هل يربح التونسيون معركة الوفاق؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
التونسيون كغالبية الشعوب العربية، لا يكنون الكثير من الود للولايات المتحدة الأمريكية، ويعتقدون أنها سبب شرور كثيرة تقع في منطقتهم، لكن تقارير صحفية عديدة أكدت أن للولايات المتحدة دور ما في إنهاء حكم الرئيس بن علي، وأنها أوعزت لمن يخبره برغبتها في رحيله، وقد أكد الصحفي والكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل بدوره هذه المعلومة ووثق صحتها.
و أشارت مجلة التايم الأمريكية في عددها الأخير، أنها تتوقع أن تقود تونس بعد ثورتها واستقرار نظامها الديمقراطي مسيرة الإصلاح في العالم العربي، وقالت أنها ستكون أول صفحات فصل جديد من كتاب تاريخ المنطقة العربية، إذ دبجت فعلا يوم 14 يناير في تونس، وستتواصل كتابة الصفحات الباقية خلال السنوات القادمة على يمنة بلاد الياسمين ويسرتها.
و يربط محللون بين موقف الولايات المتحدة المعارض للرئيس بن علي، و ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قبل أسابيع في مؤتمر دولي في الدوحة، وجهت خلاله دعوة واضحة إلى إعادة بناء النظم السياسية في المنطقة العربية على أسس ديمقراطية، و حذرت الحكام العرب من خطورة إغفال الإنصات إلى نبض شعوبهم، ودفع بلدانهم نحو المجهول والفوضى، منتقدة الحالة القمعية السائدة في عديد الدول العربية.
و البين أن العالم العربي فقد منذ الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003 وسقوط نظام الطاغية صدام حسين، بوصلة الإصلاح والتغيير، و بدا أن مجموعة الأنظمة الاستبدادية في المنطقة قد ربحت جولة جديدة في كفاحها من أجل البقاء، وعادت أصوات دعاة الانتقال الديمقراطي والحقوقي مبحوحة، حتى أن هؤلاء فضلوا الانكماش على أنفسهم خيفة اتهامهم بالعمالة و الرغبة في الوصول إلى الحكم على ظهر الدبابة الأمريكية.
لكن الثورة الشعبية التونسية، التي لم يراهن على اندلاعها أحد، لا داخل تونس و لا خارجها، أعادت تركيب المشهد العربي فيما يبدو، فلأول مرة في التاريخ العربي المعاصر يفلح شعب أعزل في دفع حاكمه الشمولي إلى الفرار، إذا ما استثنينا الثورة السودانية ضد نميري التي لها ملابسات خاصة، ولأول مرة منذ سنوات تنقلب الطاولة ويحشر الحكام العرب في الزاوية.
إن المتأمل في خصائص الشعب التونسي، يدرك أنه قد حان الوقت فعلا ليتمتع بنظام سياسي ديمقراطي، ومن هذه أن التونسيين هم المجتمع الأكثر تجانسا وانسجاما في العالم العربي، وأن المشروع المجتمعي البورقيبي المضاد لأي تمايز قبلي أو اثني أو ديني، قد وفر قاعدة صلبة لفكرة المواطنة التي هي قاعدة كل ديمقراطية، و أن ارتفاع مستوى العيش والمساواة الحقوقية بين المرأة والرجل و وجود طبقة وسطى عريضة و نسبة أمية قليلة، كلها عوامل مساعدة لعبت دورا في إنجاح الثورة و فتح مجالات التغيير السياسي.
بل لعل المفارقة الإشارة إلى أن الأجيال التونسية الشابة، التي كانت تسمى بأجيال التغيير، في إشارة إلى أنها ولدت في غالبيتها زمن حكم الرئيس بن علي المسمى طويلا برجل التغيير، هي من أشعلت الانتفاضة و أطاحت بهذا التغيير، وهي أجيال في العشرينيات من العمر، استفادت من مواصلة الدولة التونسية العمل بالتزاماتها البورقيبية في مجانية التعليم والصحة.
بقي أن أهم الاختبارات المطروحة على التونسية، و ستلعب نتائجها دورا حاسما في تحديد مستقبل الثورة، وما إذا كانت فعلا ستفضي إلى بناء نظام ديمقراطي مستقر، هو اختبار "الوفاق"، حيث أن الانقسام الفكري والسياسي بين الأحزاب والتيارات العاملة في الساحة التونسية على أشده، و حيث أن الإصلاحات الدستورية والقانونية المطلوبة تقتضي حدا من الاتفاق بين شركاء الوطن حتى يكون بالمقدور إمضاؤها.
