لماذا لا يدعمُ الأزهرُ والجيشُ نظامَ مبارك؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مع التقدير الكبير لهؤلاء الشباب الأحرار الذين امتلؤوا تصميما على التغيير, مهما بلغت التضحيات، والذين يندفعون من إراداتهم الحرة، ومن تطلعاتهم لما يجب أن تكون عليه بلدهم مصر، من كرامة، وتحرر، ومشاركة في الحكم، بعيدا عن الاستبداد، والتلاعب بأصواتهم الانتخابية، ومصائرهم، فإن ملابسات التظاهرات لا تخلو من مفارقات، كان من أبرزها حياد الجيش، إلا من الحفاظ على المراكز الحساسة في الدولة، والبلد.
كما كان لافتا, كذلك, موقف الأزهر, ممثلا في لجنة الفتوى فيه التي أفتت بجواز التظاهر السلمي في فتوى أصدرتها الأربعاء ، بعد 24 ساعة من المظاهرات التي شهدتها مصر احتجاجا على الأوضاع المعيشية، والمطالبة بإقرار إصلاحات سياسية و دستورية ، ولم تصدر عن دار الإفتاء فتوى مضادة، بل اكتفت بالصمت، دون تعليق على التظاهر, أو على فتوى الأزهر.
هذا الموقف من هذه الجهة الرسمية يسترعي الدراسة؛ ذلك أن لها مكانة مهمة في نظر عامة الناس، هذا من جانب، ومن جانب آخر ينطلق السؤال: لم غيَّر الأزهر نهجه الذي لم يكن يناهض الدولة، بل كان يتعرض إلى كثير من النقد, من كثيرين ممن رأوه متماهيا مع الدولة في آرائها، أكثر مما هو هيئة فقهية مستقلة.
بل بلغ الأمر في الشيخ الشحات مرزوق رئيس لجنة الفتوى، في الأزهر، إلى ما يشبه التحريض، بقوله:" إن الفتوى الصادرة جاءت استنادا إلى قول الرسول- صلي الله عليه و سلم-: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" .
ثم وضع ضوابط تكفل للاحتجاجات صفة الشرعية, والقبول بقوله: "إن الفقهاء اشترطوا في إباحة المظاهرات أن يأمن المنظمون لها ألا يندس فيها المخرّبون، والمفسدون في الأرض " ، مشددا على " أن الإسلام حرم التخريب، ونهب الأموال، والاعتداء على الممتلكات الخاصة، والعامة مهما كانت الأسباب و المسببات" .وآخر موقف صدر عن شيخ الأزهر بيان دعا فيه إلى وقف إراقة الدماء., وهو موقف يصب في مصلحة المتظاهرين الذين دماؤهم الأكثر سفكا.
وهنا نود لفت الانتباه إلى أننا نتحدث عن لجنة الفتوى في الأزهر, وليس عن جبهة علماء الأزهر التي لها مواقفها الخاصة التي تخرج عن المؤسسة الرسمية.
ويبقى السؤال: لمَ تجاوز الأزهر نفسه في هذا الموقف؟
والمعروف تقليديا عن هذه المؤسسات الدينية, ومشايخها التركيز على مفهوم الطاعة لولي الأمر، ورفض الخروج على الحاكم المسلم، إلا بالنصح الهادىء، بعيدا عن الفتن، والشغب، والفوضى.
وفي عمق المرجعية التي يستند إليها الأزهر رأي أهل السنة الذين يفضلون الرضا بالحاكم المُتغلِّب، أو الغاصب للسلطة, في مصطلح العصر؛ إذا كان في ذلك حقنا للدماء، ومنعا من إثارة الدهماء.
ولم يصدر عن العلماء الرسميين أنهم يفرقون جوهريا بين حكام البلاد العربية, والإسلامية, وبين الخلفاء, والأمراء السابقين عليهم، فهم مسلمون، والديار إسلامية, ولو كان لهم بعض التحفظات على بعض القوانين، والمواقف لهذه النظم.
ولفهم المشهد المصري المتطور, أو أية جزئية فيه، كموقف الجيش، والموقف الديني الرسمي, مثلا, لا بد من مقاربة سياسية تحليلية لما يجري، وتلمس موقف الدول الفاعلة؛ لأن الدعم الدولي له دور لا يُستهان به, في منح النظم شرعية خارجية لا يستهان بها.
