أصداء

التمييز والتمييز العنصري في العراق

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إن مشاكل العراق ثقافية أكثر منها سياسية. دعوني في البدأ احدد ماذا أعني بالثقافية. أقصد بالثقافية، حسب مايعرفه علماء الاجتماع والانثروبولوجيا، هو كل الموروث الثقافي الذي يتقاسمه شعب ما، ويتفق عليه إلى حد كبير، ويضم التراث الديني والعادات والتقاليد والقيم والمعايير الخلقية والمواقف تجاه كل شيء. بالنسبة للتراث الديني هو يضم كل ماهو مكتوب وغير مكتوب من أفكار ورموز وتشريعات وقيم ترسخت لتصبح سلوك يومي لدى الأفراد. أما العادات والتقاليد فهي الأعراف والفلكلور التي تتداولها المجموعات من خلال قوانين عرفية أو أمثلة شعبية تنعكس على سلوكيات هؤلاء الأفراد.

كل هذا الخزين يشكل وعي الأفراد فيعطيهم أخلاقهم وسلوكياتهم اليومية من خلال تشكيل طريقة تفكيرهم. أضافة إلى ذلك يرتب لهم المواضيع حسب الأهمية والأولوية في تقييماتهم ومواقفهم تجاه أنفسهم، تجاه الآخر، تجاه العلم، تجاه القانون، تجاه الدين وتجاه كل شيء يكون شغل شاغل لتلك الشعوب. يمكن إختصار الثقافة بأنها تعطي الفرد أخلاقه وتحدد سلوكياته وتصنع له طريقة تفكيره. حسب العلماء هناك أتجاهين في تعريف الثقافة، فمنهم من يقول إنها جوهرية أساسية ولايمكن تغييرها، ومنهم من يقول إنها بنائية تخضع لعوامل الزمن في التغيير أو التحول نحو الأفضل أو الأسوء. لكن هذا ليس في صللب موضوعنا.

قبل يومين دار نقاش بيني وبين أحد الأخوان في أمور السياسة والفساد وسرقة أموال الدولة. تحول النقاش إلى وضع المجموعات والمناطق التي تعيش فيها تلك المجموعات. أحتدم النقاش وأفرز صاحبي بما في جوفه حين قال لي (ان نصف أهالي مدينة الثورة "مدينة الصدر حاليا" هم من الحرامية والسراق). حينها عرفت من أي منطقة هو في بغداد، وقلت له ماذنب أجيال تعيش على الفقر هاربة من ظلم وتسلط الإقطاع في جنوب العراق إلى ظلم وتسلط الحكومات المتعاقبة التي كانت تسرق أموال الشعب العراقي. غضبت، ولكن ورغم غضبي لم أستغرب من كلامه وعذرته على مايقوله، فهذا الشيء شائع في العراق وخاصة من قبل مناطق محددة تجاه مناطق أخرى. وأعتقد ليس في العراق فحسب بل أغلب الدول العربية.

إذن هو التمييز على أساس المنطقة والعرق والدين والطائفة، أضافة للتمييز على مستوى الجنس والعمر والوزن واللون والطول والتعليم وحدث ولاحرج. فلازلنا كشعوب عربية، والعراق بالتحديد، نتميز بأكثر أنواع التمييز بدائية وهو التمييز على أساس العرق والدين الذي تجاوزته ثقافات وشعوب كثيرة.

لم يكن التمييز في العراق جديدا ً فهو قديم ومترسخ في المؤسسات الدينية والثقافية والسياسية. فالعشائر العراقية تميز الشخص على أساس الحسب والنسب ولاتقبل ببعض الأشخاص كطالبي زواج أذا كانوا من من مناطق أو عشائر أو مهن معينة وذلك لأنها تنظر اليهم نظرة دونية. أما تمييز أصحاب البشرة السوداء فهو واضح ولايحتاج لدليل، كذلك التمييز ضد الغجر بعتبارهم قوم منبوذين لاأصل لهم يمتهنون مهن غير شريفة. أما قضية عرب وأكراد فحدث ولاحرج. فالعربي يطلق النكات التي تسخر من الكردي ورد عليه الكرد ي بنكات مثلها. ولا يزوجون الكثيرين الشخص أذا كان كرديا ً ووصلت إلى أن أحد المراجع القدماء أدعى أن أصل الكرد من الجن فلايجوز تزويجهم. وفي طريقي للسليمانية تعرفت على أحد الركاب الذي كان شابا ً متنورا ً فقال لي أن أخيه البروفسور في الطب رفض طلبه من الزواج بعربية لأنه كان يحمل شعورا ً قوميا ً. فأي نخب يحمل وطننا بين طياته. بالتأكيد هذا لاينطبق على الكل فهناك من هو متزوج من كردية والعكس أيضا ً، لكنه في نفس الوقت التمييز شيء شائع في العراق. وفي أحيان كثيرة يتباها به الفرد بلا خجل.

