلاح، لأنه يستمد سلطته من جهة رجعية سلفية متطرفة ألحقته بفكرها وأدواتها وطموحاتها وداست على علمانيته وليبراليته. وقد يؤدي وضعٌ من هذا النوع إلى واحد من احتمالين، أن يسرع البرادعي فيطيح بالإخوان حين يشتد عوده ويدرك صعوبة الاستمرار في التنكر لعلمانيته وتكنوقراطيته وليبراليته، ويكون بهذا قد دشن حروبا داخلية لا تنتهي، أو أن تطيح به جماعة الإخوان فتُدخل مصرَ في عصور ظلام جديدة لا تستحقها.

ومن تجربتنا في العراق فإن الأكثر احتمالا هو سقوط السلطة في أحضان الإخوان المسلمين وحلفائهم، لأنهم الاكثر تجربة وخبرة في العمل السري القائم على القتل والاغتيال، أو التهديد بالقتل والاغتيال، لكسب معارك الجهاد.

فمعارضتنا العراقية، قبل الغزو الأمريكي، كانت تضم قوى وأحزابا ديمقراطية عريقة وشرائح علمانية نزيهة عديدة إلى جانب الأحزاب الدينية الشيعية والسنية. ولكن بعد الغزو، وفور سقوط نظام صدام حسين، قفزت أحزاب الدين السياسي فانتزعت المبادرة من شركائها الديمقراطيين والعلمانيين والتكنوقراط، بحكم قوتها المليشياتية والمالية معا، وبعمق خبرتها في العمل السري العسكري الذي كان أغلبُه عملا إرهابيا بامتياز، مدعومة من دول وأجهزة مخابرات أجنبية لا طاقة للديمقراطيين العُزل والفقراء ماليا على الصمود في وجهها. إضافة إلى أنها استغلت سطوة الوازع الديني لدى الجماهير الجاهلة، واستثمرت فقرها فأغدقت على شراء ولائها بما تكدس لديها من أموال الهبات الخارجية، أو أموال الاختلاس والسطو على الوزارات والمصارف. هذا مضافٌ إلى أن هذه الأحزاب لم تتوان َ عن استخدام أسلوب الترهيب والتسقيط مع الديمقراطيين والعلمانيين، الأمر الذي دفع بهم إلى مغادرة الساحة محبطين وخاسرين، ليسقط الوطن أخيرا في النفق المظلم الطويل الذي لن يخرج منه بسهولة.

أو قد يحدث في مصر ما حدث في السودان في العام 1989 حين حمل إسلاميو (المؤتمر الشعبي) بقيادة حسن الترابي السيد عمر البشير إلى سدة الرئاسة، ثم حين اشتد عود الرئيس استدار فبطش بحلفائه الإسلاميين، مستندا في ذلك إلى المصلحة الوطنية العامة، مثلما بطش أبو العباس السفاح بمسلم الخراساني، بحجة المصلحة العليا، ومثلما بطش حفيده هارون الرشيد بالبرامكة، باسم المصلحة العامة ذاتها. ويعرف العرب جميعا، والسودانيون والمصريون بشكل خاص، أن الذي دفع وما زال يدفع ثمن ذلك الصراع السلطوي المقيت بين البشير والترابي هو الشعب السوداني من أمنه واستقراره ولقمة عيشه. وما ضَعفُ الدولة السودانية الذي بلغ اليوم أشده إلا نتيجة طبيعية لذلك الاحتراب الداخلي البغيض. فقد خلخل البشير دولته بيديه، وأوهن جبهته الداخلية، فجعل من السهل على القوى الخارجية أن تتسلل وتفتعل المآزق الكبرى في السودان، ومنها وأخطرُها صراع دارفور وانقسامُ السودان بين شمال وجنوب. فحين تسقط البقرة تكثر عليها السكاكين.

لذلك، واستباقا لما قد يفتّ في عضد الدولة المصرية، ويهدد أمن المصريين واستقرارهم وديمقراطيتهم، والمنطقةَ كلها، فإن الحزب الحاكم في مصر مطالب بإزالة الشروط التعجيزية غير الديمقراطية التي تمنع أي مصري آخر ليس عضوا فيه من دخول سباق الانتخابات الرئاسية إلى جانب السيد جمال مبارك.

إن الدلائل كلها تؤكد فوزه الساحق على منافسيه، فلم الخوف ولم الاحتكار ولم التوريث؟ بالمقابل سوف يسقط الانفتاح وقبول الاحتكام إلى صناديق الاقتراع ذريعة معارضة التوريث من شعارات المعارضة، بالأخص من خطاب جماعة الإخوان المسلمين التي تجيد التكسب في الشارع المصري باسم الدين.

ومن يدري فقد تدفع الانتخاباتُ الحرة النزيهة القوى الديمقراطية غير العميلة وغير المدسوسة من الخارج إلى مضاعفة نضالها لتصحيح المعادلة في الانتخابات القادمة، أو ربما تستطيع حملَ الرئيس جمال مبارك نفسِه على نفض ثوب أبيه، وإعادة تفصيله من جديد بما يحقق الحد الأدنى من أحلام الشعب المصري، وفي مقدمتها ضخُ دماء جديدة في جسد السلطة، وتقليمُ أظافر البروقراطية، وكشفُ الفساد ووأدُه، وإلغاء حالة الطواريء التي لا يلجأ إليها الحكام، غالبا، إلا لحماية كراسيهم، بحجة حماية الأمن الوطني، وهو منها بريء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شكرا يا زبيدي
علي جيزاوي القاهرة -

بالفعل هذا هو المطلوب. ياريت يصحى النظام ويعدل الأمور ويخلصنا من الخلاف والانقسام والخراب. لا نريد بديلا عن ديمقراطية كاملة وصحيحة لا نصف ديمقراطية. وشكرا للزبيدي على كرم أخلاقه واحترامه لشعب مصر وتراث مصر ومستقبل مصر. وشكرا لإيلاف على هذه الأقلام المنصفة الشريفة.

