يوم هروب الرئيس.. تونس السؤال المفتوح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد !
وخلف كلّ ثائر يموت : أحزان بلا جدوى ..
و دمعة سدى ! (كلمات سبارتكوس الأخيرة ـ أمل دنقل)
شتاء يصفع وجوهنا بحرارة أحداثه التي تبدو بلا نهاية، تقسيم سوداني، وانقسام لبناني، وطائفية مصرية، ودماء تونسية، حالة من الهرج تفوح منها رائحة الدماء، سماوات مفتوحة على مصراعيها تستقبل لعنات الشعوب على حكامها، ودعوات الحكام أن يصلوا سالمين إلى أرض بعيدة عن الأرض الخراب، أو التي جعلوها خراب، فتستجيب السماء لكلاهما لتصبح الصورة أكثر سريالية.
هل كان الرئيس التونسي يخطط لهروبه لحظة خروجه على الناس في خطابه التاريخي مانحاً الحرية مقابل الدماء؟!!، فمن المستحيل أن يصرح رئيس عاقل في منطقتنا العربية بكل هذا الكم من الأحلام، ثم يتحمل أن يراها تتحقق، فهذا فوق طاقة البشر ممن حباهم الله برئاسة أبدية، فكان عليه الرحيل، ليترك الأرض مزينة بأشلاء المنتحرين والقتلى، ولا يدفع فاتورة الحساب، وعلى الشعب أن يدفع الثمن وحيداً، كما اعتاد ذلك لسنوات، فالأحلام والحكام صنفان لا يجتمعان في واقعنا العربي، وعلى أحدهما أن يترك مكانه للأخر، فهل حلت الأحلام محل الرئيس الهارب؟.
ذلك الرجل البسيط الذي أشعل النار في جسده اليائس بعد البطش الأمني في بداية الملحمة التونسية التي استمرت لما يقرب الأربعة أسابيع، أكان يدرك أن نيرانه سوف تلهب عرش السلطان الذي سيرحل بشكل نهائي عن عالمنا الذي لم يجد سوى الانتحار سبيلاً، لعالم أخر أكثر رحابه، ليتمتع بكل مقتنياته التي جمعها بدقة خلال فترة سطوته، ويستعيد ذكريات الدم والموت فقط في كوابيس قد تأتيه إذا أثقل في العشاء، ليصحو مجدداً متنعماً بأمجاد حكمه.
المصيبة الحقة أن تنتشر العدوى لنصحو من نومنا ذات صباح، فنجدهم جميعاً قد رحلوا، يجلسون هناك في أعالي الجبال كآلهة اعتزلت العمل اليومي، وعلى وجوههم ابتسامة صفراء تحمل كل معاني التحدي لنا، والثقة التامة أننا لن نتمكن من إدارة العالم من دونهم، ليس لأنهم آلهة بالفعل، بل لسبب أعمق من ذلك، أنهم عودونا ألا نصبح كذلك، فطوال سنوات فقدنا فيها الإحساس بالوجود والمعنى، وبضرورة التغيير، دربونا جيداً أن نعوي ولا ننهش، وأن عصا الأمن فوق ميزان العدل.فتكون النتيجة أننا حين نتوقف لنفكر تعم الفوضى وتنهار الفواصل بين الإصلاح والهدم، ويصبح من الضروري أن نلطخ صفحات حياتنا بالدماء، لننهار نحن، ويهربون هم دون أن يجيب أحدهم عن سؤال محير، ماذا كانت الجدوى إذن من كل سنوات العذاب الماضية!، ما دمتم ستقررون الرحيل ونحن في قمة الفوضى والانهيار.