في السياسة كان النظام السابق يحتكر السلطة في عشائر محددة ومناطق محددة أيضا ً. وكانت النظرة إلى أهل الجنوب نظرة دونية لأنهم كما يُقال (شروكية). وكلمة شروكية تُطلق أيضا ً على أهالي تكريت وسامراء من قبل أهالي الموصل في الشمال من تلك المناطق. وفي نهاياته أختصرها النظام السابق في عشيرة واحدة ومنطقة واحدة، وأصبح العراق كله في نظره شروكية. أما الآن فتُختصر المناصب السيادية على أبناء الفرات الأوسط من شيعة العراق. فأنظر للوزارات ورئاسات الأحزاب والبرلمان ورئاسة الوزراء وهكذا دواليك. فلازال يُنظر إلى أبناء الجنوب العراق وبعض مناطق بغداد نظرة دونية. بل يصل الأمر إلى تقسيم الحوزات. فهناك الحوزة الناطقة كما يسمونها التي تمثل غالبية أهالي الجنوب وترتبط بالطبقة الفقيرة العاملة، وهناك الحوزة الصامتة كما يسمونها وهي ترتبط بالكثير من البرجوازيين والتجار والطبقة الغنية الأسترقراطية. وكان هذا واضحا ً في المواقف المعلنة وغير المعلنة من قبل النخب العراقية وفي جميع المستويات وذلك في المعارك التي دارت في النجف بين القوات الأمريكية و جيش المهدي.

لقد مر العراق في الكثير من المشاكل التي رسخت هذا التمييز من الماضي حتى الوقت الحاضر وساهمت الحكومات المتعاقبة في ترسيخ وزيادة هذا التمييز، كما فعل النظام السابق في تمييز الضباط وإعطائهم أمتازات جعلت منهم أغنياء، وكما قام بتدمير الطبقة الوسطى من نسيج المجتمع العراقي أيضا ً من خلال أهمال الكفائات وتحويل العراق إلى طبقة أغنياء وفقراء. أما الحكومات الحالية بعد السقوط التي تميز بين شيعي وسني في توزيع الوضائف وتقسيم المناصب السياسية. وأصبح هناك عراقيوا الخارج والداخل، والمهجرين والحواسم الذين يسكنون العشوائيات. وزاد هذا التمييز لترتكز الثروة في أيادي ثلة قليلة من السراق جاعلة منهم أغنياء يجولون في سياراتهم الفارهة شوارع بغداد ويصطافون في الدول الغربية وغيرها، تاركين المواطن العراقي يرزح تحت خط الفقر وتعم بين صفوفهم الجهل والأمية. فإذا سرق تكالبوا عليه وقدموه للمحاكمة بتهمة سرقة أموال الشعب. وهم يلبسون الأربطة ويحملون الشهادات ويسرقون بشكل قانوني كرواتب ضخمة أو بشكل غير قانوني من خلال صفقات مشبوهة.

أذن، مشكلة العراق ليست سياسية فحسب، بل هي ثقافية راسخة في جذورنا وسلوكنا وأخلاقياتنا. وهذا يتطلب مجهود وعمل ثقافي يتحمل عبئه المثقفون والعلماء العراقيون وليس السياسيون فحسب. بل يتحمله بشكل كبير رجال الدين الذين يخطبون ولهم سطوة هذه الأيام. فلابد من مشروع جاد يقوده مثقفون عراقييون يدعو للمساوات بين أفراد الشعب العراقي على أساس العرق والجنس والمنطقة. لابد للمثقفين العراقيين من وقفة واضحة وتنسيق مشترك من خلال الجامعات مراكز البحوث ووسائل الأعلام وباقي الطرق كالكتابة والفن وباقي صنوف الثقافة لصياغة ثقافة جديدة يعيش فيها الضعيف بلا تمييز. فالكثير من المشاكل التي نعيشها الآن يرجع أصلها للتميز والنظرة الدونية لللآخر. يقول القرآن الكريم (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوب وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير).