لقد بدت المطالبات بإلغاء الدستور، بدل تحويره، في رأيي مجازفة غير محسوبة، فإذا كان من المجمع عليه فساد الكثير من مواد الدستور التونسي الحالي، و أهمية الاستعاضة عنها بمواد جديدة ملائمة لقيم الديمقراطية والمواطنة، فإنه من غير المؤكد قدرة التونسيين حاليا على إيجاد مخرج لقضية طبيعة الدولة و شكلها، وصياغة ديباجة تضاهي عبقرية الديباجة الحالية التي صاغها أباء الحركة الوطنية التونسية بمنتهى الذكاء، على نحو حققت للمحافظين رغبتهم في التنصيص على هوية البلاد العربية الإسلامية، بينما أرضت أيضا تطلعات التقدميين بوضع مسافة بين الدين والدولة.
إن المرء ليصاب بالهلع عندما يقرأ كتابات وتصريحات بعض الإسلاميين واللائكيين التونسيين، ويرى تحركاتهم على أرض الميدان، ويتساءل عما إذا كانت هذه التيارات قادرة فعلا على تحقيق وفاق على أسس الدولة والنظام الجديدين، يضمن تدفق الانتقال الديمقراطي و استقرار النظام السياسي و احترام قيم التسامح والتعايش بين التونسيين.
لقد مضى على مسيرة الإصلاح في تونس زمن طويل، وهي أول دولة عربية تحتفل هذا العام - و يا لمحاسن الصدف- بمرور 150 عاما على كتابة أول دستور، لكن دستور 1861 المشار إليه قد وجد نهاية قريبة بعد ثلاث سنوات فقط ومن خلال ثورة شعبية، سميت بثورة علي بن غذاهم، اندلعت من محافظة القصرين التي قادت الثورة الأخيرة أيضا، وكان على رأس مطالب الثوار إلغاء الدستور..
كل الأمل معلق على أن تمضي هذه الثورة إلى الإعلاء من مكانة الدستور واحترام القيم و المؤسسات الدستورية، و أن تضرب تونس مثلا في الديمقراطية مثلما ضربت من قبل مثلا في الإصلاح والثورة الشعبية، وأن يضرب التونسيون مثلا في تحقيق القدر المطلوب من الوفاق والاتفاق حول قضاياهم الرئيسية و رهاناتهم المستقبلية.,,و إلا فإن صبر بعض المتنفذين على الجدل و الحوار قليل..
التعليقات
تحول
رفل -لأول مرة منذ أسابيع يتحول وصف خالد شوكات لمل جرى في تونس ب ; الثورة الشعبية التونسية; ولأول مرة يتحول وصف الرئيس التونسي إلى الحكم الشمولي، فهو طوال المقالات المتعاقبة ظل يوصفه فقط بالرئيس التونسي مبتعداً عن التوصيفات المألوفة في كتابات المؤيدين للثورة كالديكتاتور، الهارب،المستبد وغيرها من التعابير التي توضح موقف الكاتب لأي مقالة.قرأت تعليقاً حول أحد المقالات السابقة لخالد (أنا أتابعها لأنني واثق من معرفة الكاتب بشأنه التونسي، كما هي نموذج للاستخدام ألمصلحي بامتياز) يقول بأن الكاتب يتحدث عما يجري بدون فرحة وبتعالٍ كأنما الكاتب من السويد. ربما تبدو آراء الكاتب متوخية الموضوعية والحديث المتوازن، ولكن هذا لاينطلي على من يعرف اصطفافات الكاتب مع السلطة خاصة في السنتين الأخيرتين، وبشكل واضح في الأشهر الأربع الأخيرة، حيث كما يبدو طلب منه أو تبرع كي يكتب بلا مؤاربة مديحاً لبن علي لايمكنه لفظه، وحالته تختلف عن من أو أجبر من المواطنين والمثقفين ممن يعيش بالبلد، فهو يعيش في أوربا وتطوع للعودة والخدمة للنظام وهذا معروف بالدرجة الأساسية للنخبة المتصدرة في الوقت الحالي والتي كان الكاتب زميل لهم في المعارضة سابقاً. فأين المفر؟ الانترنيت يحفظ المواقف حتى لو نسى هؤلاء.أنه رابع تعليق لم ينشر لي ويبدو إن الكاتب محمياً من إيلاف، متمنياً أن أكون على خطأ خاصة وايلاف أصبحت غير محجوبة لدينا بعد التغيير الثوري الجبار.