ولعل أولى الدول الجديرة بالملاحظة, هي أمريكا التي ظلت تدافع عن النظام المصري، ولكن نبرة الانتقاد كانت ترتفع مع تصاعد وتيرة المظاهرات، حتى لوحت بالمساعدات المالية لمصر البالغة مليارا ونصف المليار سنويا.
وكانت إدارة أوباما قد أظهرت تباينا مع الإدارة في عهد بوش الابن الذي كان أكثر تركيزا على ملف الإصلاح الديمقراطي في مصر, وأكثر انتقادا للنظام المصري، وتصادما معه؛ إذ قدم أوباما ملف السلام في المنطقة، والاستقرار, على موضوع الإصلاح، وأظهر تقبلا ما، ولو بالفعل، دون القول، لتبريرات النظام المصري الذي دأب على القول بالإصلاح التدريجي، مقدما بذلك( أوباما) المصالح الأمريكية, على المبادىء والقيم.
فهل ضاقت أمريكا ذرعا بنظام مبارك؟ أم أنها ترهن موقفها النهائي للتطورات الميدانية؟
بالطبع لا ندري بما دار مع رئيس أركان الجيش المصري الذي كان في زيارة إلى واشنطن، لكننا لا نملك أن نغفل موقف الجيش غير المتورط في قمع المتظاهرين, حتى وردت معلومات عن اشتباكات بين الجيش، وقوات الأمن المتصدية للمتظاهرين.
وثمة خبر أكثر إثارة أوردته صحيفة الـ " ديلي تليجراف" قد يصب في الإجابة عن السؤال المطروح في العنوان أعلاه، يقول بوجود دعم سري أمريكي لقادة المتمردين الواقفين وراء الانتفاضة المصرية. وقالت ديلي تليجراف إنها علمت أن الحكومة الأمريكية تدعم بصورة سرية شخصيات بارزة وراء الانتفاضة المصرية، وأن هذه الشخصيات كانت تخطط إلى "تغيير في النظام" منذ ثلاثة أعوام. وذكرت الصحيفة أن هذه المعلومات جاءت في برقيات دبلوماسية سرية نشرها موقع ويكيليكس.
لا حاجة إلى التذكير بأهمية مصر الاستراتيجية، وموقعها المهم، بقناة السويس الحيوية، وأهمية الموضع، والدور الذي تشغله مصر في العالم العربي, والإسلامي، كذلك، ودورها المهم في مفاوضات السلام مع إسرائيل، وإشرافها على الملف الفلسطيني؛ فليس من السهل أن تتخلى أمريكا عن مصر، ولكن رياح التغيير التي قويت بعد ثورة تونس قد تحوجها إلى التكيف معها؛ فقد تكون رفعت بعض الغطاء عن النظام، كما لوحت بورقة المساعدات المالية؛ لدفعه إلى الإصلاح الذي لم يعد يحتمل مزيدا من التأجيل، أو أن أمريكا تريد الإبقاء على تواصل مع القوى الصاعدة, من الشباب الذي يلابس طموحه إحباط، ولكن نجاح احتجاجات تونس في التخلص من ابن علي قوَّت من عزيمته؛ لتحقيق حياة أفضل.
ليس من الغريب أن ينحاز الجيش والمؤسسة الدينية إلى الشعب، ولا سيما، وهم من أبنائه، ولا سيما, إذا لمسوا تغيرا قريبا، واندفاعا يصعب الوقوف في وجهه؛ فلعل قيادة الجيش تعاطفت مع الشعب، ولم تُرِد سفك دم المتظاهرين؛ نظرا للأعداد الحاشدة التي تخرج في هذه المظاهرات، وكذلك المؤسسة الدينية التي تخضع لضغوط شعبية قوية في هذا الظرف؛ فنأمل أن تتعزز الدلائل على مثل هذا الانحياز الصرف, والدائم.
لكن الاطمئنان إلى ذلك يبقى فيه من الأمنيات، بقدر ما فيه من الواقعية، أو لعل الأُولى لها من الحظ الأوفر، وحتى نصدق أمنياتنا، نحتاج إلى مزيد من الترقب، والإشارات، على تغير جوهري, في الدولة المصرية, نحو إعادة القرار إلى الشعب؛ للتعبير عن إرادته، في ظروف وبيئة تسمح بذلك.
o_shaawar@hotmail.com.