imad_rasan@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
Goverment of Iraq
Rizgar -

The outcome of Iraqi Arab prejudice ,the state of Iraq deliberately made Kurdistan economically and socially non-progressive in order to keep the Kurdish nation in limbo, in constant need and depression..Then Anfal Kurds and Arabisation Do I need to say? Iraqi Arab Suni state once agine deliberately send Shias to Kurdistan, unfortunately Kurdistan is a big cemetery for Shias, (rid of unwanted Shia and rid of Kurds at the same time)..it was obvious Iraqi states procedures

البعث ثم البعث
اسو الكردي -

اعتقد ان حزب البعث كان وراء تدمير البنية الاثنية العراقية , ادعوا العروبة ولكن كانوا اشدو ضررا للعروبة , كانوا مايزالو ينادون بتذويب كل ما هو غير عربي في بودقة القومية العربية ولكن اين المصير لقد خربوا العراق وبنوا حواجز عميقة بين مكوناتها واليوم نقطف ثمارها باستمرار الدمار.

الحل
وحيد -

الحل هو التحديث وخلق الدولة العصرية التى كان العراق الملكي يسعى لها ولكن الشيوعيون وحلفاؤهم العنصريون الكرد عملوا المستحيل لاسقاط العراق الملكي الذي لو استمر لاصبح العراق الان دولة مثل اسبانبا .التخلف ليس من سمات العهد الملكي فقد اثبتت الايام ان الكرد بتعصبهم القومي والشيوعيون بانغلاقهم الايديولوجى هم الاكثر تخلفا .

no to al maleky
gabaar -

من وراء هذه التفجيرات ؟؟؟يمكن سؤالنا هذا يستغرب منه بعض الأخوه المتداخلين..لكن سؤالنا فيه قصد أي يعيدنا هذا السؤال الى سنين قبل الأحتلال الغاشم على عراقنا أي بمعنى من كان وراء التفجيرات بالسيارات المفخخه في بغداد وبعض المحافظات لوجدنا أن نفس الأيادي والتوجه هم وراء هذه النفجيرات الداميه التي تحصل الآن يوميا ويذهب ضحيتها العشرات بل المئات من الأبرياء هذا يعطينا مؤشرا أن أغلب هذه التفجيرات ورائها الفرس وعملائهم الخائبين..ربما يسأل سائل ويقول لماذانبعد الكيان الصهيوني أو تنظيم القاعده أو غيرهم من هذه التفجيرات جوابنا هو فليتذكر الأخوه وخاصة من سكنة بغداد عندما تحصل بعض التفجيرات في بغداد وعلى سبيل المثال تفجير سياره مفخخه بالقرب منه راح ضحيتها بعض الأشخاص بين قتيل وجريح والأنفجار الدموي الذي حصل في مدخل وزارة التخطيط وغيرها من التفجيرات الداميه والتي كان فيها المتهم الرئيسي هو حزب الدعوه العميل وأسيادهم الفرس لأن البعض ممن ألقي القبض عليهم في حينها أعترفوا بأن حزب الدعوه العميل وراء هذه التفجيرات وبدعم إيراني..لكن سنسمع تصريحات وأصوات بعض الأقزام ...سيعلن أن وراء تلك التفجيرات هم البعثيين والتكفيريين والتي أصبحت نغمه مشخوطه ومثار للسخريه وسنرى بعدها تسجل ضد مجهول وكأن شيءلم يحصل لأن دم الأبرياء أصبح رخيصا لهذه الدرجه ولايلفت أحدهم لتلك العوائل المنكوبه والتي فقدت فلذات كبدها لكن هذه الحكومه الديمقراطيه جدا تلفت لأهم من ذلك حسب وجهة نظرهم إلا وهي موضوع العراك السياسي ومن الذي سيستحوذ على كرسي الرئاسه هذا هو المهم وليذهب الشعب العراقي الى الجحيم