salim I
sally -الوضع الاستثنائي للمرأة التونسية في العالم العربي هو ماجعل هذه الثورة المباركة تحصل على أرض تونس إن المرأة التونسية الحرة المثقفة المسؤولة هي التي ربت ابطالاً رجالاً ونساء يستشهدون في سبيل الحرية الغالية ولا تنسوا نساءنا في تونس اللواتي تظاهرن في الشارع إلى جنب اخوتهم الرجال بدون عقد شرقية المرأة الذليلة لا تربي إلا الأذلاء يا سادة يا كرام تونس تختلف عنكم كثيراً لداعي للتقليد ولا تحاولوا سحبنا إلى تخلفكم هنيئاً لكم به وهانئاً لنا حريتنا و نساؤنا الأحرار
شكرا شوكات
مصطفى الطرابلسي -يوحي خالد شوكات في هذا المقال بأن للولايات المتحدة الأمريكية يدا في إسقاط نظام بن علي، ويعتمد في قوله هذا على ما جاء في حديث حسنين هيكل عن أسباب وتجليات الثورة التونسية. جميعنا شاهدنا هيكل وتابعنا ما قاله في برنامجه ويمكن القول بكل يقين بأن الرجل تحدث عن تخل من الولايات المتحدة عن بن علي حين انتظر منها شيئا بعد أن ثار عليه شعبه، ولم تقدم له أي مساعدة لأنه أصبح في نظرها ورقة محروقة. فأمريكا لم تسقط بن علي ولم تحرض الناس على الثورة عليه، وإنما تخلت عنه لأنها لم تعد لديها ما تقدمه له، بعد أن عصفت به ثورة شعبه. وشتان بين التخلي والإسقاط. وإذا كان خالد شوكات يوحي بأن للجيش التونسي البطل يدا مع الأمريكان، وأنه نسق معهم عملية إسقاط بن علي، ففي كلامه هذا، إهانة للجيش التونسي ولقيادته الوطنية الشريفة التي رفضت إطلاق الرصاص على مواطنيها، وتقليل من قيمة الثورة الشعبية التونسية التي أطاحت، بشجاعة وبسالة التونسيين وتضحياتهم، بالدكتاتور. فالفضل في نجاح الثورة، وفقا لشوكات يعود للأمريكان وليس للتونسيين. يبدو واضحا أن الكاتب غير راض، عن نجاح الثورة، وعن موقف الجيش التونسي الذي ساندها، ولذلك فإنه في مقاله هذا يوجه لقيادته الغمز واللمز حين يشير إلى ( إن صبر بعض المتنفذين على الجدل و الحوار قليل). واضح أن الكاتب ماض كالكاره في التظاهر بمسايرته للثورة ولأحداثها ومستجداتها، لأنه لم يعد بإمكانه الوقوف في وجهها ورفضها علنا. شعور شوكات الكاره للثورة يتجلى في كونه وصف ما وقع في العراق من غزو واحتلال وتغيير بالقوة ب ( سقوط الطاغية صدام حسين)، في حين يصف بن علي الذي أطاحت به ثورة شعبية تونسية، بالرئيس السابق، دون أي نعت قدحي كما فعل مع صدام. أقصى ما قال الكاتب عن الرئيس المخلوع، إن نظامه كان شموليا. شكرا لخالد، لقد تكرم علينا نحن التونسيين بهذه العبارة في حق الرجل الذي كان رئيسه المفضل، لا نطلب منه المزيد، إننا في غنى عنه..
قلها ولا تخف...
بلحسن ـ شمال فرنسا ـ -ما زلت لم تجرؤ على قولها ،لاحظ أنك قلت في السطر الثاني و السابع و الثالث و العشرين واصفا ابن علي بالرئيس ولم تحترم مشاعر التوانسة وتنعته على الأقل بالمخلوع،و أجدك لا تتورع عن وصف صدام بالطاغية ـ السطر الحادي عشر ـ لأن ذلك لا يكلفك شيء بل يفتح لك الأبواب هناك...عل ما زلت تعتقد يا سيدي أن عودته أو على الأقل عودة مقربيه ممكنة ؟؟؟
المرأة التونسية
ابو رعد -المرأة التونسية التي شاركت في ثورة تونس في الغالب هي من المحجبات كما شاهد الجميع في التلفزيون، وهو دليل على فشل النظام العلماني في تونس وغيرها في حربه ضد الاسلام والحجاب، ولعل القمع الرهيب الذي تعرض له الاسلاميون في تونس وغيرها دليل على عجز العلمانيون عن مواجهة الاسلام، وكذلك الغاء انتخابات الجزائر التي فاز بها الاسلاميون، وعندما تجرى انتخابات حرة ونزيهة سترون بمشيئة الله تعالى من يختار الشغب التونسي (والله غالب على أمره)
المرأة التونسية
ابو رعد -المرأة التونسية التي شاركت في ثورة تونس في الغالب هي من المحجبات كما شاهد الجميع في التلفزيون، وهو دليل على فشل النظام العلماني في تونس وغيرها في حربه ضد الاسلام والحجاب، ولعل القمع الرهيب الذي تعرض له الاسلاميون في تونس وغيرها دليل على عجز العلمانيون عن مواجهة الاسلام، وكذلك الغاء انتخابات الجزائر التي فاز بها الاسلاميون، وعندما تجرى انتخابات حرة ونزيهة سترون بمشيئة الله تعالى من يختار الشغب التونسي (والله غالب على أمره)