ما مصير شعب تونس الأن بعد كل هذا الهرج السياسي، هل سينجب قيصراً جديداً؟!، يجلس على عرش محترق وقلوب دامية، وللأسف ما أكثر القياصرة، فهناك التيار الشيوعي الذي ظل صامتاً لسنوات تحت ظل الحكم السابق، هل سيقرر الأن أن ينهض ليمتطي جواد السلطة أو يمجد ثورة الجياع كما قرر الإعلام تسميتها، أم في ظل حالة الأسلمة سيظهر التيار الديني ليمنح البركة للآلاف، ويصف الضحايا بالشهداء، ليدخلهم جنة الخلد ولكن بشرط قبوله كسلطان جديد.هل سيظل الجيش على صمته، أم سيتدخل ليحسم الصراع.تونس الأن تنفتح على الكثير من الأسئلة من الممكن أن تتسبب محاولة الإجابة عليها في مأساة جديدة، قد لا نجيد التعبير عنها.
بل ما مصير المنطقة بأكملها، هل ستنتهي الجزائر نفس النهاية الفوضوية، فالمقدمات متشابهة ؟، هل احتجاجات الأردن ستطيح ببقية الهيبة السياسية لمفهوم الحكام في منطقتنا العربية؟!، هل ستظل لبنان ألعوبة في يد الانقسام بين إيران وحزب الله من جانب والحكومة المنهارة والأمريكان من أخر؟.والأهم هل نحن شعوب تستطيع أن تحكم عالمها وتحاكم حياتها، أم ستصل بنا الأمور إلى فوضى عارمة يعبقها انهيار مفزع؟!، صحيح أن التغير لابد وأن يشتمل داخله على فوضى تُحمل بأسماء عديدة من الثورة أو الغضب الشعبي أو غيره، وقد تفضي إلى خلق عالم جديد، ولكن مع شعوب ظلت مكبوتة لسنوات في انتظار لحظة الغضب، قد يكون أي بديل مرضي، حتى وإن كان أسوأ من السابق، المهم أن تتخلص من الصور والتماثيل والرموز التي كانت تمنع عنها نور الشمس، ثم يحدث بعدها ما يحدث.
فنحن للأسف نحتاج مائة عام من الغضب والثورة والدم وحتى الفوضى لنفرغ مخزوننا من الألم على الطرقات، نحتاج أن نُخرج حكامنا من قبورهم وبيوتهم لنحاسبهم على أيامنا التي حولونا فيها إلى حطب أسفل مدفئة عروشهم، حساب قد يستغرق خمسين ألف سنة مما تعدون.حتى نتمكن أن نتمالك أنفسنا ونعيد صياغة العالم من حولنا، والأهم أن نحاسب أنفسنا كشعوب استقرت على الظلم والتبعية والطائفية والانقسام، حتى لا تتكرر المأساة وننجب قيصراً جديداً، ونتباكى من جديد على الأرض الخراب.
أحمد لاشين أكاديمي مصري
ahmedlashin@hotmail.co.uk
التعليقات
الديكتاتور
الباب -للاسف فانه لا يوجد طريقة لازاحة الديكتاتور الذي جعل نفسه امبراطورا يحكم ظلما مدى الحياة في نظام جمهوري الا بالثورة
مبروك
سرور -مبروك للشعب التونسي خلاصة من الحكم الدكتاتوري ويجب القبض على الرئيس التونسي الهارب ومحاكمته على كل جرائمه بحق الشعب التونسي مثلما تم محاكمه المجرم صدام ؟
سوف نبقى
الغامض الحزين -سوف يبقى سقف احلامنا فقط ضمن نطاق غطائنا ...وسوف تمضي ايامنا حبيسة قبضة حكامنا...شكرا اخي تعليقك عميق ووصفك دقيق ..والسوال هو كيف السبيل الى الطريق لن يشفع لنا محاسبتهم فقد قتلو الوقت والانسان فينا لقد جعلونا لا نقف في اخر الطابور بين الامم بل وضعونا وطوو صفحاتنا في القبور شكرا
سفك دماء التونسيين .
جمو روباري . -محمد بن كيلاني قائد الطائرة أكد أن قراره كان نابعاً من موقف شخصي رفضت أن أقلع بطائرة تحمل من ;سفك دماء; التونسيين . في حديث ، قال التونسي محمد بن كيلاني، قائد الطائرة الذي رفض الإقلاع بطائرة تونسية، بعدما علم أن خمسة أو ستة من أقارب الرئيس زين العابدين بن علي، كانوا سيستقلونها للفرار خارج البلاد .
