ما الذي يجعل من 14 يناير "ثورة تونسية"؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
فعلها الشعب التونسي وأصبح مثار اعجاب العالم كله، ومصدر فخر و( حسد - غيرة ) كل الشعوب العربية المقهورة، لم تكن مشكلة هذا الشعب الذي أراد الحياة واستجاب له القدر، هي الخبز أو الغلاء أو البطالة وحدها، ولم يكن محمد بوعزيزي الذي أشعل النار في نفسه وألهب تونس كلها، هو باعث هذه الثورة ومفجرها وحده، كما لم تكن أفكار الديمقراطية والتغير والحرية .. أوالحديث المسهب عن الفساد ومافيا العائلة الحاكمة هو الملهم الأساسي للشارع التونسي، وإنما كل هذا ، نعم، كل هذا وأكثر .
لسنوات قادمة سيفرد الباحثون والمتخصصون لهذا الحدث العربي الأبرز في مطلع العقد الثاني من الألفية الثالثة، دراسات وندوات ومناقشات ورسائل أكاديمية، ستتمحور - في الغالب - حول هذا السؤال : ما الذي جعل من يوم الجمعة 14 يناير 2011 في تونس ، " ثورة حقيقية " ؟
وهو شئ شبيه بما حدث عقب الثورة الفرنسية عام 1789، فقد طرح هذا السؤال علي نطاق واسع في أواخر القرن التاسع عشر، حين احتدم الجدل بين المؤرخين الفرنسيين حول أسباب ثورتهم الكبري إثر صدور كتاب "الروح الثورية قبل الثورة (١٧١٥ - ١٧٨٩)" لفليكس روكان عام ١٨٧٨،
وخلاصة ما طرحه الكتاب أن ثورة الشعب الفرنسي لم تحركها أفكار العدالة والمساواة، ولا كتابات فولتير وروسو ومونتسيكيو وغيرهم، بل حركتها مظالم فعلية صارخة: "لقد ثار الفرنسيون حين عض الجوع بطونهم وخوت أكياس نقودهم وألقوا مسؤولية ضائقتهم علي عاتق حكومتهم. فإذا شئنا أن نفهم حقا أسباب اندلاع الثورة، علينا أن نرجع إلي سجلات الحياة اليومية والحياة الاقتصادية.. وبمعني أدق علينا أن نقصد سجلات الشكاوي الرسمية.
ظل الرد علي هذا الكتاب غائبا حتي عام ١٩٠٦ عندما أصدر ماريوس روستان كتابه: "الفلاسفة والمجتمع الفرنسي في القرن الثامن عشر" وفيه أكد أن أفكار الفلاسفة ظلت تعمل إثرها داخل مجتمع يعاني من مظالم مادية، ووحدت صفوف الفرنسيين من أجل العمل علي نطاق قومي، فأفكار الفلاسفة هي التي ميزت بين القلاقل الفاشلة المبتسرة منذ عام ١٧١٥، وبين الثورة القومية الكبري الناجحة عام ١٧٨٩.
قصدت من هذه المقارنة، مع الفارق، أمرين، الأول هو أن الثورة التونسية أكتملت لها كل عناصر الثورة الحقيقية ( الروحية والمادية )، الأمر الثاني هو التحذير من أن تنحرف أو تنجرف هذه الثورة التونسية المباركة عن مسارها الطبيعي، حتي يكتب لها النجاح وتقود ليس قثط هذا الشعب الأبي إلي التغيير الحقيقي، وإنما تلهم كل شعوب المنطقة من الخليج إلي المحيط، وأن تعمل أولا علي عدم ظهور " بن علي " آخر، لأن نهاية الديكتاتور شئ ونهاية النظام الديكتاتوري شئ آخر، وشتان الفرق .
كلمة "ثورة" في كل اللغات الأوروبية تنحدر من أصل واحد هو "الدوران". وتعكس هذه الكلمة مفهومين هما: التحرك والثبات، تحرك الشيء من موقع ما والعودة إليه ثانية، أو تحرك الشيء حول محور ثابت. أما كلمة "ثورة" في اللغة العربية، فهي تختلف عن معظم لغات العالم، لأنها مشتقة من الهيجان، مثل قولهم: ثار ثورا وثورة وثورانا أي هاج هياجا، أو قولهم ثارت الفتنة بين الناس أي اشتعلت، وأكثر ما يوحي به هذا التعبير هو الاضطراب والفورة، والمعضلة هي كيف يحافظ التونسيين علي ثورتهم بالمعني العالمي لا بالمعني العربي؟
التعليقات
ثقافة الخنوع
حميد -لن تتخلص الشعوب العربية من انظمتها الديكتاتورية ما لم تتخلص اولا من ثقافة الخنوع المنتشرة بشكل كبير بمعظم الدول العربية .
ثقافة الخنوع
حميد -لن تتخلص الشعوب العربية من انظمتها الديكتاتورية ما لم تتخلص اولا من ثقافة الخنوع المنتشرة بشكل كبير بمعظم الدول العربية .