تحت قبة البرلمان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ما أروع ان تلقي بيّ الدهشة على أبواب العراق ثم تأخذني الى القلب منه، فأنسى إنني قد فارقته دهراً. والفضل في ذلك يعود الى الدكتور إبراهيم الجعفري، عضو البرلمان ورئيس الوزراء الأسبق، لما تضمنته كلمته من تجلّيات فاقت مساحات الحلم بأن المستقبل الزاهر حليف قريب للعراق، كلمته في حضرة الدكتور عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، أثناء زيارته لمجلس النواب العراقي، يوم التاسع من كانون الثاني- يناير، عبرت ودياناً سحيقة واجتازت أخاديداً عميقة، خلفها زلزال السقوط لمملكة الخوف، وعواصف الإرهاب العاتية، وكذا إمارات وزعامات تسيدت وعربدت، وما زالت.
جميل ان يجنح بنا الخيال صوب ماض نظنه مجيدا فقط، ولنقرأ ترحيب الجعفري بصديقه موسى، وننظر في مصاديقه الواقعية: " انت اليوم تجلس تحت قبتين، قبة البرلمان، وقبة العالم، الذي قال عنه سرجون الأكدي ( حكم العراق من 2334 الى 2279 ق.م ) إن من يحكم قبة العالم- ويقصد بغداد- يتحكم برياحها الأربعة..." ويزيد منبهاً ضيفه : " انت تسللت اليوم الى قمة الحضارة.."
لاأشك بأن أمين الجامعة قد دهش مثلي وود أن يتأكد من وجهة الرياح، وهو القادم في سياق مهمة عصيبة لضبط إيقاع هبوبها، وربما حمل معه أشرعة لسفن العراق العتيقة. إن ما لم يلحظه النائب المتفائل إن رياح العالم كلها تهب علينا وتعبث برمالنا وتجعل خضرة أشجارنا بلون التراب، دول كثيرة أصبح لها كلمة الفصل في تسيير أحوالنا. فأين نحن من جبروت سرجون الأول؟ ثم ما لنا والتفاخر بالأباطرة والغزاة الذين شادوا ممالكهم بقهر الشعوب، أيريد الدكتور الجعفري تذكير العرب والعالم بحروب صدام كي تتأكد الحاجة الى استمرار محاصرة العراق؟ لعله لا يقصد ذلك.
ولنحاول التطلع الى قمة الحضارة التي "تسلل" اليها الامين العام" ؟ أهي قبة البرلمان ؟ وأي حضارة هذه التي تقتصر أمجادها على تحويل الديمقراطية - التي أرساها بناة حقيقيون لبلدانهم عبر العالم- الى حالة توافقية مشحونة بالمساومات على المصالح بين أحزاب مستحدثة تفتقر الى قانون للأحزاب وأرضية شعبية واعية"، وأي حضارة تقصي النساء من مواقع القرار وتبخل عليهن حتى بوزارة واحدة ذات شأن، وبعد كيف يقال للضيف بأنك تسللت الى بلادنا؟
ليس مدعاة للنقد أن يستلهم السياسي تاريخ بلاده، ولكن عليه أن يدرك طول الإنقطاع عما هو ايجابي من ذلك التاريخ، وهذا ما لم يلحظه الجعفري حين أكّد لموسى : ".. ما تجده هنا في هذه القاعة، هو صدى لصوت حمورابي قبل ثلاثة آلاف عام، منذ ذلك الحين، تحدث بحقوق الإنسان وحقوق المرأة.." . وزاد على ذلك بنبرة تفاخر عجيبة: " .. أي لائحة في العالم تمتلك هذا العمق التاريخي وتتحدث بهذه القوة أكثر من العراق، وهو مهد حضارة ومهد القانون، أول قانون جزائي هنا في العراق في العام 1992 ق.م " .