شكرا يا زبيدي
علي جيزاوي القاهرة -

بالفعل هذا هو المطلوب. ياريت يصحى النظام ويعدل الأمور ويخلصنا من الخلاف والانقسام والخراب. لا نريد بديلا عن ديمقراطية كاملة وصحيحة لا نصف ديمقراطية. وشكرا للزبيدي على كرم أخلاقه واحترامه لشعب مصر وتراث مصر ومستقبل مصر. وشكرا لإيلاف على هذه الأقلام المنصفة الشريفة.

mesr
aida -

wallahi law da3at mesr la da3a al3arab.

mesr
aida -

wallahi law da3at mesr la da3a al3arab.

نصحك للعراقيين
حسن البصري -

هل يستطيع الاستاذ الزبيدي أن يسدي نصحاً كهذا لاطراف العملية السياسية الجارية بالعراق؟ والتوصل الى مقاربات واقعية لحل الازمة الحكومية التي تعصف بالعراق منذ 6 أشهر بعد أنتخابات آذار 2010 والانتقال من سلطة الطائفة الى المواطنة؟ !!

نصحك للعراقيين
حسن البصري -

هل يستطيع الاستاذ الزبيدي أن يسدي نصحاً كهذا لاطراف العملية السياسية الجارية بالعراق؟ والتوصل الى مقاربات واقعية لحل الازمة الحكومية التي تعصف بالعراق منذ 6 أشهر بعد أنتخابات آذار 2010 والانتقال من سلطة الطائفة الى المواطنة؟ !!

إلى تعليق 3
سلام عبود العراق -

العراق أخي سقط في بئر الخراب ولا تفيد نصيحة. الحرامية مسكوا رقبة العراق . جماعة المجلس والدعوة والهاشمي والمطلق وعلاوي.... كيف يفلتوا العراق الغني من بين ايديهم؟؟

إلى تعليق 3
سلام عبود العراق -

العراق أخي سقط في بئر الخراب ولا تفيد نصيحة. الحرامية مسكوا رقبة العراق . جماعة المجلس والدعوة والهاشمي والمطلق وعلاوي.... كيف يفلتوا العراق الغني من بين ايديهم؟؟

بعيد الشر عن مصر
نازك المعلوف -

والله إذا حدث في مصر ما حدث في العراق لا سمح الله كارثة. فإذا كان خراب العراق هز أمة العرب فكيف مصر، والله لن تقوم للعرب قائمة. وهذا ما يريده العدو الإسرائيلي لنا جميعاهل يستخدم الرئيس مبارك حكمته وعقلانيته فيأمر بعدم التوريث ويجعلها انتخابا حرة حتى لو خسر إبنه؟؟التاريخ سيحاسب الجميع.

بعيد الشر عن مصر
نازك المعلوف -

والله إذا حدث في مصر ما حدث في العراق لا سمح الله كارثة. فإذا كان خراب العراق هز أمة العرب فكيف مصر، والله لن تقوم للعرب قائمة. وهذا ما يريده العدو الإسرائيلي لنا جميعاهل يستخدم الرئيس مبارك حكمته وعقلانيته فيأمر بعدم التوريث ويجعلها انتخابا حرة حتى لو خسر إبنه؟؟التاريخ سيحاسب الجميع.

نصيحة الزبيدي
صالح -

لقد نطق الزبيدي صدقا وابدى نصحا مهما للمصريين ليتهم ينتبهوا ولايقعوا في المحظور

نصيحة الزبيدي
صالح -

لقد نطق الزبيدي صدقا وابدى نصحا مهما للمصريين ليتهم ينتبهوا ولايقعوا في المحظور

العراق
بنية -

وهل ضياع العراق لم يضيع العرب؟ انظري الى الوضع الحالي هل هو زهور و رياحين؟

العراق
بنية -

وهل ضياع العراق لم يضيع العرب؟ انظري الى الوضع الحالي هل هو زهور و رياحين؟

ممكن في حالة !!
عراقي ليبرالي -

كلامك صحيح وممكن ان يؤدي الى نتائج ايجابية لمصر لكن في حالة كون جمال مبارك رجل سياسي ناجح مثل ابيه ولا يكون مرتكز على نجاح ابيه والدعم المالي والاعلامي...لكن لا ننسى وجود تجارب ناجحة ..مثل حسب راي بشار الاسد&;ليس كل وريث مثل عدي ولا كل اب مثل صدام

ممكن في حالة !!
عراقي ليبرالي -

كلامك صحيح وممكن ان يؤدي الى نتائج ايجابية لمصر لكن في حالة كون جمال مبارك رجل سياسي ناجح مثل ابيه ولا يكون مرتكز على نجاح ابيه والدعم المالي والاعلامي...لكن لا ننسى وجود تجارب ناجحة ..مثل حسب راي بشار الاسد&;ليس كل وريث مثل عدي ولا كل اب مثل صدام