التعليقات
مثل
مواطن -لنفس السبب الذي يجعل العلمانيون والليبراليون يقدمون الدعم للمسلمين والعرب في اي مصيبة كشتم رسولهم او قتل احدهم او اضطهادهم بشتى الاشكال بل يطالبون بطرد العرب والمسلمين من دول الغرب ويحرضون عليهعلى الاقل فالازهر لزم الصمت اما الليبراليون فهم يمارسون التحريض ثم يقولون نريد الحرية اي حرية وانتم تحرضون دول العالم على كرهنا وهذا المقال لايبتعد عن هذا النهج الرخيص من حيث التحريض على الازهر
التحركات الاجتماعية
خوليو -حقيقة علمية موجودة والتي تقول لكل شيئ ضده، وفي حالة التحركات الاجتماعية يمكن القول لكل فعل ضده، في سبعينات وثمانينات القرن الماضي نشأ تحرك جماهيري ديني في منطقة الشرق الأوسط سموه الصحوة الدينية، فكانت نتائجه كارثية على دول المنطقة وعلى العالم ، أنتج منظمات سامة مدمرة للذات وللغير، على رأسها تنظيم جهادي استقطب أعداد كبيرة من الشباب وكانت أعماله موجهة لكل من لايعتقد ولا يفكر مثلهم، أحدثوا ضرراً عالمياً في البدء ارتد عليهم فيما بعد، ولما كانت المقولة العلمية صحيحة، نشأت الآن ردة فعل علمانية مدنية ساعد في تفعيلها عصر الانترنت والهواتف المحمولة التي يستطيع من خلالها الشباب والفتيات الاتصال ببعضهم ونقل الخبر المصور بدقائق،هذا الاتصال الخارج عن سيطرة الأنطمة المخابراتية والقمعية الديكتاتورية بشقيها الفردي والديني، انتشر بين الجماهير بسرعة كبيرة، فما أن أحرق بوعزيزي نفسه احتجاجاً، حتى هبت جماهير تونس تطالب بالعدل والحرية والاصلاح والمساواة، هذه المطاليب مخزونة في عقول أغلب الجماهير من المحيط إلى الخليج، مطاليب عجزت الحكومات الدينية وشبه الدينية التي تحكم المنطقة عن تحقيقها للشعوب، لقد مضى وقت الفلسفة الدينية التي تقول أن الغنى هو رزقة ممنوحة من إله السماء،المعلومات تنتقل بين الشباب بسرعة البرق لتفضح السرقات والتسلط والتعذيب والاغتيالات والبلطجات الرسمية وهذا مادعى الآلاف للنزول للشوارع واضعين صوب أعينهم استرداد الأموال، إن كان بالفعل هناك بعض الذكاء في الحكام الدكتاتوريين الذين لايزالون على كراسيهم ويريدون البقاء ولو لمدة قصيرة أن يحققوا مطاليب الناس من الحرية والمساواة وفصل الأديان عن شؤون الناس الاقتصادية والاجتماعية، عصر الاتصالات سيكفل سقوطهم الواحد تلو الآخر، الخلاصة هي ردة علمانية على الصحوة الدينية التي جلبت الكوارث للمنطقة وشعوبها، الحاكم الذكي هو الذي يلقط متطلبات العصر ويحولها لقوانين مساواة.
الشعب المصري
أحمد توفيق -لمن لا يعرف الشعب المصري أقول له وبكل فخر أن الشعب المصري هو شعب مؤمن بالله إسلامييه وقبطيه لا وجود للعلمانية في مصر إلا في نطاق ضيق لا يذكر الشباب المصري والشابات وهما عماد مصر وذخيرتها على درجة جيدة من الإيمان بالله وبالقدر ومن زار مصر يرى ذلك بكل وضوح، لا دخل للعلمانية بما يحصل في مصر ولن يكون لها دور على الإطلاق فالأسرة المصرية أسرة متدينة سواءاً كانت مسيحية أو مسلمة ولا أدري ما دخل العلمانية بثورة المعلومات وثورة الإتصالات؟ وشكراً