كل هذه البلاغة لاتعني الشارع العراقي في شيئ، ولا صدى مسموع غير أصوات السياسيين ووعودهم غير القابلة للتحقيق، وما ينعمون به من ترف أسطوري، مقارنة بتردي مستوى المعيشة والخدمات في جميع المجالات، للمواطنين. أما القانون فهو الضحية الأبرز منذ أن سادت شريعة مجلس قيادة الثورة في زمن النظام السابق، ومع بدء عهد الفوضى عقب الغزو الأميركي، وتحول القانون الى مجموعة إرادات حزبية، علما بأن أفضل القوانين التي تحقق العدالة، تعجز الحكومة عن تطبيقها، لأسباب مختلفة، بعضها من صميم إرادتها، ومما يؤلم حقا إن بعض القرارات الجائرة التي أصدرها صدام، مازالت سارية، فأين صدى القانون، واستثني هنا حملة الثمانينات التي شنتها حكومة رئيس الوزراء الدكتور نوري المالكي، لتحرير محافظة البصرة من حكم الميليشيات، ومعروف كيف حوربت تلك الحكومة من قبل أخصامها السياسيين، وأحسب إن النائب الجعفري كان أحدهم، وفي فترة رئاسته للوزارة، تم تجميد مذكرات لإلقاء القبض على بعض المجرمين.
أتساءل هل هي السلطة التي تحجب المشهد الواضح لبؤس الشعب العراقي وتخلفه؟ أم الغياب عن ممارسة مهامها الفعلية والإنشغال بالتنظير لآفاق مستقبل مجهول؟ ألم يكن من الأفضل والأكثر واقعية أن يناشد النائب ضيفه العربي، مساعدة العراق في استعادة نهضته التي انطلقت منذ الخمسينات، يوم سميت أول وزيرة في العالم العربي، ودخلت النساء بقوة معترك الحياة، ويوم عرف العراقيون لأول مرة حكومة غير طائفية، وفي أوائل السبعينات حين بدا كما لو إن البلاد تجاوزت محنة الانقلاب على عهد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، لتدشن الحكومة مرحلة جديدة، بقيام الجبهة الوطنية، وحل مشكلة أبنائها الاكراد باتفاق آذار العام 1970 للحكم الذاتي، وكذلك حملة التشغيل الواسعة، وجهود محو الأمية وبالطبع كل ذلك كان بمعزل عن صدام حسين لأنه لم يكن بعد قد تولى السلطة الفعلية.
وإذا انتقلنا الى فقرة أخرى من حديث الدكتور الجعفري فسنصاب بالصدمة وليس العجب فحسب، فقد ذكّر الأمين العام بزيارته له في العام 2003 وتأكيده " بضرس قاطع " على إن العراق " لن يبق احتلالاً وإن الذي أسقط صدام هو الشعب العراقي ".
وأضاف: ".. ولو لم يكن الشعب العراقي قد رفض النظام المقبور، لم تستطع كل جيوش الدنيا أن تسقط رأس أي نظام.."
أفهذا حقا ما حصل، ولو كان قال على منطق بعض المعممين المرائين " إن الله هو الذي أسقط صدام، لكان أقرب الى القبول باعتبار تجلّيات المشيئة الإلهية وإمهال الظالمين كي يزيد عقابهم. وعلى فرض الإتفاق معه، ليقل لنا كيف تم ذلك وماهي ادلته، ولماذا أخفقت انتفاضة العام 1991، التي شملت معظم مناطق البلاد، وليقل لنا وهو الرجل المؤمن، كيف استطاع جيش عمر بن سعد محاصرة الإمام الحسين الذي قدم الى الكوفة مستجيباً لنداءات
شعبها. وتجارب الشعوب أكثر من أن تحصى لأنظمة اسقطتها الجيوش، على الرغم من رصيدها الشعبي، ومازال قادة وطنيون من أمثال الليندي وقاسم وجيفارا، وغيرهم، في ذاكرتنا.
لا شك إننا كعراقيات وعراقيين، تمنينا لو إن السلاح العراقي والإرادة الوطنية هي التي أسقطت صدام وخلّصت العالم من شروره، ولكن ذلك لم يحصل لاستحالته، فتم على أيدي القوات الأميركية، والحرب واقعة كبرى، خلفت مئات الألوف من الضحايا، وبفضلها ارتقى أناس الى مواقع لم يحلموا بها، ليس من المعقول إن الدكتور الجعفري لم يسجلها في يومياته، لأننا مازلنا ندفع أثمانها الباهضة.
مشكلة معظم السياسيين في العراق، إنهم يفتقرون الى فضيلة التواضع، فحتى نكون مقبلين فعلا على بناء الدولة العراقية القوية، من أجل خدمة المواطنين ودفع الأخطار عنهم، ينبغي من حكومتنا أن تعمل جادة لضبط حركة الرياح الداخلية، أقول ذلك وأنا استشعر الخوف من خلال متابعتي للمشهد السياسي، بعد عودة مقتدى الصدر من إيران والإستقبال الحاشد الذي لقيه في النجف، فأطراف الصراع في العام 2008 ، تلتقي وجها لوجه، هذا على الرغم من اللهجة الجديدة الذي اعتمدها زعيم جيش المهدي، في الحديث عن إصلاح الحكمومة إذا ما تقاعست عن خدمة الشعب، فقد سمعنا منه مصطلح المقاومة الثقافية، ورفض المحتل في القلب، على أنه مقاومة.