من وراء التفجيرات ؟
مراقب سياسى عراقي -

السؤال المصيرى هو من هو فعلا وراء التفجيرات التى تحصل باستمرار واكثرها في بغداد ؟هل هي فعلا مسؤؤلية جهة معيتة ام مسؤؤلية عدة جهات ؟ هل ان دول الاقليم لها دخل في الموضوع.؟ وهل صحيح ان جهات خارجية هي وراء تصعيد التوتر بين المكونات العراقية ؟وهل صحيح ان ما تذيعه الحكومة عن مسؤؤلية القاعدة صحيحا ؟هناك البعض ممن يتهم اطراف العملية السياسية وحتى الولايات المتحدة او اسرائيل بذلك ؟هذه اسئلة كثيرة وكل الاحتمالات قائمة ولكن في ظل هذه الاحتمالات لابد ان يكون هناك جهة رئيسية مخططة ومنفذة وربما بدعم اقليمي او دولي .ان الجهة الرئيسية التى تقف وراء التفجيرات هي حزب البعث السابق وذلك لدقة تخطيطها وتنضيمها بحكم معرفتها بامور البلد وظروفه حيث انها حكمت البلد لاكثر من ثلاثين سنه ان الغرض من هذه التفجيرات هو ايقاف العجلة السياسية وايقاف اي تقدم لحل المشكلات الداخلية وذلك باشغال البلد بالملف الامنى. لقد سقط صدام في عام 2003 ولكن اجهزته الحزبية والمخابراتية كالحرس الجمهوري واجهزة المخابرات وفدائيي صدام لم تسقط ابدا بل على العكس اعادت تنظيم صفوفها واستفادت من الخلل الكبير الذي تعاني منه اجهزة الدولة الامنية وتضارب الرؤي السياسية لدى الاطراف العراقيةالاخرى. ان الحكومة بسبب ضعفها وعدم معرفتها اين هم عناصر هذه الاجهزة الصدامية الان وعدم قدرتها على التغلغل داخل هذه الاجهزة البعثية واعتقادها بانه لو اعلنت كل مرة ان حزب البعث الذي اصبح يتبناه اكثر السنة في العراق فان ذلك قد يودي الى حرب اهلية من جديد .كل هذه العوامل تساعد البعث على استمراره في التفجيرات .ان نشاط حزب البعث من خلال الانقسامات الطائفية والسياسية هذه الانقسامات اوجدت له فرصة لم يكن يحلم بها ولكنه نسى نفسه وهو الذي يدعى بانه حزب علماني انه وقع بمستنقع الطائفية وما تحالفه مع القاعدة التى اتخذمنها ستارا لعملياته الا دليلا على ذلك .ان حزب البعث يخطئ اذا اعتقد انه سيعيد عجلة التاريخ الى الوراء فالتوزانات الداخلية والتوازنات الاقليمية قد تغيرت لغير صالحه .واذا ما استمر حزب البعث بتفجيراته فسيجد العراقيون الان لامناص من التقسيم حفاظا على ارواحهم .وهذا هو الحاصل فعلا فبالرغم من قيام حزب البعث بتفجيرات في بعثض مناطق الجنوب الا انه يجد صعوبة كبرى في تحقيق المزيد منهافي مناطق جنوب العراق لعدم وجود بيئة مساعدة له . لذلك فانه

سياسة البعث
ازاد -

الأكراد كان لهم حصة الأسد في زمن حزب البعث من التميز العنصري في العراق ضدهم ...حينما كنت طالباً في احدى مدارس العراق لم يمر يوم بدون ان اسمع فيها نكتة على الأكراد سوى كان من صديق او من شخص لم اعرفةاو اشاهدة من قبل...حتى وصل الأمر بي عند عودتي في احد الأيام الى البيت قلت لوالدي لماذا زملآئي العرب في المدرسة يقولون النكات بحقنا نحنو الكورد !الوالد نظر لي وقال لي ولدي دعهم يقولون ما يشائون اهتم انت بدراستك وانا اشاهدالحسرة والألم في عينية ففهمت ماذا كان وراء تلك ألألم انها الخوف من الحزب البعث العربي الحاكم هذا الحزب الذي كان وراء هذة السياسة سياسة العرب اذكى من الكرد وهذة النكات كانت تكتب ونصاغ بطرق منظمة ومرتبة وكانت تخرج علينا في ظروف سياسية كانت علآقة الحكومة غير جيدة مع مناطق كوردستان انها سياسة البعث العربي ثم العربي ثم العربي.;

مع التحية
عراقية -

العراق يعيش وللاسف حال من الانحطاط الثقافي على جميع اصعدة الحياة وميادينها. سواء كان ذلك بسبب ما يدعى بالسلطة الدينية لاحكام واعراف لا تمس الدين الاسلامي لا من قريب ولا من بعيدا وبسبب ثقافة بالية تحمل في طياتها ملامح للبدوية بالوان شتى.مقال جميل... بالتوفيق مع التحية.