كفاية
حسام جبار -عقبال صاحبكم الملتصق بكرسي الرئاسة منذ ثلاثين عاما !!
مصر العظيمة
محمد -رجاء رجاء ، أحد يتطوع ويكتب لي هل هذه مقال شخص أكاديمي أم رجل في مقهى؟؟؟؟؟لماذ لا نقرأ شيئا عن مصر ، اليس من يحكمها ...؟؟؟؟؟؟؟؟
نهايه كل جبار
اويس -الم تكن لنا عبره ياولى الالباب من قوم فرعون الى يومنا هذا فلتفيقوا ياحكام فان حكمتم بماانزل الله وسنته لو وجدتم الشعب طائعين لكم ولكن هيهات فهذه سنه كل طاغيه فى العالم
تحيا تونس
مندر -مبروك للشعب التونسي حتي ولوكان تمن هده الحريه دماء زكيه وخرب بيوت ترفع لكم القبعات لهده الشجاعه المنقطعه النظير
تحيا تونس
مندر -مبروك للشعب التونسي حتي ولوكان تمن هده الحريه دماء زكيه وخرب بيوت ترفع لكم القبعات لهده الشجاعه المنقطعه النظير
عدالة وانصاف
عادل -يا محمد عيب عليك تقارن بيننا في مصر وبين تونس، مصر هي افضل نموذج في الديمقراطية والرئيس عندنا يتغير كل 9 اشهر
عدالة وانصاف
عادل -يا محمد عيب عليك تقارن بيننا في مصر وبين تونس، مصر هي افضل نموذج في الديمقراطية والرئيس عندنا يتغير كل 9 اشهر
صحوة الشعوب
فلسطين -ابارك للشعب التونيسى على الحرية التى نالها ونترحم على الشهداء باذن الله واْتمنا من الشعوب ان تصحوه من الطغاة التى تسيطر عليهم وان يهبوا للدفاع عن فلسطين والمسجد الاقصى
صحوة الشعوب
فلسطين -ابارك للشعب التونيسى على الحرية التى نالها ونترحم على الشهداء باذن الله واْتمنا من الشعوب ان تصحوه من الطغاة التى تسيطر عليهم وان يهبوا للدفاع عن فلسطين والمسجد الاقصى
سيناريو الهروب
فريد السناري -لا شك أن سيناريو الهروب مُعد مسبقا منذ توليه السلطة - وهو واحد من عدة سيناريوهات مجهزة بحسب الحالة.وبلا شك سيكون خلفه أيا كان وعي بتلك السيناريوهات التي تعتمد على الحاشية التي جهزت من سنوات لهذا اليوم والطائرة الرئاسية وعدد من الحقائب التي تُملأ بما خف حمله وغلا ثمنه.
سيناريو الهروب
فريد السناري -لا شك أن سيناريو الهروب مُعد مسبقا منذ توليه السلطة - وهو واحد من عدة سيناريوهات مجهزة بحسب الحالة.وبلا شك سيكون خلفه أيا كان وعي بتلك السيناريوهات التي تعتمد على الحاشية التي جهزت من سنوات لهذا اليوم والطائرة الرئاسية وعدد من الحقائب التي تُملأ بما خف حمله وغلا ثمنه.
نزار قباني
Rizgar -أنا منذ خمسين عاما، أراقب حال العرب. وهم يرعدون، ولايمطرون... وهم يدخلون الحروب، ولايخرجون... وهم يعلكون جلود البلاغة علكا ولا يهضمون... ;نزار قباني
نزار قباني
Rizgar -أنا منذ خمسين عاما، أراقب حال العرب. وهم يرعدون، ولايمطرون... وهم يدخلون الحروب، ولايخرجون... وهم يعلكون جلود البلاغة علكا ولا يهضمون... ;نزار قباني
i have a dream
muneer -I have a dream; syrian dictator is toppled
i have a dream
muneer -I have a dream; syrian dictator is toppled