وواضح إن الصدر يعود بهيئة المنتصرين، فأي رياح توشك أن تهب على العراق، وهل ترى سكنت الأحقاد صوب المالكي، أم إنها تنتظر فرصة لتتفجر حمما؟
ألكل يصلي بطريقته من أجل أن تنزاح ظنون الخوف، لكني مع هذه الصلوات أرى إن حسن الظن بالمقبل من الأحداث، لا ينفصل عن احتمال وجود أتفاق اميركي- عربي، من جهة، يحقق مصالح اقتصادية كبيرة للدول العربية، وتسوية إيرانية- اميركية، من جهة أخرى، تتضمن تنازلات أميركية لإيران، واعترافاً بنفوذها في العراق، وإن زيارة الأمين العام تأتي بالتزامن مع هذا السياق، وإلا فما كان للحكومات العربية أن توافق على عقد قمتها في بغداد التي تسكن على بركان، يبدو خامداً.
لقد كانت كلمة الدكتور عمرو موسى، على عكس مضيفه الجعفري، واقعية وتتضمن ما هو مطلوب منه، وهكذا جاء تركيزه على دور الجامعة العربية في تعزيز الأمن في العراق، عن طريق المصالحة الوطنية، أي بالمعنى الملموس، عدم دعم من يحمل مخططات لتدمير العراق. كذلك فقد عبّر عن احترامه لتنوع مكونات المجتمع العراقي، وحث على ضرورة تكاملها وانطلاقها سويةً، وهو وإن لم يذكر التعدد القومي، فقد ركز على أهمية تعايش "ألعناصر السياسية والدينية ". كما أكد على تفهم الجامعة العربية لظروف العراق، واستعدادها للمشاركة في إنهاضه .
ويبقى الخطاب العربي الجميل، رهين التطبيق المخلص والصحيح، بعيدا عن تركة الإهمال والتجاهل الرسمي، والإستعداء بالنسبة للمجموعات المسلحة من العرب، ممن توافدوا الى العراق، واحتموا، وما زالوا، بمسميات مثل المجاهدين أوالمقاومين، والذين اثخنوا العراق بالجراح.
التعليقات
الهذيان الممل
عراقي -ان .... الجعفري مشهور بهذيانه الممل فليس هنالك من جديد لتحسين صورته
الهذيان الممل
عراقي -ان .... الجعفري مشهور بهذيانه الممل فليس هنالك من جديد لتحسين صورته
قصر نظر
ziad -هذه ازمة العرب الابدية اجترار نفس الخطاب واتباع نفس الاساليب والعجز عن تثوير الفكر ونقد الذات وتجديد المفاهيم والتحدث واطلاق الحريات الدينية والمدنية والفكرية والمعرفية والسبب محدودية من يصلوا الى السلطة وجهالة الشعوب
قصر نظر
ziad -هذه ازمة العرب الابدية اجترار نفس الخطاب واتباع نفس الاساليب والعجز عن تثوير الفكر ونقد الذات وتجديد المفاهيم والتحدث واطلاق الحريات الدينية والمدنية والفكرية والمعرفية والسبب محدودية من يصلوا الى السلطة وجهالة الشعوب
نرجوا التدبر !
رزاق الكيتب -لماذا يغرنا الكلام والمصطلحات الرنانة!!؟؟؟ نحن كشعب عراقي نرغب ونطمح بأن يكون المسؤول عن الشعب يعمل الكثير ويتكلم قليل !واعتقد رسالتي قد وصلت للجميع , ـقول لابد من التدبر قبل المدح ل س أو ع ! حيث لو ذهبت الى بلدنا العراق تتندمين على ما أشدت اليه,وهنا لا أقصد الشخص إطلاقاً,بل تصريحاته وشعاراته الفضفاضة. لازال هناك ألاف الفقراء والمتعففين لا يمتلكون لقمة عيش !والساسيون أصبحوا تجار اليوم والغد !من يريد لبلده الخير عليه أن ينتقد ماوصلنا اليه من دمار بضل المسؤولين والمتنفذين في السلطة,المحسوبية هي من أدت الى ما نحن فيه !.
نرجوا التدبر !
رزاق الكيتب -لماذا يغرنا الكلام والمصطلحات الرنانة!!؟؟؟ نحن كشعب عراقي نرغب ونطمح بأن يكون المسؤول عن الشعب يعمل الكثير ويتكلم قليل !واعتقد رسالتي قد وصلت للجميع , ـقول لابد من التدبر قبل المدح ل س أو ع ! حيث لو ذهبت الى بلدنا العراق تتندمين على ما أشدت اليه,وهنا لا أقصد الشخص إطلاقاً,بل تصريحاته وشعاراته الفضفاضة. لازال هناك ألاف الفقراء والمتعففين لا يمتلكون لقمة عيش !والساسيون أصبحوا تجار اليوم والغد !من يريد لبلده الخير عليه أن ينتقد ماوصلنا اليه من دمار بضل المسؤولين والمتنفذين في السلطة,المحسوبية هي من أدت الى ما نحن فيه !.
عجيب غريب
د.حسين جميل -ما الذى قدمه الجعفرى وغيره للعراق غير سرقة البلاد والعباد والقتل والتهجير والطائفية عجيب هذا الموضوع تجميل للسياسيين بلا موضوعية
عجيب غريب
د.حسين جميل -ما الذى قدمه الجعفرى وغيره للعراق غير سرقة البلاد والعباد والقتل والتهجير والطائفية عجيب هذا الموضوع تجميل للسياسيين بلا موضوعية
لماذا لا نقرأ جيداً
سلام أحمد -لماذالا نقرأ جيدا سلام أحمد الى الدكتور حسين جميل اين تجميل صورة السياسيين في مقال الكاتبة، بل على العكس هي تنتقد ماقاله ذلك السيايي وتقول انه وغيره من اغلب سياسيي العراق يفتقرون الى فضيلة التواضع، وهي تفند كلامه عن الحضارة وتتساءل اين هي تلك الحضارة في عراق اليوم، ثم إن طابع المقال العام هو السخرية وليس المدح، ولكن يبدو ان قراءنا لا يفهمون من النقدالا لغة التجريح المباشرةوالشتائم. رجاءً اقرأوا حتى النهاية ولا تكتفوا ببداية الكلام
لماذا لا نقرأ جيداً
سلام أحمد -لماذالا نقرأ جيدا سلام أحمد الى الدكتور حسين جميل اين تجميل صورة السياسيين في مقال الكاتبة، بل على العكس هي تنتقد ماقاله ذلك السيايي وتقول انه وغيره من اغلب سياسيي العراق يفتقرون الى فضيلة التواضع، وهي تفند كلامه عن الحضارة وتتساءل اين هي تلك الحضارة في عراق اليوم، ثم إن طابع المقال العام هو السخرية وليس المدح، ولكن يبدو ان قراءنا لا يفهمون من النقدالا لغة التجريح المباشرةوالشتائم. رجاءً اقرأوا حتى النهاية ولا تكتفوا ببداية الكلام
Al Jafery
Salem -Very nice article from very well educated lady and well written indeed and i guess she inherit it from her father.Good for her.I do enjoy listening to Al Jafery when i only drink beer because i have no clue what the hell this guy is saying at all.So it goes well with my drinking.He start about something and after a few minutes he takes you to the moon and back.Its funny that wayOf course Paul Bremner said Al Jafery he is the only man which he dos not understand. Now we know why.But good for him and all Ali baba guys. From welfare to make Millions its not a bad deal from a leader of Islamic party
Al Jafery
Salem -Very nice article from very well educated lady and well written indeed and i guess she inherit it from her father.Good for her.I do enjoy listening to Al Jafery when i only drink beer because i have no clue what the hell this guy is saying at all.So it goes well with my drinking.He start about something and after a few minutes he takes you to the moon and back.Its funny that wayOf course Paul Bremner said Al Jafery he is the only man which he dos not understand. Now we know why.But good for him and all Ali baba guys. From welfare to make Millions its not a bad deal from a leader of Islamic party
well said
Rizgar -Iraq is in need of such brave writers, Iraq dosent need , Al-Jaafari who is known for being soft-spoken and using flowery language laced with phrases from classical Arabic writers ,..sure he has right to his hobby but not on expenses of others
well said
Rizgar -Iraq is in need of such brave writers, Iraq dosent need , Al-Jaafari who is known for being soft-spoken and using flowery language laced with phrases from classical Arabic writers ,..sure he has right to his hobby but not on expenses of others